يتم التحميل...

الموضوع: مسؤولية الشعب في ايواء الجنود الفارين وتقديم المساعدة للمضربين...

خطاب

الحاضرون: جامعيون وايرانيون في الخارج‏

عدد الزوار: 102

التاريخ: 1 دي 1357 هـ. ش./ 21 محرم 1399 هـ. ق.
المكان: باريس، نوفل لوشاتو
الحاضرون: جامعيون وايرانيون في الخارج‏

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم‏

طلبوا أن أتحدث الليلة ببضع كلمات على نحو الاستثناء، لكن في الأوقات الأخرى أكون في خدمتكم يوم الأحد نفسه.

لقد أعلنا أن الحكومة الإيرانية غير شرعية وغير قانونية، فهي مخالفة لأحكام الشرع وقوانين الدستور، ولذا يجب على الأهالي اجتناب كل ما يرتبط بها وكل ما يقدم لها العون. وقد قلنا للجنود وأمرناهم بالفرار منها، لأن الخدمة في هذا الجهاز خدمة للظلم، وقد فر الكثيرون منهم، لكن ظهرت مشكلات، فأكثرهم فقراء ولا مأوى لهم، ذهابهم إلى منازلهم سيعرضهم لعدوان الحكومة عليهم واعتقالهم، لذلك لا يستطيعون الذهاب إليها.

ولذا يجب على الأهالي شرعاً، وحيثما كانوا أن يبادروا لإيوائهم وتوفير مصارفهم، فهم مكلفون تهيئة منازل متواضعة لإيواهم شريطة أن تخفيهم. ونحن أيضاً نجيز صرف الحقوق الشرعية في إعانتهم. وهذه قضية مهمة، ويجب على الأهالي أن يتحركوا بشأنها، ويؤدوا هذا الواجب، فقد خرج هؤلاء المساكين من المعسكرات، ولا مأوى لهم اليوم.

القضية الأخرى ترتبط بالعاملين في شركة النفط، فقد اعتزلوا العمل والكثيرون منهم قدموا استقالاتهم وهم الآن بحاجة للعون، ومن مشكلاتهم مشكلة السكن، فالحكومة الغاصبة أخذت منازلهم أو هددتهم بذلك إذا لم يعودوا لأعمالهم، لأنهم أحجموا عن استخراج النفط وتقديمه لأسيادها. فهم بحاجة للسكن ومستلزمات المعيشة أيضاً، فيجب على الأهالي وأصحاب السعة المالية منهم القيام بهذه المهمة أيضاً وتوفير السكن والمصاريف لهم واستضافتهم.

وفيما يتعلق بالحقوق الشرعية، فإني أجيز لهم صرفها في هذا المجال. أما فيما يتعلق بالأعمال المرتبطة بهذه الحكومة التي من شأنها تقديم العون لها، فهي محرمة، لأنها حكومة غاصبة ظالمة، فلا يجوز للشعب إعانتها، ودفع الضرائب عون لها، فلا يجوز للأهالي دفعها، فعليهم اجتناب ذلك قدر الإمكان واجتناب كل ما يعتبر إعانة لهذه الحكومة.

الدعايات الإعلامية كثيرة، وهي ترتبط بأمور مختلفة، وقد رددناها في أحاديثنا، لكنهم يواصلون إثارتها في الصحف الحكومية المنتشرة داخل إيران أو المنتشرة هنا، أو في أماكن أخرى.

ومن هذه الدعايات التي يروجونها في إعلامهم هي المتعلقة بالأقليات الدينية إذ يقولون: إن الحكومة الإسلامية- إذا أقيمت- ستفعل كذا وكذا باليهود والنصارى والزرادشت (المجوس)، وسترتكب المذابح الجماعية لهم وأمثال ذلك.

وهذا ادعاء خاطئ جداً، فإذا أقيم الحكم الإسلامي- إن شاء الله- واستقرت حكومة عادلة- بمشيئة الله- سندعو حتى اليهود الإيرانيين المخدوعين الذين خرجوا من إيران، وذهبوا إلى اسرائيل بدافع من أوهام خدعوهم بها فوقعوا بأيدي اليهود والإسرائيليين القادمين من أميركا وغيرها فأنزلوا بهم الأذى وهم الآن في ضيق وعسر شديد- كما ينقل-، سندعوهم للعودة إلى وطنهم إيران، وستعاملهم الحكومة الإسلامية بأفصل صورة، لأن الإسلام لا يريد العسر لأحد من بني الإنسان، وأحكامه تحترم جميع الفئآت.

وبالطبع ثمة حالات استثنائية فيه ترتبط بمثيري الفتن والمخربين الذين لا يوجد من يقر التسامح في التعامل معهم، أما أمثال اليهود وسائر أهل الكتاب من النصارى والمجوس فهم من أهل الذمة الذين يعيشون في ظل الدولة الإسلامية برفاهية وإحترام، فما يقال من إقامة الحكم الإسلامي تعني تعريضهم للأخطار دعايات إعلامية تحريفية، والهدف حفظ الملك وضرب هذه النهضة.

