الموضوع: تغير معاني المفردات في الثقافات التابعة
خطاب
الحاضرون: جمع من الطلبة والإيرانيين المقيمين في الخارج
عدد الزوار: 117
التاريخ 11 آبان 1357 هـ. ش/ 1 ذي الحجة 1398 هـ. ق
المكان: باريس، نوفل لوشاتو
الحاضرون: جمع من الطلبة والإيرانيين المقيمين في الخارج
بسم الله الرحمن الرحيم
الفضاء السياسي المفتوح يعني الكبت
من القضايا التي نواجهها الآن؛ قضية تبدل معاني الكثير من الكلمات والمصطلحات في عصرنا الحاضر وفي إيران، واكتسابها معان جديدة تقتضي وضع قاموس جديد لها! كمصطلح الفضاء السياسي المفتوح الذي يكثر استخدامه في كلمات الشاه وهو يكرر القول: عملنا على ايجاد فضاء سياسي مفتوح في إيران!! ويتكرر هذا القول في كلمات أسياده ايضاً مثل كارتر الذي قال: إن شاه إيران اوجد اجواءً سياسية مفتوحة. وقد أخذوا اليه بالأمس ولي العهد وهو مثل أبيه من كل ناحية، فأثنى مرة أخرى على الشاه لأنه منح الحريات!! وهذه ايضاً من المفردات التي فقدت معناها في عصرنا واكتسبت معنىً آخر.
الفضاء السياسي المفتوح في إيران يعني الكبت في كل مجال، وفرض الرقابة على الصحف ومنع أي شكل من اشكال التعبير عن الرأي. ورغم ان الإنسان حرّ في التعبير عن رأيه لكن الفضاء السياسي المفتوح يعني منعه تماماً من ابداء أي رأي فيما يتعلق بحياته ومقدراته، كما أنه يعني أنه لا حق للصحافة ان تنشر ولا كلمة واحدة خلافاً لما يملى عليها.
وبالطبع فان الصحافة وكذلك الاذاعة أخذت تتحدث بعض الشيء خلافاً لما يطلب منها، وسبب ذلك هو ان هذا التحرك الشعبي وتلك القبضات الراسخة لاخوتنا في إيران، لم تعد تسمح بفعل كل ما يحلو لهؤلاء. ولكنها لا زالت لا تستطيع التحدث بحرية.
فكما تلاحظون أن الصحف والاذاعات ووسائل الاعلام الاخرى لا زالت عاجزة عن ذكر القضية الاساسية التي نعرفها جميعاً ويعرفونها هم ايضاً وتعرفها الصحف واصحابها وهي قضية الشاه. وبالطبع هي قضية اساسية بالنسبة لهؤلاء الخدم وليس لأولئك الاسياد.
وتتلخص هذه القضية في حقيقة أن جميع هذه الجرائم التي تشهدها إيران الآن إنما ترتكب بأمر الشاه. فلا يمكن لجندي ان يقتل أحداً من تلقاء نفسه، كما أن أي مسؤول أو وزير أو حتى رئيس الوزراء لا يستطيع ان يأمر من تلقاء نفسه بالقتل أو الجرح، بل ان جميع هذه الجرائم تقع بأمر الشاه مباشرة، فهو الذي كان وراء مجزرة الخامس عشر من خرداد كما اتضح، حيث كان يحلق بطائرته العمودية في اجواء المدينة ويعطي اوامره التي كانت تنص على قصف الاماكن التي يترك القصف فيها قتلى فقط مثل المستشفيات.
إن الحرية والفضاء السياسي المفتوح، أصبحت تعني سلب الجميع حق التعبير عن الرأي كما هو حال صحافتنا الآن، فإذا تحررت صحافتنا والاذاعة والتلفزيون ووسائل الاعلام الاخرى، عندها ستتضح حقيقة ما جرى، فلا أنا ولا أنتم ولا أكثر الناس على علم بما جرى، وكل ما نعرفه هو ما شهدته الشوارع من مجازر، في حين نجهل بواطن الامور وما جرى على إيران من وراء الستار.
