الموضوع: الاستفتاء العام الجاري في التاسع والعاشر من شهر محرم، ضرورة التحاق الجيش بالشعب
خطاب
الحاضرون: مجموعة من الإيرانيين المقيمين في الخارج من الجامعيين وغيرهم
عدد الزوار: 148
التاريخ: 20 آذر 1357 هـ. ش./ 10 محرم 1399 هـ. ق.
المكان: باريس، نوفل لوشاتو
الحاضرون: مجموعة من الإيرانيين المقيمين في الخارج من الجامعيين وغيرهم
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
المظاهرات التي شهدتها إيران أمس واليوم قطعت طريق الاعتذار على كل فرد وجميع الحكومات التي لا تستطيع الادعاء بعد الآن أن حكم الملك يستند للدستور، وأن بقاءه قانوني ويحظى برضا الشعب.
فقد أثبت الاستفتاء العام الذي جرى أمس واليوم والبيانات الختامية الصادرة أن الملك ساقط ونحن كنا نقول: إنه ساقط منذ البداية، وما كنت أقوله هو أن الملك رضا وهذا الملك قد تسلطا على الحكم في إيران بالخديعة والبغي، وحكما بصورة غير مشروعة.
وهذا ما كان ينكره كارتر وأمثاله، لكن ما جرى أمس واليوم أثبت فقدان هذا الحكم لكل مشروعية دستورية، لأن دستورنا ينص على أن يكون الملك وحكومته مستندين إلى رأي الشعب، وهذا أمر طبيعي، وقد أعلن الشعب الإيراني برمته اليوم في طهران ومشهد وقم وتبريز وكل أنحاء ايران رفضه للملك بمسيرات سلمية بالكامل فندت قول المدّعين بأن هناك مجموعات توغلت من خارج الحدود!!
وفي ضوء الحقيقة المتقدمة أوجه نداء لجميع حكومات العالم، ونداء آخر إلى العسكريين داخل البلاد، الأول هو أننا نعلن لجميع هذه الحكومات- بدءاً من هذا اليوم الذي شهد إجراء استفتائنا العام بصورة تامة كاملة، واتضح للجميع فقدان الملك للمشروعية الدستورية- أننا نلغي جميع المعاهدات الموقعة من قبل أي حكومة مع إيران إذا واصلت دعمها للنظام الإيراني ولن نصدر قطرة نفط واحدة لبلادها ما دامت تحكمه في الأقل.
وعلى البرلمان الأمريكي أن يحاسب كارتر، ويستجوبه بشأن مسوغ دعمه لحكومة تفتقد القاعدة الشعبية، ولا يؤيدها أحد في إيران، عليه أن يستجوب حكومة كارتر وكارتر شخصياً ويقول له: إنك تعمل على خلاف المصلحة الوطنية الأمريكية، لأن دعمك للملك المتسلط على إيران خلافاً لدستورها بعدما أسقطه الاستفتاء العام الذي شهدته أمس واليوم، إذا لم يكن ساقطاً من قبل هذا الدعم يضر بالمصالح الأمريكية، لأنه سيؤدي إلى قطع النفط (الإيراني) عن أميركا ما دمت أنت وإدارتك في الحكم، والامر نفسه يصدق على سائر الدول الاخرى- لا فرق في ذلك بين أميركا أو انجلترا أو الاتحاد السوفيتي وغيرها- من التي ترغب في ابتياع النفط الإيراني، فلن تقدم النفط- حتى كصفقات بيع عادلة- لهذه الدول ما دامت الحكومات التي تدعم الملك اليوم باقية في حكم بلدانها.
أجل نحن لا نعادي الشعوب، وسنقدم لها النفط، إذا ضغطت على حكومتها في البرلمان وأجبرتها على قطع دعمها للملك وإعلان عدم تأييدها له. أما إذا لم تقم الحكومات بذلك، فلن نقدم النفط للشعوب أيضاً ما دامت تلك الحكومات باقية في سدة الحكم، وفي ضوء ذلك تعرف برلماناتها واجبها تجاه حكوماتها.
هذا نداء للأجانب ولزعماء حكوماتهم، لكي يفتحوا أعينهم، ويسيروا في الطريق الصحيح، فعليهم أن يدعموا هذا الشعب الناهض المطالب بحقوقه في الحرية وتقرير مصيره بنفسه، وهو يعلن رفضه للملك. أما إذا أحجموا عن تأييده، ودعموا الملك، فلا نصيب لبلدانهم في النفط (الإيراني) ما داموا في حكمها.
وثمة نداء أريد توجيهه للجيش الإيراني، وأرجو وصوله إليه، وهو إننا يائسون من القادة العسكريين الهرمين ولا سيما الذين كانوا في قيادة الجيش منذ عهد الملك رضا ومن مؤيديه، فقد أشبعهم وهم أنصاره الذين يرتكبون هذه المذابح سواء في ظل الحكم العسكري، أو في ظل الحكومة العسكرية، وقد طلبنا تسجيل أسمائهم لكي تتم معاقبتهم على جرائمهم في ظل الحكومة الإسلامية- إن شاء الله (الحاضرون: إن شاء الله).
