يتم التحميل...

الموضوع: الثورة الإيرانية إسلامية مائة بالمائة، تأسيس إسرائيل هو الفاجعة المؤلمة

مقابلة

المحاور: مراسل وكالة الإنباء الفلسطينية (وفا)

عدد الزوار: 85

التاريخ 24 آذر 1357 هـ.  ش/ 14 محرم 1399 هـ.  ق‏
المكان: باريس، نوفل لوشاتو
المحاور: مراسل وكالة الإنباء الفلسطينية (وفا)

السؤال: مولانا الإمام، بلا ريب ان حياتكم الطويلة المليئة بالتجارب المختلفة والتحولات المتنوعة السبب لموقفكم الصلب من القضايا وبيان مطالبكم وآرائكم بياناً واضحاً كل الوضوح. إضافة الى أن الملايين من الشعب الإيراني يناضلون بقيادتكم، نرجو أن تبينوا أهم المراحل التاريخية لهذه التجارب وآثارها التي تبلورت في خطكم الكفاحي اليوم‏.
الجواب:
قبل أن أوضح تجارب العهد الذي شهدته، يجب أن أوضح نقطة مهمة، وهي أن الثورة الحالية للشعب الإيراني كما قلت سابقاً في عدة مناسبات أنها ثورة إسلامية مائة في المائة وتستلهم أهدافها وأساليبها من الإسلام.
إذا كان الشعب الإيراني اليوم لايهادن الشاه، لأنه ظالم ومجرم، فإن سببه أن الإسلام (لا يجيز) حكم الظالم (للناس). إن الشعب الإيراني يعارض النظام الشاهنشاهي، لأنه نظام مفروض عليه بالقوة، ولم يستند أبداً إلى صوت الشعب، ولهذا فإن شكله الأساسي يتعارض مع ما يريده أبناء الشعب، وهو لا يرى نفسه ملزماً بتحقيق اهداف أبناء الشعب ورغباته. والحكومة التابعة لهذا النظام، انما هي حكومة مستبدة، والإسلام يحرم على الناس طاعة مثل هذه الحكومة، ومناضلة الحكومة والنضال ضد الحكومة الظالمة واجب.
وهذا النضال إنما إعلان انكار للظلم، وهو أدنى درجات النهي عن المنكر، وسيستمر طالما بقي قتال العدو وحزبه، حتى يزول الظلم والعدوان، و تستقر حكومة العدل الإسلامية. وإذا كان الشعب الإيراني يناضل سلطة الاجانب، فإنه يستمد أوامره من الإسلام، لأن الشعب المسلم لا يحق له أن يشرك غير المسلمين في شؤونه، لئلا يتسلطوا على تقرير مصيره. ومن الواجب الإسلامي محاربة هذه السلطة حتى حصول المجتمع على استقلاله. ومن تجاربي أننا رأينا رضا خان الذي لم يكن يملك أية لياقة للحكومة قد تسلط على الشعب الإيراني بقوة الأجانب وعلى خلاف رغبة الشعب فيه، وكان وصول رضا خان إلى سدة الحكم بمثابة انتهاكاً لثلاثة أصول إسلامية.
الأول: شرط العدالة في الحاكم الإسلامي.
والثاني: حرية المسلمين في انتخاب الحاكم وتقريراً لمصيرهم.
والثالث: حفظ استقلال البلاد من تدخل الأجانب فيه وسيطرتهم على مقدرات المسلمين، ولو حدث اقدام على إحياء الأصول الإسلامية الثلاثة في ذلك الوقت، لما وصلنا لهذه الحالة. ورأيت حجم الجرائم التي ارتكبها رضا خان في الدولة المسلمة والشعب الإيراني المسلم وبعد سقوطه تولى ابنه محمد رضا خان مقاليد الحكم، وعمل خلاف الأصول الثلاثة السالفة الذكر. ولم تكن له أية سلطة في ذلك الوقت، ورضخ لطائفة من مطالب الشعب التي لم يعتن بها أبوه، وبعد أن تمت له‏ السيطرة ارتكب جرائم لم تقل في حجمها عن جرائم أبيه وفي ال- 25 عاماً التي ضعف فيها الشاه وهرب، ولو انتبه المعارضون في ذلك الوقت على هذه الأصول الإسلامية الثلاثة، لقضوا على الشاه مرة واحدة، ولما وصل ما وصل إليه.
ورأيتم أن الشاه سيطر بعد ذلك، وفي هذه ال- 25 عاماً الخمسة عشر الأخيرة منها خاصة ارتكب جرائم بيضت وجوه المغول وأتباع جنكيز، ويعجز الكلام عن توضيح أبعاد جرائمه. ومن هذا المنطلق في هذه المرحلة الحساسة قرر الشعب الإيراني أن يعتمد على الإسلام، وأن يستلهم من اصوله التقدمية، ليتقدم في ثورته وبناء مجتمعهم على أساس القواعد والشرائع الإسلامية، ولن يقبلوا بأي نوع من المصالحة وأنصاف الحلول وأمثال هذه التخيلات.

