يتم التحميل...

الموضوع: مواصلة النهضة وعدم جدوى الاحكام العرفية

خطاب

الحاضرون: جمع من الطلبة والإيرانيين المقيمين في الخارج‏

عدد الزوار: 86

التاريخ 12 آبان 1357 هـ. ش/ 2 ذي الحجة 1398 هـ. ق‏
المكان: باريس، نوفل لوشاتو
الحاضرون: جمع من الطلبة والإيرانيين المقيمين في الخارج‏

بسم الله الرحمن الرحيم‏

تقدم النهضة وتراجع الشاه‏
لقد بلغت الانتفاضة الإسلامية في إيران أوجها وهي تطوي مراحل ازدهارها، والشاه يتشبث بأنواع المحاولات ولا يزال، وكانت احدى محاولاته ان يشكّل حكومة المصالحة 1! نفس الحكومة التي قتلت الآلاف من ابنائنا منذ تسنمها الحكم حتى الآن وأقامت العزاء في جميع أرجاء البلاد.
إنهم كانوا يريدون خداع الناس بالمصالحة! ولذلك أعلنت الحكومة المصالحة وقالت ان التاريخ سيكون هو التاريخ القانوني والإسلامي الأول نفسه. لقد تخلوا عن القانون المجوسي وعن حزب رستاخيز. ثم خفضوا من صفقات شراء الاسلحة وألغوا العقود الذرية أو خفضوها.

وهذا كله خداع لاخماد هذه الانتفاضة. وسيقومون بعد ذلك أولًا بإيجاد فضاء سياسي مفتوح كما يدعون، ولكن عندما يخمد لهيب النار سيأتون على جميع قضايا الشعب بحيث لا يتمكن جناح علماء الدين ولا الجناح السياسي ولا الجامعة ولا السوق من التقاط أنفاسهم.
الآن وقد حدث هذا الوضع في إيران وجرحت هذه الافعى، وتبدد كل ما اختمر في ذهنه: حب الشاه في كل أرجاء إيران، والجميع تحت سلطتي، ولا معارض لي! وبعد ان انكشف الستار وسقطت الابراج الخيالية العالية الواحد تلو الآخر وسحق كثير من آماله وأمانيه، فلو أبدى الشعب وهناً وأمهل هذه الافعى فسترفع رأسها وتنفث سمّها في جميع طبقات الشعب. وهذه المرة لم يعد بوسع احد علاج ذلك.

لقد اندحر في جميع هذه المحاولات التي قام بها حضرته، مثل حكومة المصالحة التي ظهرت كحكومة الاحكام العرفية الخشنة، وبعد ذلك في أحكامه العرفية هذه، فأصحاب الاحكام‏ العرفية الآن لم يبق منهم الا بياناتهم، فهم يصدرون بيانات بأنه يجب ان لا يجتمع أكثر من اثنين في الشوارع، ولكن يلاحظ مقابل ذلك أن يخرج في كل منطقة تعلن فيها الاحكام العرفية ثلاثمائة أو خمسمائة الف بل أكثر أحياناً ويسيرون في الشارع وهم يطلقون الشعارات! وقد أدركوا بسقوط الاحكام العرفية، ان قبضات الشعب تهزم الدبابات وأن إرادته تغلب المدفع والرشاشة!
إنهم يئسوا من الانقلاب العسكري ايضاً، ولكنهم ما زالوا يلوحون به. الوضع الآن يشبه الانقلاب العسكري، ترى كيف يتصرفون في الانقلاب العسكري؟! يأتي ضابط ويسيطر على الوضع وإذا كان رجلًا عنيفاً يستعمل العنف مع الناس. إن الاحكام العرفية معلنة الآن في جميع أرجاء إيران، غاية الامر انها رسمية في بعض المدن وفي البقية غير رسمية!