ولكن يوجد من يعلم بكل ذلك حيث عايش الاحداث عن كثب والتأريخ يحفظ معظم الحقائق ان لم تكن كلها. وكونوا على ثقة من ان البعض قد صنفوا كتباً بهذا الخصوص لكنهم لم يستطيعوا طبعها ونشرها، فإذا توفرت الحرية الحقيقية ونشرت هذه الكتب، عندها ستصبح الصحافة جديرة بالمطالعة.
إن صحافتنا لازالت خاضعة للرقابة، ولذا لا تجد في أي منها اسم المجرم الحقيقي، كما لا تجده في احاديث أي من الرجال السياسيين، فلم يجرؤ أحد لحد الآن على القول بأن المجرم الحقيقي الذي ارتكب كل هذه الجرائم هو محمد رضا بن رضا خان، لكن الجماهير تصرح الان بهذه الحقيقة وترددها، حتى ألسنة الصغار ذوي الأثني عشر عاماً أو عشرة أعوام، وتجاهر بها في شوارع قم وطهران وسائر المدن، لكن ساستنا لا يستطيعون الافصاح عنها.
أمهات الشهداء نموذجيات
والسبب في ذلك هو عدم إمكانية التطاول كثيراً على جماهير الشعب، أو ربما لأن هذه الجماهير مستعدة للتضحية بالنفس بل لتقديم أعظم التضحيات وهي فخورة بذلك، والله يشهد ان أمهات اليوم نموذجيات حقاً، فلم يكن لنا طوال التأريخ نظائر لهن الا ما ندر، حيث تضحي الواحدة منهن بأبنائها وتفتخر بذلك. وقد أخبرني بعض الشبان بأن إمهاتنا هن اللواتي خلقن الحماس فينا، أجل فموقف هؤلاء الامهات الثكالى هو الذي حفظ حياتنا وحماسنا، لانه يمنحنا الشجاعة والجرأة.
هذا إذن معنى الفضاء السياسي المفتوح في بلدنا، حيث فقد معناه الحقيقي وبات يعني حسب منطق كارتر والشاه مختلف اشكال الكبت والقمع هذه.
التحضر أم التبعية الثقافية؟
ومن نظائر هذه المفردات التي فقدت معناها: الحضارة الكبرى و بوابة الحضارة الكبرى، إذ اكتسبت هذه المصطلحات معنى آخر في منطق هؤلاء، منطق الشاه محمد رضا الذي يرددها بكثرة، وكذلك جده الأكبر كارتر!! فهي تعني حسب منطقهم، سحق كافة المظاهر الحضارية للشعب.
إن ثقافة الشعب والحقل التعليمي يقفان في طليعة مظاهر الحضارة، ولابد لهما من التجانس والانسجام مع معالم الحضارة. لكنكم تلاحظون ان ثقافتنا ثقافة تابعة، غير مستقلة، وغير تقدمية بل متخلفة تمنع شبابنا عن التقدم خطوة خارج إطار الحدود الضيقة التي وضعوها لها.
وهذا الامر لا يقتصر على إيران حيث الوضع فيها معلوم بل يشمل شبابنا في الخارج أيضاً. فقد جاء قبل ليلة أو ليلتين عدد من هؤلاء، وهم شبان طيبون. وجلسوا عندي في هذه الغرفة وقالوا: نحن ندرس في البلد الفلاني لا أتذكر اسمه الآن لكثرة المشاغل لكنهم لا يقدمون لنا شيئاً، فنحن موجودون هنا بالاسم فقط، كانت دراستنا في إيران بمستوىً معين وما يقدمونه لنا هنا دون هذا المستوى، فوجودنا هنا عديم الجدوى فاسمحوا لنا بالعودة إلى إيران لعلنا نقوم بعمل ما مع إخوتنا.
إذن، أساس العمل في إيران هو أن تكون ثقافتنا التعليمية تابعة، بمعنى أن تكون لنا ثقافة وجامعة ومعاهد علمية لكي لا يقال إن الجامعات مفقودة في إيران وهي منسجمة في أسمائها وعناوينها مع معالم الحضارة لكنها فاقدة للمحتوى، فظاهرها حضاري وباطنها فارغ.
