يتم التحميل...

الموضوع: الوقوف في وجه الدعايات والتهديدات الامريكية

خطاب

الحاضرون: مجموعة من الإيرانيين المقيمين في الخارج من الجامعيين وغيرهم‏

عدد الزوار: 144

التاريخ: 4 آذر 1357 هـ. ش./ 42 ذي الحجة 1398 هـ. ق.
المكان: فرنسا، نوفل لوشاتو
الحاضرون: مجموعة من الإيرانيين المقيمين في الخارج من الجامعيين وغيرهم‏

بسم الله الرحمن الرحيم‏

كلما اتسعت دائرة هذه النشاطات الجهادية اتسع نطاق الاعلام المعادي لها، فعندما كانت محدودة وهادئة، كان الاعلام المضاد في الداخل والخارج أقل كثافة أيضاً، وإذ تعاظمت اليوم نجد الذين يسعون لحفظ الملك يستميتون في توسيع نطاق اعلامهم المضاد لها، سواء كانوا من عملائه في الداخل، او من المقيمين في الخارج من الطامعين بما في جيب الملك، او بما لدى إيران من ثروات، فقد تعاضدوا جميعاً في تكثيف دعاياتهم، ومنها ما أطلقوه مؤخراً، وقد أشرت اليه سابقاً، وهو التصريح الذي أدلى به كارتر، وأثار الاسف الشديد، فهو يقول في أوله: إن وجود إيران قوية ومستقلة ضروري لاستقرار المنطقة- بهذا النص تقريباً- ثم يقول مباشرة: اننا لا نستطيع مشاهدة مجموعة من الاراذل والحقراء يطيحون بالملك، فيسقط هذا النظام!

وهذا نمط من الاعلام المضاد وتهديد أيضاً. أما كونه إعلاماً مضاد، فلأنه تكرار لما كان الملك يردده دائماً، وما زال في أحاديثه، وهو ما ردده في السابق، وما زال عملاؤه في الخارج الذين يرتزقون منه يرددونه، ويردده أيضاً الساعون لتحقيق مطامعهم في ظل الملك، فهم يقولون: لو رحل الملك فقدت إيران استقرارها! ولكن هل هي مستقرة في ظل حكمه الآن؟! الا يفكرهؤلاء بانتشار أقوالهم هذه؟

إن هذا الحاكم من حكام القوى الكبرى وتصريحاته تنقل الى كل مكان- إيران وغيرها- وهي تعني أن إيران مستقرة الآن، ويعيش اهلها بأمان، لأنهم في ظل حكم الملك، فينامون بدعة وراحة واطمئنان في منازلهم، ويقومون بأعمالهم بهدوء والمدارس والجامعات هادئة، وطلبتها مشغولون بالدراسة بارتياح وأمن، لأن الملك موجود في إيران!

والى جانب هذه التصريحات التي تعني أن الوضع القائم في إيران مستقر تنتشر في انحاء العالم أيضاً اخباره، وهذه الثورة التي تشهدها إيران اليوم! فهل هذه الثورة قائمة في حضور الملك أو غيابه؟! وهل هذه الاضطرابات أثيرت لعدمه، أو أنّ الشعب قد انتفض في الحضور المبارك لجلالة صاحب المقام السامي وهو يهتف بالموت له ولأسرته الحاكمة؟!

وما بال هذه المذابح التي نسمع بوقوعها يومياً في جميع أنحاء إيران- إذ ترد كل يوم تقريباً اتصالات هاتفية من إيران تتحدث بمقتل مجموعة واضرابات احتجاجية في هذه المنطقة أو تلك او في هذه المؤسسة او تلك- فهل هذه كلها مظاهر للهدوء والامن والاستقرار الذي أصبحت إيران مهداً له في ظل حكم الملك؟! أو ان الامن والهدوء مفقود بسبب وجود الملك؟

نحن نقول: إن بقاء الملك وسعيه لمواصلة سلطنته غير الدستورية و حكمه الشيطاني يدمر كاملًا استقرار إيران الذي ضاع فعلًا وهي الآن في معرض الانهيار؟ اما ذاك الشخص (كارتر)، فهو يقول: ان بقاء الملك يعني بقاء إيران مستقلة وقوية الامر الذي يؤدي إلى حفظ استقرارها واستقرار المنطقة!

