الموضوع: وضع الأقليات في الحكومة الإسلامية- تصدير الثورة محاكمة الشاه
مقابلة
اجرى المقابلة: المراسلون المسلمون المقيمون في بريطانيا، مراسلون أفارقة وآسيويون
عدد الزوار: 90
التاريخ 26 آذر 1358هـ. ش/ 27 محرم 1400 هـ. ق
المكان: قم
اجرى المقابلة: المراسلون المسلمون المقيمون في بريطانيا، مراسلون أفارقة وآسيويون
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال: كيف هو واقع الأقليات في الحكومة الإسلامية؟ ومع وجود اقليات عديدة في البلد، هل سترجح صيغة الحكم الفيدرالي على حكومة مركزية قوية؟
الجواب: تارة نطلق كلمة الأقليات على الأقليات الدينية في إيران، وهؤلاء مشتركون مع سائر الإيرانيين في كل شيء، ويُمنحون حقوقهم حسب القانون، وهم يعيشون في رفاه ودعة وحرية في الحكومة الإسلامية. وتارة يُراد بها القوميات الموجودة في إيران كالكرد واللُر والترك والفرس والبلوش وامثال ذلك، وأنا لا أرغب في أن أُسمِّي هؤلاء أقليات، لأنه قد يفهم من ذلك فصلٌ بين الأخوة، ومثل هذا الفصل غير مطروح في الإسلام إطلاقاً، فلا فارق بين اثنين من المسلمين يتكلّمان بلغتين. مسلم عربي ومسلم أعجمي. ومن المحتمل جدّاً أن يكون أساس هذه الأمور الأيدي التي لا تريد للبلدان الإسلامية أن تتحد بعضها مع بعض. يثيرون قضية العرب والعجم، وقضية الكرد والعرب والفرس داخل البلدان. يثيرون في بلدنا قضية الكرد والعرب واللر والتركمن والبلوش وأمثال ذلك، يثيرها معارضونا وهم أصحاب دراسات جمّة لبلداننا. لقد توصّلوا إلى أن الإسلام إذا طُبَّق كما هو، وتحقق كلّ ما يدعو إليه فسوف تعزل كل هذه القوى الموجودة في العالم، وستقع أكبر القوى في أيدي المسلمين وهم الاكثر عدداً والاكثر خيرات، ولذلك يريدون التفريق على نطاق واسع بين عرب هذه الناحية وترك تلك الناحية، وفرس هذه الناحية. ولهذا يثيرون النزعات القومية خلافاً لمنطق الإسلام مثل: نحن إيرانيون ونحن ترك، وما إلى ذلك. ومرادهم أن لا يكون الإسلام ومنطقه هاهنا، وأن يمزّقوا قوميات الإسلام. الأصل والقاعدة في إيران هي أن لا تطرح قضية الأقليات كالكرد أو الترك، ولا يقال: هذه أقلية وتلك اقلية، إنما هم أكثرية، فهل تراهم منفصلون بعضهم عن بعض؟ أليست إخوتهم الإسلامية واحدة؟ يجب أن أُذكِّرَ بنقطة أخرى، وهي أن ما يُطرح من أَنّ الكرد يقولون: أعطوا كردستان حقها. ولنفترض أن البلوش يقولون أيضاً أعطوا البلوش حقِّهم، وهكذا، هذا سببه أن الحكومة التي حكمت إيران كانت ظالمة. ولأن هذه الحكومات كانت في الغالب أو دائماً من شريحة واحدة هم الفرس مثلًا، لذلك لم يعطوا الكرد ما يحتاجونه، أو أعطوهم القليل. كما لم يعطوا البلوش حاجتهم أو أعطوها منقوصة، وكذلك البختياريون وسائر الأقوام. كانت تلك أنظمةً غير إسلامية. كان النظام الشاهنشاهي نظاماً طاغوتياً غير إسلامي، ولذلك ظهرت هذه الخلافات والتمييزات داخل البلد مع الأسف.
لو كانت الحكومة إسلامية كما أرادها الله تبارك وتعالى وكانت الأحوال السائدة إسلامية، وكذلك وضع القائمين على الحكومة، وكيفية الحكومة كما قرّرها الإسلام، ومثلما كان الأمر في صدر الإسلام تنظر الحكومة نظرة واحدة لكل الافراد، والقانون يطبق على الجميع بشكل واحد، حكومة تطلب رئيس الحكومة إلى المحكمة فيذهب. في زمن علي بن ابي طالب سلام الله عليه عندما وقع خلاف له مع أحد الذميين اليهود، فإن القاضي الذي عيّنه بنفسه أحضر الامام. أحضَرَ الحاكم في زمانه، أحضر وليّ الأمر في ذلك العهد، وقد ذهب. وحينما حضر كنَّاه القاضي احتراماً له، فرفض الإمام لأنّ على القاضي أن يساوي بين الجميع، يجب أن تكون نظرته واحدة. من آداب القضاء الإسلامي ألّا ينظر القاضي لأحد الخصمين افضل من الثاني، انما ينظر إليهما نظراً متساوياً. وفي الجلوس لا يجلس أحدهما أعلى من الثاني. اذا ظهرت مثل هذه الحكومة الإسلامية التي في آمالنا وطموحاتنا، وفي آمال الإسلام وآمال ائمة الإسلام وخلفاء الإسلام منذ البداية، فانا واثق أن هذه الاقوال حول حقي وحقك ستزول لأنهم جميعاً على منوال واحد لهم حق واحد. ليس من حق الحاكم وولي أمر الزمان أن يعتني بمنطقة أكثر من منطقة أخرى. ليس من حقه إعمار جانب من البلد أكثر من جانب آخر. ليس من حقه حتى أن يرجّح مكاناً على مكان كأن يمد فيه الشوارع والاسفلت مثلًا. إذا انبثقت مثل هذه الحكومة التي هي مطمحنا، فلا أظن الكرد ولا الترك ولا الفرس ولا العرب ولا غيرهم سيطرحون هذه الأمور. لقد اثيرت هذه الأمور لأن الحكومات لم تكن إسلامية، وكانت مجحفة. حينما لا يكون فرق بين طهران وباوة، ولا بين اصفهان وتركمن ولا يكون فرق في أماكن التركمن من حيث الحكومة والقضاء وتطبيق القوانين وتنفيذ البرامج، يزول داعي القول بأن المكان في أيدينا أو أيديهم. لقد ظهر هذا الكلام بسبب ما كان من ظلم تجرّعوه. وهو سارٍ الآن باضطراب حتَّى تنبثق حكومة إسلامية بالمعنى الذي نريده، فحتى لا يتصور السادة أن المفروض هو أن تفعل الحكومة المركزية كل ما تريده، تفعل كل ما تريده مع شريحة، نحن ننوي أن نحيل شؤون كل منطقة وكل مكان لأهالي ذلك المكان، للذين يعينون هناك، ليباشروا هم شؤون الإعمار وشؤون الزراعة وشؤون البلدية مثلًا وتعيين بعض المسؤلين الفرعيين. وأنا اقول هذا للجميع، طالما لم تنبثق الحكومة الإسلامية بالشكل الذي نريده، انتم ترغبون ونحن نُقدّم. ولكن اعلموا انه اذا انبثقت الحكومة الإسلامية يوماً، سيقول حتى الكرد أنفسهم ليأتِ أيَّاً كان. وسيقول الفرس ليحكم كائناً من كان. وسيقول العرب هذا أيضاً. سيقول الجميع هذا. هل كانت مثل هذه الأمور مطروحةً أصلًا في صدر الإسلام بأن يعين الناس في منطقة معينة لأنفسهم شخصاً ما؟ لم يكن مثل هذا، لأنه لم يكن ثمة اجحاف. لم يكن الحاكم إذا حكم يفرّق بين منطقة وأخرى، إلّا إذا وقع الانحراف.
