يتم التحميل...

الموضوع: التدخل الاميركي في شؤون إيران الداخلية

خطاب

الحاضرون: جمع من الطلبة الجامعيين والإيرانيين المقيمين في الخارج‏

عدد الزوار: 131

التاريخ: 29 مهر 1357 هـ. ش/ 18 ذي القعدة 1398 هـ. ق‏
المكان: باريس، نوفل لوشاتو
الحاضرون: جمع من الطلبة الجامعيين والإيرانيين المقيمين في الخارج‏

بسم الله الرحمن الرحيم‏

كارتر والشاه‏

يرى كارتر بأن الديمقراطية المفرطة هي التي فجرت معارضة اليمين واليسار. كما كرر القول بأنه لا ينوي التدخل في شؤون إيران الداخلية! وكان قد صرح من قبل بأن (الشاه) أقام في إيران مجتمعاً متحضراً!

وفي حديث كارتر عدة جمل، الاولى ان الشاه أرسى دعائم ديمقراطية واسعة في إيران، والأخرى انه أقام مجتمعاً متحضراً! في إيران! والجملة الثالثة، أنه لا ينوي التدخل في شؤون إيران الداخلية!

والآن على الإيرانيين أنفسهم أن يدرسوا هذه الجمل الثلاث التي صرح بها حضرته، فهل الجمل التي تفوّه بها السيد كارتر، وجّهها للإيرانيين أو للعالم الغربي أو للأميركيين أو لسكنة كواكب أخرى؟

حسناً، فلنتناول الآن جملته الاولى، فهل ان الاوضاع التي كانت سائدة في ايران منذ أن فتح الشاه عينه على الحياة وكان ابوه يتربع على العرش، وخلال الفترة التي امضاها هو في الحكم بناءً على أمر من الحلفاء والاجانب، وحتى هذه اللحظة الموجود فيها بايران، هل عرفت ايران في عهدي الأب والابن معنى الحرية؟ هل إن هذه الديمقراطية وهذه الحرية التي منحت للناس بصورة واسعة وحاسمة، هي تلك الاعمال التي قام بها الشاه طوال مدة تسنّمه العرش؟! فليأتوا ويشاهدوا منذ ان نُقلت الملكية إليهم- وقد أدركت ذلك الوقت وحتى اليوم الذي نحن فيه هنا، والى الآن الذي يزاول النواب عملهم في المجلس- فهل كانت لدينا خلال تلك الفترة التي تسنم فيها هذان الشخصان (رضا ومحمد رضا بهلوي) الحكم، انتخابات صحيحة وحرة بحيث يذهب الناس ويصوتون؟! ففي أية فترة من الفترات التي قضيناها، ولا سيما هذه الفترة الأخيرة أرسى هذا السيد الديمقراطية الواسعة!، وفي أي دورة من هذه الدورات كان النواب ممثلين للشعب؟! أكانت غير الأوامر التي جعلت منهم نواباً؟! غاية الأمر أن الناس كانوا يتصورون بأنها اوامر الشاه والحقيقة هي أنها اوامر الاجانب. لقد قال بنفسه انهم كانوا يأتون بقائمة أسماء النواب من السفارات الاجنبية ونحن مجبرون على العمل بها! غاية الامر أنه يدعي بانه لا توجد في الوقت الحاضر قدرة أعلى من قدرتنا! انظروا هل اعطي الحق الطبيعي هذا للناس، هذا الحق الذي يمنحه العالم كله للشعوب؟!

إن أساس الديمقراطية هو أن يكون الناس أحراراً في آرائهم وفي أنتخاب نوابهم الذين يرسلونهم إلى المجلس وفي تقرير مصائرهم! وقد منح الدستور هذا الحق للشعب. فهل كان لدينا نواب يمثلوننا حقاً مع هذه (الديمقراطية الواسعة الحاسمة) التي منحها الشاه (للشعب) حسب منطق كارتر منذ تسنمه للسلطة، أو تنصيبه عليها، حتى الآن؟! هذا الحق المسلّم به والمعلوم الذي لا يمكن ان ينكره أحد! فليذهبوا إلى أي مدينة من مدن إيران وليسألوا، فليس هذا الامر خفياً!! اذهبوا إلى أي مدينة واسألوا: أيها السيد من هو الذي يمثلك في المجلس؟ وأي شخص هو؟ إن أكثر الناس لا يعرفونهم البتة و لا يعلمون حقيقتهم! ان هذا الشعب الذي ينبغي أن يتحكم بمصيره ويجب أن يختار نوابه بنفسه، لا يعرف عن ممثليه شيئاً ويجهل حتى اسماؤهم!. هذا هو معنى (الديمقراطية الواسعة الحاسمة) التي سلبت هذا الحق المسلّم به والمعلوم للشعب!