الهزائم المتتابعة وخديعة الشاه الجديدة
إذن مكيدتهم الأولى كانت حكومة المصالحة التي طرح رئيسها نفسه منذ بداية مجيئه بصفته من أسرة علمائية حسبما روجوا لذلك. ثم أخذ يقوم ببعض الاجراءات الخادعة، وقد حذرت الناس منها منذ البداية لكي لا ينخدعوا بها، فهي أسوأ من الحكومة العسكرية لان خطرها أكبر، فالانسان يعرف أن الحكومة العسكرية جاءت للتعامل معه بأسنة الحراب فيحذرها ويتخذ ما يلزم إزاءها، أما تلك التي تتسلط بالخداع وتريد الهيمنة على الشعب بالمكائد والتضليل، فهي تغدر بالناس ولذلك فإن خطرها أكبر.
وقد بيّنت هذه الحقائق وبلغتها للشعب بالنحو الذي إستطعته منذ بداية إعلان حكومة المصالحة الوطنية، التي فشلت وتحولت في جميع أرجاء ايران الى حكومة عسكرية معلنة بصورة رسمية في إثنتي عشرة مدينة ايرانية كبيرة.

وهذه أيضاً فشت، فما هو قائم فعلًا حكومة عسكرية لكنها مهزومة! فالخروج من المنازل ممنوع في الليل حسب أوامرها وقد قللوا المدة ساعتين ثم اعادوها وزادوها ولكن الأهالي يتجاهلون ذلك ويفتحون محال كسبهم ويجلسون فيها ويتلون القرآن.

كما أن المظاهرات مستمرة في كافة المناطق سواء تلك التي اعلنت فيها الحكومة العسكرية بصورة رسمية أو التي تمارس فيها سلطات الاحكام العرفية بصورة غير رسمية.
إذن هذه أيضاً فشلت، وبفشلها فشل خيار الانقلاب العسكري أو رئيس وزراء عسكري. فإذا أرادوا إرتكاب حماقة الاتيان بحكومة عسكرية شاملة او بعسكري ليرأس الحكومة بهدف إرعاب الشعب، فليعلموا ان الشعب قد أزاح الرعب عن صدره ولم يعد يعبأ بمثل هذه الأقوال، فحتى‏ الاطفال الصغار واجهوا العسكر وهزموهم رغم ان سلاح السلطة يتمثل في الحراب والمدفع والدبابة، في حين أن سلاح الاهالي لا يتعدى القبضة والحجارة.

إذن فقد فشلت وسائل الاحكام العرفية وحكومة المصالحة والانقلاب العسكري فلا يمكن التعويل عليها بعد الآن، فالتشبث بها لم ولن يثمر شيئاً مهما أرادوا.
ومن الوسائل الاخرى التي يتشبثون بها، إختيار بعض الساسة لرئاسة الوزراء من الذين يتميزون مثلًا بدرجة من الشهرة بين الناس، أو أنهم لم يكونوا في الحكومات السابقة خلال ممارساتها للظلم والجور. فقد أدركوا ان الذين تولوا في السابق منصباً في الجهاز الحاكم وزارة كانت أو عضوية في المجلس النيابي لن يقبلهم الشعب أبداً، فهم يخطئون عندما يتصورون أن بأمكان هؤلاء ان يخدعوا الشعب مرة أخرى بأن يعلنوا الاستقالة من الوزارة أو المجلس النيابي أو من عضوية حزب رستاخيز، فالشعب لم يعد يقبل مثل هذه المزاعم.

نواب المجلس لا يمثلون الشعب‏
من الممكن أن يتوب أحد الأشخاص توبة حقيقة صادقة ويرجع عن تلك المعاصي التي كان غارقاً فيها وعن الخيانات التي إرتكبها، غير أن الخيانة مشتركة بين هؤلاء جميعاً، فمثلًا جميع أعضاء المجلسين يعلمون أنهم لا يمثلون الشعب، فهذا مما لا يخفى على أحد، ويعلمون أن المجلس النيابي وطنياً بل تم تشكيله بأمر الشاه وبالحراب. ولم تكن آنذاك ثمة حاجة للحراب، بل كان يكفي مجرد صدور الامر ليس من الشاه بل من السفارات التي كانت تعد قوائم بأسماء النواب كما إعترف الشاه نفسه بذلك حيث قال: في السابق كانوا يأتون بين فترة واخرى قائمة بأسماء النواب الذين كانت تعينهم السفارات، لكن الوضع تغير الآن!!. كلا لا زال الوضع على ما كان عليه بل أصبح أسوأ من قبل.