إذا ظهرت مثل هذه الحكومة في بلد ما، فينظر الحاكم بحسب التكليف الإلهي ويؤدّي هذا التكليف الإلهي، وموظفاً بحسب القانون أن ينظر نظرة واحدة لكل أهل البلاد، ويعتبرهم كلَّهم اخوانه، ويكون على شاكلة واحدة في تطبيق القانون على الحاكم والمحكوم، ويساوي في مشاريع الإعمار وفي كل شيء بين جميع الأماكن ويكون عادلًا بين الجميع، فهل ستقول كردستان يومها إِننا نريد لأنفسنا كذا وكذا؟ إنهم يقولون هذا لأنهم رأوا الأمرين. يوم تتحقّق الحكومة الإسلامية مثلما نريده ومثلما يريدها الله سيكون الجميع إخوة ولا مانع لديهم من أن ياتي كردي ليحكم في طهران، ويذهب فارسي ليحكم في كردستان. كل هذه بسبب أنهم غير راضين عن الحكومات السابقة. لم يروا حكومة الإسلام ولم يلمسوها. سمعوا عنها فقط، بل لم يسمعوا عنها إلّا أخيراً، ولم يكن لهم ذكر قبل هذا. لم يشعروا ما هي الحكومة الإسلامية، ولهذا ظهرت تلك الأقوال. ونحن الآن نتفهَّمُ كلامهم بالنحو الذي لا يتعارض مع استقلال البلاد ومصالح الوطن. نحن لا نريد أن نحكم، ولا نريد أن نجحف أو نحكم. ليس الحكم مهماً للإسلام. الإسلام أُخُوّة. في صدر الإسلام كان كبار المسلمين مساوين لغيرهم، ويعيشون حياة واحدة. فحينما ذهب الخليفة الثاني في سفر إلى احد البلدان الواقعة تحت سيطرته، وحينما اقتربوا حان الدور لغلامه أن يركب ويمسك هو بعنان الدابة ماشياً، هكذا يُنقل. حينما دخلوا المدينة دخلوها على تلك الحالة. الخليفة ممسك بزمام الناقة يحدوها وغلامه راكب عليها. وإذا ظهر مثل هذه الحكومة التي ظهرت في صدر الإسلام بفضل قوة الإسلام وقدرته، فهل سيتمنى أحد أن يحكمه واحد من أهله؟ وهل سيبقى أهل وأجانب أصلًا؟! هل سيبقى محليون وأجانب؟! هل تطرح في الإسلام اصلًا قضية هذا محلي وذاك غير محلي؟! لن يعود هنالك محلّي وغير محلي. الكل في ظلال الإسلام وهم مسلمون وجميعهم إخوة بعضهم مثل بعض. ذاك يأتي لهذه المدينة، وهذا يذهب لتلك المدينة، لا تمييز في الإسلام أبداً. ليس في الإسلام عنصرية ولا عصبية عنصرية، ولا الاختلافات الموجودة في الأمكنة والانظمة الأخرى. وأنا أتمنّى لو أن الإسلام تحقق مثلما يريد، لتزول كلّ هذه الأقوال والطروحات. ويتجلّى أنها بلا أساس. وعندها سنخجل نحن أيضاً لقولنا: أنا فارسيّ ويخجل ذاك أيضاً من قوله: أنا تركي. ألسنا مسلمين؟ ألسنا أهل بلد واحد؟ ألسنا إخواناً؟ الأخ لا يقول: إنني محلّي وأنت غريب. هذه بسبب أن الإسلام لم يتحقق، لم يستطيعوا إقامة الحكومة الإسلامية والعدل الإسلامي والبرامج الإسلامية. وما لم يتحقق الإسلام، فهذه الأمور موجودة على كل حال، وسوف نعمل بالنحو الذي يريده كل الشعب. وهذه قضية لا تخص الكرد أو الترك أو البختياريين، فالحال هكذا في كل مكان. فالجميع إخوة، لذلك لا تثار في الإسلام أصلًا قضية أن من الافضل أن نكون فيدراليين كألمانيا مثلًا. الجميع معاً، ليست المسألة مسألة سلطة، لا تبختر بالسلطة في الإسلام حتى يريدوا التمتّع بها. ليست الحكومة الإسلامية حكومةً تريد التحكُّم برقاب العباد، وتكون هيمنة هذا فيها أكثر من ذاك. انها حكومة خاصّة إذا انبثقت فسوف ترون ما هي.
سؤال: يقال إن الثورة الإسلامية الإيرانية تصدر إلى الخارج أيضاً. لكن حكومات إسلامية لا توافق، بل تعارض. مع أنّ العالم الإسلامي أعلن تأييده لها. ألا ترى سماحتك هذه علامة لظهور أمة إسلامية قوية في كل العالم؟
الجواب: نحن نتمنّى هذا. ليس الإسلام لبلد واحد، ولا لعدة بلدان، أو لطائفة ولا للمسلمين فقط. الإسلام جاء للبشرية. خطابات الإسلام (يا أيّها الناس).وأحياناً (يا أيّها المؤمنون) أو (يا أيّها الناس). الإسلام يريد أن يشمل كل البشرية بمظلة عدله. الحكومات للأسف لا تلاحظ أن كل مشكلات بلدانها ستعالج في ظل الإسلام وتحت لوائه. بعض هذه الحكومات تفضل ان تكون تحت سيطرة كارتر مثلًا، ولا تميل إلى الإسلام. وذلك لأنها لا تعرف الإسلام، إنهم يعيشون منذ أن يولدوا في بيئة لا ذكر فيها للإسلام تقريباً، ومن استطاع منهم الذهاب إلى الخارج ذهب إلى أوروبا وأمريكا، ودرسوا هناك دون اطلاع على الإسلام وأحكامه. لم يسمعوا بحكومة الإسلام حتى يعرفوا ما هي. وإذا سمعوا بها لم يستطيعوا فهم ماهية الحكومة الإسلامية، وهل في الإسلام ضرر لهم إذا تحقق كما هو؟ لم يفكّروا في هذا لحد الآن ليفهموا هل الإسلام مفيد لهم أو مضر. لو فهموا الإسلام وأدركوا انه نافع لهم جميعاً، حتِّى البشرية إذا ادركت أن الحكومة الإسلامية مفيدة لها كلّها، فإننا نأمل أن يميلوا كلّهم نحو الإسلام، وتميل الحكومات أيضاً.
