نبي الاسلام خاتم الانبياء
خاتمية النبوة
نبيّ الاسلام آخر انبياء الله،فيه اختتمت سلسلة النّبوة،وهذا من ضرورات الدّين الاسلامي. والضّرورة هنا تعني أنَّ من يدخل صفوف المسلمين سرعان ما يدرك أنَّ جميع المسلمين يحملون العقيدة نفسها وهي من الاُمور الواضحة والمسلّم بها عندهم, فمثلما أنَّ كل شخص له تعامل مع المسلمين يعلم أنهم يؤكدون مبدأالتّوحيد...
عدد الزوار: 1070
معنى الختم
نبيّ الاسلام آخر انبياء الله، فيه اختتمت سلسلة النّبوة، وهذا من "ضرورات الدّين الاسلامي".
والضّرورة هنا تعني أنَّ من يدخل صفوف المسلمين سرعان ما يدرك أنَّ جميع المسلمين يحملون العقيدة نفسها وهي من الاُمور الواضحة والمسلّم بها عندهم. فمثلما أنَّ كل شخص له تعامل مع المسلمين يعلم أنهم يؤكدون مبدأ "التّوحيد" يعلم أيضاً أنهم متفقون جميعاً على أن نبيّ الاسلام صلى الله عليه وآله هو خاتم الانبياء، وليس هناك أي مسلم يتوقع مجيء نبيّ جديد.
والواقع أنَّ قافلة البشرية قد طوت خلال مسيرتها نحو التكامل مراحل عديدة ومختلفة الواحدة بعد الاُخرى حتى بلغت مرحلة من الرّشد والتّكامل تستطيع معها أنْ تقف على قدميها، أي إنَّها تستطيع أنْ تحل جميع مشكلاتها باتباع التّشريعات الاسلاميّة الجامعة.
وبعبارة اُخرى: إنَّ الاسلام هو القانون النهائي الشامل في مرحلة بلوغ البشرية ونضجها، فهو من حيث العقائد بلغ الكمال في محتواه، حيث يسدُّ حاجات الانسان في كل عصر وزمان.
الدّليل على أنَّ النّبي صلى الله عليه وآله خاتم الانبياء.
هناك أدلّة عديدة لاثبات هذا القول، أهمها مايلي
1- ضرورة هذه القضية: قلنا إنَّ من يتصل بالمسلمين في أي مكان من العالم يدرك أنَّهم يعتقدون بأنَّ نبيّ الاسلام صلى الله عليه وآله هو خاتم الانبياء، وعليه فاذا تقبل أحد الاسلام عن طريق الدليل والمنطق، فلا مندوحة له من أنَّ يقبل بمبدأ اختتام النّبوة بنبي الاسلام. وإذا آمنَّا بصحّة هذا الدين وصدقه بالأدلة الكافية، فلابدّ من القبول بأن مبدأ ختم النبوّة بنبوّة رسول الله صلى الله عليه وآله من ضرورات هذا الدين.
2- في القرآن آيات تؤكد كون النّبي صلى الله عليه وآله هو خاتم الانبياء، منها: ﴿ما كَانَ مُحَمَّدٌ أبا أحَد مِنْ رِجالِكُم وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيينَ﴾(الاحزاب:40).
وقد نزلت هذه الآية في الوقت الذى راج فيه بين العرب تبنّي الابناء، إذ كانوا يتبنون أبناء أبوين آخرين ويتخذونهم أبناء حقيقيين لهم ضمن أفراد الاُسرة. غير أنَّ الاسلام ألغى هذه العادة الجاهلية، وقال أنَّ الابن بالتبني لا يمكن أنْ يكون كالابن الشرعي من حيث الحقوق القانونية، بما فيهم "زيد" الذي كان نبيّ الاسلام صلى الله عليه وآله وسلم قد تبناه، فجاءت الآية تقول للمسلمين إنَّكم بدلاً من أنْ تصفوا النّبي بكونه أباً لاحد، صفوه بصفتيه الحقيقيتين: كونه رسول الله، وكونه خاتم النبيين.
وهذا يدل على أنَّ هاتين الصفتين كانتا من الامور المسلم بهما بين المسلمين.
السؤال الوحيد الذي يطرأ هنا هو ما المعنى الحقيقي للخاتمية؟ "الخاتم من مادة" ختم "التي تعني بلوغ نهاية الشيء، مثل الختم الذي كان يوضع في نهاية الخطاب المكتوب. ومن هنا وضعت كلمة "الخاتم" على ما يلبس في الاصابع، لأنَّ فص الخواتم كان ينقش عليه اسم أو رسم ويستعمل لختم المكاتبات في ذلك الزمان، وكل ختم كان يخص شخصاً بعينه.