جميع النواب يعرفون هذه الحقيقة دون إستثناء، ويعلمون أنهم عندما دخلوا عضوية المجلس النيابي لم يكونوا نواباً حقيقيين، وأن تشكيل هذا المجلس يعد نقضاً للدستور أساساً، ورغم ذلك دخلوه جميعاً وبذلك نقضوا الدستور عن علم.

لذا فمن وضع قدمه في هذا المجلس فهو خائن حتى لو تجاوزنا عما فعلوه كتغيير التأريخ الاسلامي وهو جريمة كبرى وجرأة فظيعة على مقام الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله.
وبطبيعة الحال ان التجاوز عن ذلك مستحيل لان هؤلاء النواب هم الذين صادقوا على هذا التغيير إذ تم بمصادقتهم جميعاً. وقد يعتذر أحدهم قائلًا: إني لم ارد المصادقة عليه اصلًا!! لكنك رغم ذلك دخلت في مجلس ناقض للدستور أساساً وهذا بحد ذاته خيانة، ونفس هذه‏ الخطوة خطوة خيانية، لذا فالشعب لا يقبل هؤلاء الذين كانوا تحت مظلة هذا الحكم غير القانوني.

الحكم البهلوي لم يكن قانونياً اساساً
وثمة نقطة اخرى وهي أن حكم الاسرة البهلوية مخالف للدستور من الأساس، فمن كان في عمري أو أقل قليلًا يذكر ذلك والذين لا يتذكرون ولم يعاصروا تلك الاحداث فليسألوا من الكبار ويدركون أن القضية واضحة ومعروفة، حيث أ، رضاخان جاء بانقلاب ولم يكن هناك من يقدر على التفوه بكلمة واحدة مقابل كلمته، وإذا آنذاك شخص أو شخصان له القدرة على ذلك فلم يكن موقفه مؤثراً على أي حال.

كما أن المجلس النيابي الذي شكلوه في عهد رضا شاه لتغيير الدستور كان مناهضاً للشعب الذي لم يكن جاهلًا بأمر تشكيله بل معارضاً له غير أنه لم يكن يجرؤ على إعلان ذلك كما لم يذهب أي من أفراده للإدلاء بصوته، حيث كان الناس مشغولين بأعمالهم ولا يتجرأون على التعبير عن آرائهم.
إذن فالمجلس الذي شكلوه لتغيير الدستور وإلغاء حكم السلالة القاجارية وتنصيب الاسرة البهلوية هو المجلس التأسيسي! وأعضاؤه ليسوا نوابا حقيقيين للشعب، وهذا الامر يعرفه الجميع، حتى رضاخان وهو في قبره الآن، وكذلك إبنه.

كما أن لدى هؤلاء النواب معلومات واسعة ليس مثلنا نحن عامة الشعب حيث أن معلوماتنا محدودة لذا فهم يعلمون جميعاً أن السلطنة البهلوية قامت منذ البداية على أساس مناهض للدستور.
فاذا كان حكم رضاخان مخالفاً للدستور والسلطنة البهلوية منتهكة للدستور، فحكم إبنه معارض للدستور أيضاً للسبب نفسه. فالنائب حتى لو جاء تعيينه من قبل الناس فهو غير قانوني، لأن الدستور ينص على أ، الملك هو الذي يجب أن يأمر بتشكيل المجلس، ونحن ليس لدينا ملك قانوني ليأمر بذلك ولم يكن للشعب ملك؟ فهذا الموجود لم يكن ملكاً لأن الملك الناقض للدستور ليس ملكاً.
النواب يعلمون أن هذه السلسلة من الذين يسمون سلاطين، جاؤوا خلافاً للدستور، وبالتالي فكل ما يقومون به مناهض للدستور. فأنا مضطر لأن اتحدث بلغتهم ومصطلحاتهم ومنطقهم واستناداً للدستور الذي يحترمونه على حد زعمهم؟

فإستناداً لذلك لم يكن لدينا نواب عن الشعب منذ عهد رضاخان والى الآن، والناس اما كانوا غافلين عن ذلك أو لم يتسنى لهم إختيار نوابهم.
إذن فطوال حكم هؤلاء اسرة بهلوي كانت السلطنة خلافاً للدستور، وكذلك حال المجلسين النواب والأعيان، فنصف أعضاء مجلس الاعيان يجب تعيينهم من قبل الشاه والنصف الثاني يختارهم الشعب، والشعب كان جاهلًا بالأمر ولم يكن لدينا ملك قانوني لكي يقوم بتعيين الاعضاء. ومن هنا فان وجود جميع هؤلاء في وزارات النظام أو المجلس النيابي، هو وجود غير قانوني وكل ما فعلوه اثناء تسنمهم هذه المناصب كان خلافاً للدستور.

