المساجد بيوت الله في الأرض
أسبوع المسجد
أخي، أختي في الله..هو المسجد بيت الله في الأرض، يأوي إليه طلّاب الآخرة وروّاد الطريق إلى الجنّة، بين جنباته يفوح رحيق النبّوات، وفي زواياه يعرّش العلم النافع، متراس المؤمن في حربه مع شياطين الجنِّ و الإنس، ووصيّة الرسل والأنبياء و الأئمة عليهم السلام.
عدد الزوار: 103
على أعتاب المسجد
أخي، أختي في الله..
هو المسجد بيت الله في الأرض، يأوي إليه طلّاب الآخرة وروّاد الطريق إلى الجنّة،
بين جنباته يفوح رحيق النبّوات، وفي زواياه يعرّش العلم النافع،
متراس المؤمن في حربه مع شياطين الجنِّ و الإنس، ووصيّة الرسل والأنبياء و الأئمة عليهم السلام.
عند أعتابه تـََّحـَُّطُ الأرواح المتعبة أثقالها لتنهل من معينه ما تروي به عطشها إلى حلاوة الإيمان وحياة القلوب..
وفي أفيائه يحلو الترحال بين دفتي كتاب الله عزّ وجل..
وتحت منبره يطيب للعابد المكوث في جلسات التفقه والتبصّر في دين الله..
وفي محرابه يقوم المؤمن قيام الجهادين متسلِّحاً بالدعاء والمناجاة..
وفي أفنيته تُعقد رايات الفتح وتُصان حياض الدِّين..
هو المسجد مقصد المؤمنين وملاذ المستضعفين وروضة المتعبين..
بركات المسجد
إنَّ التردُّد الى المسجد عمل مبارك لا يخلو من فائدة أخروية أو دنيوية تجعل من يترك هذا الفعل في منزلة الخسران الشديد.
فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله: من مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكلِّ خطوة سبعون ألف حسنة، ويُرفع له من الدرجات مثل ذلك، وإن مات وهو على ذلك وكّل الله به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره، ويؤنسونه في وحدته، ويستغفرون له حتى يُبعث.
وعنه صلى الله عليه وآله: لا يرجع صاحب المسجد بأقلّ من إحدى ثلاث: إمّا دعاء يدعو به يُدخله الله به الجنة، وإمّا دعاء يدعو به ليصرف الله به عنه بلاء الدنيا، وإمّا أخ يستفيده في الله عز وجل.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: من اختلف إلى المساجد أصاب إحدى الثمان: أخاً مستفاداً في الله أو علماً مستطرفاً، أو آيةً محكمةً، أو رحمةً منتظرةً، أو كلمة تردعه عن ردى، أو يسمع كلمة تدله على هدى، أو يترك ذنباً خشية أو حياء.
القطيعة مع المسجد
من أخطر الأوبئة الروحية الشائعة في هذه الأيام وباء القطيعة مع بيوت الله و هجران المساجد و ترك التردُّد إليها بحجج مختلفة وأعذار مُخْتَلَقة.
من هنا حثّنا أهل البيت عليهم السلام على التنبُّه لهذه المشكلة الخطيرة إلى حدِّ ورد في الروايات أن المساجد تشكو إلى الله هذا السلوك من القطيعة معها من قِبَل المسلمين.
فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: شكت المساجد إلى الله تعالى الذين لا يشهدونها من جيرانها، فأوحى الله عزّ وجلّ إليها: وعزّتي وجلالي لا قبلت لهم صلاة واحدة، ولا أظهرت لهم في الناس عدالة، ولا نالتهم رحمتي، ولا جاوروني في جنّتي.
وعنه عليه السلام: ثلاثة يشكون إلى الله عز وجل: مسجد خراب لا يُصلِّي فيه أهله، وعالم بين جهّال، ومصحف معلّق قد وقع عليه غبار لا يُقرأ فيه.
بيوتي في الأرض
إنّ من أروع ما وُصف به المسجد في النصوص والأحاديث المأثورة كونه (بيـتُ الله في الأرض)، ويُستفاد من هذا المعنى جملة أمور:
- أنّك فيما لو كنت تبحث عن الله تعالى الذي لا يحويه مكان، فإنه تعالى قد اختص وشرّف أماكن في الأرض سمـَّاها بيوته وأمرنا بالتقرب إليه فيها.
- أنّك عندما تأتي بيت شخص ما فأنت ضيفه ولك حقوق عليه مراعاتها فما بالك لوكنت ضيف الكريم المطلق.
- أنك عندما تأتي بيت شخص ما فإن عليك واجبات اتجاه المزور عليك احترامها.
- أنّك عندما تريد تمتين علاقتك بشخص ما وتعميقها فأفضل السبل إلى ذلك هو زيارته في بيته.