جاء في الرّوايات الاسلامية: عندما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله انْ يكتب الرسائل لملوك العصر وزعمائه ليدعوهم الى الاسلام، قيل له أنَّ من عادة ملوك العجم أنَّهم لا يقبلون كتاباً ما لم يكن فيه ختم صاحبه. وذلك لأنَّ رسائل النّبي حتى ذلك الحين كانت خلواً من كل ختم. فامر أنْ يحفروا "لا إلهَ إلاّ اللهُ محمّد رسول الله" على فص خاتم، وأخذ يختم به رسائله منذئذ.
وعليه، فإنَّ المعنى الاصلي للخاتم هو وضع النهاية والاختتام.
3- هنالك احاديث كثيرة تبيّن كون النّبي صلى الله عليه وآله كان آخر الانبياء وخاتمهم، منها الحديث المعتبر المروي عن جابر بن عبد الله الانصارى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنَّه قال: "مثلي بين الانبياء كمثل من بنى داراً كاملة لا تنقصها إلاّ آجرة واحدة، فمن دخلها أعجب بجمالها ولكن يعيبها هذا النقص. فانا تلك الآجرة الناقصة والانبياء ختموا بي".
وقد قال الامام صادق عليه السلام: "حلال محمد حلال أبداً الى يوم القيامة وحرامه حرام أبداً الى يوم القيامة".1 وثمة حديث يذكره الشيعة والسنة أنّه قال لعلي عليه السلام: "أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنَّه لا نبيّ بعدي"2.
ثمة تساؤلات تبرز في موضوع ختم النّبوة لابدّ من الاشارة اليها
1- يقول بعضهم إنَّ ارسال الانبياء فيض الهي عظيم، فلماذا حرم اُناس هذا الزمان من هذا الفيض؟ لماذا لا يكون لأهل هذا الزمان هاد وقائد جديد يهديهم ويقودهم؟
إنَّ الذين يقولون هذا قد غفلوا في الحقيقة عن نقطة مهمة، وهي أنَّ حرمان عصرنا لم يكن لعدم جدارتهم، بل لأنَّ قافلة البشرية في هذا العصر قد بلغت في مسيرتها الفكرية وفي وعيها مرحلة تمكنها من إدامة مسيرتها باتباع الشريعة.
ولنضرب هنا مثلاً: أولو العزم من الانبياء الذين جاءوا بدين جديد وبكتاب من السماء، وهم خمسة نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام.
وقد ظهر هؤلاء كل في فترة معينة من الزمان، وسعوا لهداية البشر ووضعهم على طريق التكامل، فاوصل كل منهم القافلة البشرية من مرحلة الى المرحلة التي تليها وسلمها الى النّبي الذي يليه من أولي العزم، الى أنْ بلغت القافلة في مسيرتها الى الطريق النهائي، كما بلغت القدرة التي تمكنها من مواصلة مسيرتها وحدها نهايتها، مثلها مثل التلميذ الذي يطوي مراحل الدراسة الخمس حتى يتخرج في الكلية وبالطبع لا يعني هذا أنَّه انتهى من التعلم، بل يعني أهليته للاستمرار بمفرده دونما حاجة الى معلم أو مدرسة.
وهذه المراحل هي: المرحلة الابتدائية، المرحلة المتوسطة، المرحلة الاعدادية، المرحلة الجامعية، وأخيراً مرحلة الحصول على الدّكتوراه.
فاذا لم يواصل دكتور الدراسة فى الجامعة، فلا يعني هذا أنَّه ليس جديراً بالدّراسة، بل يعني أنَّ لديه من المعلومات ما يمكنه من حل مشكلاته العلمية بالاستعانة بها، ومن الاستمرار في مطالعاته ومواصلة تقدمه.
2- لما كان المجتمع البشرى دائم التّغير، كيف يمكن أنْ تكون التشريعات الاسلامية الثابتة قادرة على مواجهة تلك التغيرات؟
في الجواب نقول: في الاسلام نوعان من التّشريعات: نوع هو أشبه ما يكون بصفات الانسان الثابتة، فهو أيضاً ثابت لا يتغير، مثل لزوم الاعتقاد بالتوحيد، وتطبيق العدالة، ومكافحة كل أنواع الظلم والتعسف والعدوان وأمثالها.
