يتم التحميل...

الموضوع: 14 توصية حول الثورة وشؤون البلاد الداخلية

نداء

المخاطب: الشعب الايراني‏

عدد الزوار: 137

التاريخ 9 اسفند 1357 هـ. ش/ 1 ربيع الثاني 1399 هـ. ق‏
المكان: طهران، منزل السيد محمود بروجردي شارع باسداران‏
المناسبة: ترك طهران والتوجه الى قم‏
المخاطب: الشعب الايراني‏

بسم الله الرحمن الرحيم‏

في هذا الوقت الذي انوي التوجه الى مدينة قم، حرم أهل البيت عليهم السلام، أرى من الضروري ان أعرب عن شكري للشعب الايراني المجيد عامة.

الحق أن الانتصار على القوى الشيطانية قد تحقق بالاستناد الى الهمة الرفيعة لهذا الشعب المظلوم، والتوكل على القدرة الإلهية الإزلية والاعتماد على ولي العصر عجل الله تعالى فرجه.
كذلك وفي الوقت الذي انوي توديع أهالي طهران وداعا ظاهريا- فروحي وقلبي ليست بعيدة عنهم وعن سائر ابناء الشعب المجيد اعرب عن عميق شكري وتقديري لابناء مدينة طهران المحترمين الذين تحملوا منذ مجيئي ولحد الآن مشقات كبيرة واظهروا عواطف نبيلة.
ان وجودي رهن عواطف جميع التيارات والفئات المحترمة، ادعو الله تعالى ان يمن عليهم بالاستقلال والحرية والاستقامة والصحة وان يرسخ لهم أسس جمهورية العدل الإسلامية.

وبهذه المناسبة أرى من الضروري الإشارة الى مايلي

أولًا: ان على الشعب الشجاع ان يعي بانه رغم انهيار هرم الاستبداد الداخلي وذاق الناس طعم الحرية، إلا ان جذور الاستعمار الامريكي والسوفيتي والبريطاني والصهيوني وسائر الناهبين لم تستأصل من هذه البلاد تماما. لذا فان على الجميع الاتحاد ومواصلة السعي دون أدنى توقف أو فتور للقضاء على النفوذ الأجنبي في البلاد بالكامل. ينبغي الالتفات الى ان الشاه السابق وضع البلاد بايدي الاجانب بصورة تجعل من الضروري العمل لسنوات طوال للقضاء على آثار ذلك، واذا اردنا تحقيق الاستقلال الحقيقي فان علينا السعي للقضاء على كافة اشكال النفوذ الامريكي سواء في المجال الاقتصادي أو العسكري أو السياسي أو الثقافي، وانني آمل ان يتمكن الشعب الايراني من تحقيق هذا الهدف الهام باسرع ما يمكن.
ثانياً: يعلم الجميع بان السبب الرئيسي الذي يقف وراء تحقق من النصر العظيم لهذا الشعب يكمن في وحدة الكلمة بين مختلف الفئات الاجتماعية من اقصى البلاد الى ادناها ووحدة الهدف الذي تلخص بالقضاء على حكومة الطاغوت وقطع دابر المستعمرين والرأسماليين الدوليين واقامة الجمهورية الإسلامية.

واليوم فاننا بامس الحاجة لحفظ وحدة الكلمة هذه ووحدة الهدف، ولينتبه شعبنا المجيد وليتحل بالحذر من بعض العناصر الساعية الى بث الفرقة تحت شعارات خداعة من أجل اعادة الاجانب الى بلاد المسلمين والعودة الى اجواء الكبت والنهب ولو بشكل آخر، والسعي لعزلهم وعدم المشاركة في اجتماعاتهم وإبطال آثار دعاياتهم السيئة عبر مواجهة بالمنطق الإسلامي.
الجميع يعلمو بان هذا النصر قد تحقق بقدرة الإسلام والمسلمين وبالتضحية بالدماء الزكية، لذا فان الانتهازيين يريدون الحصول على نتائج ذلك دون بذل اي مجهود ايجابي، وهم يتطلعون لايقاف مسيرة الشعب بالتحايل والخداع.