- أنّك عندما ترتكب جريمة أو تكون مطلوباً للقصاص فإن المكان المثالي للجوء والاحتماء فيه، هو بيت شخص عظيم ذي مكانة يستطيع تأمين الحماية لك.
من هذا المنطلق ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله: في التوراة مكتوب: إنَّ بيوتي في الأرض المساجد..
وعن الإمام الصادق عليه السلام: " عليكم بإتيان المساجد فإنّها بيوت الله في الأرض، ومن أتاها متطهِّراً طهّره الله من ذنوبه وكُتب من زوّاره فأكثروا فيها من الصلاة والدعاء".
أدب الحضور في بيوت الله
"إذا بلغت باب المسجد فاعلم أنّك قصدت باب بيت ملِكٍ عظيم لا يطأ بساطه إلا المطهّرون، ولا يؤذن بمجالسة مجلسه إلا الصديقون.."
إنَّ الحضور إلى المسجد يستلزم التأدُّب بجملة من الآداب منها:
- المشي اليه على سكينة ووقار.
- الدخول بالقدم اليمنى والخروج بالقدم اليسرى.
- استقبال القبلة عند الدخول والصلاة على النبي وآله.
- عدم رفع الصوت فيه بغير الوعظ والآذان وتعليم الأحكام.
- عدم الخوض في الباطل وفي أحاديث الدنيا ما دمت فيه.
- عدم البيع و الشراء.
- ترك اللغو ما دمت فيه.
- لبس أنظف وأطهر الثياب. والتعطُّر والتطيُّب.
- التنظف من القذارات و الروائح الكريهة.
- ترك النوم فيه.
- كنسه وتنظيفه واخراج قمامته.
فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله - وقد سأله أبو ذر عن كيفية عمارة المساجد – فقال: لا تُرفع فيها الأصوات، ولا يُخاض فيها بالباطل، ولا يُشترى فيها ولا يُباع واترك اللغو ما دمت فيها، فإن لم تفعل فلا تلومنّ يوم القيامة إلا نفسك.
وعـنــــــه صلى الله عليه وآله: جنـِّبوا مساجدكم مجانينكم وصبيانكم ورفع أصواتكم إلا بذكر الله تعالى، وبيعكم وشراءكم وسلاحكم، وجمِّروها في كلِّ سبعة أيام، وضعوا المطاهر على أبوابها.
وعنه أيضاً صلى الله عليه وآله: من أكل هذه البقلة المنتنة [يعني الثوم] فلا يقرب مسجدنا، فأمّا من أكله ولم يأت المسجد فلا بأس.
وعنه قال صلى الله عليه وآله: لا تجعلوا المساجد طُرقاً حتى تصلّوا فيها ركعتين.
وورد عنه صلى الله عليه وآله: الجلوس في المسجد لانتظار الصلاة عبادة، ما لم يُحدث، قيل: يا رسول الله وما الحدث ؟ قال: الاغتياب.
صلاة الجماعة في بيوت الله
لا شك بأن صلاة الجماعة بنفسها تَفْضُل صلاة الفرد بدرجات فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: قلت: يا جبرئيل وما لأمتي في الجماعة؟ قال: يا محمد وأما
إذا كانا اثنين كتب الله لكل واحد بكل ركعة مائة وخمسين صلاة،
وإذا كانوا ثلاثة كتب لكل واحد بكل ركعة ست مائة صلاة،
وإذا كانوا أربعة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ألفا ومأتي صلاة،
وإذا كانوا خمسة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ألفين وأربعمائة،
وإذا كانوا ستة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة أربعة آلاف وثمانمائة صلاة،
وإذا كانوا سبعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة آلاف وست مائة صلاة،
وإذا كانوا ثمانية كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة عشر ألفا ومائتي صلاة،
وإذا كانوا تسعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة ستة وثلاثين ألفا وأربعمائة صلاة،
وإذا كانوا عشرة كتب الله لكل واحد بكل ركعة سبعين ألفا وألفين وثمان مائة صلاة،
فإن زادوا على العشرة فلو صارت السماوات كلها مدادا والأشجار أقلام، والثقلان مع الملائكة كتـَّابا لم يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة واحدة. يا محمد تكبيرة يدركها المؤمن مع الإمام خير من ستين ألف حجة وعمرة، و خير من الدنيا وما فيها سبعين ألف مرة، وركعة يصليها المؤمن مع الإمام خير من مائة ألف دينار يتصدق بها على المساكين، وسجدة يسجدهما المؤمن مع الإمام في جماعة خير من عتق مائة رقبة.
وتزداد عظمة صلاة الجماعة في المسجد ويزداد ثوابها ولذا ورد الحث الشديد عليها: فعن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى المغرب والعشاء الآخرة وصلاة الغداة في المسجد في جماعة فكأنما أحيى الليل كله.