مصادرة الحرية

إذا كان من المقرر ان توجد حرية وجب أن تكون في طهران التي تعتبر المركز ومحل تواجد الساسة وامثالهم، فلأي من هؤلاء النواب في طهران صوّت الناس بصورة حرة؟! فمثل هذا ليس بالامر الذي يمكن اخفائه. فلمن يقول السيد كارتر هذا الكلام؟! لكوكب المشتري؟! أيقوله لشعوب العالم؟! وأي شعب في العالم لا يعلم؟! وأي من صحف العالم لا تعرف ذلك؟! نعم، يمكن أن تكتب كثير من الصحف لصالح السيد كارتر، وتقول: أجل، ان الديمقراطية والحرية موجودتان والناس أحرار! ولكنهم أنفسهم يعلمون أنهم لا يقولون الحقيقة، والسيد كارتر يعلم أيضاً لمن عهد بالأمر، ويعلم المشاكل التي يعاني منها الناس!

كان هذا فيما يتعلق باحدى قضايا الشعب الجوهرية، الحرية والديمقراطية.

الرقابة على الصحف‏

ولنأت إلى الصحافة، فإن الصحف كانت صحف النظام الإيراني، وكل ما تكتبه هو ما يتفضل به (صاحب الجلالة)! وكل ما كانت تقوله هو مدحه والثناء عليه! ولم يكن فيها شي‏ء من آراء الشعب. وهذه صحفهم تقول الآن: اننا لم نكن أحراراً! ولا يسمحون لها الآن ان تكون حرة أيضاً.

ليأتوا ولينظروا- منذ أن نصبه الحلفاء على العرش وفرضوه على الشعب- أي صحيفة من الصحف كانت حرة أو منحها الحرية؟! ثم اذا كان جلالته قد منحها الحرية الآن! فكيف كان وضعها قبل سنة؟! يتبين عدم وجود الحرية قبل سنة، وأنه أطلق حريتها الآن!

الاعتراف بغياب الحرية

إذن فجلالته مجرم وخائن حسب منطق كارتر، ذاك الذي يريد ان يزكيه وينزّهه! إنه يقول بأن جلالته أرسى دعائم (ديمقراطية واسعة وحاسمة) الآن، ولذلك يعارضونه! حسناً، لقد منح هذه الديمقراطية الواسعة والحاسمة توّاً، كما يقول الشاه أيضاً: اريد ان أمنح الحرية! ولا يوجد أحد يقول له ما شأنك لتريد أن تمنح الحرية؟! وهل تريد ان تمنح الحرية التي منحها الدستور للناس؟! ولو فرضنا ان سلطنتك كانت قانونية- وهي ليست كذلك- فلا يحق لك ان تحكم أبداً! ولكنك حكمت في تلك المدة التي كنت متربعاً فيها على العرش وانت غاصباً للحكم! وفي هذه الحالة لم يكن للشعب أي اختيار للقيام بعمل، وأنت فعلت كل ذلك، وتتحمل مسؤولية كل الجرائم!

إذن حسب تصريح كارتر نفسه ان الشاه منح الحرية الآن وها هو يرسي دعائم (ديمقراطية واسعة وحاسمة). هذا دليل على أنه لم يمنح الحرية قبل هذا ولم تكن هناك ديمقراطية وكانت تدار شؤون البلاد بالقسر والعجرفة، وهذه هي جريمة الشاه، التي يجب ان يحاكم عليها تبعاً للقانون! إذ إن حظر محاكمة الشاه يصح فيما إذا كان ملكاً غير مسؤول، أما الذي يتحمل جميع المسؤوليات، عليه ان يمثل أمام الشعب، وإذا أراد ان يهرب، يجب ان يأخذوا بلحيته!- إن كانت له لحية- ولا يسمحوا له بالفرار إلى ان يُحاكم ليجيب على ما ارتكبه من إراقة الدماء وسلب حرية الناس! هذا فيما يتعلق بالصحف.

قمع وسائل الاعلام‏

ان إحدى وسائل الاعلام هي الاذاعة والتلفزيون. فأي من هذين المركزين استطاع حتى الآن ان يقول إن الشاه عمل كذا إذا ارتكب خطأ أو مجزرة؟! وأي صحيفة تجرؤ على ان تذكر أن ذلك بأمر الشاه؟! يقولون اليوم: الدولة والشرطة والأحكام العرفية!. هذا كله هُراء، إنه من عمل هذا الشخص نفسه!