وهكذا كان حالها منذ بداية ايجاد المدارس في إيران كحركة نحو التقدم، لكنها لم تكن فاسدة إلى الدرجة التي هي عليها الآن، فالهدف كان منذ البداية عدم السماح بظهور حركة ثقافية وعلمية حقيقية في إيران كي لا يتخرج متعلمين صالحين، لان ذلك يعني ايجاد عراقيل امام تحقيق أهدافهم ومصالحهم التي تتمحور حول نهب ثروات هذا الشعب.
فخطتهم منذ البداية كانت تقضي بمنع ظهور ثقافة ومستوى علمي يؤهل شبابنا للتقدم والتطور أو يسمح بظهور شبان متعلمين ومثقفين صالحين.
وقد اتضحت الآن حقيقة أهدافهم، حيث أن ثقافتنا العلمية تفتقد المعنى الحقيقي للثقافة، وشبابنا يقومون في الحقيقة بتضييع أعمارهم، فلا جدوى من الذهاب لهذه المعاهد والجامعات سوى تضييع اعمار المعلم والمتعلم، وهذه الحقيقة يعرفها المعلمون والمتعلمون والجميع، لكن الوضع هو هذا!!
ونحن عندما نقول: يجب طي هذه الصفحة ومحو كافة هذه الخطط التي نفذها الاجانب على أيدي عملائهم الخبثاء في إيران، فهو لأننا نرى الفساد حيثما وضعنا أيدينا.
واذا كانت لدينا مدرسة وجامعة بالمصداق الحقيقي، فلماذا نجد أثريائنا وحتى صاحب المقام السامي 1 يعمدون إلى جلب أطباء من الخارج أو السفر إلى الخارج للعلاج، لماذا يجب أن يذهبوا إلى لندن للعلاج؟! ولماذا لا يأتي أحداً من لندن للعلاج في طهران أو غيرها، أبداً؟! لماذا ينبغي ان يذهبوا إلى لندن للعلاج؟!
ان هذا دليل على إفتقادنا للطبيب بالمعنى الحقيقي. أجل، لدينا طبيب وبيده شهادة التخرج وكافة الوثائق ويوصف ب البروفسور ايضاً! لكنه مظهر فقط يفتقد إلى الجوهر والمعنى الحقيقي، وان كلمة البروفسور نفسها هي من الكلمات التي فقدت معناها، أي أخذت تطلق على مصاديق فاقدة لمحتواها ومعناها الحقيقي، ولهذا فان الاطباء انفسهم يقولون إذا مرض أحدهم: يجب ان يذهب إلى لندن للعلاج!! الطبيب نفسه الذي جاء للعلاج يقول: نحن معذورون هنا فليذهب اليلندن.
هذا هو فقرنا في الحقل الثقافي وفي الجامعات والمعاهد العلمية وهم يريدون لنا ان نكون فقراء، فلماذا يكون لدينا أطباء؟ يجب ان يكون هذا الشعب محتاجاً ليكون مرتبطاً تابعاً للحكومات والشعوب الاخرى.
وهذه هي التبعية، أن تكون ثقافتنا العلمية مرتبطة بالاجانب والدليل على ذلك هو أننا ورغم امتلاكنا للمعاهد العلمية لكننا إذا أردنا ان نبني سداً وجب علينا ان نوقع عقداً مع أحدى الشركات الامريكية أو غيرها، لماذا؟.
ولماذا يقتصر عمل الإيرانيين على العمالة فحسب. وهكذا الحال في شركة النفط وغيرها وفي المجالات الاخرى فالمخطط اساساً هو ان يجعلوا منا عمالًا من الدرجة الثانية ومع ذلك نكون على اعتاب الحضارة الكبرى، ويكون مصداقها في إيران وجود هذا النمط من العمال.