وأما صلاة الجماعة بالنسبة لجار المسجد خصوصاً فيتأكد استحبابها وكراهة ترك حضورها له من غير عذر: فعن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال: لا صلاة لمن لا يشهد الصلاة من جيران المسجد إلا مريض أو مشغول.
وعنه عليه السلام قال: من سمع النداء من جيران المسجد فلم يُجب فلا صلاة له.
وحول استحباب حضور الجماعة،في الصبح والعشاءين خصوصاً: ورد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله الفجر فأقبل بوجهه على أصحابه فسأل عن أناس يسميهم بأسمائهم. فقال: هل حضروا الصلاة ؟ فقالوا: لا يا رسول الله فقال: أَغُيَّبُ هم ؟ قالوا: لا، فقال: أما إنه ليس من صلاة أشد على المنافقين من هذه الصلاة والعشاء، ولو علموا أي فضل فيهما لأ توهما ولو حبّواً.
دور المسجد
للمسجد في الإسلام ومن خلال التأمل في السيرة النبوية وفي حياة المسلمين على مرِّ العصور أدوارٌ واسعةٌ لا تقتصر على الجوانب العبادية بل تتعدّاها إلى أمور أخرى منها:
أنّه مركز القضاء بين المسلمين، حيث اتخذ رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجده في المدينة دكّة للقضاء بين الناس.
أنّه مركز العمل السياسي ففيه يتمّ توجيه الأمة وتوعيتها سياسياً من خلال خطبة الجمعة أسبوعياً ومنه يتحدّد الحكم الشرعي في كلِّ ما يتعلّق بالشؤون العامة للمسلمين.
أنّه مجال مفتوح لتوطيد وتعزيز وإقامة العلاقات الاجتماعية بين المسلمين الذين يجتمعون للصلاة فيسلِّم بعضهم على بعض ويسأل بعضهم عن أحوال بعض وهكذا.
أنّه بمثابة مركز تعليمي، تتمّ فيه جلسات تعليم القرآن وأحكام الدين وتوعية الناس على شؤونهم الحياتية الشخصية والعامة.
أنّه مركز لممارسة الشعائر العبادية و الخلوة بالله و القيام بالواجبات الدينية من الصلاة و الدعاء و الزيارة و غيرها.
فقد ورد عن رسول الله الأعظم صلى الله عليه وآله: يا أبا ذر ! إنّ الله تعالى يُعطيك ما دمت جالساً في المسجد بكلِّ نفس تنفّست درجة في الجنّة، وتُصلّي عليك الملائكة، وتكتب لك بكل نفس تنفست فيه عشر حسنات، وتَمحي عنك عشر سيئات.
و عنه صلى الله عليه وآله: كلُّ جلوس في المسجد لغو إلا ثلاثة:قراءة مصلِّ، أو ذِكر الله، أو سائلٌ عن عِلْم.
تعطيل المسجد
المقصود بتعطيل المسجد هو حرفه عن مهامه وأدواره التي رسمها الشارع المقدّس له، أي تفريغ المسجد من محتواه الإيماني و الروحي ومن دوره الاجتماعي و السياسي، و جَعْلِهِ تحفة فنيّة لا دور لها ولا قيمة سوى تزيين المحيط الذي تتواجد فيه وفي هذا الإطار يوجهنا الإمام الخميني قدس سره قائلاً: "إنطلقوا إلى المساجد وإملأوها، واجعلوها القطب الأكثر أهمية في حياتكم فهذا تكليف إلهي في حد ذاته. ويعتبر حفظ المساجد والمثابرة على الحضور فيها من أشد الأمور ذات الصلة الوثيقة بالإسلام".
بيوت الله.. لا تهجروها
الى متى يا قلب هذا التقلُّب على جمر الهجران..
أما آن لك أن تؤوب إلى البيت الذي تُحبّ و تهوى..
أما آن لك أن ترجع إلى حيث تستكين الروح ويخضع العقل وتهدأ النفس..
هنا في بيت الله.. في محراب القرب، على باب من أبواب الجنّة، حيث يلفحك نسيمها..
أما آن يا قلب لقلقك أن يهدأ، ولجروحك أن تندمل..
أما آن لنداء الوَصْل أن يطرق أذُنيْك..
قم واخلع نعليك الملوّثتين بذنوب الجفاء مع بيت الله تعالى.. والى رحاب الوصل يمِّم شراع الإقبال.. وعند أعتاب المسجد تمرّغ طويلاً علَّ شغافك تعبق بشذا القبول ويتردّد في مسمعك نداء:..طوبى لعبد تطهّر في بيته ثم زارني في بيتي، ألا إنّ على المزور كرامة الزائر، ألا بشِّر المشّائين في الظلمات إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة..
* المساجد بيوت الله في الأرض، إصدار جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
2012-07-11