إذن، الوسيلة التي يتشبثون بها في إستبدال إحدى الأدوات والوجوه بأداة أخرى ووجه آخر ربما يخلو من هذا العار، أي أنه لم يكن في ضمن الجهاز الحاكم ابان حكم الوجوه السابقة، فيذهبون الى الجامعات ويأتون بأحد أساتذتها. غير أن مثل هذا الشخص اذا اراد الدخول في الحكم الآن فعمله يعتبر انتهاكاً للدستور، فمن الذي ينصبه رئيساً للوزراء؟ وأي مجلس نيابي يصادق على رئاسته للوزراء؟ فالمجلس مخالف للدستور في أصل تشكيله، وكذلك حال الشاه الذي يتولى تنصيبه؟ إذن فرئاسته للوزراء هي الأخرى غير قانونية ومخالفة للدستور. بل حتى لو افترضنا أنهم ذهبوا الى السماء وجاؤوا والعياذ بالله بجبرائيل الأمين وهو الطاهر الطهر، ولكن يجب أن يعينه الملك الدستوري رئيساً للوزراء ويصادق المجلسان على ذلك؟ ولكننا نفتقد للملك الدستوري ولم يتم العمل بما اقرت به الحركة الدستورية منذ البداية ولم يعمل بالدستور الذي وافق عليه الجميع منذ البداية.

فأحد بنود الدستور ينص على وجود خمسة من المجتهدين في المجلس للإشراف على عمله لكيلا يشرّع أحكاماً مخالفة لحكم الشرع. ولكن هذا هو حال دستورنا وتتمته، فمنذ بداية إقرار الشعب للدستور خَدَعَ هؤلاء الشعب، ويريدون الآن أن يخدعوه ايضاً بالأتيان مثلًا بحكومة المصالحة.

فمنذ أن أقر الشعب حكم الملكية الدستورية أدرك هؤلاء الشياطين حقيقة الأمر فخدعوا العلماء وأتباعهم المؤمنين لكسب موافقتهم على تتمة الدستور، غير أنهم لم يلتزموا بتتمة الدستور ولم يعينوا المجتهدين الخمسة في المجلس باستثناء الحالة الشكلية التي أوجدها في دورته الأولى ثم إنتهت حتى هذه الحالة الشكلية. وطوال الخمسين عاماً الماضية لم يسمحوا لأي عالم دين بدخول المجلس لممارسة عمله بالاشراف، ويعتبر هذا بحد ذاته نقضاً للدستور.

إذن فلو فرضنا ان السيد جبرئيل الأمين نزل الى الأرض وأراد تبعاً لصاحب الجلالة! أن يصبح رئيساً للوزراء بتنصيب وتعيين من الشاه ومصادقة مجلس الشورى! ومجلس الأعيان، فان رئاسته غير قانونية لانه يعمل خلاف الدستور، وحكومته غير قانونية. وعليه فلا جدوى من التشبث بهذه الوسيلة أيضاً.

مطلب الشعب: لا نريد الشاه‏
وفضلًا عن ذلك، فلو صرفنا النظر عن هذه العقبة القانونية القائمة وعن منطقهم، فهل أن التشبث بمثل هذه المحاولات يمكن أن يلغي هتافات الشعب؟ وهل صرخات الشعب هي ضد الوزير الفلاني؟ إن صرخاته تقول: نحن لا نريد الشاه. فهل الاستجابة لها تتمثل في استبدال الوزير؟ وعلى الاجانب الذين يقولون ماذا يريد هذا الشعب، ان يذهبوا ويروا ما يقوله الشعب في مختلف انحاء ايران. ليذهبوا الى أوساط الشعب ويتعرفوا على ما يهتف به في الاسواق والمدارس وداخل الجامعات وخارجها وفي المزارع وغيرها؟ لينظروا ماذا يريد هذا الشعب بكافة فئآته وفي كافة أرجاء ايران. لينزلوا الى أوساط هذا الشعب ويعيشوا بين ظهرانيهم يوم وليلة فقط. فاذا لم يسمعوا منه مراراً كلمة المطالبة برحيل الشاه وموته، بدءً من الطفل الصغير الذي تعلم النطق لتوه والى الشيخ الكبير الذي لم يعد يستطيع التحدث إلا بهدوء كما هو حالي، فنحن مستعدون للتراجع عن موقفنا والتوجه الى شؤون حياتنا.