ثم يعين ذاك المقتدر الذي حقق استقلال إيران والحكومة القوية المطلوبة، أي: الملك وحكومته، فهو حافظ الهدوء والامن والاستقلال، فاذا رحل رحلت معه، وزالت الحرية ايضاً، فكل ما لدينا مرتبط بهذا الوجود ذي الجود!! أي أقوال هذه التي يرددها من يتشدق بأنه رئيس الجمهورية في تلك القوة الكبرى؟!

لماذا يطلقها جوفاء، ويتعرض بها للنقد منا- ونحن في هذه الزاوية من العالم- ومن كل عاقل يسمعها، فمن الطبيعي ان ينكر عليه كل عاقل هذا القول ويسأله: أي استقرار واستقلال تتمتع به إيران لتتحدث انت- ايها السيد- به؟! فهل يحظى بالاستقلال جيشها او نظامها التعليمي أو صناعاتها أو اقتصادها أو أي مجال آخر فيها لكي تقول: إنه متحقق بوجود الملك، وبتحققه يتحقق الاستقرار في المنطقة؟! وهل المنطقة مستقلة ومستقرة الان، فإذا رحل الملك رحل معه استقرارها؟ وأي استقلال لدينا الآن؟!

أنت تعرف ما تقول مثلما نعرف وتعرف أيضاً مثلما نعرف أنك تكذب (يضحك الحاضرون) عندما تقول: ان إيران مستقلة، فأنت تعلم أنكم أقمتم فيها قواعد عسكرية لامريكا ولو كانت مستقلة للطمتك على فمك عندما أردت ان تقيم قواعد عسكرية لامريكا فيها لكنك تعلم ان هذه القواعد أقيمت فعلًا في جبالها، وهذا ما لا تسمح به الدولة والحكومة اذا كانت مستقلة.

وأنت تعلم أيضاً بما أنزلتم باقتصاد إيران وكيف نهبتم ثرواتها وخيراتها، ولو كانت لدينا حكومة شريفة وسلطان شريف، لما كان ممكناً ان يسمحا لكم بنهب ثرواتنا، لكنه (الملك) الذي يقترب عمره من الستين عاماً يريد البقاء اياماً معدودات أخريات يواصل فيها حياته بتلك الصورة الوضيعة الرذيلة، ولذلك يضيع ثروة شعب كبير دون أن يفكر بمستقبل هذا البلد وأجياله القادمة، ولكن لماذا تُطلق تلك الاقوال وأنت العارف بحقيقة الامر؟ ألديك هدف سوى استغفال الآخرين؟ لكن من تستغفل بقولك؟ هل تقصد شعبنا الذي يعلم جيداً بانعدام الهدوء والاستقرار والاستقلال في بلدنا؟

وكان (كارتر) يقول في أحد الايام: إنهم (النظام الملكي) أعطوا الشعب حرية (مكثفة) وبصورة زائدة، فضجت الجماهير! لا أدري كيف يرد المرء هذه الاقوال، فاذا كانت صادرة عن أحد العوام لقلنا: إنه يهذي، فاتركه، لكنها صادرة عمن يريد الدعاية للملك وحفظ حكومته، ثم يطلق أقوالًا تثير الاستغراب لدى كل انسان من عدم اصابة هذا الانسان بالجنون مع بقاء رأسه وأذنيه وحواسه في محالها!!

إنه يقول: إننا لا نتحمل رؤية (الأراذل الحقراء) يطيحون بهذه السلطنة، فيما يقف (35) مليون مسلم هاتفين: نحن نريد الحرية والاستقلال، فهل المطالبة بهما رذالة وحقارة؟! أنتم تقولون: إنهم حرروكم، ولذلك تطلقون هذه الاقوال؟ فهل الشعب في إيران حر وصحافته حرة؟! فلماذا هي مغلقة الان بسبب مطالبتها بحذف الرقابة عنها؟

ولماذا أضربت مديرية الاتصالات وسائر الدوائر والمؤسسات الاخرى في إيران عن العمل؟

من المفيد أن نسأل السيد كارتر عن إغلاقهم الصحف في إيران وعما اذا كان السبب هو أن العاملين فيها هم من الأراذل والحقراء! أو أن السبب هو عدم وجود مطبعة توافق على طبعها ما دامت الرقابة مفروضة عليها، أو أن الجماهير انتفضت على هذه الرقابة المفروضة والقمع وسائر الاعمال المنافية للقيم الانسانية التي تشهد إيران ارتكابها باستمرار، فأبناء الشعب يريدون ان يحيوا حياة انسانية، لا أن يكونوا خاضعين لناس فاقدين لكل شي‏ء، فهل الشعب الذي ثار ابتغاء الحصول على الحرية والاستقلال ومن أجل الإسلام وحكم العدل وهو يضحي بأطفاله وشبابه في سبيل ذلك هو مجموعة من الاراذل والحقراء حسب منطقكم؟!