لذا فمن فالشعب الايراني مطالب بالوقوف بوجه هؤلاء بوعي ويقظة، ورغم ان حرية التعبير والرأي والعقيدة قد تحققت للجميع، إلا ان الشعب لن يسمح للمتآمرين باستغلال ذلك.
ثالثاً: على عمال المصانع وسائر العمال والموظفين والفئات الاجتماعية المستضعفة ان يعلموا بان الإسلام ومنذ بدء ظهوره وقف الى جانبهم وانهم لم ولن يتعرضوا الى الاجحاف، وعليهم ان يعلموا بان اولئك المندسين بينهم استجابة لاوامر او رغبات ومصالح الاجانب والعاكفين على نشر الاكاذيب، انما يهدفون الى عزلهم عن الإسلام وانهم هم انفسهم كانوا- تبعا لاسيادهم الخدم في بلاط محمد رضا بهلوي- خداما للاجانب بوعي أو دون وعي.

لذا فان على العمال ان لا يسمحوا لتلك العناصر المفسدة بالاندساس بينهم او دخول مصانعهم او حضور اجتماعاتهم. لقد اوصيت الحكومة واكدت عليها بالمبادرة الى توزيع الماء والطاقة الكهربائية وبعض الأمور الأخرى بشكل مجاني للفئات الفقيرة التي عانت من الحرمان نتيجة سياسات التفرقة المدمرة التي انتهجها النظام الملكي السابق، ونأمل بالتخلص منها بعد قيام الحكومة الإسلامية. وانني اؤكد بان الحكومة ستقوم بذلك.

رابعاً: ان قوى الجيش والشرطة والجندرمة هي الآن في خدمة الإسلام ومن الشعب، وعلى الشعب ان يدعمها وان لا يقوم باي عمل يؤدي الى اشعارهم بالأذى او الفتور. وعلى عناصر قوى الأمن الداخلي ان يعلموا بانهم سيكونون في كنف الاسلام وحكومة العدل بعد تطهير تلك الاجهزة من العناصر الفاسدة وانهم سينعمون بالاحترام وبحياة كريمة.
اننا جميعا نعلم بان اندحار العدو كان مرهونا بالتحاق اجنحة من تلك القوات وسائر العناصر الحكومية بالشعب، لذا لا ينبغي لكم ان تشعروا بالانكسار بل يجب أن تستبشروا بالنصر لانكم من الشعب وكان لكم نصيب في انتصاره ونحن نحترمكم ونعتبركم اخوة لنا.

انني احذر الشعب الايراني بان الحكومة يجب ان يكون لها جيش وطني قوي يتحلى بروحية مقتدرة كي يتمكن من المحافظة على البلاد، لذا فان على ابناء الشعب ان يسعوا لتقوية روحية الجيش وضباطه، وعلى الخطباء والوعاظ المحترمين ان يساهموا في ذلك، وينبغي عدم مهاجمة المعسكرات الخاصة بقوى الامن في جميع انحاء البلاد، فالهجوم على تلك المعسكرات يعتبر اليوم نوعاً من المعارضة للثورة الاسلامية وهو ما يجب الحذر منه.

