الموضوع: خصائص الجمهورية الإسلامية
مقابلة
مجري اللقاء: مراسل صحيفة (تمبو) الأندونيسية
عدد الزوار: 109
التاريخ 23 دي 1357هـ. ش./ 41 صفر 1399 هـ. ق.
المكان: باريس، نوفل لوشاتو
مجري اللقاء: مراسل صحيفة (تمبو) الأندونيسية
سؤال: اندونيسيا هي اكبر دولة إسلامية فسكانها 135 مليون نسمة، وثمانون بالمائة منهم مسلمون ولذلك تحظى الجمهورية الإسلامية التي تتطلع اليها باهتمام اندونيسيا، فما هو شكل هذه الجمهورية؟ وما موقع غير المسلمين والذين لا يؤمنون بالله في هذه الجمهورية؟
جواب: ماهو مهم هو الضوابط التي يجب أن تسيطر في هذه الدولة، وأهمها أولًا أن تكون مستندة الى اصوات الشعب استناداً يشارك فيه جميعهم في انتخاب أحد او جماعة يجب أن يتولون زمام الأمور في البلاد. وثانياً فيما يتعلق بهؤلاء المنتخبين ايضاً ان تتم مراعاة جميع القواعد والموازين الإسلامية في الاستراتيجية السياسية والاقتصادية وبقية الشؤون الاجتماعية.
وفي هذه الدولة يجب على المسؤولين حتماً أن يستشيروا ممثلي الشعب دائماً في كل القرارات، واذا لم يوافق النواب، فلا يمكن لهم ان يتخذوا تلك القرارات وحدهم، وكذلك فإن الذين ينتخبون في الجمهورية الإسلامية مسؤولين ونواباً يجب ان تتوافر فيهم شروط اذا تمت مراعاتها يكونون ممثلين حقيقيين للشعب لا نواباً وممثلين عن طبقة خاصة يعملون على مصلحة أغلبية الشعب، إن الاصول المسلم بها في الدين الإسلامي، وتم تبينها في القرآن الكريم والسنة الشريفة هي التي تشكل الخطوط العريضة لدستور هذه الدولة.
سؤال: ماهي أسسكم الاقتصادية في النظام الإسلامي؟ على سبيل المثال هل سيُلغى الربا في قطاع المصارف؟ وكيف ترون حق الملكية فيما يتعلق بالاصلاحات الزراعية؟
جواب: الربا في الإسلام حرام، ويجب ان لا يدخل في الاقتصاد الإسلامي بأي وجه من الوجوه. أما الملكية، فهي مقبولة في الإسلام لكنه نظم هذا الحق، وحدد شروط ظهوره، وهذه الأحكام هي التي تميز النظام الاقتصادي الإسلامي والعلاقات الاقتصادية في المجتمع الإسلامي من النظام الرأسمالي والعلاقات الاقتصادية المعاصرة في العالم.
وإذا تمت مراعاة هذه الشروط والحدود لن يواجه المجتمع معضلات عالم الرأسمالية المعاصر، وعدم عدالته، ولن تسلب الحكومة الإسلامية الناس حرّيتهم بالذرائع المختلفة.
ويجب النظر الى الاقتصاد الإسلامي ضمن مجموعة القوانين والمقررات الإسلامية في جميع المجالات والشؤون الفردية والاجتماعية، ففي الاسلام لا يمكن حل جميع المشكلات والتعقيدات في حياة البشر بتنظيم العلاقات الاقتصادية فقط، فهذا لن يحصل، بل يجب حل المشكلات في نطاق نظام إسلامي كلي لا يهمل النظر الى الجوانب المعنوية، فهي الدواء لكل داء.
اننا مؤمنون بأن المدرسة الفكرية الوحيدة القادرة على هداية المجتمع ودفع عجلة التقدم فيه هي الاسلام.
وإذا ما أراد العالم ان ينجو من آلاف المشكلات التي تعيق حركته في هذا الزمن وان يحيا حياة انسانية حقة، فإن عليه ان يتجه الى الإسلام.
