يتم التحميل...

مؤهلات الإمام عند أهل السنّة

الإمامة والخلافة

أهل السنّة لم يشترطوا في الإمام سوى عدّء صلاحيات، تشترط في عامة الرؤساء، وإليك نصوصهم: قال الباقلاني (م 403 هـ):يشترط : أن يكون قُرَشِيّاً من صميم. وأن يكون في العلم بمنزلة من يصلح أن يكون قاضياً من قُضاة المسلمين.

عدد الزوار: 129

أهل السنّة لم يشترطوا في الإمام سوى عدّء صلاحيات، تشترط في عامة الرؤساء، وإليك نصوصهم:

1- قال الباقلاني (م 403 هـ): "يشترط

- أن يكون قُرَشِيّاً من صميم.
- وأن يكون في العلم بمنزلة من يصلح أن يكون قاضياً من قُضاة المسلمين.
- وأن يكون ذا بصيرة بأمر الحرب، وتدبير الجيوش والسرايا، وسدّ الثغور، وحماية البيضة، وحفظ الأُمّة، والإنتقام من ظالمها، والأخذ لمظلومها"1.

2- وقال عبد القاهر البغدادي (م 429 هـ): "قال أصحابنا إنّ الّذي يصلح للإمامة ينبغي أن يكون فيه أربعة أوصاف:

أحدها: العلم. وأقل ما يكفيه منه، أن يبلغ فيه مبلغ المجتهدين في الحلال والحرام، وفي سائر الأحكام.
الثاني: العدالة والورع. وأقلّ ما يجب له من هذه الخصلة، أن يكون ممن يجوز قبول شهادته تَحَمُّلاً وأداءً.
والثالث: الإهتداء إلى وجوه السياسة وحُسْنِ التدبير، وأن يعرف مراتب الناس، فيحفظهم عليها، ولا يستعين على الأعمال الكبار، بالعُمَّال الصغار، ويكون عارفاً بتدبير الحروب.
الرابع: النَّسَب من قُرَيْش"2.

3- وقال أبو الحسن البغدادي الماوردي (م 450 هـ): "الشروط المعتبرة في الإمامة سبعة:
أحدها: العدالة على شروطها الجامعة.
الثاني: العلم المؤدّي إلى الإجتهاد في النوازل والأحكام.
الثالث: سلامة الحواس من السمع والبصر واللسان.
الرابع: سلامةُ  الأعضاء. الخامس: الرأي المُفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح. السادس: الشجاعة والنجدة. السابع: النَّسب، وهو أن يكون من قريش"3.

4- وقال ابن حزم (م 456 هـ): "يشترط فيه أمور:
1- أن يكون صلبه من قريش، 2- أن يكون بالغاً مميزاً، 3- أن يكون رجلاً، 4- أن يكون مسلماً، 5- أن يكون متقدِّماً لأمره، 6- عالماً بما يلزمه من فرائض الدين، 7- متَّقياً لله بالجملة، غير معلن الفساد في الأرض. 8- أن لا يكون مولّىً عليه"4.

5- وقال القاضي سراج الدين الأرْمَوي (م 689 هـ): "صفات الأئمة تسع:
1- أن يكون مجتهداً في أُصول الدين وفروعه، 2- أن يكون ذا رأي وتدبير، 3- أن يكون شجاعاً، 4- أن يكون عدلاً، 5- أن يكون عاقلاً، 6- أن يكون بالغاً، 7- أن يكون مُذَكَّراً، 8- أن يكون حُرّاً، 9- أن يكون قُرَشيّاً"5.

6- وقال التفتازاني (م 791 هـ): "قد ذكرنا في كتبنا الفقهية أنّه لا بدّ للأُمّة من إمام يحيي الشريعة، ويُقيم السنّة، وينتصف للمظلومين، ويستوفي الحقوق، ويضعها مواضعها، ويشترط أن يكون مكلَّفاً، مسلماً، عدلاً، حُرّاً، ذَكَراً مجتهداً، شجاعاً، ذا رأي وكفاية، سميعاً بصيراً، ناطقاً، قريشياً، فإن لم يوجد من قريش من يستجمع هذه الصفات المعتبرة، وُلِّي كِنانيّ، فإن لم يوجد فَرَجلٌ من ولد اسماعيل، فإن لم يوجد فَرَجُلٌ من العجم"6.