ولكن الجميع لا يريدون الشاه الذي يفترض أن يكون للشعب! فاذا لم يرده الشعب فلا يمكن فرضه عليه بالقوة، وإن كانوا قد فرضوه على الشعب بالقوة ولكن لا فائدة من ذلك بعد الآن.
إنهم يتشبثون بهذه الوسيلة ويريدون عزل رئيس الوزراء والاتيان بآخر، ولنفترض أنه غالية في الصلاح، وكذلك حال كافة الوزراء الذين يختارهم من الجامعات من الشخصيات النزيهة، على فرض انها استجابة لهذه المحاولات ولكن إعتراض أبناء الشعب ليس على الوزراء كي نقنعهم بتقديم رئيس وزراء صالح، فهم يقولون: نحن لا نريد الاسرة الملكية اساساً، فالنظام الملكي باطل ومنحرف منذ البداية.

وحتى لو فرضنا أن رفض النظام الملكي لا يشمل الشعب برمته، فمن المؤكد أن أحداً لا يستطيع إنكاء حقيقة ان ابناء الشعب الايراني رمته يهتفون برفض الاسرة البهلوية، فالجميع يرفع عقيرته: لا نريد الاسرة البهلوية، والشاه يقول: لقد عزلت رئيس الوزراء وعينت آخر!
ليس هذا جواب ذاك، فليس هذا مطلب الشعب كي تحل المشكلة به. فلو كان المطلب أن وزيرنا سي‏ء أو نائبنا في المجلس سي‏ء، لكان بالامكان حينئذ حل المشكلة باستبدالهما بآخرين. ولكن عندما يكون مطلب الشعب شيئاً آخر غير هذا، وأنتم تقومون بعمل آخر ولا تحققون ما يطلب به، فمن الطبيعي أن لا تحل الأزمة، ويكون مصير ما تقومون به الفشل الكامل، لأنه منحرف تماماً.

فلا جدوى من هذا التضليل بمختلف أشكال مكائده، سواء أرادوا جعلها حكومة عسكرية وقد فعلوا وفشلت، أو أرادوا المجي‏ء بعسكري آخر، ولا يعرف إن كان العسكريون مستعدون بعد ما شاهدوا فشل عسكري متجبر مثل ذاك التافه، وهم ليسوا أقوى منه واشد تمادياً في الشر.
إذن فلم تنفعهم لا الحكومة العسكرية ولا الانقلاب العسكري ولا هذه الخدع ولا حكومة المصالحة.

الشاه يستعين بالغجر
وهم الآن يسلكون طريقاً آخر وهو التشبث بالغجر، والله يعلم أن من العار على بلد لديه قوات مسلحة ويعمد ملكه أو وزيره الى التشبث بشرذمة من الأشرار أو من الغجر في كرمان او من أمثالهم الذي أستجأروهم في المدن الأخرى، بهدف إقرار النظام والأمن، بعدما يئسوا من قدرة القوى المسلحة على القيام بذلك، أو أنهم لا يتجرأون على الزج بها، فيتشبثون بتلك الشراذم من الغجر والاشقياء لكي يعيشوا في ظلهم!!