أما الضباط الشباب، فهم لا يملكون تلك الرتب العسكرية، إذ لم يمنحونها لهم وأبقوهم في رتب دانية تحت سلطة أولئك الضباط الكبار الذي يخدمون أمريكا أو الاتحاد السوفيتي، ثم الملك بالدرجة الثانية، وقد أتخموهم من عائدات نفطنا، فشبعوا من أموال الشعب المنهوبة في عين الملك، فم يعتبرون الملك وأمريكا أولياء نعمتهم، ولذلك نحن يائسون منهم.
أما الضباط الشباب، وهم يشكلون طبقة مهمة في الجيش، فإني أعلم أنهم محرومون، ولذلك أنبههم واقول لهم:- إنكم شباب وما تزال لديكم فسحة للعيش وفرصة القيام على هذا الحكم المخالف للدستور والإسلام، فتخلوا عنه، والتحقوا بصفوف الشعب، فالحكم الإسلامي يرحب بكم، ويفتح ذراعيه لاحتضانكم، وسيكون لكم خيراً من عهد الملك، إذ لن تكون فيه تقديم الرشاوى تقوية الحاكم، فهو حكم العدل وحكومة وطنية مستندة إلى الدستور الإلهي وإلى آراء الشعب، والحاكم فيه لا يصل للحكم بالطغيان، ولا يسعى للاحتفاظ بالسلطة، بل يأتي استناداً لانتخاب الشعب، والشعب هو الذي يحفظه، فإنه إذا تحرك يوماً خلاف آراء الشعب والدستور المدون فهو ساقط ولا شك تعزله من منصبه حكومة إيران وشعبها.
إنكم أيها الضباط الشباب لستم مثل هؤلاء الضباط الهرمين الذين خسروا الفطرة الإنسانية إزاء الدولار، فعودوا إلى أحضان الشعب، فهو يستقبلكم والحكومة الإسلامية تحفظكم، فلا تظنوا أنها لا تريد ضباطاً، وأن مجيئها يعني نهايتكم، لا، فهي تحتفظ بكل هذه الأدوات التي تنتفع بها أنظمة الحكم الأخرى، لكنها تمتاز بخلوها من السرقة (يضحك الحاضرون).
فنحن نريد منع السرقة واعتقال اللصوص، أما الذين يخدمون، الوطن فهم مكرمون لدينا كافة وكرماء عند الله- تبارك وتعالى- وسيتم توفير كل ما يحتاجونه. أما من ارتكبوا جرائم السرقة، ونهبوا أموال الشعب، ونقلوها الى الخارج، فستتم محاكمتهم بالطبع، فلا يتصوروا أن الأمر سينتهي بفرارهم من إيران، فهؤلاء الشباب موجودون سيعاقبونهم في الخارج أيضاً (يضحك الحاضرون) هم موجودون في أميركا أو إنجلترا، فلا يظنوا ولا يظن الملك أنهم قد نهبوا هذه الأموال، وأنهم يمكنهم أن يستقلوا طائرة، ويهربوا إلى الخارج ويذهبوا إلى أميركا، لا، فحيثما ذهبتم يوجد شباب إيرانيون غيارى سيحاسبونكم هناك أيضاً. (الحاضرون: إن شاء الله).
وخطابي على أي حال موجه لهؤلاء الشباب في الجيش، فاني أعلم أنهم لم يفقدوا فطرتهم الإسلامية والإنسانية وقلوبهم مع الشعب، لكنهم يخضعون- حسبما يتصورون- لأوامر هؤلاء الجنرالات الكبار وأمثالهم، وقد أرهبوهم بالادعاء بأن مجيء الحكومة الإسلامية يعني نهاية مسؤوليتهم العسكرية، وهذا ادعاء لا أساس له، ففي زمن حكم أمير المؤمنين الإمام علي- عَليهِ السَلام- كان القادة العسكريون لكن ضمن تشكيلة أخرى، فمالك الأشتر ومحمد بن أبي بكر كانوا من كبار القادة العسكريين في حكومة الإمام. والدولة تحتاج باستمرار للجيش والقادة العسكريين وجميع الاختصاصات في المؤسسات الحكومية.
أما الذين هي في غنى عنهم، فهم الذين يريدون أكل أموال الشعب دون أن يعملوا، ودون أن يكونوا نافعين له أصلًا، وعلى هؤلاء أن يحسموا أمرهم، فكلما أكلوا ونهبوا بمقدار أقل كان حالهم أقرب إلى صالحهم، لأنهم حيثما ذهبوا، فسيتم العثور عليهم.
وعلى أي حال فهذه من الدعايات الغائية التي يستمر ترويجها بين العسكريين والجنود وترويج أمثالها بين المزارعين والفلاحين، إذ يقال لهم: إن مجئ الحكومة الإسلامية يعني إعادتهم إلى الأوضاع المأساوية التي كانت تحيط بهم، لكن الفلاحين المساكين أنفسهم يعلمون أن الاصلاح الزراعي الذي قام به هذا السيد (الملك) هو الذي أوصلهم إلى الحالة المأساوية والأوضاع المعيشية السيئة التي يعيشونها الآن، فالمصارف والجميعات التعاونية التي أقيمت باسمهم قد سلبتهم كل مقومات الحياة.