ومن هذه الدعايات أيضاً الادعاء بأن إقامة الحكم الإسلامي ستؤدي إلى إزالة جميع هذه المؤسسات التي تشم منها رائحة التقدم والحداثة، حتى إن الملك نفسه قال مرة في بدايات الأمر: إن رجال الدين هؤلاء يقولون: إننا لا نستقل الطائرة والسيارة أصلًا، بل ننقل بواسطة الحمير مثلما كان عليه الحال في العهود السالفة! ونفس هذه الادعاءات يروجونها اليوم مع بعض التغييرات، فيقولون: إن رجال الدين يريدون إرجاع البلد إلى العصور الفلانية.

لا هذه اقوال منحرفة، إن العلماء يريدون جعل البلد مستقلًا حراً، ولكن ليس على نمط التحظر الذي في معجم الملك، وليس على نمط الحرية المذكورة في كتاب الملك، وحسب مصطلحه الذي يعني سوق الناس أفواجاً للقتل لأنهم يطلقون صرخة ما!!

الإسلام يجيز جميع مظاهر التحضر والتحديث باستثناء تلك التي تفسد الأخلاق وتنافي العفة، والإسلام يرفض ما يضر بمصالح الشعب، ويثبت ما ينفعه، عندما انتقلت مظاهر التحضر الموجودة في الأماكن الأخرى والدول المتقدمة التي يستفاد بها بصورة سليمة، إلى بلدنا والبلدان المماثلة له، كانت الاستفادة منها إفسادية، فيمكن مثلًا الاستفادة من أجهزة السينما لعرض أفلام أخلاقية تعليمية وتربوية، ولن يمنعها أحد في هذه الحالة.

أما الاستفادة الحالية منها، فهي لافساد أخلاق شبابنا، فالشاب الذي يرتاد دور السينما بحالتها المتعارفة في هذا العصر، وفي عهد الملك يخرج منها بعد أيام فاسداً لا يأتي بأي خير، وهذا هو هدف هؤلاء (النظام الملكي)، فجميع البرامج التي أعدونها- الثقافية أو الفنية، هي برامج استعمارية يريدون بها تحويل شبابنا إلى أدوات لخدمتهم لا لخدمة البلد، أو إفسادهم وتحويلهم إلى أعضاء فاسدة في المجتمع، وهذا هو المصير الذي يتجه إليه شبابنا إذا ارتادوا هذه المراكز الافسادية التي أقامها النظام ومكنهم من ارتيادها.

إن مراكز الفساد أكثر من المكتبات في طهران اليوم، وأكثر من مراكز التعليم والتربية، والسبب هو أنهم يريدون سوق الشباب بمختلف الطرق إلى البطالة والانحراف، لكي يكونوا عاجزين عن فعل شي‏ء تجاه كل هذه الاشكال المتنوعة من الاستغلال الذي يمارسه الأجانب على بلادنا، أي أن يجعلوهم لا أباليين تجاهها.

فالشباب الذين يتحولون إلى مدمنين على الترياق أو الهيروئين والخمر والقمار ومراكز الفساد والفحشاء لا يبالون سوى بشهواتهم، فهي كل مرادهم، فلا يهتمون بكل ما يجري في العالم.
أجل إنهم يسعون إلى تقييد الجيل الشاب الذي يمكن أن يصبح ثروة عظمى للبلاد قادرة على نقله إلى التقدم والرقي، فهم يسعون بكل السبل إلى جعله متخلفاً عديم الفائدة وطاقات معطلة لا تأتي للبلد بخير، هذه هي إحدى سياساتهم. ومن سياساتهم مثلًا جعل المؤسسات التي أقاموها من الجامعات وما دونها استعمارياة أيضاً، فهم لا يربون أبناءنا تربية علمية سليمة، بل يحبسونهم في مستو علمي معين لا يسمحون لهم بتخطيه، هذا أولًا.

وثانياً أنهم يعدون وسائل وعقبات متنوعة لتكريس تخلفهم، فلو كانت الجامعة سليمة مستقلة مثلما نريدها، لتخرج فيها رجال أقوياء يتصدون للذين يسعون للعدوان على بلادنا ونهب ثرواتنا.
ولكن أولئك لا يريدون وقوع مثل ذلك، ولذا يربون أبناءنا على تلك الصورة إذا استطاعوا تغريبهم فعلوا، أي أنهم يعرضون عليهم القضايا الغربية بالصورة التي يبهرونهم بها، ويجعلونهم يغفلون بالكامل عن انتمائهم الأصلي، ويصبحون تابعين لهم كل التبعية، أي: يتحولون إلى عملاء لهم يفعلون لهم ما يريدون.

