يتم التحميل...

الموضوع: التضحية في سبيل الله، سيرة الانبياء

خطاب

الحاضرون: جمع من الطلبة والإيرانيين المقيمين في الخارج‏

عدد الزوار: 222

التاريخ: 3 آبان 1357 هـ. ش/ 22 ذي القعدة 1398 هـ. ق‏
المكان: باريس، نوفل لوشاتو
الحاضرون: جمع من الطلبة والإيرانيين المقيمين في الخارج‏

بسم الله الرحمن الرحيم‏

اطلاق سراح السجناء السياسيين لا يكفي‏

لقد اعلن اليوم أنهم اطلقوا سراح عدد من السجناء السياسيين وسيطلقون سراح عدد آخر ايضاً! فعلينا الآن ان نرى هل هذا الاطلاق يعوّض عما فات من القضايا؟! انهم يدمرون حياة الناس خلال عشر أو خمس سنوات أو أكثر أو أقل من كل ناحية، ويسلبونهم جميع الحريات ويذيقونهم انواع العذاب في السجون، ثم يقولون أنتم أحرار! حسناً، هل هذه السنوات الخمس التي ضاعت من عمر المسلم، وتعذيبه مدة خمس سنين أو عشر سنين تذهب هباءً؟! الآن هو حر، وانتهى الامر! وما أن يطلق سراح عدد من العلماء وسائر الطبقات، حتى نقنع، وعلى الشعب ان يهدأ الآن؟!

هذا الشاه الذي حكمنا حوالي ثلاثين سنة وقتل هذا العدد من المسلمين، وشرد هذا العدد منهم عن الوطن، وحرم هذا العدد من الناس من حقوق الإنسان، يقول الآن (اطلقنا سراح السجناء، فماذا تريدون بعد منا؟!).

إنهم يريدون منك عشر سنوات من العمر! إنك هدرت عشر سنوات من عمر إنسان في السجن داخل غرفة مساحتها ذراعان، وأضعت عشر سنوات من عمر شعب، والآن ماذا نريد نحن بعد؟! نريد التعويض عن هذه السنوات! يريد الناس التعويض عن تعذيب أبنائهم في السجون لمدة عشر سنوات! ولا يمكن التعويض عن ذلك في هذه الدنيا. وهذه من الادلة الواضحة لوجوب وجود مكان آخر ليعاقب الله تبارك وتعالى هؤلاء الظالمين.

فافترضوا انكم اجتمعتم وقطعتم محمد رضا خان إرباً إرباً، فقد قتلتم شخصاً واحداً، شخصاً سافلًا. حسنا، فهذا شخص مقابل شخص! ولنفرض ان حضرته إنسان شريف، ولكن هل هذا الجمع يعدله إنسان شريف واحد؟! لقد أضاع وجود هذا العدد من الناس الشرفاء، قتل ذلك العدد من أبنائنا. والآن جزاء من قتل شخصاً أن يقتل بدلًا عنه، وهل يمكن التعويض عن قتل أفواج متلاحقة من الناس؟!

من الطبيعي أننا يجب ان نعاقبه هنا أشد العقاب، ولكن هل يمكن الاقتصاص منه عن كل ما اقترفه؟! فإذا أعدمناه مقابل قضائه على اسرة، فهل يتحقق القصاص الكامل بذلك، فماذا عن الاسر الاخرى؟! فهل نرضي أنفسنا الآن بأن السيد أصدر عفواً! لم يكن هذا السجن قانونياً منذ بدايته، وحتى ان فترة سجن كثير من هؤلاء السجناء غير القانوني قد انتهت ولكنهم احتفظوا بهم في السجن! دون أي مبرر. ان مجرد أن يأتي هؤلاء الجلاوزة ويفتحوا ابواب السجون ويطلق سراح السجناء، ينتهي كل شي‏ء؟!

يجب محاكمة الشاه وجلاوزته، ولنفرض انهم اعدموا جميعاً فلا يمكن التعويض عن ذلك ايضاً، إذ كيف يمكن التعويض عن قتل أربعة أو خمسة آلاف شخص بإعدام شخص واحد؟! فقد قيل انه قتل في طهران في مجزرة واحدة أربعة أو خمسة آلاف شخص! وفي المجزرة الأخيرة بهمدان بلغ عد القتلى- كما روي- حوالي مائة شخص! كما شهدت كل من قم وزنجان وكرمان خلال أمس واليوم اضطرابات واراقة دماء وأحداث مشابهة. فأين ما تذهب تجد جرائمه. والآن قد أصدر العفو حضرته! ولولا ضغط الشعب العام ما كان ليعفو. ليس هذا عفواً وانما إرغام ولا يمكن معالجة هذه الجرائم بهذه المحاولات. ليس بوسعنا الاقتصاص لكل هذه الجرائم. كيف يتسنى لنا الاقتصاص لمقتل اربعة او خمسة آلاف من شخص واحد. واي شخص انه مثل الشاه. وهذا دليل على وجوب وجود عالم آخر ليخلد في العذاب تعويضاً عن ذلك!