السؤال- في عام 1948 م تم احتلال فلسطين بالتعاون مع الدول الاستعمارية الكبرى وتحقق الحلم الصهيوني. ما هو التأثير الذي خلقته هذه المصيبة في الشعب الإيراني في ذلك الوقت؟ وما هو رد فعله؟
الجواب:
الحقيقة يجب أن نقول: إن احتلال فلسطين بيد إسرائيل بتعاون مع الدول الاستعمارية الكبرى كان مصيبة لكل المسلمين، ولمسلمي ايران ايضاً، كان فاجعة مؤلمة جداً ويجب القول: إن المعتدي الأساسي في هذه الكارثة هو الدول الاستعمارية نفسها في ذلك الوقت الذي خططت لهذه المؤامرة بالمسلمين في هذه المنطقة، وقد عانت الدول الإسلامية ويلات كثيرة من جراء الدول العظمى، وهذه واحدة من المصائب الكبرى، ولكنها بيد الصهاينة.
الشعب الإيراني- لا الشاه ولا حكومته- بشعوره الإسلامي العميق أحس أنّ ضياع فلسطين هو ضياع جزء من جسده. ولهذا السبب كان دائماً وبرغم تعاون الشاه مع الدول العميلة لاسرائيل قدم أسمى أحاسيسه الطاهرة للمناضلين الفلسطينيين. وقد عارضت في أكثر من خمسة عشر عاماً تعاون الشاه وحكومته مع إسرائيل. وما أكثر الإيرانيين الذين تعرضوا للسجن والتعذيب من رجال دين وغيرهم لاحتجاجهم على الاعتداءات الإسرائيلية. وقد دافعنا قدر الإمكان عن فلسطين لأن ذلك واجب إسلامي، وإن شاء الله سنعمل بهذا التكليف الإلهي دائماً إلى جانب المسلمين كافة.

السؤال- يجب العلم أن تجربة مصدق أثبت للجميع أنه يجب تقصي أسباب الهزيمة وفي النتيجة أظهرت للأحزاب السياسية المختلطة أنه يجب تغيير أسلوب المقاومة، نرجو أن توضحوا النتائج التي استفدتموها من هذه التجربة، وكلك التجارب التي تعينكم على بعث الثقة وايجاد علاقة قوية مع الشعب.
الجواب:
أنا أعارض دائماً أساليب المصالحة، لا يمكن أن يحكم الملك، ويجب ألا يحكم.
السؤال- كما تعلمون أن الثورة الفلسطينية بدأت في أوائل شباط 1965 م وبعد هزيمة 1967 م وأزدادت قوتها، واتسعت مساحة عملها، هل تصل أخبارها إلى الشعب الإيراني؟ وبأي طريقة؟
الجواب:
نعم تصل الأخبار، بالطريقة التي تصل بها إلى كل الدول- وبالتأكيد يعمل النظام الإيراني على نقل أخبار الحرب بين المسلمين والكفار بما ينفع الكفار على الدوام، ويظهر العرب دائما أنهم مجموعة من الناس لا يفهمون المسائل بشكل صحيح.
إن النظام واحد من أكبر المساندين لإسرائيل، لقد كانت إذاعة إيران ووسائل الاتصال العامة سواء الموجهة من قبل النظام أو الخاضعة لضغطه تعمل لمصلحة إسرائيل، وهنا عارضنا كل البرامج منذ البداية وما زلنا حتى الآن.

