الموضوع: الإسلام وتحديث إيران، نفي المصالحة مع النظام
مقابلة
المحاور: مراسل صحيفة اونيتا التابعة لمنظمة الحزب الشيوعي الإيطالي
عدد الزوار: 84
التاريخ 23 آذر 1357 هـ. ش./ 13 محرم 1399 هـ. ق.
المكان: باريس، نوفل لوشاتو
المحاور: مراسل صحيفة اونيتا التابعة لمنظمة الحزب الشيوعي الإيطالي
السؤال: دولتنا ايطالية تتابع بعناية فائقة الأحداث الإيرانية ومساعي الشعب الإيراني للتخلص من الأسرة البهلوية الديكتاتورية الحاكمة. وفي الوقت نفسه يشير كلام بعض الصحف إلى تخلف الحكومة الإسلامية خطوة واحدة عن الشاه فيما يتعلق بتحديث إيران، فما رأيكم في هذا الموضوع؟
الجواب: كما تعلمون أنتم فإن الأسرة البهلوية أي الشاه ووالده يحكمون إيران بالديكتاتورية منذ أكثر من خمسين عاماً، لم يتوانوا خلالها عن الإجرام على الشعب الإيراني، وذلك بمساعدة القوى الاستعمارية. فقد وضعوا احتياطات الدولة والنفط خاصة تحت تصرف الأجانب، واسكتوا بحربة البندقية كل صرخة تحررية مخالفة للديكتاتورية. وفي هذه الخمسين عاماً تم القيام بإبادات جماعية متكررة بيد هذه السلالة.
الحرية بكل ما تحمله من معنى سلبها من الشعب. والشعب لم يكن له حق الانتخاب إطلاقاً، فقد قتل المفكرون والكتاب أو أنهم في السجن أو أنهم ممنوعون عن التكلم والكتابة. لقد منعوا الصحف من كتابة الحقائق وباختصار: لقد دمروا البنى الأساسية والديمقراطية، حتى إن الشاه وأعوانه في السنة الأخيرة اعترفوا بكل هذه الحقائق المرة.
وأنا أسأل الآن ما هو المفهوم الذي يمكن أن يعبر عن تحديث الدولة مع هذه الأمة المظلومة، هذا الظلم تحت السلطة المتعجرفة إلى هذا الحد؟ هل سينهبون ذهبنا الأسود بمليارات الدولارات التي يدفعونها لنا أسلحة تكدس في بلادنا، أهذا ما يعنيه تحديث الدولة؟ إن تشييد المعامل الصناعية التجميعية برؤوس الأموال الأجنبية، ورؤوس أموال التابعين لهم في الداخل ومن جملتهم الشاه يجر الدولة جرّاً سافر الى أن تكون مستعمرة بكل معنى الكلمة، ويدفع العمال الإيرانيين للعمل لهؤلاء الأجانب بأجور ضئيلة، وذلك تحت عنوان تحديث الدولة؟
لقد دمروا الزراعة وعوضاً من القمح والرز ومختلف المواد الغذائية أصبحوا يستوردون من الخارج أكثر من 90% من الإستهلاك الداخلي. أهذا ما يعنيه تحديث الدولة؟ لقد ملئوا السجون من مثقفينا من الطلاب والدكاترة والمهندسين وذوي الخبرة والمتنورين، ويستوردون الدكاترة والمهندسين من الخارج، أهؤلاء الذين ينتهجون نهج الشاه والصحف التي يغدق عليها الأموال، يمثلون تحديث الدولة؟ وكلامنا نحن المطالبين بالحكومة الإسلامية التي ستنتهي في ظلها جميع الجرائم والخيانات يعني التخلف خطوة واحدة؟ لا إن هذا انهاء ل- 2500 سنة من الملكية الرجعية المتعفنه.
السؤال- هل لكم اتصال مع الحركات التحررية في مختلف الدول العربية التي يناضل كل منها على وفق نهج خاص وفي أحوال خاصة ابتغاء الاستقلال- مثل الشعب الفلسطيني- الحكم الذاتي، الحرية السياسية، الاقتصادية والفكرية؟
الجواب: لا الحركة الإسلامية المقدسة الموجودة في إيران لا علاقة تنظيمية لها بفئة خارج البلاد، لكن الشعب الإيراني ينصر دائماً نضال كل الأحرار والأخوة الفلسطينيين خاصة على اسرائيل المعتدية، ونحن قبل خمسة عشر عاماً أيدنا حركتهم أيدنا في البيانات والخطابات، ونهضنا لمساعدتهم قدر المستطاع، فنتمنى منهم ومن جميع أحرار عالم اليوم أن يدعموا نضال الشعب الإيراني المشروع، ونأمل أن يؤدوا هذا العمل أكبر أداء وأسرعه.