كذلك على لجان الثورة الإسلامية في المدن المختلفة الوقوف خلف القيادات التي يتم تعيينها من قبل مقر القيادة العام للجيش الوطني الإسلامي ومن قبل رؤوساء سائر القوى الأمنية التابعة للحكومة.
خامساً: على جميع لجان الثورة الاسلامية في مختلف المدن القيام بتسليم انشطتها الى قوى الحكومة بمجرد سيطرة الأخيرة على الاوضاع والامتناع عن التدخل في شؤونها. ولا يفوتني هنا الأعراب عن الشكر لجميع تلك اللجان على ما بذلته من مساعي خلال هذه الفترة من عمر الثورة، فبهمتكم أنتم تمت السيطرة على الاضطرابات.
سادساً: انني آمر جميع اعضاء لجان الثورة ومسؤولي السجون بان يتعاملوا مع السجناء اياً كانوا باسلوب انساني واسلامي وان يتفادو تعريضهم للأذى او المضايقات أو التعامل معهم بخشونة في القول او الفعل، ففي الإسلام وحكومة العدل الاسلامي تعتبر مثل تلك الأمور ممنوعة ومدانة، لذا عليهم ان يلتزموا بالسماح لاقارب السجناء بزيارة سجنائهم في الايام المقررة طبقا للضوابط القانونية.
سابعاً: لقد قلت مرارا وأكرر القول الآن: لا يحق لأحد مداهمة منازل الناس أو دخولها، واذا علم البعض بان احد المجرمين اختبأ في منزل فليراقبوا ذلك المنزل مخافة فرار المجرم وليبلغوا المسؤولين كي يقوموا باعتقاله طبقا للضوابط.
على المحبين للثورة اجتناب مثل هذه الممارسات وعلى الجميع العمل طبقا للموازين الشرعية.
ثامناً: ان طول فترة الاضرابات أدى الى ظهور ازمات مما يتطلب الآن دعم الطبقة الفقيرة وذلك عبر الامتناع عن البيع المجحف في المواد الأساسية التي يحتاجها العامة والمبادرة لبيعها باسعار مناسبة وهذا عمل انساني واسلامي اتوقعه من الجميع، داعيا الله تعالى ان يبارك لاولئك المنصفين ويرحمهم.
تاسعاً: اوصيت كرارا ومرارا بالعلماء الاعلام وائمة الجماعة المحترمين والخطباء الأعزاء وسائر خدام الشريعة المطهرة، فليعلم الشعب المجيد بانه اذا اخل بمكانة هؤلاء لا سمح الله وهم حماة الاسلام والقرآن، فان الاجانب الناهبين سيحققون مآربهم وسيفلت الزمام من ايدينا.
ان الوعي الذي تتمتع به هذه الشريحة المحترمة هو الذي أشعل الحماس والروحية الإسلامية لدى الشعب، فلا يجب نسيان ما قدمته هذه الشريحة من خدمات، واليوم ايضا عاد الهدوء في جميع مناطق البلاد بمساعدة هذه الشريحة.

انني اوصي بعدم التعرض لاي احد حتى لأولئك الذين وجههوا اهانة لي، انني اطالب علماء الدين بالتعاون مع اخوانهم لتعزيز مباني الجهاد والتعامل معهم برأفة وعطف.
أنني اعفو عن جميع من هتكوا غيبتي او وجهوا اهانة لي، واسأل الله تعالى العفو لهم جميعا. كما اهيب بالسادة دعوة بعض ائمة الجماعة الذين سمعنا انهم لم يعودوا لممارسة دورهم في صلاة
الجماعة، اهيب بالسادة دعوتهم الى المساجد والتعامل معهم بمنتهى الاحترام، وطبيعي ان التعامل مع اولئك الذين ثبت انهم كانوا في خدمة النظام الجائر يختلف.
عاشراً: تنشر مقالات مناوئة لخط الثورة الاسلامية في بعض المطبوعات التي تطرح نفسها بعد الثورة الإسلامية على انها في خدمة هذه الثورة، وهذا يثير سخط الشعب وقد طلبت مراراً مواجهة هذا الامر. وانني اعرب عن اسفي لذلك، وانصح هؤلاء وجميع وسائل الاعلام وأقول: ان التضحية والفداء الساميين اللذين مارسهما هذا الشعب بالاستناد الى الاسلام وقوة الايمان بالله تعالى، هما اللذان حرركم من أسركم ومما تعرضتم له من نكبة على مدى خمسة عقود، فليس من المناسب ان تتصرفوا خلافا لارادة هذا الشعب المظلوم وخلافا لاهداف الثورة الاسلامية وتبثوا السموم التي لا تنفع إلا الاجانب وعملائهم.
أكرر نصيحتي وأقول: انني أرى ان مصلحة وسائل الاعلام تكمن في عدم الوقوع تحت تأثيرات اليمين أو اليسار أو الشرق أو الغرب، وبالالتزام بمسار الثورة الاسلامية.
ينبغي ان تعلموا انتم أكثر من غيركم، بان الشعب قد نهض لإزالة غبار الثقافات الاستعمارية عن نفسه، لذا فان علينا ان نقضي على العقائد الاستعمارية ايا كان شكلها في مهدها وان لا نفرق بين الناس وايمانهم الذي تمكن من تركيع القوى العظمى.