السؤال- في عقد الستينات 1960 أعلن الشاه قيام ما يسمى الثورة البيضاء لاستصلاح الأراضي والتحولات الاجتماعية. نرجو أن تبينوا هذه المسرحية، فمن وسائل الإعلام هذه الأيام مثل جي باري ماج تدعي أن سبباً من أسباب ثورة رجال الدين حسدهم للشاه وحقدهم عليه لأنه صادر عليهم أراضيهم وتنفيذه مبادى‏ء الثورة البيضاء ايضاً.
الجواب-
إن الشاه بعد سنوات من التفكير والتشاور مع أعوانه الأجانب أعد مخططاً يمكنه هو وأعوانه من أن يستغلوا إيران لمصلحتهم، ويقوّض بفكره الساذج كل من أشكال الثورة الداخلية عليه. ولتسويغ برامجه غير الوطنية هذه زج قضية استصلاح الأراضي على أمل أن يخدع بها الفلاحين الإيرانيين الفقراء بحجة أنهم أصبحوا مالكين للأرض، ليجندهم بذلك في مواجهة معارضيه.
واستصلاح الأراضي ذروة القصة المخزية التي أعدها الشاه لشعب إيران ولكن قضية حرية النساء أضافت لهذه الذروة معنى الثورة وكل الأمور تتم تحت عنوان الثورة البيضاء، وكل منها قد أدى دوراً خاصاً في هذا العرض البالي، لكن ماذا كانت النتيجة؟
النتيجة هي أن الفلاح الإيراني الفقير المحروم الذي يعيش تحت رحمة كبار المالكين أولئك الذين هم من طينة الشاه وأعوانه ازداد فقراً يوماً بعد يوم حتى دار في المدن بحثاً عن لقمة العيش. واستغل الشاه سوق العمل الرخيصة هذه فوراً، وفتح المجال للمستثمرين الأجانب والمحليين في المؤسسات الصناعية، بحجة تصنيع البلاد، فرأينا أولئك المالكين الكبار الذين هم من أتباع النظام وعملائه أصحاب مصانع كبار.
أمس كان الفلاح الإيراني يجلد وتسلب أمواله إذا ارتكب أصغر الأخطاء في قانون الإقطاعيين الظلمة. وإذ أصبحوا اليوم عمالًا راحوا يتلقون أجورهم تحت ضغط اصحاب المصانع الذين يعينهم مرتزقة النظام بالرصاص. وفي القرى ذات الأراضي الجيدة نسبياً التي رفض القرويون فيها الهجرة عنها شردوهم منها وأصبحت هذه الأراضي الجيدة في خدمة البلاط وعملائه. وما عرض الشاه الإصلاح الزراعي على الشعب الإيراني، بل كانت أمريكا والدول الاستعمارية هي التي اقدمت عليه. وكانت نتيجة الإصلاح الزراعي الذي قدمه الشاه هي أن تسعين بالمائة من مواد إيران الغذائية تؤمن اليوم من الخارج ولا سيما من أمريكا.
ولا تنتهي نتائج إصلاح الشاه المدمّر هنا، فقد قال مرتزقته: إن علماء الدين ثاروا على الشاه، لأن الإصلاح الزراعي أخرج الأراضي من أيديهم، أية أراض؟ ومن مِن علماء الدين كان من مالكي الأراضي الإيرانيين؟ هل حياة علماء الدين التي لا تتجاوز حدود حياة عامة الشعب بحاجة إلى امتلاك الأراضي؟ لقد أصبحت كل أكاذيب الشاه وأعوانه واضحة للشعب الإيراني، وإن حدود خيانة الشاه في القضايا الاقتصادية لا تنتهي عند هذه الأحداث. فالشاه يتحدث بحرية النساء حرية أي امرأة؟

إن النساء البارزات في إيران اللواتي يطالبن بحقوقهن الإنسانية، ويشكلن أكثرية النساء الإيرانيات يثرن اليوم على الشاه، ويردن تحطيمه وجميعهن اليوم يعلمن أن حرية المرأة في منطق الشاه إنما تعني تحطيم مكانة المرأة الإنسانية والتعامل معها كأداة. إن الحرية في منطق الشاه تعني مل‏ء السجون من النساء الإيرانيات اللواتي لا يرضخن الانحطاطات الأخلاقية الشاهنشاهية.
السؤال- يلاحظ هذه الأيام أن أحد الشعارات التي يرددها الناس في شوارع المدن الإيرانية وكذلك أنتم هو أن الذين يسعون للتسوية خونة، نطلب أن توضحوا فحوى هذا الشعار وتبعات تلك التسوية.
الجواب:
إن التسوية مع الشاه تعني التسوية مع الظالم والخائن، ومن الواضح أن التسوية مع هذا المخلوق هي خيانة للشعب الإيراني وللإسلام. ولماذا لا نقبل الحلول الوسطية وقد بينت علة رفضنا الحلول الوسطية سابقاً.
السؤال- هل يمكن أن تخبرونا عن طبيعة العلاقات بينكم وبين الفلسطينيين؟ والمعروف أن بين الشاه وإسرائيل علاقات جلية في المجالات المختلفة، فهو يزودها بالنفط مساعدة. نطلب أن توضحوا علاقاتكم بإسرائيل بعد تحرر إيران‏.
الجواب:
كما أشرت في السابق نحن دائماً حسب إمكاناتنا وقدراتنا ندعم الأخوة الفلسطينيين لإنهاء الإعتداء الإسرائيلي وتحرير الأراضي الإسلامية من يد إسرائيل المغتصبة، ولن نقدم أقل مساعدة لإسرائيل إطلاقاً.
السؤال- هل يمكن أن تعطونا لمحة عامة عن الجمهورية الإسلامية وطبيعة علاقاتها بالدولتين الكبريين؟.
الجواب:
إن الجمهورية الإسلامية تعني أن تشكل الأحكام الإسلامية دستور البلاد، والحكومة الإسلامية جمهورية معتمدة على أصوات العامة وعلاقاتها بجميع الدول قائمة على مبدأ الاحترام المتبادل، فلا نظلمها، ولا نسمح لها بظلمنا.


* صحيفة الإمام، ج‏5، ص: 163
 

2011-03-25