معظم الحكومات الآن أجنبية على شعوبها لا تبالي بشعوبها، وهي على خلاف المعايير الاسلامية، فإن الشعوب منفصلة عن الحكومات، والحكومات منفصلة عن الشعوب.والحكومات منفصلة بعضها عن بعض، ويعادي بعضها بعضاً. إنهم يرون خلافاً لاعتبارات الإسلام أنه يجب أن تكون قدراتنا هنا كذا وكذا حتى نستطيع الانتصار على قدرة أخرى في مكان آخر.لا يدرون أن الإسلام جاء لتحطيم هذه الاصنام، ولتحطيم هذه القدرات، وتوفير نمط من الحكومة الإلهية تكون مفيدةً للجميع. لو أدركت الحكومات هذا، وفهمت حقيقة الإسلام، لمالت إليه. نعم، قد يكون هناك شخص يعارض العدالة لشدة أهوائه النفسية، ولا يريد أن تظهر العدالة في العالم أصلًا، وهكذا هو خصمنا في أمريكا اليوم حيث يعارض أصل العدالة. يعارض حقوق الإنسان، يقول حقوق الإنسان، الادعاءات كثيرة، ولكن حينما يتمعن الإنسان في أحوالهم وبرامجهم يرى أن منظمة حقوق الإنسان ومجلس الامن وما شاكل أشياء اصطنعها الاقوياء ليفعلوا بالضعفاء ما يشاؤون، وينزلوا بهم كل مصيبة. ثم حينما تذهب الأمور إلى الجالسين هناك باسم حقوق الإنسان وأمثال ذلك، سوف يدينون أولئك ويحكمون لهؤلاء.
قضية إيران مطروحة الآن، وكلكم يدري ذلك وكل الشعوب تدري، بل كل الحكومات أيضاً. يدرون ما الذي حل بهذا الشعب على يد ذلك الخائن. وما الذي فعله بهذا الشعب. لقد قضى على كل ما لدى هذا الشعب. وقد ذهب الآن هناك، أخذوه إلى هناك، منحوه اللجوء إما للتآمر أو للعلاج، ونحن نريده منهم وهو مجرم بحقنا على كل حال بحسب قوانين العالم كلّها، بحسب العقل، وبحسب القوانين، إذا ظلم شخص شعباً وأهدر ثرواته وسحق سمعته، اعطونا إياه لنحاكمه هنا. ستلاحظون الآن أن ما من جمعية ولا منظمة، المنظمة الدولية ومجلس الامن ومنظمة حقوق الانسان، ما من جمعية من هذا القبيل في أي مكان من العالم إلا واستنكرتنا. انكم تلاحظون الآن وقد شاهد الجميع وظهرت الشواهد والملفات أن هذا المكان الذي جعلوا اسمه سفارة، لم يكن سفارة أصلًا، يتضح انهم لم يكن لهم سفارة منذ البداية. مكان للتجسس جعلوا اسمه سفارة. مكان تجسس ومجموعة يعملون فيه جواسيس. متخصصون في التجسّس وما إلى ذلك كانوا هناك. وسترون أن الذين شكلوا منظمة الامم ومجلس الامن وما شاكل يعتبرون هؤلاء الجواسيس دبلوماسيين. ويؤيدون أولئك ونكون مُدانين في كل مكان. الضعيف مدان دوماً. الضعيف مدان من قبل رؤوس الحراب، مدان باقلامٍ اسوأ من رؤوس الحراب. مدان بأن القوى العظمى تقول كل ما يحلو لها وتفعل كل ما تريده بهؤلاء الضعفاء وبهذه البلدان الضعيفة، ويباركها أولئك. في حكايتنا هذه في مصيبة بلدنا وشعبنا والأمة الإسلامية سترون كل المنظمات تعارضنا. يوم ارادوا أن يذهب وزير الخارجية هنا إلى هناك من أجل كذا وكذا، رأينا أن ذهابه تأييد لشيء هو خلاف مصلحة الاسلام، وخلاف مصلحة المسلمين. ولهذا لم نسمح بالذهاب. لو ذهب لأدانونا بأيدينا. لشجبونا بشخص اوفدناه نحن إلى هناك، ونحن لا نريد هذا. حينما تتقرر إدانتنا لماذا نشارك فيها؟ لتعلم الدنيا أن مجموعة تريد إدانة مجموعة أخرى، وهنالك مؤسسة هي ملكهم، يستأثرون بالنقض فيها، والأكابر يعلنونه كلّما رأوا مصالحهم في خطر، ونحن لا حق لنا أبداً سوى أن نتجرع المصائب ولا تندُّ عنّا آهة. فهذه المنظمات وهذه التشكيلات ليست بالشيء الذي نستطيع قبوله ونستطيع ان نبعث ممثّلًا لنا إليها. ونحن نعلن منذ البداية أننا مدانون وفق رأي مجلس الأمن والمنظمة الدولية. آراؤهم تجدبنا لأن آراءهم هي رؤوس الحراب تلك. رأس الحربة تارةً والقلم تارة أخرى. وهذا القلم أنكى من رأس الحربة. وعليه لا أدري الان ما هي تتمّة سؤاله. لكن حجم مصائبنا بحيث اننا نغفل أحياناً عن إجابة الاسئلة. كان السؤال هل ستتحد القوى الإسلامية؟ نحن نأمل أن تبيين هذه النهضة الإيرانية الأمور لجميع الشعوب، وهي واضحة للشعوب. الشعوب معنا الآن. لو رفعوا الحراب عن هذه الشعوب، عن العراق وعن تركيا وعن الأماكن الأخرى، سيؤيدنا الجميع بصوت واحد. انما يحولون دون ذلك بالحراب. لكن إيران حطمت الحربة ووقفت، وقف الشعب الضعيف إزاء القوى المقتدرة، وحطّم حرابهم وطردهم. وباقي الشعوب أيضاً إذا استيقظت واستطاعت كسب الحكومات إلى جانبها. لتستمع الحكومات لنصائحنا: اتّحدوا مع الشعوب، الشعوب والحكومات في مكانها والإسلام، يتّحد الجميع بعضهم مع بعض، وإلا اصاب الآخرين ذاك المصير الذي كان لمحمد رضا. بضعة أيام عاجلًا أو بضعة أيام آجلًا. ونحن نتمنّى أن تنبثق قوة إسلامية، قوة عدل، قوةٌ في ظل العدل، لا في ظل الحراب، ولا في ظل المدافع والدبابات، ويكون كل البشر يداً واحدة. لقد وعدنا أنه إذا ظهر إمام العصر سلام الله عليه ستزول هذه الاختلافات ويكون الجميع إخوة ولن يكون هنالك أقوياء وإكراه. نحن نتمنّى أن نحقق جزءاً من هذا الأمر، صفحة واحدة من هذا الأمر بمقدار قدراتنا. ونتمنّى أن تكون الحكومات معنا كما أن الشعوب معنا، فإصلاح أنفسهم في أن يكونوا معنا، نحن نتمنى ذلك إن شاء الله.