والآن وبعد أن أندحر لا زال يرتكب أعمالًا ايضاً! وإلّا فما شأن الشرطة بما يكون عليه الناس؟! انهم ينفذون أوامره! كلهم يقولون ننفذ الأوامر! فعندما كنّا في قم وحين جاؤوا واقتحموا المدرسة الفيضية بذلك الاسلوب الشنيع، وضربوا طلبة العلوم الدينية بذلك الشكل‏ وقتلوا بعضهم. كان جوابهم حينما كان كل شخص يسأل عن ذلك، أنه أمر من جلالته! شرطة قم كانت تقول إنه أمر جلالته! وكل من كان يُسأل يقول إنه أمر جلالته! وهو كذلك. وحتى الآن هو أمر جلالته! فلا يوجد في الساحة أحد سواه! وهذا هو مجال الاذاعة والتلفزيون ووسائل إعلامه.

منطق كارتر

أيّ حرية للناس في هذا الاعلام؟! ويصرح حضرته (كارتر) بأن (الشاه منح حرية وديمقراطية واسعة وقد أطلق حرية كبيرة للناس)! ولذلك ضاق صدر الناس، فهم يصرخون لأنها واسعة جداً! وان ما يهتف به الناس في الشوارع: الحرية والاستقلال، فهل قصدهم من الحرية أننا لا نريد الحرية، ومن الاستقلال أننا لا نريد الاستقلال؟! الشاه يريد ان يمنح الحرية والاستقلال ولكن الناس يعارضونه! يقول كارتر (إن منشأ معارضة الناس واليمينيين واليساريين للشاه هو منحه الحرية الواسعة والحاسمة)! وقد عارضته الاحزاب السياسية والفئات المختلفة جميعها لأنه منح الحرية، وتحتج جميعها عليه قائلة لماذا منحت الحرية؟! كما يعارضه الشعب أيضاً بقوله لماذا منحت الحرية؟! هذا هو منطق كارتر!

الإصلاح الزراعي والقضاء على الزراعة

اما البلاد والمجتمع الراقي الذي أنشأه حضرته، فللرقي في منطق كارتر معنى لا نستطيع فهمه! وألا فان أي مكان تضع يدك عليه في البلاد تجده خرباً! وهاتوا أي بند من بنود (الثورة البيضاء) واعرضوها على المجتمعات الإنسانية وانظروا ماذا عمل حضرته؟! فهو يقول لا وجود للاقطاعية وقد انتهى أمر (الاقطاعية) واصبح المزارعون (أحرارا من الرجال ومن النساء)! هذا ما كان يكرره آنذاك، واذا ما سُمح له الآن قليلًا سيعيده ايضاً! والحقيقة ان هؤلاء المزارعين والمساكين هم اولئك الذين تبددت كامل ممتلكاتهم! ان هذا (الإصلاح الزراعي) هو الذي دمّر زراعة بلادنا. والآن ليست لديكم زراعة، ولا توجد زراعة الا بما يكفي الشعب لمدة ثلاثين أو ثلاثة وثلاثين يوماً فقط، والبقية يجب ان تستورد من الخارج!

كتائب الثورة البيضاء

اما الامور الاخرى مثل كتائب التعليم، وكتائب كذا، وكتائب الدين، فكل الناس يعلمون لماذا ذهبت الكتائب إلى هذه القرى والارياف! كل ذلك كان لتمجيد حضرته وللدعاية الباطلة، جميعهم موظفون لفرض التخلف على الشعب، وبث الدعاية ليتبع جميع الناس الشاه وليكون‏ معتقدهم: (إن امر الشاه هو أمر الله)! هذا كل ما فعله هذا السيد لهذا البلد. اعاده الى الوراء وحرص على بقائه متخلفاً.

إنهم لا يسمحون بوجود رجل مؤهل في بلادنا. انهم يخافون من الإنسان، يخافون ان يوجد إنسان مؤهل يجابههم! ويعترض على افعالهم. ولا يسمحون ان يكون لنا نائب، فإذا كان لنا نائب فسيواجههم معترضاً، وسيستجوب الحكومة إن أرادت ان ترتكب حماقة! ويعترض على الشاه إن أراد ان يرتكب حماقة! فمن الطبيعي ان لا يسمحوا للشعب بانتخاب ممثلين.

النفوذ الاميركي في كافة مرافق البلاد

أين هي هذه البلاد الراقية والمجتمع الراقي اللذان لا نعرفهما وليست لدينا معلومات عنهما؟! وأي منطقة عمّرها في البلاد؟! سوى ما أنشأ من قواعد عسكرية للآخرين! فأميركا الآن تسيطر على جميع شرايين بلادنا! فأي شي‏ء في هذه البلاد قد تطور؟! ان أول مظاهر البلاد الراقية ان تكن مستقلة، فأي شي‏ء في هذه البلاد مستقل؟! هذا ينهب من جهة وذاك من جهة اخرى! وقد غاصت كف ذاك في آبار نفطنا، وغاصت كفّ هذا في غازنا الطبيعي! أهذه هي البلاد الراقية؟! أي شي‏ء فيها تقدم؟! أي جامعة راقية عندنا؟! أي ثقافة متطورة لدينا، أي جيش تقدمي عندنا؟! الجيش الذي يخضع لاشراف المستشارين الاميركيين، هل هذا هو جيش؟! لقد سلّم الشاه هذه البلاد للسيد كارتر فمن الطبيعي لكارتر سارق النفط ان يقول ذلك!