مسيرة النهضة تبعث على التفاؤل‏

اننا لا ندري كيف نتصرف ازاء هذه الاوضاع القائمة في ايران؟ وبطبيعة الحال ان الوضع يبعث على الأمن. وهذا لا يعني اننا قلقون لماذا تسير الامور بهذا النحو. ولكن قلقون لهذا الجنون الذي يكسح كل شي‏ء. ومع ذلك فان هذه التضحيات تستحق ان تكون ثمناً لانقاذ الشعب. يجب ألّا نقلق لتقديم الضحايا. فهكذا كانت سير الانبياء والاولياء، لقد كانوا ينهضون بوجه الظلم، ويقتتلون ويُقتلون ويضحّون بأصحابهم!

ليس من الضروري أن نقلق الآن خوفاً من أن تراق الدماء، يجب ان تراق الدماء! والشعب الذي يريد ان يخلص نفسه من وطأة هذا القدر من الجرائم لن ينال ذلك مجاناً! الإسلام يحتاج إلى ان نقدم الضحايا. لقد تحدثت إحدى الامهات في مقبرة بهشت زهراء- على ما يبدو- قائلة ان شجرة الحرية تحتاج إلى الريّ، ودم أبني احد ما يرويها. ان لدينا امثال هذه النسوة الباسلات! وكم من نفوس طيبة ضحي بها منذ صدر الإسلام حتى الآن!

صور من جهاد الامام علي ضد الطواغيت‏

لقد حارب أمير المؤمنين (علي عليه السلام) معاوية (حوالي) ثمانية عشر شهراً في صفّين، وكم قدّم من القتلى- أكثر من عشرة آلاف شخص- وقَتلوا أكثر من ذلك. كان معاوية يقول: أنا مسلم ويجب أن أكون خليفة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم! وكان يؤم الجماعة والجمعة! كان معاوية يحافظ على الظواهر جيداً، ولم يكن مثل يزيد الذي كان سيئاً في ظواهره أيضاً. تُرى ما الذي دفع أمير المؤمنين (علي عليه السلام) للحرب؟ لانه كان هناك ظالم يستغل الناس، وأخذ بزمام الامور مواجهاً للحكومة الإسلامية، وكان يحرّض الناس على الظلم والاعتداء وينهب أموال الناس وبيت المال. فكان على أمير المؤمنين (علي عليه السلام) واجب شرعي أن يقاتله سواء خسر أو انتصر!

ويصرح سيّد الشهداء (الحسين)- سلام الله عليه- بأنه إذا رأى أحد حاكماً جائراً يظلم الناس يجب ان يواجهه! فنهض الامام بقلّة من أنصاره، وكان ذلك واجباً شرعياً، كان لابد له من ان ينهض، ويضحّي بدمه ليصلح هذه الامة، ويسقط راية يزيد، وفعل ذلك، ضحى بدمه وأبنائه وجميع ما يملك في سبيل الإسلام!

فهل إن دمنا أزكى من دم سيد الشهداء عليه السلام؟! لماذا نخاف من إراقة دمائنا؟! لقد كان إسلام يزيد كإسلام الشاه، ان لم يكن أحسن فلم يكن أسوأ منه! لقد رأى سيد الشهداء عليه السلام أن من واجبه ان يقوم بوجه السلطان الجائر وان يضحي بنفسه، لان يزيد كان يعامل الشعب بهذا الشكل وكان رجلًا معتدياً ظالماً يريد ان يتحكم بالامة فتطيعه دون مبرر!

إن سيرة الانبياء كانت تتمثل بالوقوف امام السلطان الجائر الذي يريد ان يحكم الناس، والقيام بوجهه وملاحقته! يجب الذهاب إليه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وإنزاله عن عرشه الباطل مهما بلغ الأمر.

الحرية والاستقلال يستوجبان التضحية

إذن نحن لا نبالي بتقديم الضحايا، ولابد لنا من تقديم الضحايا طبعاً، إننا نريد تحرير امة لتنال استقلالها. نريد أن نخرج من تحت وطأة أميركا وإنجلترا وروسيا، وذلك يستلزم التضحية والسجن طبعاً! ولا نأبه لسجننا وللتضحية بأبنائنا، لأن ذلك في سبيل الله، وما يكون لله ويقابله الظالم فلا غمّ لدينا! نحن نضحي بشبابنا في سبيل الله تعالى، فلا تدعو الخوف يدب الى نفوسكم. لا تصغوا الى وساوس الشياطين ابداً. اصمدوا ولا تسمحوا للخوف ان يغشي قلوبكم وستنتصرون- إن شاء الله- وإن قُتلنا، ففي سبيل الحق وهو النصر! وإذا قتلنا فهو سبيل الحق ايضاً وهو النصر! فنحن لا نخشى كل ذلك .. فليفعلوا ما شاءوا ولكننا سنهزمهم بالتأكيد .. لتعلن هذه الدول الكبرى دعمها (للشاه) كما تشاء، لكن الشعب صامد، يقول (لا)! ولا أثر لأيّ‏ مدفع أو دبابة مقابل (لا) يقولها شعب ما، وقد رأينا ما فعلت الحكومة العسكرية. فالآن الاحكام العرفية معلنة في مدينة قم، وقد شهدت المدينة يوم امس مظاهرات عديدة حاشدة واليوم ايضاً حسبما ذكر، فالناس لا تعبأ بالحكومة العسكرية. فلا يمكن إسقاط الحق بالحراب!

حفظكم الله جميعاً ووفقنا وإياكم لخدمة هذا الشعب والقيام بالواجب الشرعي الملقى على عواتقنا! إن شاء الله.


* صحيفة الإمام، ج‏4، ص: 100-103

2011-03-22