سؤال: هل صحيح ان بينكم وبين آية الله الشريعتمداري خلافاً في مفهوم الحكومة؟ والى أي قطاع في الحكومة يعود هذا الاختلاف؟ هل من الضروري او من المحتمل أن يتم تشكيل مجلس شورى من العلماء المجتهدين (آيات الله) وأن تبقى الحكومة على شكلها القديم؟
جواب: منذ أكثر من عام والشعب الإيراني يعلن مطالبه مراراً وتكراراً حتى مقابل نار الرشاش والمدفع والدبابة متوخياً الإطاحة بالسلالة البهلوية والقضاء على النظام الملكي واقامة الجمهورية الإسلامية التي صوت لها في استفتاء تاسوعاء وعاشوراء بأغلبية اصوات قل مثيلها في تاريخ استفتاءات الرأي في العالم. وبناءً عليه، فإن كل من يشك في هذه المطالبات يعزل نفسه عن الأمة.
ومن الطبيعي انه اذا لم يتشكل مجلس شورى من علماء الدين الذين يتمتعون بالاطلاع الكامل على القواعد والموازين الإسلامية للرقابة على حكومة الجمهورية الإسلامية فإن من الممكن أن لا تراعى المعايير الإسلامية في هذه الحكومة.
حتى وإن كان ذلك من باب حسن النية وعدم الاطلاع على هذه المعايير.
سؤال: هل تشبه القوانين الإسلامية التي تودون تطبيقها في إيران تلك المتبعة في المملكة العربية السعودية وليبيا؟
جواب: إن الجمهورية الإسلامية التي نطالب بها لا مثيل لها في العالم.
سؤال: الى أي تيار من التيارات المعارضة أنتم أقرب؟
جواب: ان مطالب وشعارات الحركة الإسلامية الإيرانية ما زالت تحظى بقبول أغلبية الشعب ودعمها.
وكل تيار يطرح مطالب وشعارات معارضة لما تطرحه هذه الحركة لا مكان له بين الشعب، الذي أطاحت حركته بكل الحدود والأطر الحزبية، وظهرت على هيئة حزب واحد هو حزب الشعب الإيراني المسلم، أي حزب الإسلام، حزب الله.
ولا احد يجرؤ على ان يكون بعيداً عن الشعب في النضال، وأنا واحد من أبناء هذا الشعب.
سؤال: المادة رقم (5) من الاتفاقية الإيرانية الروسية تعطي حكومة روسيا الحق في ادخال جيوشها الى إيران إذ ظهر خطر يهدد الأراضي الروسية، ما رأيكم في ذلك؟ هل (للشاه) ان يقضي على معارضيه مدعياً بتواطئهم مع الروس؟ وما هو رايكم بهذه المادة من الاتفاقية فيما يتعلق باستقلال إيران؟
جواب: سوف تعيد الجمهورية الإسلامية النظر في جميع الاتفاقات من أساسها، فقد وقعتها دولة غير مستندة الى اصوات الشعب، ولم تكن ترعى المصالح والمنافع الوطنية الإيرانية فيها.
هذا هو (الشاه) نفسه الذي كان حتى عهد قريب يتحدث بالسياسة الوطنية المستقلة، ويقول: ان لدينا من القوة ما يجعل كل حكومة أجنبية عاجزة عن أدنى تدخل في الشؤون الإيرانية هو نفسه يدعي الآن أن الروس قد اخترقوا إيران، وحتى أذنابه يدّعون بأن آلاف المتظاهرين في تبريز هاتفين بالموت للشاه هم أجانب توغلوا خفية من وراء الحدود الى إيران.
لقد ادركت كل شعوب العالم اليوم ان الشعب الإيراني لم يكن هو الذي يدافع عن (الشاه)، بل ان القوى العظمى هي التي تدافع عنه لتحقيق مصالحها، وأدركت كذلك ان معنى السياسة المستقلة (للشاه) كانت وما زالت تعني السياسة المستقلة والمنعزلة عن الشعب الإيراني، وليس عن الدول الاجنبية، لكن هذه الحجج والذرائع ما عادت تجدي نفعاً لما آل اليه حال (الشاه) الذي ادرك هو والمدافعون عنه أنهم لا يستطيعون قمع المعارضة التي هي كل الشعب الإيراني.
سؤال: ما موقفكم من (كارتر) الذي يدافع عن الشاه؟ وما رأيكم فيما يتعلق باختراق الروس لإيران؟
جواب: ان العدو الأول للشعب الإيراني هو (كارتر) ومن يوافقه من الحكومة الأمريكية، والجميع يعرفون ان (الشاه) منهم، وأنه بلا رعايتهم وحمايتهم لا يزن شيئاً.