وحتى ذوى الظاهر الثقافي والعناوين العلمية وعملاء الاسياد فمهمتهم حمل النفط وايصاله إلى أفواه كارتر وامثاله مقابل ثمن بخس. وإذا أرادوا بناء سد وجب أن يأتي الخبراء من الخارج ليصدروا الاوامر ويضعوا التصاميم، فيتقاضى أحدهم عدة ملايين من الدولارات مقابل تصميم واحد ينجزه في ليلة أو ليلتين، أما نحن فأيد عاملة نتولى مهام نقل الطابوق لاننا لا نحسن القيام بغير ذلك، والسبب هو افتقادنا الثقافة العلمية لذا لا نستطيع بناء السد الذي نريده بأنفسنا.
ألفاظ فارغة
الى أي مجال من مجالات هذه الحضارة الكبرى، ينظر الإنسان يجد العناوين شاخصة فيه لكنها فاقدة للمحتوى، العناوين كثيرة كالمهندس والدكتور وغيرها أما المضمون فمفقود.
ونفس الامر يصدق على التركيبة العسكرية، فلدينا أفواج من ذوي الرتب المهيب والفريق ولكن دون محتوى. يقول احد الظرفاء: يوجد في امريكا كلها اثنان أو ثلاثة عسكريين فقط برتبة مهيب أما في إيران فلدينا طوابير من اصحاب هذه الرتبة وأمثالها .. العناوين شاخصة بقوة ولكن عندما تبحث عن المحتوى تجد هذا السيد المهيب فاقداً له تماماً!
جيش رضاخان في مواجهة الحلفاء
عندما هاجم الاجانب الحلفاء الاراضي الإيرانية، كانت هذه العناوين الجوفاء قائمة قبل مجيئهم، وكان صاحب الجلالة 2 يومئذ غير صاحب الجلالة هذا، وان كان هذا قد ورث عن ابيه كل ممارساته الظالمة وزاد عليها لانه تحرك باتجاه الحضارة، ولو فعل لسبق الجميع! ولاصبحت إيران مستقلة في جميع مجالاتها في شرطتها وجيشها وما إلى ذلك!!
لقد اعتدوا بالضرب على أهل العلم والعلماء وساقوهم إلى مراكز الشرطة ووجهوا لهم الاهانات، وصبوا على النساء اشكال الظلم، والله يعلم أية مصائب عانيناها في إيران، فقد واجهت النساء والرجال والاطفال انواع القمع والاضطهاد، ومع ذلك كانوا يقولون في إعلامهم: لا توجد دولة بمستوى دولتنا!!
في تلك الايام كان الظرفاء يقولون: هذا هو الاول الذي لا ثاني له، ويقصدون بذلك البيان العسكري الاول الذي أصدره أولئك بشأن الحرب التي أرادوا ان يخوضوها دفاعاً عن ثغور البلاد. فلم يعقب البيان الاول، بيان ثاني، ولم يستغرق أمر المواجهة اكثر من ثلاث ساعات، وعندما سأل رضاخان أحد المسؤولين عن الامر، قال: لم يستغرق الامر اكثر من ربع ساعة، فلم نكن نملك شيئاً بينما كانوا يملكون كل شيء يقصد الحلفاء!!
وقد شاهدت بنفسي الجنود يسيرون في شوارع طهران بتلك الحالة المزرية وقد تركوا معسكراتهم، فلم يكن ثمة جندي ولا جيش. أنتم تتصورون أن هناك 250 أو 350 ألفاً من العسكريين يشكلون تعداد جيشنا، ولكن هل هذا الجيش لنا؟!
العناوين هي نفس العناوين التي تستخدم في البلدان الاخرى بدء من أعلى مسؤول وما دونه ولكن عندما تبحثون عن المحتوى تجدونه معدوماً، فقد تبدلت كل الاشياء، والباقي تعرفونه على نفس هذا المنوال.
تدمير الزراعة بأسم الإصلاحات
الأقتصاد من الامور الجيدة والسيد 3 من الاقتصاديين المطلعين جيداً على واقع الامور، ولكن لماذا يجب ان يعيش هنا ولا يسمح له بخدمة بلده؟! فكيف حال نظامنا الاقتصادي وهل نجونا من التبعية الاقتصادية؟!