تدخل كارتر في شؤون إيران‏

وكان موضوعه الثالث (اننا لا نريد التدخل في شؤون إيران الداخلية)! في أي شأن لم تتدخلوا؟! ماذا يعمل مستشاروكم داخل جيشنا؟! ولمن انشأتم القواعد العسكرية المقامة في جبالنا؟! أليس هذا تدخل في شؤون بلادنا؟! إن كلامه هذا بحد ذاته يعد تدخلًا. ما معنى ان يقول: انا لا اتدخل. ألا تدفع الشاه لتدمير بلادنا بهذه الصورة؟! ألم تتدخل انت في شؤون بلادنا؟ ان الشاه نفسه يقول بأنهم كانوا يرسلون لنا قوائم باسماء النواب الذين ينبغي ان يدخلوا البرلمان، غير أنه يزعم أن الامر قد تغير الآن. حسناً، يعلم الإيرانيون وتعلم صحف العالم ايضاً ان السيد كارتر وأي شخص يصبح رئيس الجمهورية في أميركا يتدخل في شؤون بلادنا! وليس لدينا اليوم استقلال ولا حرية! ولا حرية للناس ولا للصحف بأي شكل من الاشكال! فلتكتب هذه الصحف التي تدّعي الآن انها حرة، ان الشاه يرتكب هذه الاعمال، لماذا لا تكتب؟! واذا ما بحثتم في جميع الصحافة لا تجدون هذه الكلمة: أن الذي ارتكب هذه الجرائم‏ هو الشاه نفسه. وحينما ينهار هذا الاساس، سيذكرون ذلك، أما الآن فلا يجرؤن، وذلك لوجود الاحكام العرفية، والتهديد يطال كل شي‏ء، وإذا ما تكلموا مثل هذا الكلام فسيعدمون!

كيف تجرؤ بالقول ان هناك حرية؟ كيف تزعم ان هناك رقي وازدهار؟ هل الشاه منح الحرية للشعب واخذ بالبلد إلى مدارج الحضارة. انه كلام يبعث على الضحك .. فهل هذه الانتفاضة التي يقوم بها الشعب تأتي اعتراضاً على الحرية التي منحها الشاه؟ فما هذا الكلام. هل يحق لرئيس جمهورية ان يتحدث بمثل هذا الكلام. لقد نشر في الصحافة مثل هذا الكلام ولم يعترض عليه أحد. لابد من ذكر ذلك. لابد من كشف النوايا الحقيقية وراء امثال هذه التصريحات. وإلّا من يجهل حقيقة ما يجري ولا يعلم بخفايا الامور.

ان كل مصائبنا هي من فعل حكّام الشعوب، من رؤوساء البلدان. ان كل المصائب التي تطال إيران وبلدان الشرق هي من رؤساء ما يسمى بالقوى الكبرى! فهؤلاء الاقوياء يريدون نهب ثروات الضعفاء، وأن يتحمل الضعفاء الجوع، وينهب اولئك نفطهم ومعادنهم ويبدّدوها، وان يجلس الناس على آبار النفط هذه ويتضوّروا جوعاً! هذا هو منطق القوى الكبرى كالاتحاد السوفيتي وأميركا وأمثالهما!

العقود غير القانونية

إننا نريد ان يزول هذا الوضع! ان الوضع في إيران اليوم بشكل أن شاهها وحكومتها ونوابها وجميع هؤلاء مفروضون على هذه البلاد! لم ينتخب الناس النائب، ولم ينتخب الشعب من نواب مجلس الشيوخ ما يجب ان ينتخب، وعندما لا يكون المجلس من الشعب، فليس الوزراء قانونيين! وعندما يكون الوزراء غير قانونيين، فإن جميع المعاهدات التي يعقدونها مع البلدان الاخرى، سواء مع أميركا أو سائر البلدان هي مخالفة للدستور! لان قانوننا جعل تصديق المجلس اساس الحكومة، كما ان الشعب ينتخب المجلس وفقاً لما ينص عليه الدستور، وإذا لم ينتخبه الشعب فليس بمجلس! فإذا لم يكن مجلساً فإن الوزير أو رئيس الوزراء الذي يعينه ذلك المجلس ليس بوزير! وإذا كان الوزراء غير قانونيين فالحكومة دولة غير قانونية! وإذا كانت الحكومة غير قانونية فجميع المعاهدات التي عقدتها مع البلدان الاخرى باطلة، لأنها مخالفة للقانون أساساً!


* صحيفة الإمام، ج‏4، ص: 53-58

2011-03-22