سؤال: قال الشاه المخلوع: لو تقرّر أن يحاكم يجب أن يحاكم معه سبعة هم آخر رؤساء الجمهورية من جانب آخر، أرادت صحافة الغرب اعتبار قضية استرجاع الشاه نوعاً من الانتقام. تفضّلوا بالقول رجاء ما هو الهدف من استرجاع الشاه المخلوع ومحاكمته؟
الجواب: هذه الكلمة الواحدة من الشاه صحيحة. مع أنه لم يشأ يوماً أن يتفوّه بقول سديد، إلّا أن كلمته الواحدة هذه صحيحة انه إذا حوكم، فتجب محاكمة رؤساء الجمهورية الأمريكيين أيضاً. ونحن نحاكمهم قبل أن نحاكمه. وطبعاً نحن لا نملك القدرة على أن نبعث ونأتي بنيكسون إلى هنا أو كارتر. لا نملك القدرة، بيد أن لنا القدرة على محاكمتهم بأنفسنا هنا محاكمة غيابية. سوف نقيم هنا محكمة دولية من عدد من الخبراء، عدد ممن يعلمون القوانين الدولية من المنصفين، إذا استطعنا إذا لم يستمعوا لكلامنا فما عسانا نفعل فسنحاكمهم وهذا لا يتوقف على محاكمة الشاه. وهذا الجزء من كلامه بالذات غير صحيح (إذا حاكموني) انتما مجرمان أحدكما أكثر إجراماً من الآخر. فالذي أمرك وألزمك بهذه الأعمال، أشد اجراماً منك في نظرنا. لقد كنت أنت آلة العمل. لقد مارسوا أعمالهم بيدك، ونحن نعتبر المجرم الأكبر رؤساء الجمهورية ويجب أن نحاكمهم. لو كنا نستطيع لذهبنا وجئنا بهم جميعاً إلى هنا لنجلسهم ونحاكمهم بعدالة. وإذا كان هؤلاء أصحاب ضمائر حقاً، كما رويتُ لكم أن قاضياً عيّنه الإمام علي أحضر الإمام علي نفسه فحضر لأنه يريد استتباب العدل، ولا يريد العمل خلاف الدين. إذا كانت ضمائر هؤلاء يقظة، ولم يكونوا قد انقلبوا عن ذلك الضمير الإنساني إلى ضمير آخر، إذا أحضرناهم لأجل أن نعاملكم بالعدل، حتى لو قلتم لا بدّ لنا من أشخاص هناك، نقول ليكن لكم أشخاص هناك. تعالوا هنا لنحاكمكم، ونحن يجب طبعاً أن نحاكم الشاه هنا، ولكن حتى لو أردتم فسوف نبعث إلى هناك من يحاكمكم، لو كانت ضمائرهم حية لوافقوا. لكن ليس لنا مثل هذا الأمل. غير اننا نستطيع محاكمتهم هنا غيابياً. وهذا لا يتوقف على محاكمتنا للشاه. الشاه يجب ان يأتي إلى هنا ليحاكم. لأن جرائمه هنا ولا نستطيع نقلها إلى هناك. وكذلك جرائمهم فهي هنا ولا يمكن نقلها، لكننا لا نستطيع فرض مثل هذا الشيء عليهم. ليست لنا القدرة، وإذا استطعنا تأسيس ذلك المجمع للمحاكمة ولدراسة أوضاعنا ودراسة الجرائم التي ارتكبت بحقنا، لكي يروا ماذا نقول. لن يسمحوا لصوتنا أن يصل إلى العالم. وأنا لا أدري الآن هل بوسعكم أنتم أن توصلوه أو لا، أو أنكم إذا وصلتم إلى هناك لن يسمحوا لصوتنا أن يصل إلى العالم. الشعب الأمريكي غير مطلع اساساً على ما نقوله. بعضهم ربّما لم يسمع باسم إيران. حينما تكون الأمور على هذه الشاكلة ولا يسمحون لكلامنا بالوصول للمجتمع الأمريكي، سيتصوّر الأمريكيون أننا قبضنا هنا على مجموعة من الدبلوماسيين، وننهال عليهم بالضرب كل يوم، ونسلط الحراب على رؤوسهم، ولا ندعهم يتنفسون، ولا ندعهم يستحمون، ولا ندعهم يأكلون وما إلى ذلك من دعاياتهم. الأقلام بيد الأعداء. يقال: إِن شخصاً رأى الشيطان في منامه، فوجد وجهه جميلًا جداً، فقال له: إِنك تختلف كثيراً عن الشكل الذي يصوّرونك به. ذلك شكل وشكلك آخر، فقال: الأقلام بيد الاعداء. أقلام الصحف الخارجية بيد الاعداء الآن وهي اسوأ على الإنسانية من رؤوس الحراب. حينما تكون الأقلام في أيديهم سيقولون ما يريدون. وفي إحدى كلماتهم قالوا: إن الخمينيّ يقطع أثداء النساء، وأنتم الآن جالسون هنا ترون الخمينيّ طالب علم ضعيفاً جالساً هنا يتحدّث إليكم والناس تحبّه لأنّه خادمهم. الإنسان يحب خادمه. لا ثدي قٌطع ولا حصل لأحد شيء. هؤلاء رأوا فقط أنهم قبضوا هنا على هويدا واعدموه. تصوّروا هويدا المجتمع النسوي، وتصوّروا إعدامه قطعاً للأثداء!! الأمور ليست هكذا. إنها في أيديهم يقولون ما يحلو لهم. إنكم اذ تشهدون الأمور، فاذهبوا وأدلوا بشهادتكم أنْ هذا هو وضعنا لا نريد أن تكون لنا حكومة. لو أردنا أن تكون لنا حكومة لما كنّا في هذه الغرفة هكذا. لكنّا في تلك الغرف التي كان فيها السيد كارتر، في تلك البنايات التي هم فيها، في البيت الأبيض. هذه الأمور ليست مهمّة لنا. نريد أن تظهر في العالم حكومة عدل وهؤلاء المجرمون الذين أجرموا ضدنا، وأخذوا أموالنا، أموال شعبنا وأهدروا طاقاتنا الإنسانية، نريد أن يأتوا هنا لنحاكمهم. لأن السيد كارتر غير راغب، فإنه لن يسمح بمجيء الشاه مهما كان الثمن. ومعه الحق لأنه لو كنتُ أنا أيضاً مكانه ربما لفعلت مثله. لأن الشاه يستطيع فتح أقفال جرائمه، فكيف يسمح له بالعودة إلى هنا؟ في يده مفاتيح جرائمهم وخياناتهم وجناياتهم على شعبنا. إذا جاء إلى هنا وسألوه وأراد الأجابة في التحقيق فسوف يعترف على المجرم الأصلي. وقد قالها قبل ذلك. محمد رضا نفسه قالها قبل هذا بأنّ هؤلاء كانوا يبعثون ويعينون النواب. كانوا يعطوننا قوائم باسمائهم، وحينما يعطوننا الثبت كنا نعيّنهم. حسناً، مثل هذه الجريمة الكبرى التي سبق أن اعترف بها وقالها، هذه جريمته هو وجريمة رؤساء الجمهورية على السواء. هذه إحدى جرائمه الصغيرة التي ذكرها، وإلّا فالجرائم من الكثرة، والملفّات من الكثرة، والمظلومون من الكثرة هنا بحيث لا نستطيع إحصاء جرائمهم بسرعة، وإيصال صوت هؤلاء المظلومين إلى العالم.