اجل لقد قلت مرة: إن الالفاظ فقدت معانيها، فعصرنا هو العصر الذي تطلق فيه الالفاظ دون ان تحمل معها معانيها الحقيقية، فهذا (كارتر) يقول: ان إيران حرة لأبعد الحدود! ويضيف- في التصريح نفسه- إنني مسرور لأن الملك أعطى الشعب الحرية، هذه هي الحرية التي أعطاناها، فهل أنت مسرور لذلك؟!

أجل إنهم يرددون ألفاظاً جوفاء فاقدة لمعانيها الحقيقية، فمعنى الحرية هو القمع، وهذا يتحدث بالحرية، ويقصد القمع أو أن رأسه لا يدري ما يقول لسانه!! لا نستطيع القول بوجود انسان يتفوه بألفاظ لا يعيها، وأنت تعي معنى قولك: إن إيران حرة وأنا مسرور لذلك وان كنت آسف على مقتل بعض الاشخاص، لكن قتلهم كان أمراً ضرورياً! هذا ما قاله بعد إعرابه عن أسفه على مقتل البعض! فهل تعرفون معنى قوله (كان أمراً ضرورياً)؟ كأنه يقول: اذا لم يقتلوا هؤلاء لما أمكنهم (إنقاذ) نفطنا! وكان من المحتمل أن تزال قواعدنا العسكرية!! هذا الامر كان ضرورياً لتمكين الاجانب من الاستغلال والنهب وسرقة النفط وإقامة قواعد عسكرية لهم في أراضينا بدلًا من تقديم ثمنه، هذا هو وجه ضرورته.

وبالطبع فإن الامر مؤسف بالنسبة له! (فكأن كارتر يقول): ياليت الناس لم ينبسوا ببنت شفة ما دمنا نأخذ (نفطنا)، لكنهم اعترضوا اليوم، وهذا الامر مؤسف شيئاً ما، كذلك قتل الناس بيد انه كان ضرورياً!

هذا ما يقوله الشخص الذي يتشدق بالدفاع عن حقوق الانسان، فهو يصف الذين تصدوا للمطالبة بأحد أيسر حقوقهم الانسانية بأنهم (أراذل حقراء) وقتلهم ضروري، فهم يقولون: نريد الحرية والاستقلال، أجل كان قتلهم ضرورياً والمؤسف هو أنهم تفوهوا بهذه المطالب وكان الافضل ان لا يتفوهوا بمثل ذلك ويخضعوا لهذا (المهماز) ليبقى (صاحب الجلالة والمقام السامي) لكي نواصل نحن أخذ النفط وتكون الابواب مشرعة لنا!!

أجل، لذلك هجموا على مدينة آبادان بالحراب، وقاموا بتلك الممارسات، لكي يواصلوا نهب النفط، وقد قاوم أبناء الشعب هذه المساعي، ولا أدري كيف أصبح الوضع الآن.
على أي حال نحن نعيش في عصر نشهد فيه العجائب والغرائب فيما حولنا، فمن جهة يطبل ذاك الرجيل بالكلام على الحرية وحفظ حقوق الانسان، ومن جهة اخرى يقول: لا محل لحفظ هذه الحقوق في إيران، لأن لنا مصالح استراتيجية فيها، فلا يلزم حفظ حقوق الانسان في إيران وأمثالها.