أمّا النوع الآخر من التشريعات فيتألف من مجموعة من القواعد الكلية العامة التي تتخذ اشكالاً جديدة بحسب تغير مواضيعها بحيث أنَّها تسد الحاجة في كل عصر وزمان.
فمثلاً هنالك مبدأ عام في الاسلام يقول: "أوفوا بالعقود" لاشك أنْ تعاقب الأزمان يخلق أنواعاً جديدة من العقود الاجتماعية والتجارية والسياسية المفيدة التي يستطيع الإنسان أنْ يعقدها مع أخذ المبدأ الاصلي بنظر الاعتبار.
هنالك قاعدة كلية اُخرى هي "قاعدة لاضرر" التي تعني أنَّ كل حكم أو قانون يسبب الضرر للفرد أو المجتمع يجب أنْ يتحدد بحدود. لاحظ كيف أنَّ هذه القاعدة الاسلامية العامة تمنع الإضرار بالآخرين وتحل المشكلات.
إنَّ في الاسلام الكثير من أمثال هذه المبادىء الكلية العامّة التي يمكن بتطبيقها حل أعقد المشكلات التي قد تبرز في الحياة الاجتماعية.
3- لا شك إنَّنا في المسائل الاسلامية بحاجة الى القائد وعند عدم وجود النبي وغياب وصيه تتوقف قضية القيادة، كما أنَّ اختتام النّبوة بنبيّ الاسلام صلى الله عليه وآله لايكون معه إنتظار لنبيّ آخر، أفلا يعني هذا خسارة للمجتمع الاسلامي؟
في الجواب نقول: هذه الحالة أيضاً قد تمّ الاعداد لها من جانب الاسلام، فعن طريق "ولاية الفقيه" يمنح الفقيه الجامع للشروط من علم وتقوى ورؤية سياسية على مستويات عالية حق القيادة. كما أنَّ اُسلوب معرفة مثل هذا القائد قد بيّنه الاسلام في قوانينه. وعليه فليس هناك ما يدعوا الى القلق من هذه النّاحية.
وبناء على ذلك فإنَّ مبدا "ولاية الفقيه" إستمرار لخط الأنبياء واوصيائهم عليهم السلام. إنَّ قيادة الولي الفقيه الجامع للشروط دليل على أنَّ المجتمع الاسلامي لم يترك بدون رعاية وهداية.
*سلسلة دروس في العقائد الاسلامية،آية الله مكارم الشيرازي . مؤسسة البعثة،ط2 ، ص125-132
2011-02-01
نبيّ الاسلام آخر انبياء الله، فيه اختتمت سلسلة النّبوة، وهذا من "ضرورات الدّين الاسلامي".
والضّرورة هنا تعني أنَّ من يدخل صفوف المسلمين سرعان ما يدرك أنَّ جميع المسلمين يحملون العقيدة نفسها وهي من الاُمور الواضحة والمسلّم بها عندهم. فمثلما أنَّ كل شخص له تعامل مع المسلمين يعلم أنهم يؤكدون مبدأ "التّوحيد" يعلم أيضاً أنهم متفقون جميعاً على أن نبيّ الاسلام صلى الله عليه وآله هو خاتم الانبياء، وليس هناك أي مسلم يتوقع مجيء نبيّ جديد.
والواقع أنَّ قافلة البشرية قد طوت خلال مسيرتها نحو التكامل مراحل عديدة ومختلفة الواحدة بعد الاُخرى حتى بلغت مرحلة من الرّشد والتّكامل تستطيع معها أنْ تقف على قدميها، أي إنَّها تستطيع أنْ تحل جميع مشكلاتها باتباع التّشريعات الاسلاميّة الجامعة.
وبعبارة اُخرى: إنَّ الاسلام هو القانون النهائي الشامل في مرحلة بلوغ البشرية ونضجها، فهو من حيث العقائد بلغ الكمال في محتواه، حيث يسدُّ حاجات الانسان في كل عصر وزمان.
الدّليل على أنَّ النّبي صلى الله عليه وآله خاتم الانبياء.
هناك أدلّة عديدة لاثبات هذا القول، أهمها مايلي
1- ضرورة هذه القضية: قلنا إنَّ من يتصل بالمسلمين في أي مكان من العالم يدرك أنَّهم يعتقدون بأنَّ نبيّ الاسلام صلى الله عليه وآله هو خاتم الانبياء، وعليه فاذا تقبل أحد الاسلام عن طريق الدليل والمنطق، فلا مندوحة له من أنَّ يقبل بمبدأ اختتام النّبوة بنبي الاسلام. وإذا آمنَّا بصحّة هذا الدين وصدقه بالأدلة الكافية، فلابدّ من القبول بأن مبدأ ختم النبوّة بنبوّة رسول الله صلى الله عليه وآله من ضرورات هذا الدين.