لكن إذا أقيمت الحكومة الإسلامية لا محل فيها لهذه الأمور، ولا تتوهموا أنها سترجع لأولئك المتجبرين المترفين الأملاك التي أخذت منهم، كلا، بل ستحاسب كل واحد منهم حساباً عسيراً، وعليهم أن يدفعوا لها الضرائب التي أحجموا عن إعطائها (هم وأباؤهم وأجدادهم) سبعين أو مائة عام، فلو أحصينا مبالغ هذه الضرائب، لزدات على قيمة أملاككم، لذا سنأخذ ما لديكم من المجوهرات والودائع المصرفية، لأنكم مدينون للحكومة.
فإذا تم تأميم هذه الأملاك وأصبحت من أموال الحكومة الإسلامية، فهي تحتاج حينئذ لمن يزرعها، لأنها لا تريد تأمين المحاصيل الزراعية من الخارج ومد أيديها إلى إسرائيل وامريكا من أجل الحصول على البيض والدجاج أو الحنطة والشعير، بل إنها تريد إقامة دولة توفر بنفسها كل ما تحتاج إليه، فتكون منتجاتها الزراعية ملبية لحاجاتها.
فقد دمر هذا المرء ثرواتنا الزراعية والحيوانية، فهو الذي أعطى الأجانب أراضينا الخصبة، وأتلف كل ما لدينا، ونحن نريد ان يكون بلدنا لنا، فالإسلام لم يأت لظلم الضعفاء بل لرعايتهم وخدمتهم، وقد ظهر بينهم، وليس بين الأغنياء، فقد انطلق بين صفوف مساكين المدينة ومكة ومعدميها، والأمر نفسه يصدق على سائر الأنبياء، فلم يكن منهم من طبقة المترفين، لكي يدافعوا عن مصالحهم، بل انطلقوا من بين صفوف هؤلاء الضعفاء والجماهير، وهم المدافعون عنها، فلا يسمحون بإنزال الظلم عليهم وبالطبع لا يسمحون ايضاً بإنزال الظلم على الكبار، فلا يحق لأحد أن يظلم آخر. ومن هذه الدعايات أيضاً الادعاء بأن مجيء الحكم الإسلامي يعني حبس النساء في المنازل وإقفال الأبواب عليهن، لكي لا يخرجن منها! (يضحك الحاضرون).
فأي قول قبيح هذا الذي ينسبونه للإسلام؟ في صدر الإسلام كانت النساء يشاركن في الجيوش وميادين القتال. والإسلام لا يعارض الجامعات، بل يرفض نشر الفساد فيها، وجعلها متخلفة، ويعارض الجامعة الاستعمارية، وليس أصل الجامعة، الإسلام لا يعارض أبداً شيئاً من مظاهر التقدم، ولا يحد فئة من فئآتكم. والإسلام هو الذي أنقذ النساء، وحفظهن في مقابل الرجال بعدما كانوا لا يقيمون لهن وزناً قبل بعثة بني الإسلام، فمنحهن القوة، وجعلهن مساويات للرجال وفي مكانة واحدة. وبالطبع ثمة أحكام خاصة بالمرأة تناسبها وأخرى خاصة بالرجل وتناسبه، لكنها لا تعني التمييز بينهم، كلاهما يستطيعان دخول الجامعة، ويتمتعان بحرية الانتخاب والترشيح.
أما الذي يرفضه الإسلام، فهو ما يسعون له من تحويل المرأة إلى لعبة بأيدي الرجال، أو أن تكون مجرد جاذبة لأنظار الرجال على حد تعبير الملك، فهذا انحراف نسعى لمنعه، ونحن نريدها إنساناً حراً مثل سائر الأحرار من بني الإنسان. هذه هي الدعايات التي يصرف الملك لترويجها مائة مليون دولار سنوياً حسب ما ينقل، فلا تصغوا لها، ولم يعد ثمة من يصغي لها، وعليه هو أيضاً أن يجمع رحاله، ويذهب لسبيله (يضحك الحاضرون).
أرجو لكم جميعاً التوفيق- إن شاء الله- ورجائي أن يقيم الإسلام حكومته في إيران بكل موفقية تحل محل الحكومات الظالمة إن شاء الله (الحاضرون: إن شاء الله). اللهم أيد كل الذي ينصرون الإسلام داخل إيران (الحاضرون: آمين)، وأسأله تعالى أن يوفقكم ويؤيدكم أنتم الشباب الذين تقيمون في الخارج بعيداً عن شعبكم الحاضرون: آمين).
وأسأله أن يوفق الجميع لننجح في قطع أيدي الأجانب عن بلدنا، حفظكم الله جميعا لحاضرون: آمين).
* صحيفة الإمام، ج5، ص: 145-148
2011-03-25