لنرى الآن مصطلح الإصلاح الزراعي، فهو الآخر من تلك المصطلحات التي فقدت معناها. لقد أفسدوا زراعتنا ودمروها وجعلونا في حاجة إلى كل شيء حتى مددنا أيدينا لاسرائيل طلباً للفاكهة، والاستيراد قائم على قدم وساق للحنطة والشعير وغيرها ولو أوقوفه يوماً واحداً لكان على الشعب ان يتحمل ألم الجوع، وهم يقولون ان زراعة إيران لا تلبي حاجة شعبها سوى ثلاثة وثلاثين يوماً والباقي يجب استيراده من الخارج.
هكذا أصبح حال إيران التي كانت في السابق بلداً مصدراً للمنتجات الزراعية. أجل ان كلمة الإصلاح جميلة جداً لكنها فقدت محتواها.
الثورة البيضاء، ثورة لكنها سوداء! كل هذه العناوين عريضة جميلة جذابة ولكن على أي شيء وضعوها؟ ماذا نرى عندما ننظر إلى ما وراء هذه الألفاظ؟ نجدها خالية من مضمونها، فما هي الا مجموعة ألفاظ يراد منها الهاء الشعب عندما كان لا يستطيع التعبير عن رأيه وغافلًا عن هذه القضايا.
أما الآن فقد تغير الوضع واتضحت حقيقة خواء مصطلح الإصلاح الزراعي وانه يعني ايجاد سوق لامريكا وشعبها وأذنابها، أي أن نكون سوقاً استهلاكية لهم، فقمحهم كثير وهم يضطرون أحياناً إلى رميه في البحر كي لا يبور، فالأفضل ان يبدأوا بتطبيق برنامج الإصلاح الزراعي لكي لا يضطرون إلى القاء قمحهم الاضافي في البحر!! وبالفعل شرعوا بإصلاحهم الزراعي وتخلصوا من القاء القمح في البحر بل أخذوا يبيعونه ويقبضون ثمنه.
النفط مقابل قواعد عسكرية
إنهم يأخذون منا النفط ويعطوننا الاسلحة، ولكن أية اسلحة؟ الاسلحة التي تستخدم في القاعدة الامريكية في إيران ضد الاتحاد السوفيتي!! فهم بحاجة لاقامة قواعد لهم في إيران ولاجل ذلك يأخذون النفط منّا ويشيدون لهم قواعد! وهذه من المعجزات الامريكية!! والا فما حاجة إيران لكل هذه الاسلحة التي تبلغ قيمة كل صفقة منها مليارات الدولارات؟ بل وهل لدينا الخبراء الذين يستطيعون التعامل مع هذه الاسلحة، وأنى لكم ذلك وأنتم تستوردون الخبراء إذا أردتم تعبيد طريق!! في حين ان تلك الاسلحة والمعدات تحتاج إلى متخصصين، وما موجود في إيران عناوين دون مضامين، بينما صنع المدفع وإصلاحه غير ممكن بالعناوين المجردة، بل يحتاج إلى المضامين التي نفتقدها.
إذن جاؤا بهذه الاسلحة ثمناً للنفط، وهذا الثمن هو الآخر من الكلمات التي فقدت مضمونها، لان ثمن النفط ينبغي ان يكون من العملة الصعبة، غير أنهم يعطوننا بدلًا من ذلك اسلحة ويشيدون قواعد لهم على ارضنا ليوم عسرهم!.
هذا هو وضع إيران، فزراعتها قد دمرت واضمحلت، ونفطها ضاع ويضيع بهذه الصورة، فهذا البلد الحضاري يقدم النفط ليشتري طائرة ثمنها 350 أو 550 مليون دولار، فما حاجتنا لمثل هذه الطائرة ونحن نريد التنقل بين مشهد وقم وطهران!! لا أستطيع ان اتصور ذلك، يصدرون لنا مثل هذا ويأخذون النفط، والشيء نفسه يصدق على المجالات الاخرى.