هذا ما يتفضل السيد كارتر بالتصريح به كما يتحدث من جانبه بأن هؤلاء أراذل وحقراء، فهل الذي يسلب الناس الأمن والاطمئنان هو الرذل الحقير أو الذي يطالب بالحرية؟ هل هو الذي يسعى لنهب اموال الناس أو الذي يقول: نريد أن تكون ثرواتنا لنا؟! من الخير ان تفكروا في الامر، ولا تتحدثوا دون وعي، فكروا فيما يطالب به الشعب، وهل هو من مطالب الاراذل والحقراء أو أن الذي يسعى لمنع تحقق هذه المطالب هو الرذل الحقير؟

إن كلمة ابناء الشعب الإيراني واضحة، فهم- من التلاميذ الصغار الى الشيب الكبار والشباب- يهتفون في جميع أرجاء إيران وفي الجامعات والمدارس بكلمة واحدة هي: نريد الحرية والاستقلال، ونرفض هذه الحكومة التي سبلتنا الاستقلال، فهل الذين يطالبون بالحرية والاستقلال وعدم الخضوع لحكم الاجانب يمكن ان يوصفوا بالرذالة والحقارة؟! وهل الحقارة هي التي تدفعهم لذلك واذا خضعوا لارادتكم، وقدموا لكم النفط بأيديهم، وقدموا لكم معه مفاتيح خزائن ثرواتهم عندها سيكونون شرفاء جداً، وكرام أجلاء؟! لكنهم اليوم أراذل وحقراء، لانهم يقولون لكم: لا تسلبونا! أهذا هو منطقكم؟ أليس هو منطق الاوباش والاراذل، وليس منطقاً إنسانياً؟ فالانسان لا يقدر على التحدث بمثل ذلك؟! ولو لم تكن قد تحدثت بهذه الصورة لما تحدثت أنا على هذا النحو فأنا أشعر بالعار من مخاطبتك.

على أي حال لقد آل وضع إيراننا الى هذا الحال، وأرجو لها ان تتقدم بمشيئة الله- تعالى (الحاضرون: ان شاء الله) وتنتصر (الحاضرون: ان شاء الله)، وأنتم الحاضرين هنا جميعاً ومن أي مكان أتيتم مكلفون شرعاً بخدمتها ودعمها ونصرة هذه النهضة، ويمكنكم هنا أن تقدموا لها الدعم الاعلامي، فأنتم تستطيعون القيام بذلك لجماً لأفواه تلك الطائفة الاعلامية من مرتزقة الملك، إذ توجد بالطبع لهؤلاء (النظام الملكي) خارج إيران مجموعة من الذين يقومون بالمهمات الإعلامية لحفظ الملك، فقوموا أنتم ايضاً بهذه المهمة الاعلامية وعرفوا الناس مطالب الشعب الإيراني الذي انتفض منذ خمسة عشر عاماً وأكثر وهو يقدم باستمرار منذ سنة الدماء، ويضحي بابنائه وشبابه.

عرفوا الناس بقيمة الحرية والاستقلال لدى هذا الشعب الذي يضحي لاجلهما بشبانه دون أن يتراجع. يجب عليكم ان تعينوا هذا الشعب، وتعرفوا اهالي هذه المناطق بحقيقة مطالبه وتدعوهم الى عدم الاصغاء لتلك الاقوال والدعايات التي تصدر من هنا وهناك واصفة هذا الشعب بالرذالة والحقارة، أو بالوحشية كما قال ذاك الأميركي فرده المراسل الصحفي- وهو أوربي أيضاً- بالقول: وكيف يكونون متوحشين وهم يطالبون بالحرية؟ كيف يمكنك ان تصفهم بالوحشية وهم يتحركون بكل هذا الهدوء في مسيرتهم المليونية- وكانت الجماهير تتحرك بهدوء في ذلك اليوم- ومن اجل تحقيق مطلب إنساني؟!

أجل، إن غير المتوحش في منطق هؤلاء هو الذي يحقق مصالحهم والشريف هو الذي يحقق المصالح الامريكية، و لذا فهو ليس من الاراذل الحقراء والاوباش، فهذه الاوصاف تنطبق على كل من يسعى لحفظ مصالحه وثرواته فقط ولا يسمح بسرقتها!!

وفقكم الله جميعاً ونصركم ان شاء الله- لتعودوا يوماً الى وطنكم مرفوعي الهام وانتم اليوم ايضاً مرفوعو الرأس، فقد أحييتم شعباً، أنتم- الشعب الإيراني- أحييتم إيران وأنتم أيها الشباب أحييتهم هؤلاء الموتى، حفظكم الله جميعاً ووفقكم- ان شاء الله. (الحاضرون: آمين).


* صحيفة الإمام، ج‏5، ص: 69-73

2011-03-25