آمل ان تستمعوا الى هذه النصيحة من رجل أدرك معنى الألم. كما انني اوجه هذه النصيحة الى الشبان والفئات التي تسعى في هذا الوقت الحساس الى بث الفرقة، فانا أخشى ان تؤدي هذه الفرقة لالحاق الضرر بهذا الشعب المظلوم، انني أخشى مصير الكبت والأسر المظلم. انني اشعر بالأسف من تلك الميول نحو الغرب او الشرق.
يا ابنائي! عودوا الى أحضان الإسلام، وانهلوا من ثقافة الإسلام الغنية ولا تنخدعوا بادعاءات اولئك الذين لا يهدفون سوى مص دماء الشعوب المستضعفة، ولا تحيدوا عن مسار الثورة الاسلامية فخيركم وخير الشعب في ذلك.
أحد عشر: سيتم عن قريب، بإذن الله تعالى، اجراء استفتاء حول شكل الحكومة المقبلة، ولا يفوتني هنا التذكير باني سأعطي رأيي للجمهورية الإسلامية التي اطلق الشعب الايراني المجيد صرخاته لدعمها.

انني اتوقع من الشعب المجيد ان يدلي بصوته لصالح الجمهورية الإسلامية لان في ذلك فقط تتحقق اهداف الثورة الاسلامية، اما المعارضون لذلك فهم احرار في التعبير عن معارضتهم، وعلى العلماء الاعلام في المدن والقرى والقصبات وسائر ابناء الشعب ان لا يسمحوا بسلب احد حريته في هذا الاختيار وان يحرصوا على ان يتم التصويت بحرية تامة.
اثنا عشر: يجب البت سريعا في مصير الجناة المرتبطين بالنظام الفاسد، وان تجري محاكمتهم علنا في محاكم ثورية استثنائية لايقاع العقاب المناسب بهم، وكي يطلع الناس المظلومون على ما جنت ايدي هؤلاء، ويشعرون بعد ذلك بان الافراد الذين عرضوهم خلال عهد الاستبداد المظلم للأذى والظلم سيلقون أخيرا جزائهم المناسب.

ثلاثة عشر: على جميع الادارات بدءً من رئاسة الوزراء وحتى اصغر ادارة في البلاد، تحاشي الاسراف والمبالغة في المراسم والروتين والقيام بانجاز معاملات الناس بأسرع ما يمكن. وطبيعي فان على ابناء الشعب الشرفاء ان يعلموا بان الوزارات والادارات في الجمهورية الإسلامية يجب ان تتغير جذريا لاخراجها من الشكل الغربي والشاهنشاهي وتحويلها الى دوائر انسانية واسلامية.
أربعة عشر: أعرب وبمنتهى التواضع عن شكري العميق لجميع من أبرق أو أرسل رسالة تفقدية منذ مجيئي الى هنا ولحد الآن، واعتذر عن عدم تمكني من الرد عليها جميعا لكثرة ما وردنا من رسائل وبرقيات ونتيجة انشغالي الشديد وضيق الوقت.
انني في خدمة الجميع واطلب العفو من الجميع، واسأل الله تعالى ان يمنَّ على الإسلام والشعب المسلم بالعزة والشوكة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

روح الله الموسوي الخميني‏


* صحيفة الإمام، ج‏6، ص: 210

2011-04-30