مصير حزب رستاخيز
هذه هي حالنا، العناوين جميلة لكن دون مضمون كما هو حال الإصلاح الزراعي، وحزب رستاخيز الشمولي الذي ينبغي للجميع الانضمام اليه!! ولقد قلنا كلمتنا منذ اليوم الاول لتأسيس هذا الحزب وتحدثنا بما يجب، واود هنا التطرق إلى مفهوم الشمولي الذي يفتقد للمحتوى والمضمون الحقيقي، فقد أدخلوا فيه طائفة من عناصرهم من افراد منظمة الامن وأمثالها وبالاكراه لان الناس رفضوه، وقد اتضح ذلك الآن إذ انه كان مفروضاً بالقوة، فلما وهنت هذه القوة ترك اعضاء هذا الحزب حزبهم وذهبوا إلى اعمالهم، وعاد هذا الحزب الشمولي كسائر الاحزاب الاخرى غير معترف به، وربما لم يكن حزباً أصلًا!!
هذه هي حال الحزب الذي رأيتم كم أطنب ذلك السيد الشاه في الحديث عنه، ومن أقواله قول معبر عن أحد مصاديق الحرية التي يريدونها حيث قال: من قَبِلَ هذا الحزب فقد قبله ومن لم يقبله فليأخذ جواز سفر ويرحلّ لانه ليس من ابناء هذا البلد من لا ينضوي تحت راية هذا الحزب، لأنه حزب عام وشامل!
هذا هو الوصف ولكن ما الذي اتضح؟ اتضح انه وصف أجوف، والشيء نفسه يصدق على كافة المجالات الاخرى ولو أردنا استقصائها لطال بنا الحديث، وأنا أيضاً لا قدرة لي على اطالة البحث والحديث.
مفترق طريق:الموت أو الحياة
أسال الله تعالى ان يحفظكم جميعاً. كونوا جنوداً لشعبكم، واهتموا بما يجري في بلدكم، فقضايا إيران الآن، جدية وخطيرة ومصيرية، وعليكم انتم المقيمون في الخارج أن تنظروا لها من هذه الزاوية، فالامر لا يحتمل المزاح، فإيران اليوم على مفترق طريق اما الدمار الابدي واما استعادة حياتها واثبات مصداقية وجودها، فليس أمامنا الآن سوى هذين الخيارين: إما الحياة، أو الموت الذي لا حياة بعده.
لا تتصوروا أن من الصالح ان نتراجع ولو خطوة واحدة عما يطالب به شعبنا الآن وهو سقوط النظام الشاهنشاهي الفاسد. فالشعب يطالب برحيل النظام. ان لسان حال الشعب: يجب ان يزول هذا النظام، ونحن نتطلع للاستقلال وإدارة بلدنا بأنفسنا. اننا نرفض هيمنة الآخرين على شؤون بلدنا. والبلد بلدنا سيئاً كان أو جيداً، ولا نريد ان يتدخل الآخرون في شؤوننا.
سياسة الخطوة خطوة تعني الاستسلام والهزيمة
ليس من الصالح أن نتراجع ولا خطوة واحدة عن هذه المطالب، ولا العمل بما يسميه أولئك السادة بسياسة الخطوة خطوة، أي تكون الخطوة الاولى قبول الشاه سلطاناً وليس حاكماً. فهذا ما يطرحه البعض حالياً ويدعو إلى تقديمه كسبيل للحل.
فما معنى ذلك؟! إنه يعني القبول بأن يكون هذا الرجل الذي أجرم بحقنا على مدى قرابة الثلاثين عاماً، وأكثر من خمسين عاماً اذا اضفنا اليه فترة حكم ابيه، وقتل شبابنا وهتك حرماتنا ونهب ثروات بلدنا، أن يكون هذا الرجل سلطاناً، وسلطان السلاطين، ولكن ليس حاكماً!!
لو قبلنا هذا الطرح فاننا نكون قد قضينا على الإسلام والمسلمين وعلى هذا البلد الإسلامي إلى الأبد، ونكون قد ارتكبنا بذلك أعظم خيانة بحق وطننا والإسلام.
لو تراجعنا عن هذه المطالب خطوة واحدة وقلنا: يكفي ما تحقق، سيقضون علينا. ولو استقوت هذه الافعى الجريحة للسعت إيران لسعة لا تستطيع بعدها أن ترفع رأسها أبداً.