2- في القرآن آيات تؤكد كون النّبي صلى الله عليه وآله هو خاتم الانبياء، منها: ﴿ما كَانَ مُحَمَّدٌ أبا أحَد مِنْ رِجالِكُم وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيينَ﴾(الاحزاب:40).
وقد نزلت هذه الآية في الوقت الذى راج فيه بين العرب تبنّي الابناء، إذ كانوا يتبنون أبناء أبوين آخرين ويتخذونهم أبناء حقيقيين لهم ضمن أفراد الاُسرة. غير أنَّ الاسلام ألغى هذه العادة الجاهلية، وقال أنَّ الابن بالتبني لا يمكن أنْ يكون كالابن الشرعي من حيث الحقوق القانونية، بما فيهم "زيد" الذي كان نبيّ الاسلام صلى الله عليه وآله وسلم قد تبناه، فجاءت الآية تقول للمسلمين إنَّكم بدلاً من أنْ تصفوا النّبي بكونه أباً لاحد، صفوه بصفتيه الحقيقيتين: كونه رسول الله، وكونه خاتم النبيين.
وهذا يدل على أنَّ هاتين الصفتين كانتا من الامور المسلم بهما بين المسلمين.
السؤال الوحيد الذي يطرأ هنا هو ما المعنى الحقيقي للخاتمية؟ "الخاتم من مادة" ختم "التي تعني بلوغ نهاية الشيء، مثل الختم الذي كان يوضع في نهاية الخطاب المكتوب. ومن هنا وضعت كلمة "الخاتم" على ما يلبس في الاصابع، لأنَّ فص الخواتم كان ينقش عليه اسم أو رسم ويستعمل لختم المكاتبات في ذلك الزمان، وكل ختم كان يخص شخصاً بعينه.
جاء في الرّوايات الاسلامية: عندما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله انْ يكتب الرسائل لملوك العصر وزعمائه ليدعوهم الى الاسلام، قيل له أنَّ من عادة ملوك العجم أنَّهم لا يقبلون كتاباً ما لم يكن فيه ختم صاحبه. وذلك لأنَّ رسائل النّبي حتى ذلك الحين كانت خلواً من كل ختم. فامر أنْ يحفروا "لا إلهَ إلاّ اللهُ محمّد رسول الله" على فص خاتم، وأخذ يختم به رسائله منذئذ.
وعليه، فإنَّ المعنى الاصلي للخاتم هو وضع النهاية والاختتام.
3- هنالك احاديث كثيرة تبيّن كون النّبي صلى الله عليه وآله كان آخر الانبياء وخاتمهم، منها الحديث المعتبر المروي عن جابر بن عبد الله الانصارى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنَّه قال: "مثلي بين الانبياء كمثل من بنى داراً كاملة لا تنقصها إلاّ آجرة واحدة، فمن دخلها أعجب بجمالها ولكن يعيبها هذا النقص. فانا تلك الآجرة الناقصة والانبياء ختموا بي".
وقد قال الامام صادق عليه السلام: "حلال محمد حلال أبداً الى يوم القيامة وحرامه حرام أبداً الى يوم القيامة".1 وثمة حديث يذكره الشيعة والسنة أنّه قال لعلي عليه السلام: "أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنَّه لا نبيّ بعدي"2.
ثمة تساؤلات تبرز في موضوع ختم النّبوة لابدّ من الاشارة اليها
1- يقول بعضهم إنَّ ارسال الانبياء فيض الهي عظيم، فلماذا حرم اُناس هذا الزمان من هذا الفيض؟ لماذا لا يكون لأهل هذا الزمان هاد وقائد جديد يهديهم ويقودهم؟
إنَّ الذين يقولون هذا قد غفلوا في الحقيقة عن نقطة مهمة، وهي أنَّ حرمان عصرنا لم يكن لعدم جدارتهم، بل لأنَّ قافلة البشرية في هذا العصر قد بلغت في مسيرتها الفكرية وفي وعيها مرحلة تمكنها من إدامة مسيرتها باتباع الشريعة.
ولنضرب هنا مثلاً: أولو العزم من الانبياء الذين جاءوا بدين جديد وبكتاب من السماء، وهم خمسة نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام.