سؤال: الطلبة الجامعيون الذين احتلوا السفارة يعتبرون أنفسهم سائرين على خطِّ الإمام. مع ذلك يبدو للأجانب أن هؤلاء الطلبة الجامعيين هم الذين يوجّهون السياسة الخارجية الإيرانية. ما هو رأي سماحتك في هذا الصدد؟ وما الذي يفعله السيد قطب زاده في هذا الخصوص؟
الجواب: إذا كان المقصود هو أنهم هم الذين يوجهون السياسة الخارجية، فهذا افتراء يفترونه عليهم. ليس الأمر كذلك. وإذا كان المقصود أن هذا العمل الذي قاموا به حينما أدركوا أن ذلك المكان وكر للتجسس، فهُرعوا للاستيلاء عليه انطلاقاً من مشاعرهم الإنسانية ولأجل حماية المظلومين، إذا كان المقصود بالسياسة الخارجية هو هذا المعنى حيث قبضوا عليهم ويقولون الان سلّمونا مجرمنا حتى نطلق سراحهم أو نحاكمهم، إذا كانت هذه سياسة، فهم فعلوها وقد وافقهم كل الشعب. وزير الخارجية وكل الشعب والحكومة كلّهم وافقوا على هذا، ليصل هُتاف هذا الشعب إليهم ويروا أنّ قطاعات الشعب وراء هذه القضية دائماً، فبياناتهم وهتافاتهم ومسيرتهم وتظاهراتهم كلُّها لتأييد هذه المسألة ولماذا لا يؤيدون؟ إنّه مكان تآمر، وقد جاء الناس بشبابهم، وقد أحرقوا بيوتهم وهدموها. أعطوا كلّ ما يمتلكون لتكون لهم حكومة إسلامية، ويشعرون الآن أنه تم تأسيس مكان للتآمر. مكان للعلاقات بين الاذناب والحكومة الأمريكية، بل مكان للتجسس على المنطقة. إننا لا نعتبر هذا المكان سفارةً أصلًا، ولا نعتبرهم موظفين في السفارة. هنا وكر تجسس وهؤلاء جواسيس.
وكل هذا الصراخ الذي تطلقه قطّاعات مختلفة في الخارج أن الجميع يريدون ان يُطلق سراح هؤلاء باعتبارهم موظفين في السفارة وكذا وكذا، فإننا ننكر كل هذا، ونقول: تعالوا وانظروا. ندعو هذه القطّاعات المختلفة أن تعالوا وانظروا هل الوضع هنا وضع سفارة؟
انظروا سفارتنا في أمريكا، وانظروا سفارة أمريكا هنا. انظروا سفارات سائر البلدان، وانظروا سفارتهم. انظروا هل لهذه السفارة مُسمّى حتى تقولوا: إنكم استوليتم على السفارة؟ وهل هؤلاء موظفون دبلوماسيون حتى تقولوا: إنكم احتجزتم الدبلوماسيين؟ أو لا، هنا مكان تجسّس ليس إلا. وهؤلاء جواسيس ولا صلة لهم أصلًا بالسفارة. هذا هو ادعاؤنا، وهؤلاء الذين ذهبوا واستولوا على ذلك المكان لا يريدون إدارة وزارة الخارجية. هؤلاء في قضية صغيرة وهي أنهم وجدوا مجرمهم ومكان جرمه وذهبوا، واستولوا عليه، وكلنا نوافقهم.
سؤال: إذا ارادت الحكومة الإسلامية أن تسير على هذا المنوال، فمن الطبيعي أن تعارضها الأكثرية من بلدان العالم، ولن تعاملها إلّا بالعداوة. فما هو أساس العلاقات الخارجية بينكم وبين أصدقائكم، وهل انتم بحاجة إلى أصدقاء في العلاقات الخارجية أو لا؟
الجواب: إذا استطاع الأجانب أن يفهموا الأمور ويدركوها فسوف يوافقوننا مثلما فعلت الشعوب حينما فهمتنا وتتفهمنا. الحكومات أيضاً إذا ادركت ما نقوله ستوافقنا. اذا كان المراد بالعلاقات تلك العلاقات التي كانت لحد الآن بين إيران وأمريكا، في زمن الشاه السابق بين إيران وأمريكا، فهذه لم تكن علاقات. كان هنالك سيّد يعمل بخادمه كل ما يريد. إننا إذا أردنا تكريس الإسلام، فيجب أن لا نكون خدماً، واذا لم نكن خدماً قُطِعت علاقاتها معنا. نحن نتمنى من الله أن تُقطع العلاقة. اننا لن نقبل الذلة من أجل أن تكون لنا علاقة بقوة عظمى. ليس في العلاقة مع أمريكا شرف، ليس للحكومة الأمريكية الان شرف إنساني مع الأسف حتى نريد أن تكون لنا علاقة لشرفها الإنساني. الحكومة الأمريكية هي على ما ترونه، تسلخ جلد المظلوم أينما وجدته. تذهب وتمطر رؤوسهم بالقنابل أينما استطاعت. تسرق خيرات الشعوب كلّما استطاعت. ونحن نريد أن تكون لنا علاقة معها؟ الأفضل أن لا تكون لنا علاقة مع هؤلاء. الأفضل أن لا تكون لنا علاقات مع الذين يريدون نهبنا حتّى يستفيقوا ويفهموا أن الشرق موجود أيضاً في هذا العالم ويوم يفهمون أن هنالك شرقاً انتقلت منه الحضارة إليهم وللأسف فإن الشرق ذاته أضاع نفسه عندئذ ربّما تكون لنا علاقات معهم. علاقات متقابلة ومتعادلة بين الجانبين. وإلا فالعلاقة على غرار ما كان سابقاً وبالشكل الذي يرغبون فيه، ما نصنع بمثل هذه العلاقة؟ أية فائدة تلحقنا منها؟ ثم يكون هذا هو وضع المحل الذي يجب ان يكون سفارة؟ هل تكون علاقاتنا أن نسمح بتأسيس وكر للتجسس تحت عنوان سفارة؟ وتذهب الدماء التي بذلناها هدراً ويعودون بمحمد رضا إلى هنا؟!! أو بابنه لأنه الآن مُعقد؟! يقال أن خطتهم، يُخطّط السيد كارتر لنفسه في المنام أن بختيار هناك وذاك أيضاً هناك وبعض الأشخاص هنا ولهم علاقاتهم بهم هنا. للأسف يرسمون في عقولهم مثل هذه المخططات، يتخيلون أشياء مع انفسهم. لكن القضية تجاوزت هذه الحدود. حناؤهم لم يعد لها لون. لا حنّاء السيد كارتر ذات لون، ولا حناء الموجودين هنا ممن يتمنّون أن يأتوا، ويعود الوضع إلى سابق عهده وتتجدد تلك الأمور. هذا غير ممكن. يقولون لتكن لنا علاقاتنا بالعالم، علاقة الصداقة المتقابلة نعم، يجب أن تكون لنا علاقتنا بكل العالم. أما إذا كانت علاقةً من هذا النوع، فلا نريد أن تكون لنا علاقات معهم إطلاقاً. لا معهم ولا مع أي شخص يريد أن يُفرَض علينا. الدول الإسلامية لها علاقات معنا وهي في حدود المصالح الإسلامية. لنا علاقاتنا