الموضوع: لقاء شخصيات سياسية أمريكية مع الإمام الخميني.
مقابلة
المحاور: رمزي كلارك المدعي العالم الأمريكي، وريتشارد فالك أستاذ جامعة برينستون الأمريكية، دان لويي ممثل المنظمات الدينية الأمريكية
عدد الزوار: 88
التاريخ 6 بهمن 1357 هـ. ش./ 72 صفر 1399 هـ. ق.
المكان: باريس، نوفل لوشاتو
المحاور: رمزي كلارك المدعي العالم الأمريكي، وريتشارد فالك أستاذ جامعة برينستون الأمريكية، دان لويي ممثل المنظمات الدينية الأمريكية
سافر كلارك المدعي العام الأسبق الأمريكي وريتشارد فالك استاذ جامعة برينستون في ولاية نيوجرسي ورئيس قسم الدراسات الخارجية فيها، ودان لويي ممثل المنظمات الدينية الأمريكية الى طهران في مطلع كانون الثاني من عام 1979 لدراسة الوضع الإيراني عن كثب. وهؤلاء الثلاثة من قادة الحركة المناهضة للحرب الفيتنامية ومشاركة أمريكا الفعالة فيها.
وبعد جولتهم في طهران عرجوا إلى باريس وهم في طريق العودة، والتقوا الإمام الخميني في يوم 26 كانون الثاني 1979 وتباحثوا معه وقيل بأنّ هذا اللقاء اقترن بوصول السيد جلال الدين تهراني، رئيس المجلس النيابي في المملكة الى باريس وتقديم استقالته للإمام الخميني.
وهاهو نص حديث السيد كلارك والسيد فالك مع الإمام الخميني الذي ترجمه إلى الفارسية الدكتور ابراهيم يزدي
سؤال- فالك: الثورة الإيرانية لم تكن متوقعة. وقد امتزجت السياسة والنضال السياسي مع الدين بأبهى صورة في القرون الماضية. فهل برأي آية الله أن هذا الأمر سيتجلى في السياسة الخارجية الإيرانية مع جميع دول العالم؟ إن دور المقاومة الشيعية للظلم زرعت أملًا كبيراً في القلوب، ونريد أن نعرف فعل الشيعة عندما تصل الى السلطة.
الجواب: التشيع كان طوال العصور رمزاً للمقاومة، ومنذ صدر الإسلام كان التشيع رمزاً للمقاومة والدفاع عن الحق، ولم يكن من أنصار الظلم والجور قط، والحكومة الشيعية التي تعاقبت على السلطة في التاريخ لم تتحمل الظلم، ولم تظلم الآخرين.
فإذا وصلت أي حكومة على أساس الشريعة الإسلامية، وسارت على المذهب الشيعي، فعليها أن تنتهج هذا الأسلوب دائماً. وعليها أن لا تضغط على أي إنسان، أو تسلب حريته لاعتقاده مذهباً دينياً، فجميع الناس في المذهب الشيعي أحرار ومستقلون. وبالاستناد إلى التشيع، تعامل جميع الشعوب والحكومات بالاحترام المتبادل، فإن المذهب الشيعي عندما ينتصر في مكان ما يعامل الناس بأسلوب لم يهنؤا به في ظل حكوماتهم فيرون أنهم كانوا غافلين عن العدالة.
والتاريخ يشير إلى أن الإسلام عندما كان يفتح مكاناً ما يستقبله الناس فيه، ويتخلون عن حكوماتهم السابقة. ومثال ذلك إيران التي أقبلت على الإسلام والتشيع بصدر رحب.
إن قوانين الإسلام تقوم على العدل. وحياة الحكام فيه متساوية مع حياة أضعف المجتمع، فمؤسس مدرستنا كانت حكومته واسعة سعة شملت إيران والحجاز ومصر أي ما يعادل عدةأضعاف إيران وكان جمعيهم تحت سيطرته إلا أن حياته كانت أيسر من حياة جميع افراد الشعب. كان يهتم بالعدالة أكثر من أي شيء، وكانت عنده فوق الجميع 1.
واذا ما أدعى عليه احد يحضر إلى المحكمة، ويجلس فيها، ويرضى بحكم القاضي. التشيع يعني المقاومة البحتة والعدل، والعدالة تعني أن لا تظلم، وأن لا تخضع للظلم. ولقد أوجز إمامنا التشيع بكلمتين: (لا تقبل الظلم ولا تكون ظالماً). فهذا هو البرنامج العام للشيعة والإسلام .. هذا هو التشيع، التشيع من القرآن.
سؤال- ما يقلقنا بعد دراستنا للحركة الحالية في إيران هو مستوى تحمل الحكومة الإسلامية للفئات اليسارية غير الدينية في إيران، فقد لاحظنا أن القلق والخوف يسودان الطلاب الجامعيين والفئات الأخرى التي يصعب عليها العيش في ظل الحكم الإسلامي، فما هي ضمانات الاطمئنان؟
جواب: إن سبب التجاء هذه الفئات إلى المذاهب الضالة هي عدم معرفتهم بالإسلام. هم يعتقدون بأن الإسلام يقف إلى جانب السلطات الحاكمة وأصحاب رؤوس الأموال وأصحاب المصانع والشركات.