وهذا الذي تحقق إلى الآن، فإذا كانت لنا شخصيات بارزة من خريجي الجامعات، فأنهم كانوا إذا أرادو القيام بإنجاز ما عمدوا إلى تنفيذ الأعمال التي تخدم مصالح الأجانب، لا مصالحهم هم، فقد ذابوا في تربية الأجانب لهم وتعاليمهم التي ضخمتهم (الأجانب) في أعين هؤلاء، حتى نسوا كل أمجادهم وما يرتبط بهم، وزال توجههم إلى ذواتهم، وحل محله التوجه إلى الغرب وكل ما يرتبط به.

أما الإسلام، فهو يريد أن لا يكون أحد من أبناء البلاد الإسلامية تابعاً للأجانب أو خاضعاً لتأثيرهم. إذا أقيمت الحكومة الإسلامية، فإنها لن تسعى لمحو آثار التحضر والتحديث، فهي ليست ضد الجامعة والعلم، كيف والقرآن الكريم ملي‏ء بمدح العلم وتفسيره وتأويله، وكذلك الحال في الأحاديث الشريفة التي تثني على العلم والعالم، فكيف يمكن أن نقول: إنها ضد العلم؟

أجل نحن ضد العلم الذي لديكم وضد المنهجية التي تريدون تربيتنا وتعليمنا على أساسها، وضد تلك المظاهر الحديثة المفسدة لأبنائنا والمقيدة لهم بأغلال التخلف، هذا ما نعارضه، ولسنا نعارض أصل التحضر والتحديث، ولسنا نريد إعادة الناس إلى العصور السالفة، بل إن هؤلاء هم الذين يسعون لصد الناس عن التقدم، سياستهم التعليمية معدة لتصد أبنائنا عن الرقي العلمي، والدليل على ذلك هو أنه بعد سبعين عاماً من وجود المدارس الحديثة في بلادنا وأكثر من ثلاثين عاماً من تأسيس الجامعات الحديثة فيها ما زال المريض الإيراني يسافر إلى أوروبا وأميركا للعلاج!

ولو كانت جامعاتنا مستقلة، لاستطاعت بعد هذه الثلاثين عاماً أن تخرج الأطباء والأجهزة المطلوبة التي نستطيع بها معالجة مرضانا بأنفسنا، هذا دليل فقداننا للجامعات المستقلة.

والدليل الآخر على ذلك فقداننا لكل شي‏ء، فقد ضاع من أيدينا كل شي‏ء في عهد هذا الملك، فلو أرادوا تعبيد طريق أو إنشاء سد لأتوا بشركة أجنبية للقيام بذلك، ولو كانت سياستنا التعليمية مستقلة، لما عجزوا عن تعبيد طريق بالإسفالت أو إنشاء سد، ولما كانوا فاقدين لشبكة إرواء سليمة أو لشبكة سليمة في توزيع الطاقة الكهربائية أو الماء الصالح للشرب، ولما كانوا فاقدين لكل شي‏ء.

حتى لو رحل (الملك)، فإنه سيقدم لنا بلاداً تحتاج الى ثلاثين سنة تبذل خلالها جهود شاقة لتعود إلى ما كانت عليه قبل مجيئه للحكم، فيتم إصلاح زراعتنا التي دمروها مثلما دمروا كل شؤون بلادنا وجعلونا بحاجة إلى إعادة بنائها.

لقد أفسدوا جميع مؤسساتنا، وتجب إعادة بنائها من الإساس، وبالطبع فنحن عندما نقول ذلك لا نعني وجوب إخراج العاملين فيها، لا، فهم جيدون ولكن هؤلاء (الحاكمين) لا يسمحون لهم بالعمل بصورة سليمة، ويصدونهم عن ذلك، فالعاملون في المؤسسات الإدارية هم من أبناء هذا الشعب نفسه.، فهم صالحون باستثناء شر ذمة من النفعيين المرتبطين بالحكومة أو التابعين للأجانب. أما الآخرون، فهم من أبناء شعبنا، وسيكون التعامل معهم بأفضل صورة وبكامل المودة، وسيبقون في أعمالهم، ويكون التعامل معهم أفضل من تعامل الحكم القائم الآن الذي دمر كل ما لديهم.

وعلى أي حال فالمراد هو أن كل هذه الدعايات التشويهية التي تروجها الصحافة المنتشرة هنا المحلية أو التي تأتي من الدول الأخرى أو التي يتم ترويجها داخل إيران بوسائل إعلامية مختلفة، ترمي إلى تحقيق هدف واحد للأجانب، وهو إبقاء الملك في الحكم، لكي يواصلوا استغلالهم ونهبهم لكل هذه الثروات، فهم لا يرون خادماً أفضل من هذا الملك الذي يقدم لهم كل هذه الخدمات الجليلة، ولذلك يسعون لحفظ حكمه. وفي المقابل يجب على إيران وشعبها ان يجتهدا للإطاحة بهذا الحكم، ويستبدلوه بحكم سليم يديرون في ظله بلادهم بأنفسهم.

أسأل الله لكم جميعاً التوفيق إن شاء الله (الحاضرون: آمين).


* صحيفة الإمام، ج‏5، ص: 179-182

2011-03-25