السؤال- في مناهضة لشاه، القوى الدينية هي عامل اتحاد الطبقات وفئات القوى السياسية المختلفة، ما رأيكم في مشاركة المناضلين المتحد والشعبية في الحركة الثورية برغم قولهم: ان بعضهم ماركسيون، وأحياناً لا يظهرون ذلك؟
الجواب: نعم، لقد حاز الإسلام اليوم اهتمام المسلمين في العالم عامة وشعب إيران المسلم خاصة لكونه مذهباً سامياً يستطيع قضاء حاجات الناس جميعاً وحل مشاكلهم. وأكثر من 95% من الشعب الإيراني هم مسلمون وراغبون في إقامة الحكومة الإسلامية وتنفيذ القوانين الإسلامية السامية. وجميع الفئات في أرجاء الدولة هم صوت واحد وفي خندق واحد بالنسبة لهذه المطالب. واذا ما كان هناك جماعات وعددها ضئيل جداً أيضاً شعارها غير الإسلام أو تعاديه، فهي إما عملاء للنظام الإيراني أو متلقون للاوامر من القوى الخارجية، أو جهلة بالإسلام تأثروا بما سمعوه عنه من أباطيل مضللة، فمالوا الى المذاهب الأخرى. ونحن نعتقد بأن هذه الجماعات ستعود الى الإسلام عند تطبيقه.
السؤال- تتحدث اليوم أكثر الصحف في ايطاليا وفرنسا بخطر الحرب الداخلية وهم يتصورون أن الحل الوحيد للمصالحة هو انتخابات مجلس دستوري، العودة إلى الرأي العام، الذي يدعوا إلى التفاؤل حتى يتم التمكن من منع الصدام بين الجماهير المؤيدة لكم والجيش. فهل حقاً الفجوة بين الجيش والشعب كبيرة؟ والكلام هنا ليس على القيادات العليا للجيش التي هي في خدمة الشاه؟
الجواب: أولًا مصالحة الشاه تعني مصالحة ظالم وخائن. وهذه المصالحة هي الخيانة الكبرى عينها التي لا ترد في معجم الإسلام والمسلم الحقيقي ابداً. وثانياً: واجهت مصالحة السياسيين في حكم هذه السلالة تجارب مرة في الماضي. والشعب الإيراني استيقظ اليوم، ولن ينخدع أبداً.
وتلك المجموعة من الصحف التي تتكلم على الحرب الداخلية يجب أن يعلموا أن الشاه قام بكثير من هذه الدعايات سابقاً لاحباط انتفاضة الشعب الإيراني، وكان يخوف الشعب دائماً من تقسيم إيران الى أقاليم. وهذا التهديد هو وهمي تماماً، والشعب لن ينخدع به. أما بالنسبة للجيش، فإن الشاه يعلم بأنه لا يستطيع أن يتفاءل بهذا الجيش. فهذه الأيام تصل أخبار من ايران عن تمرد العسكر. الجنود يهربون من الثكنات، والضباط الشباب يعصون أوأمر قاداتهم. فالجند أكثرهم مسلمون ما عدا مجموعة قليلة من التابعين والموالين للشاه، وسوف يلتحق هؤلاء بالشعب عاجلًا أم آجلًا، وبذلك لن يكون الشاه قادراً على الاستمرار بحكومته.
السؤال- جميع المراقبين يؤيدون أن المظاهرات الحاشدة يومي الأحد والاثنين الماضيين كانت تعبيراً عن تضامن الرأي العام ضد الشاه وتأييده للحكومة الإسلامية. واعترفوا بالنضوج العظيم للشعب الإيراني الذي يصغي لكلامكم، ولكن السلطة والقوة ما تزال مستمرة. لأن الشاه لا ينوي ترك السلطة، فبأي صيغة أخرى يمكن أن يستمر النضال الشعبي للشاه؟
الجواب: حطم الشعب المكافح القاعدة الزائفة لسلطة الشاه التي أحدثها بنفسه، استند اليها، ولهذا السبب لن يستطيع استدامة حكمه.
وكان هذا الشاه نفسه قد صرح عندما كشف عن حزبه الفاسد بأن من لا يعطينا صوته مكانه السجن، أو يُقصى من البلاد. واليوم تشاهدون كيف أجبر الشعب الإيراني الشاه على الاعتراف بفضيحة الهزيمة العلنية لحزبه الفاسد. وكان هذا الشاه يؤمن بأن السجناء السياسيين يجب أن يبيدوا ويموتوا في السجن، وراينا أن ضغط الشعب أجبره على اطلاق سراح عدد منهم. هذا فضلًا عن عشرات الهزائم الأخرى التي أنزلها به الشعب. وبمساعدة الله- تعالى- فسوف تتم تنحيته عن الحكم إلى الأبد. ولهذا يمارس جميع الأساليب المتاحة له. فإذا لم يتنح الشاه بهذا الأسلوب السلمي، فسيدفع هو وحماته ثمناً باهظاً.
السؤال- هل لديكم اطلاع على لجنة التقصي التي أعلنها الرئيس كارتر. هل تستطيع دولتكم الإسلامية قطع علاقتها مع القوى التي استعمرتها اقتصادياً أو الذين وضعوا إيران ومصالحها تحت سيطرتهم سياسياً؟ وهل تنبأ تم بحوار ثنائي متعادل تعادلًا تاما مع الولايات المتحدة؟
الجواب: طالما أن الشاه على رأس السلطة ولم يتنح عنها، فنحن لن نقبل أي حوار. وفي الوقت الذي تصل فيه حكومة إسلامية مستقلة إلى السلطة نحن مستعدون لمحاورة كل دولة في مختلف المجالات.
*صحيفة الإمام، ج5، ص: 160