معهم إذا كانت لمصلحة المسلمين. وسائر الدول غير الإسلامية أي منها أرادت أن تعاملنا بالعدل، وتحسب لنا حساباً، وتعلم أننا شعب موجود وحكومة وشعب ونظام موجود هنا، إذا فهموا هذا، ونزلوا عن مركوبهم، سوف نتمشّى معهم قليلًا. إذا نزل السيد كارتر عن عرشه، وجاء وجلس على الأرض، وتفاهم معنا نحن الجالسين على الأرض، فإننا نتفاهم معه باستثناء تلك المظالم التي مارسها علينا والتي يجب عليه جبرانها. أما مع الشعب الأمريكي، فليس لدينا أي اختلاف. ليس هنالك أي اختلاف بين الشعوب. لتتفاهم معنا الحكومة اللاحقة. لا يكون الحال أنني اجلس في القصر الأبيض وأنتم تجلسون في الأكواخ، فيكون سكان القصور وسكان الأكواخ أسياداً ورعايا. اذا ألغوا هذه الكلمة وأدركونا كما نحن وتفهّمونا، فلماذا لا تكون لنا علاقات معهم؟ ستكون لنا علاقة حتى مع الحكومة الأمريكية ومع كل مكان. اما اذا كان الوضع هكذا، فلماذا نبادر إلى أن نكون خدماً؟! نبادر إلى أن نكون خدماً ونقدم كل ما لدينا؟! في السابق حينما كانوا يستخدمون خادماً كانوا يعطونه أجراً، وهؤلاء يستخدمون الخادم، ويسلبونه كلّ شيء. فلماذا نريد أن تكون لنا علاقات معهم؟ لا نحتاج إطلاقاً لمثل هذه العلاقات.
سؤال: بعد المصادقة على الدستور طُرح شكلان للحكومة. الأول حكومة مستبدة من علماء الدين، والثاني حكومة يكون فيها لعلماء الدين دور ثانوي. هذان شكلان مطروحان في العالم. ما هو رأي سماحتكم في هذا؟
الجواب: العالَم لا يدري ما هو الإسلام. هذا العالَم الذي تتحدثون به عالَم جاهل بالإسلام. لا يعلم هؤلاء أن الحكومة الإسلامية تأتي من أجل أن لا تكون ثمة دكتاتورية. لا في مدينتها وبلدها فحسب، بل حتى في أمريكا أيضاً. حكومة الإسلام حكومة تأتي من أجل القضاء على الدكتاتورية. الشخص الذي يضعه الإسلام في الحكم شخص يعارض الدكتاتورية بحسب دينه. الدين يحكم بأن لا تكون هناك دكتاتورية. يتوهم هؤلاء بمجرد أن يقال فقيه عادل مطّلع على الموازين غير جائر، إذا عَيّن الناس رئيساً للبلاد وسمح هو به، فستكون هذه دكتاتورية!! أما إذا جاء شخص ظالم جائر دكتاتور مسلّط على كل شيء، فهذه ليست دكتاتورية!! الفرق الوحيد هو أنه يتّضح انهم يعارضون العلم، يعارضون العدالة هؤلاء الذين يعارضون حكومة الفقيه. مع أنه في الدستور الذي وضعوه حالياً لا توجد قضية حكومة. ليس للإسلام حكومة أصلًا. ليس الإسلام حاكم مثل هتلر أو مثل كارتر الذي هو شبيه هتلر بقمع الجميع ويفتك ويضطهد. هذه الأمور غير مهمة في الإسلام أصلًا. حينما يضع الإسلام فقيهاً عادلًا مطلعاً مخلصاً للشعب يشرف أو يحكم، فذلك من أجل أن يحول دون غير العادل، فلا يأتي شخص غير عادل لينهب الناس. منذ صدر الإسلام والى اليوم، لاحظوا كيف كانت حكومات صدر الإسلام كحكومة علي بن ابي طالب سلام الله عليه مثلًا. حكومة إسلامية على أساس العدل. ثم وقعت في أيدي بني أمية وبني العباس والحكومات الجائرة والشاهنشاهية وامثال ذلك. استولى المسلمون على تلك الأماكن ثم أصبحت شاهنشاهية، ولم يستطع المسلمون تطبيق الإسلام والحكومة الإسلامية بشكل صحيح. لم يُتح ذلك. الإسلام الآن غريب. الإسلام غريب. مثلما لا يعرفون الغرباء، الغريب الذي يدخل إلى مدينة لا يعرفه الناس هناك، فالإسلام الآن غريب بين الشعوب. لا يعرفون الإسلام. ولأنهم لا يعرفون الإسلام لا يعرفون احكامه أيضاً. وخبراؤنا في الإسلام أيضاً لا يعرفون الإسلام، لا يعرفون ما هو. وحينما لا يعرفونه يظنون أنه لو قامت حكومة الفقيه لكانت حكومة دكتاتورية، وإذا لم يكن ثم فقيه، فليكن من كان. حتى لو كان الشمر لما أشكل عليه هؤلاء السادة. فهم يُشكلون على الفقيه فقط. والإشكال نابع من أنهم يخشون الإسلام، يخافون الإسلام. الإسلام لا يترك للفاسدين سمعة. إنهم يخشونه، البعض قد انخدعوا، والبعض متعمدون في هذا الأمر، والبعض مخدوعون. وإلّا فالحكومة الإسلامية كحكومة علي بن ابي طالب لا دكتاتورية فيها. حكومة تقوم على أساس العدل. حكومة حياتها أدنى من حياة سائر الرعايا. لم يكن بوسعهم أن يعيشوا مثله، لم يشبع حتى من خبز الشعير. يأخذ لقمة أو لقمتين يأكلها مع الملح. هل يمكن أن تكون هذه الحكومة دكتاتورية؟ لماذا تكون دكتاتورية؟ ليس هنالك ترف ولهو حتى تريد أن تكون دكتاتورية. ليس في الإسلام حكم أصلًا، لا حكم فيه أصلًا. رسول الإسلام الذي كان على رأس المسلمين والاسلام حينما كان جالساً في المسجد على ذاك الحصير وليس من المعلوم أنه كان يمتلك حصيراً جيداً كانوا جالسين حول بعضهم، العرب الذين كانوا في الخارج، ولم يكونوا يعرفون الرسول كانوا يسألونهم أيكم محمد؟ لم يكونوا يعرفونه، لأنه لم يكن حتى مثل هذا الشيء تحت الرسول. ونحن اليوم أشراف، الحكومة التي تكون على هذا النمط، يكون له بيت طيني، ولا يكون له حتى بساط، حكومة يقال: إنه كان للإمام علي جلد يضع فيه علف ناقته في النهار، ويمدّه في الليل تحته وتحت فاطمة وينام عليه، لا يمكن لهذا أن يكون دكتاتوراً. هؤلاء الذين يقولون دكتاتورية لا يفهمون حقيقة الإسلام. ولا يعرفون الفقيه الإسلامي. يتصوّرون أننا نقبل حكومة كل فقيه ولو كانت فاسدة، في حين أَنّ الفقيه إذا خطا هكذا، وارتكب أَدنى صغيرة سقط عن الولاية.