ولكن واجب الشعب الأمريكي ان يسأل رئيس جمهوريته لماذا يهدر الكرامة الوطنية في الدفاع عن مجرم قاتل، ويؤجج بذلك نار الغضب الإيرانية عليهم؟ أما الروس، فإن أحوال إيران لن تسمح لهم، ولا لأي قوة في الدنيا باختراقها، إن شاء الله.
سؤال: أوردت صحيفة (لوموند) الصادرة يومي 3 و 4 ديسمبر 1978 أن مصادر إيرانية ذكرت ان آية الله الخميني قد تسلم من الدولة هذا العام (25) مليون دولار، وأن هذه المبالغ أنفقت في بناء المساجد وضرائح أبناء الأئمة والمدارس الدينية ودور الأيتام ومؤسسات أخرى، فما مدى صحة ذلك؟ إذا كان صحيحاً أليست مهزلة أن تقوم الدولة الإيرانية بالمساعدة على العصيان لها والثورة عليها بمساعداتها المالية لكم؟ وإذا لم يكن صحيحاً، فهل لديكم إمكانات اخرى، استطعتم الاستمرار بها في نشاطاتكم طوال ست عشرة سنة من النفي؟
جواب: ان هذه المزاعم كذب محض من أساسها، وتزوير الحقائق من أهم اعمدة سياسة الشاه وحاشيته، وذلك هو منطقهم.
سؤال: ما هي حقيقة ما حملكم على ترك العراق؟ لماذا اخترتم فرنسا بالذات؟ وما موقفكم من رئيس الجمهورية الفرنسي بعد تنبيهه إياكم في 21 نوفمبر أن فرنسا ليست أرضاً لدعاة الناس الى العنف؟ واذا لم تأذن لكم الحكومة الفرنسية بالإقامة أين ستتجهون؟
جواب: لم تستطع حكومة العراق تحت ضغط (الشاه) تحمل نشاطاتي لخدمة الإسلام والمسلمين فاضطررت الى ترك تلك الدولة، وتوجهت الى الكويت ومع إذنهم لي بدخولها منعوني من ذلك الدخول فاضطررت الى المجيء الى فرنسا لأتجه منها الى احد البلدان الإسلامية.
وفي أي لحظة خلال اقامتي المؤقتة في فرنسا أحس أنني مقيد في أداء واجباتي، أغادر الاراضي الفرنسية، ولا يهمني أين أكون، فأرض الله واسعة.
سؤال: ما هي نتائج لقائكم الملك الأردني؟
جواب: لم يحصل مثل هذا اللقاء.
سؤال: اذا استقال (الشاه) وانتخبتم قائداً للجمهورية الإسلامية فهل ستقبلون هذه المهمة؟ وهل من الممكن أن تنشب حرب أهلية بين المجموعات المهمة نسبياً مثل مؤيدي شريعتمداري وسنجابي أو الجيش لاختلاف الأهداف والصراع على السلطة؟
جواب: أنا لا أقبل مثل هذا المنصب، وأنا متفائل بوعي الشعب الايراني ووحدته، وبأذن الله- تعالى- لن تنشب فيه حرب أهلية.
سؤال: ما علاقتكم بآية الله المنتظري؟ وهل سيلتحق بكم الى فرنسا باعتباره واحداً من معارضي النظام؟
جواب: إنني أعرف المنتظري منذ سنوات طويلة، وهو اليوم احد علماء إيران الكبار، ويحظى باحترام الشعب المسلم.
سؤال: نشاطاتكم في المنفى تدل على أنكم قيادة سياسية أكثر من كونكم قيادة دينية- مذهبية؟
جواب: هذا الكلام ونظيره من أن الدين منفصل عن السياسة ليس من منطق الإسلام في شيء، والنشاطات السياسية جزء من الواجبات الدينية للمسلمين.
سؤال: ما هي أفضل أمنياتكم لإيران؟
جواب: إن أعظم امنياتي هي أن يتخلص الشعب الإيراني من نير الظلم، وأن تصبح له دولة حرة ومستقلة لها نظام إسلامي، وترعى فيها حقوق الانسان كما يأمر الدين الإسلامي، وأن تصبح قدوة لكل الأمم على طريق التقدم والازدهار والسعادة الانسانية.
سؤال: ما هي أجمل ذكرياتكم في المنفى؟
(اختار الامام السكوت في الاجابة عن هذا السؤال.)
*صحيفة الإمام، ج5، ص: 294