استفيقوا ايها لسادة ولا تتصوروا اننا يمكن ان نحقق شيئاً بسياسة الخطوة خطوة هذه، فهذا انحراف، وهذا الطرح خاطئ أصلًا. ان اقوالًا من قبيل ليبق النظام الشاهنشاهي الآن مقابل الالتزام بالدستور واقامة انتخابات حرة وامثال ذلك، هي من الاقوال التي يسعى الشاه لاشاعتها. فالزيارات «45» إلى إيران بدأت ولقت رواجاً بهدف تدمير هذا الشعب، لقد التقى الشاه احدهم على انفراد لمدة ساعتين، ويستعد للالتقاء بزعماء القوم. ولو تمكن هؤلاء من ايقاف حركتنا، سيعمدون إلى تحطيم أقدامنا واقلامنا وحينها لن تر إيران والى الابد وجه الحياة والحرية والاستقلال.
وعليه فما من خيانة الآن أعظم من تحطيم هذه القبضات الراسخة التي رفعها الشعب للمواجهة، ومن اخماد هذه النار التي تأججت في إيران، فلو اخمدت لن تتقد ثانية أبداً.
واجب الجميع فضح النظام
يجب تضامن كافة القوى وتكاتفها. وان لكل واحد منا واجب ومسؤولية. وواجبكم انتم المقيمون خارج إيران ان تبينوا الحقائق بقدر ما تستطيعون للذين يجهلونها، فالاعلام المعادي صوّرنا للآخرين بأننا ملالي رجعيون؟ في حين ان هؤلاء الملالي لا ينشدون غير الحرية والاستقلال. فهل هذه رجعية؟
أن نهبهم لاموالنا لم يكن رجعية، بل تحضراً! ونحن نريد ان نحافظ على ثرواتنا، فهل نحن رجعيون؟ أنتم لستم رجعيين لأنكم تريدون استغلالنا وابقائنا في أسركم إلى الابد، ونحن رجعيون لاننا نريد التحرر!!
إننا لو تراجعنا عن مطالبنا وأهدافنا، علينا ان نقبل بالخضوع لسطوة هذا الظلم والجور إلى الأبد.
نصرة النهضة واجب الهي
ثمة واجب الهي يقتضيه الضمير والوجدان والانصاف، يقع على عاتق كل فرد، وهو دعم الإيرانيين الصامدين إذ انهم يضحون الآن بارواحهم وشبابهم في سبيلنا وفي سبيل الإسلام والشعب، ونحن أيضاً جزء من هذا الشعب فعلينا ان ندعمهم، كل فرد بقدر ما يستطيع.
باستطاعتكم عقد مؤتمرات صحفية تتحدثون فيها عن مطالبكم، يمكنكم ان تتحدثوا لزملائكم في الجامعات وغيرها، كلما رأيتم مجموعة من الاشخاص توقفوا وتحدثوا لهم عن حقيقة ما يجري في إيران من ممارسات ظالمة ضد شعبنا، تحدثوا لهم عن حقيقة مطالبنا، وبينوا لهم حقيقة هذه الأقوال التي يطلقها البعض من أن النظام قد أفرط في اعطاء الحريات ونحن نستغيث من هذه الحريات التي منحها صاحب الجلالة حسبما يقول السيد كارتر!!
فنحن حسب قوله عندما نهتف باسم الحرية نعني التعبير عن سئمنا من هذه الحريات، أي نرفض المزيد من الحرية!! فهل هذه هي الحقيقة كما يزعم كارتر؟!
نحن جميعاً مكلفون ببذل كل ما في وسعنا من أجل انقاذ هذا البلد الإسلامي، والقضية لا تحتمل المزاح. أنها قضية انقاذ شعب بالكامل، علينا جميعاً ان نمد يد الأخوة لبعضنا البعض، وأنتم منتصرون إن شاء الله، النصر حليفكم بإذن الله، نصركم الله جميعاً.
*صحيفة الإمام، ج4، ص: 180
1- الشاه محمد رضا
2- يقصد رضاخان.
3- يشير إلى احد الحاضرين.