وهل الولاية شيء يسيرٌ يعطونه كائناً من كان؟ الذين يقولون: ستكون دكتاتورية ويكون الأمر كيت وكيت، لا يعلمون أن الحكومة الإسلامية ليست حكومة دكتاتورية. الدين يقف بوجههم. الإسلام يقف بوجه الدكتاتوريين. ونحن نريد الفقيه ليقف في وجه الدكتاتوريين، ولا يسمح لرئيس الجمهورية بالدكتاتورية، ولا يسمح لرئيس الوزراء بالدكتاتورية، ولا يسمح لقائد الجيش مثلًا بالدكتاتورية، ولا لرئيس الشرطة بالدكتاتورية. أننا لا نريد إقامة الدكتاتورية، ماذا يفعل الفقيه بالدكتاتورية؟ الشخص الذي يعيش حياةً معتادة ولا يريد هذه الأمور ماذا يفعل بالدكتاتورية؟ ليس هنالك تسلّط في الإسلام. اضف إلى ذلك الاحتياطات المتخذة في هذا الدستور، فقد احتاط السادة حقّ إن الناس يأتون ويُعيّنون الخبراء، فهل هذه دكتاتورية؟! هؤلاء الخبراء هل يقول أحد: إنه في مدينة من المدن جاء شخص وضغط على الناس لينتخبوا شخصاً معيناً؟ لم تكن هنالك حتى دعاية. الناس كانوا يعرفونهم. ولو أردنا تعيين خبراء مئة مرة، لصعد هؤلاء السادة أنفسهم أو اشخاص مثلهم. الناس احرار في انتخاب حكامهم، لا أظن نظير هذا حدث في مكان من العالم. صوّتوا بهذه الطريقة. يصوّت الناس بحب هكذا لشيء ما. صوّتوا هكذا بحب وبأكثرية للجمهورية الإسلامية. في زمن الشاه السابق وأنتم تتذكّرون أرادوا القيام باستفتاء. بعثتُ من قم لأرى كيف هو الوضع. فجاءوا وقالوا: إنهم لا يستطيعون إعداد اكثر من ألفي شخص. مع ذلك قالوا: (كل الشعب) لأن ستة ملايين صوّتوا يقولون ستة ملايين صوت. كانوا يكذبون. ستة ملايين صوتٍ كاذب، يقولون: إِنّهم الشعب كلّه. ونحن كان لدينا في مرة واحدة عشرون مليون صوت. ومرة أخرى لم تحضر جماعة، واستاءُوا لأنهم أيضاً لم يعلموا ما الذي نريد أن نقوله، وانسحبوا جانباً. ومع ذلك صوّت قرابة ستة عشر مليوناً من السكّان وقال تسعون بالمئة من الناس: إِننا نصوّت. وبعد ذلك سيعتب أولئك أيضاً أن لماذا لم يسمحوا لنا بالتصويت. ربّما صوت للشيء نفسه، وارتفعت الاصوات إلى أكثر من عشرين مليوناً.
ليس في المسألة دكتاتورية. لا يقيم الإسلام أموره على أن يمارس الدكتاتورية. ليس بناؤه على أساس الظلم. الدكتاتورية ظلم كبير للشعوب. والإسلام وقف بوجه الظلم. القرآن الكريم وقف بوجه الظلم. إذن ليس في الأمر أية دكتاتورية. وهذا الدستور الذي وضعوه قيل فيه إِنّ الشعب هو الذي ينتخب الخبراء ويعينهم. الشعب هو الذي صوت للخبراء بأصوات كثيرة جداً. بعضهم في طهران أحرز مليوني صوت وأكثر وبعد أن جاء الخبراء وصوّتوا وصادقوا على هذا الدستور، لم نكتف حتى بهذا وقلنا: انشروا هذا الدستور ليراه الناس، لتراه القطّاعات. ونعرضه على أصوات الناس، فعرضوه، وصوّت تسعون بالمئة من الناس لمصلحته ولم يُجبرهم أحد بالقوة على أن يصوتوا، ولم يكن ثمة دكتاتورية، الناس صوتوا بكل حرية تسعون بالمئة منهم أو أكثر بقليل. صوّتوا لمصلحة هذا الدستور. والآن يريد اربعة اشخاص أن يحكموا كل هؤلاء الستة عشر مليوناً! أنحن الدكتاتوريون أم انتم؟ أنتم الذين تعملون بديمقراطيتكم تعملون بتلك الكلمة التي لقنكموها الآخرون أم نحن الذين أتحنا الانتخاب للناس مرتين؟ مرة واحدة في كل العالم، ونحن عرضناه مرتين على اصوات الناس. هل هذه دكتاتورية؟ انتم الذين حملتم الحراب وشهرتم بنادقكم تذهبون للمكان الفلاني وتستولون على التلفزيون هناك 1 ويأتون لبيعتكم ويحتلون التلفزيون، ويلتحق بكم هؤلاء (الميليشيات الفدائية) هؤلاء الاشخاص من الذين تعرفون جميعاً أي أشخاص هم، وتلك (فرقان) التي قتلت الشيخ المطهري- رحمه الله- وقتلت اللواء قرني واطلقت النار على الشيخ هاشمي 2 وأرادت اغتياله، وقتلت السيد القاضي 3، هؤلاء أيضاً التحقوا اعرفوا انتم كيف هي الاوضاع. اعلموا من هم الذين اجتمعوا. وهؤلاء الذين اجتمعوا رأيتم أحدهم بعدما ظهرت ملفاته 4، والبقية قد تظهر شيئاً فشيئاً. وقد يكون بينهم آدمي واحد، ولكن هذا هو الوضع. لو لم أكن أنا لما وضعوا لها اسم الجمهورية الإسلامية. هؤلاء يريدون ما كان يقوله الشيوعيون: (جمهورية الشعب المسلم)! أولئك يقولون جمهورية الكرد مثلًا. جمهورية مطلقة. جاء رجل هنا، سلّمه الله قلتُ له: هذا ما يريده الشيوعيون، فهل أنت شيوعي أيضاً؟ قال: لا، قلت له: فضع (الإسلام) بجانبها إذن. قالوا: (الجمهورية الإسلامية للشعب المسلم) ما الذي جعل كل هؤلاء السادة الذين أسسوا حينذاك (الجمهورية الإسلامية للشعب المسلم) ينسحبون معاً؟ 5 ما الخبر؟ لماذا لم تتساءلوا لماذا انسحبوا؟ الذين لم يتجرأوا على السؤال خافوا من رؤوس الحراب، خافوا من الأقلام. لماذا لم يقل هؤلاء ما هو سبب انسحاب عدد من رجال الدين وأهل العلم إذ قالوا نحن لا نريد هذا، وجاءت جماعة أخرى. والحال أن أولئك طلبوا انحلاله، جاءت جماعة وأسسته مرة أخرى! ما الذي حصل حتى ذهب هؤلاء وهجموا ببنادقهم، واحتلوا التلفزيون، واحتلوا المحافظة وثاروا على حكومة الإسلام، ثم عرف الذين أيدوهم، الذين ذهبوا والتحقوا بهم، كانوا مليشيات الشعب! الذين تعرفونهم كلُّكم. الذين هم شيوعيون انهم أمريكيون على شكل شيوعيين، بدعوى الشيوعية. إنهم ليسوا شيوعيين. الشيوعي الذي يقول أريد أن يكون الشعب كذا وكذا، ويحرق البيادر، الذي يحرق بيدر شيخ كبير وهو يمثل خلاصة أتعابه في سنة كاملة، ويريد أن يعيل به أسرته، يُحرقه بعود ثقاب واحد. هذا الشيوعي شرير من الأشرار، أو أن الشيوعيين الأصلاء هم هكذا! أما هؤلاء فغير أُصلاء أساساً. وعليه فالمسألة ليست بهذا الشكل.
المسألة انهم لا يريدون تحقق الإسلام. وهذه هي المؤامرة الآن أيضاً. ليعلم الجميع هذا، لتعلم كل قطّاعات العالم والشعوب، أنهم يخافون من الإسلام، فاذا جاء الإسلام لن نستطيع ممارسة النهب كما كنا؛ ولا نستطيع الفساد كما كنّا، لن يكون العِنان مطلقاً لنا كي نفعل ما نريد حتى لو كان على الشعب. إنهم يخافون الآن، أَصابهم الهلع وحاروا فيما يفعلون الآن، يُشكِلون على الدستور! ولا إشكال في الدستور، ليس فيه تعارض أو تناقض أصلًا. إنّ (السيادة الوطنية) سيادة مضاعفة الآن. السيادة الوطنية عينت مرةً مجموعةً وكلّفتهم، وقالت مرة ثانية تعالَوا وصوّتوا فصوّتوا. أليست هذه سيادة وطنية؟ صوّتوا لمصلحة الدستور؛ ولم يصوّتوا لدستوركَ أنت وأنا! هل معنى ذلك أنني وإِياك نتحدّث خلافاً للسيادة الوطنية؟ كلامنا بخلاف السيادة الوطنية، هل بخلاف السيادة الوطنية أن نجعل إنساناً عادلًا عالماً مخلصاً للشعب ملتزماً بالإسلام وأحكامه، وملتزماً بأن الدكتاتورية فسق وظلم، نجعله حاكماً على هذا الشعب؟ لقد قدّمنا خدمة. ولكن من أجل أولئك المثيرين للاشكلات، فقد قمنا بسبب حبِّهم للديمقراطية يحبون هذه الكلمة جداً قمنا مرةً بهذا العمل، ومرةً أخرى بما هو أرقى منه. فأية دكتاتورية ستبقى ها هنا؟ إذن القضية هي أنهم بحسب الدستور منحوا الفقيه صلاحيات للحيلولة دون الدكتاتورية، للحيلولة دون أن يكون هناك شخص يعيث في البلد فساداً، ويفعل تلك الافاعيل. كان من الضروري أن يكون الفقيه كلَّ شيء يريده الشعب، حسناً، هنا شيء يريده الشعب، إِنَه شيء شعبيٌّ. إذا عَيَّن الناس كلُّهم شخصاً في موقع، فهل هذه دكتاتورية؟ وإذا قال كل الناس: كن، وقلت انت: لا تكن، أليست هذه دكتاتورية؟! كل الشعب يقول هذه دكتاتورية. حتى لو لم يكن مثل هذا الشيء لعيّنوا الخبراء أيضاً. وهذه ليست دكتاتورية. ويأتي الخبراء يعينون أشخاصاً مخلصين للشعب وفقهاء وعدولًا وصحيحي الأعمال ولا يخونون الشعب. إنهم لا يريدون أن يذهبوا هناك ليتدربوا، لا يتدربون، إِنّما يعينوهم. أنهم لا يريدون أن يذهبوا هناك ليتدربوا، أو يتدربون في الجيش! لا يريدون أن يكونوا حكومة جائرة. لقد جاءوا للحيلولة دون الدكتاتورية. هيئة تمنع من أن يكونوا دكتاتوريين 6، منحوهم صلاحيات لئلّا يظهر يوماً ما رئيس جمهورية مثل كارتر! يريد هؤلاء أن لا يظهر هنا أمثال كارتر ونيكسون. للحيلولة دون هذه الأمور. لماذا يثير هؤلاء كل هذه الإشكالات؟ طبعاً ثمة عقد في المسألة هي التي تدفعهم إلى هذه الإشكالات والمؤاخذات. وأتمنَّى أن تزال هذه العقد إن شاء الله.
*صحيفة الإمام، ج11، ص: 24
1-احتلال إذاعة وتلفزيون تبريز.
2-اكبر هاشمي رفسنجاني.
3-القاضي الطباطبائي.
4-الشيخ عز الدين الحسيني.
5-إشارة إلى انسحاب عدد من رجال الدين الذين كانوا أعضاء في حزب خلق مسلمان[ حزب الشعب المسلم] لكنهم تنحوا عنه بعد أن اتضحت لهم حقيقة الحزب. ومعظمهم من رجال الدين في تبريز.
6-اشارة إلى المصادقة على مادة ولاية الفقيه في الدستور وانتخاب القائد أو مجلس قيادة.