واذا فهم هؤلاء أن للإسلام حالة اصلاحية تعالج الأمور كلها بالعدل والإحسان. وبالنسبة للحرية يستطيع حتى الفاسدون والضالون التعبير عن آرائهم. ولو كان هؤلاء مطلعين على مضمون الإسلام وماهيته لما تفوّهوا بهذا الكلام. فإذا اطلع هؤلاء على جميع القضايا ستختفي هذه الخلافات. على أية حال نحن لم نحدّ حرية الرأي، ولن نفعل ذلك. ولكن هناك نشاطات يقوم بها الفاسدون أحياناً، ويريدون بها إحداث الفوضى، والثورة القائمة في إيران تهدف إلى انهاء الظلم وإزالة النظام الفاسد. وفي هذه الأجواء نرى عدة قليلة تسعى إلى القيام بأعمال تخريبية وشنّ حملات تشهيرية، ويريدون المحافظة على هذا النظام والحيلولة دون إقامة النظام الإسلامي.
وهؤلاء إما فاسدون أو غير مبالين، أو أنهم يخططون لأهداف تخريبية. وإننا سنعطي الحرية جميع المذاهب. ولكنهم إذا أرادوا أن يتمردوا ويغيروا مسيرة الأمة وأن يحافظوا على اليد الظالمة فإننا لن نسمح لهم. فلكل شعب الحق في الدفاع عن مصالحه الوطنية والدينية أمام تجاوزاتهم. فإن لم يعتدوا علينا فلا نعتدي عليهم.
سؤال- سؤالي هو حول الإمبريالية الثقافية، لقد أعطى الإسلام القيم الثقافية الأصيلة أهمية بالغة. وفي الخمسين أو الستين سنة الأخيرة من الحكم البهلوي كان للامبريالية الثقافية سيطرة قوية أدّت إلى إزالة القيم الإسلامية- الإيرانية وحلول قيم غربية محلها، فما هي الإجراءات التي سيتخذها آية الله لإصلاح هذه التشوهات الاجتماعية والثقافية؟
جواب: هذه القضايا هي التي جعلتنا نناهض الشاه، وأنتم القيتم الضوء على جانب واحد، وهناك جوانب أخرى كثيرة، وفي الخمسين سنة الأخيرة لم يتسببوا هؤلاء بالتخلف والتراجع الثقافي فقط بل تسببوا في تخلف الشعب سنوات طويلة أيضاً، كما خلفوا اقتصادنا متخلفاً حتى باتت إيران بلداً فقيراً.
إن إيران تملك الكثير من الثروات، ولكنها نهبت، فالنفط نهبوه و بثمنه اقاموا قاعدة لامريكا، وتركوا الطبقة العاملة الايرانية متخلفة تخلفاً إذا أردنا إصلاحه، احتجنا إلى برنامج طويل الأمد.
كما قاموا بتخريب الجيش، أي: قادة الجيش في أعلى طبقاته، فقد تبنوا أفكاراً شاذة تبعاً لأفكار الابن وأبيه العفنة. وجعلوا جيشنا طفيلياً.
(الإصلاحات) تحتاج إلى برامج طويلة الأمد، لكن جميع فئات الشعب قد ثارمطالبا الحرية والاستقلال وبالحكم الإسلامي. أصبح أملنا كثيراً أن ننقذ الثقافة من جوها الاستعماري والطفيلي بمساعدة جميع الطبقات التي أظهرت تعاونها، ويحولها الى ثقافة مستقلة مصححة بمساعدة جميع الطبقات. ولن نسمح بأن تهدر ثرواتنا، وسنبيعها بعقلانية وستستهلكها الأمة بعقلانية بما يلبي جميع احتياجات البلد سواء الثقافية منها أو غيرها. ما أكثر الويلات التي أنزلوها فوق رؤوسنا في هذه السنوات الخمسين! نحن نواجه اليوم بلداً مضطرباً يعتريه التشويش من كل ناحية. سنثور بمساندة جميع أفراد الشعب الذين يلتقون في تأييدنا.
وسنُصلح هذا الدمار بمرور السنين. وكي نعود إلى ما كان عليه الوضع في السابق نحتاج إلى سنوات من العمل لنبني ثقافة إسلامية مستقلة، وجيشاً مستقلًا، واقتصاداً سالماً، وزراعة متطورة كانت قد دمرت بشكل عام. لدينا الكثير من المصائب: وأكثرها سببها هذه الدول العظمى. وبمشيئة الله سنحرر انفسنا من أغلالهم، حتى نصل إلى الاستقلال على جميع المستويات.
سؤال- شكراً جزيلًا. لدينا ثلاث أمنيات
الأولى: أن يتم انتقال السلطة إلى الحكومة الجديدة بسرعة وهدوء وبلا فوضى.
الثانية: أن تتحقق العدالة الموعودة لجميع الناس.
الثالثة: أن يكون هناك حب وتفاهم واحترام بين الشعبين الإيراني والأمريكي، ونحن نعلن استعدادنا لمساعدتكم بكل طريقة ممكنة لتتحقق هذه الأمنيات الثلاث.
جواب: نحن نتمنى ذلك أيضاً، فالأمنية الأولى مفتاح تحقيقها بيد الأجانب الذين يجب أن يكفوا عن الضغط والتهديد السابق، ويتخلوا عن الاستفزازات والتهديدات، وإذا أعطونا فرصة، فإنكم سترون الشعب الإيراني تحت لواء الإسلام يتسلم السلطة بهدوء ودون أي توتر أو استفزاز. والسلطة التي ستصل الى سدة الحكم ستوظف كل الجهود لتحقيق العدالة. وإذا تنحى هؤلاء المستبدون الذين يتحكمون بالشعوب، أو أصلحوا أنفسهم، فإن تفاهم الشعوب سهل، ولكن لا يمكن التكهن بحدوث توافق مادام أولئك في مواقعهم.
* صحيفة الإمام، ج5، ص: 363
1-الإمام علي عَليهِ السَلام، ر. ك. كنز العمال. ج، ص 6.