7- وقال الفضل بن روزبهان: "وشروط الإمام أن يكون مجتهداً في الأُصول والفروع ليقوم بأمر الدين، ذا رأي وبصارة بتدبير الحرب، وترتيب الجيوش، شجاعاً، قويَّ القلب لِيَقْوَى على الذَّبِّ عن الحوزة"7.

ويلاحظ على هذه الشروط
أَوّلاً:إنّ اختلافهم في عدد الشرائط قلّة وكثرة، ناشئ من افتقادهم النصّ الشرعي في مجال الإمامة واعتقادهم أنّ منصب الإمامة،"مع عظمته" لم تنبس فيه النبي الأكرم ببنت شفة، وإنّما الموجود عندهم نصوص كلية لا تتكفل بتعيين هذه الشروط، ولا تتكفل بتبيين صيغة الحكومة الإسلامية بعد النبي، والمصدر لهذه الشروط عندهم هو الإستحسان، والإعتبارات العُقَلائية، وملاحظة الأهداف الّتي يمارسها الإمام والخليفة بعد النبي الأكرم. وهذا مما يقضي منه العَجَب، وهو أنّ النبي كَيْفَ ترك بيان هذا الأمر المُهِمّ، شرطاً وصفةً، مع أنّه بَيَّن أبسط الأشياء وأدناها، من المكروهات والمستحبات.

وثانياً: إنّ اعتبار العدالة لا ينسجم مع ما ذهبوا إليه من أنّ الإمام لا ينخلع بفسقه وظلمه، وغيره ممّا نقلناه عنهم. كما أنّهم جعلوا القَهْرَ والإستيلاء، أحد الأُمور الّتي تنعقد بها الإمامة "كما سيأتي" وتجعل المستولي والقاهر ولي أَمر، يشمله قوله سبحانه: ﴿يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الاَْمْرِ مِنكُمْ(النساء:59). ومن المعلوم أنّ القاهر والمستولي بالحرب والنّار، لا يهمه إلاّ السلطة وإعمال القدرة، سواءٌ أَجْتَمَعَت فيه هذه الشروط أَوْ لا. أفهل يجب إطاعة مثل هذا؟ حيث أنّ وجوب طاعته لا ينسجم مع اعتبار هذه الشروط، وعدم وجوب طاعته لا ينسجم مع كون القهر والغلبة من الأُمور الّتي تنعقد بها الإمامة.

وثالثاً: إنّ التاريخ الإسلامي يشهد بأنّ الخلَفاء بعد عليّ عليه السَّلام، كانوا يفقدون أكثر هذه الصلاحيات ومع ذلك يمارسون الخلافة. فهذه صحائف تاريخهم، من لدن تَسَنُّمِ معاوية عرش الخلافة، إلى آخر خلفاء بني مروان، خضبوا وجه الأرض بدماء الأبرياء، وقتلوا الصحابة والتابعين، ونهبوا الديار والأموال، وقد بلغ جورهم وظلمهم الذروة، حتى ثارت عليهم الأُمّة، وقتلت صغيرهم وكبيرهم، فلم يبق منهم إلاّ مَنْ فرَّ إلى الأندلس. وبَعْدَهم تسلّط العباسيون، باسم حماية أهل البيت، ولكن حدث ما حدث، ولم تكن سيرتهم أَحسن حالاً من سيرة الأمويين، حتى قال القائل:يا لَيْتَ جَوْرَ بني مَرْوانَ دام لنا * ولَيْتَ عَدْلَ بني العبّاسِ في النارِ


* الإلهيات،آية الله جعفر السبحاني.مؤسسة الامام الصادق عليه السلام.ج4،ص16-19


1- التمهيد، ص 181.
2- أصول الدين، لأبي منصور البغدادي، م 429 هـ، ص 277. ط دار الكتب العلمية - بيروت.
3- الأحكام السلطانية، ص 6.
4- الفِصَل، ج 4، ص 186.
5- مطالع الأنوار، ص 470.
6- شرح المقاصد، ج 2، ص 271.
7- دلائل الصدق، ج 2، ص 4.

2009-07-23