وقد ظهر هؤلاء كل في فترة معينة من الزمان، وسعوا لهداية البشر ووضعهم على طريق التكامل، فاوصل كل منهم القافلة البشرية من مرحلة الى المرحلة التي تليها وسلمها الى النّبي الذي يليه من أولي العزم، الى أنْ بلغت القافلة في مسيرتها الى الطريق النهائي، كما بلغت القدرة التي تمكنها من مواصلة مسيرتها وحدها نهايتها، مثلها مثل التلميذ الذي يطوي مراحل الدراسة الخمس حتى يتخرج في الكلية وبالطبع لا يعني هذا أنَّه انتهى من التعلم، بل يعني أهليته للاستمرار بمفرده دونما حاجة الى معلم أو مدرسة.
وهذه المراحل هي: المرحلة الابتدائية، المرحلة المتوسطة، المرحلة الاعدادية، المرحلة الجامعية، وأخيراً مرحلة الحصول على الدّكتوراه.
فاذا لم يواصل دكتور الدراسة فى الجامعة، فلا يعني هذا أنَّه ليس جديراً بالدّراسة، بل يعني أنَّ لديه من المعلومات ما يمكنه من حل مشكلاته العلمية بالاستعانة بها، ومن الاستمرار في مطالعاته ومواصلة تقدمه.
2- لما كان المجتمع البشرى دائم التّغير، كيف يمكن أنْ تكون التشريعات الاسلامية الثابتة قادرة على مواجهة تلك التغيرات؟
في الجواب نقول: في الاسلام نوعان من التّشريعات: نوع هو أشبه ما يكون بصفات الانسان الثابتة، فهو أيضاً ثابت لا يتغير، مثل لزوم الاعتقاد بالتوحيد، وتطبيق العدالة، ومكافحة كل أنواع الظلم والتعسف والعدوان وأمثالها.
أمّا النوع الآخر من التشريعات فيتألف من مجموعة من القواعد الكلية العامة التي تتخذ اشكالاً جديدة بحسب تغير مواضيعها بحيث أنَّها تسد الحاجة في كل عصر وزمان.
فمثلاً هنالك مبدأ عام في الاسلام يقول: "أوفوا بالعقود" لاشك أنْ تعاقب الأزمان يخلق أنواعاً جديدة من العقود الاجتماعية والتجارية والسياسية المفيدة التي يستطيع الإنسان أنْ يعقدها مع أخذ المبدأ الاصلي بنظر الاعتبار.
هنالك قاعدة كلية اُخرى هي "قاعدة لاضرر" التي تعني أنَّ كل حكم أو قانون يسبب الضرر للفرد أو المجتمع يجب أنْ يتحدد بحدود. لاحظ كيف أنَّ هذه القاعدة الاسلامية العامة تمنع الإضرار بالآخرين وتحل المشكلات.
إنَّ في الاسلام الكثير من أمثال هذه المبادىء الكلية العامّة التي يمكن بتطبيقها حل أعقد المشكلات التي قد تبرز في الحياة الاجتماعية.
3- لا شك إنَّنا في المسائل الاسلامية بحاجة الى القائد وعند عدم وجود النبي وغياب وصيه تتوقف قضية القيادة، كما أنَّ اختتام النّبوة بنبيّ الاسلام صلى الله عليه وآله لايكون معه إنتظار لنبيّ آخر، أفلا يعني هذا خسارة للمجتمع الاسلامي؟
في الجواب نقول: هذه الحالة أيضاً قد تمّ الاعداد لها من جانب الاسلام، فعن طريق "ولاية الفقيه" يمنح الفقيه الجامع للشروط من علم وتقوى ورؤية سياسية على مستويات عالية حق القيادة. كما أنَّ اُسلوب معرفة مثل هذا القائد قد بيّنه الاسلام في قوانينه. وعليه فليس هناك ما يدعوا الى القلق من هذه النّاحية.
وبناء على ذلك فإنَّ مبدا "ولاية الفقيه" إستمرار لخط الأنبياء واوصيائهم عليهم السلام. إنَّ قيادة الولي الفقيه الجامع للشروط دليل على أنَّ المجتمع الاسلامي لم يترك بدون رعاية وهداية.
*سلسلة دروس في العقائد الاسلامية،آية الله مكارم الشيرازي . مؤسسة البعثة،ط2 ، ص125-132
1- اصول كافي، ج 1، ص 58.
2- مسند أحمد:3:32، صحيح مسلم4:1870/31، سنن الترمذي5:641/3731، آمالي الصدوق:331/10، آمال الطوسي1:313، إرشاد المفيد:83.