ان من العار علينا ان يحكمنا مثل هذا الملك وذاك الوزير وذلك النائب، فهم يسعون للبقاء على قيد الحياة في ظل عصى الغجر وهراواتهم!!
هذه الوسيلة لا فائدة منها أيضاً، فاذا ظهر دور الهراوات فإن لأبناء الشعب هراوات أيضاً وقد أخرجوها وواجهوا بها تلك الشراذم وطردوها رغم أنها كانت محمية من قبل العسكريين، مثلما حدث في المدرسة الفيضية ومدينة قم قبل إنتفاضة 15 خرداد، حيث هجموا على المدرسة وعاثوا فيها فساداً. فقد أتوا بشرذمة منهم للقيام بذلك، وكانت محمية بالشرطة وقوى الامن لتتمكن من انجاز أعمالها التخريبية على الوجه الاكمل. ومما يذكر هنا ان قوى الامن هي أيضاً من تلك المصطلحات التي أشرت اليها من قبل والتي فقدت مصاديقها. إذ أن قوى الامن باتت اليوم قوات تخريب تهاجم المدن تحت غطاء تلك الشراذم من جملة الهراوات وتعيث فيها فساداً، كما فعلوا في العديد من المدن، ولكن التشبث بهذه الوسيلة عديم الجدوى ايضاً.

دعايات الاجانب لتشويه صورة النهضة
كما لا فائدة أيضاً من دعايات وإعلام امريكا والانجليز وأمثالهم، فقد عفى عليها الزمن. يقولون في أمريكا وهذا القول مذكور في بعض الكتابات إن تحركاً خفياً بين إنجلترا والاتحاد السوفيتي هو الذي أوجد هذه الاضطرابات!! أي ان الانجليز والروس تحالفوا وقالوا لي: تحدث لهم بهذه الاحاديث التي أوجهها لكم. كما قالوا للكسبة وللعلماء ولكم أنتم الذين ترددون هذه‏
الهتافات: إطلقوا هذه الشعارات. فالانجليز والروس هم الذين يثيرون هذه الاضطرابات! ويحتمل أن يكون للانجليز دور في هذا الأمر!
هذا ما يقال في أمريكا، أي أنهم يفتعلون تهماً ومسبةً لانفسهم من اجل تحقيق غاياتهم.

فليعملوا على تشويه صورة هذه النهضة بتهمة أنها بتحريك من انجلترا والاتحاد السوفيتي. ولا جدوى لهم من هذا الاسلوب ايضاً، لان حتى أطفالنا يعلمون أن كل ما يقوله اولئك كذب وإفتراء؟ فليقولوا ما يشاؤون، فأطفالنا وشبابنا وشيوخنا يعلمون جميعاً أن اقوالهم ليست اكثر من مكر وخداع وإفتراءات الهدف منها إخماد هذه النار التي تأججت في القلوب وقمع هذه النهضة التي زلزلت عروشهم وستسقطهم إن شاء الله، الحاضرون: إن شاء الله. فالشعب يدرك حقيقة نواياهم لذا لا فائدة من التشبث بهذه الوسيلة أيضاً.

على الشاه أن يرحل‏
وأما التحرك المفيد فمفتاحه بيد صاحب الجلالة نفسه ولا يستطيع القيام به غيره وهو أن يرحل يضحك الحاضرين، المفتاح بيده، فاذا أراد تهدئة الاوضاع في البلد فليأخذ بيد زوجته وأطفاله ويرحل عن هذا البلد وينقذ نفسه، فأنا أخشى ان تتطور الامور ويقتل حتى الاطفال الصغار. وهذا ما لا نرغب فيه. لذا فاني أرى صلاحه في أن يستقل طائرةً ليلًا دون ضجيج يضحك الحاضرون ويذهب الى القصور التي أعدها لنفسه بتلك الاموال الضخمة، طبعاً إذا سمح له الشعب بالقيام بذلك! يضحك الحاضرون. وهنا يقول أحد الحاضرين: لن يدعوه أيها السيد.

الإمام سيقبضون عليه هناك ايضاً، إن شاء الله. وفقكم الله جميعاً، إن شاء الله، وينصركم. وقد انتصرتم لحد الآن. أي أنكم منتصرون حتى دون حاجة الى رحيله، فقد أنزلتموه من عرشه وهو الآن يتشبث، ولا أحب أن تحدث عن بعض تشبثاته. لقد أنزلتموه من درجة الشمس الآرية الى حضيض التشبث بكل وسيلة وحتى بالغجر. وهو نصر لكم.
نصركم الله، وابلغكم النصر النهائي. وفقكم الله وايانا. لانقاذ هذا الشعب بمشيئته تعالى. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*صحيفة الإمام، ج‏4، ص: 192


1-حكومة جعفر شريف إمامي، التي اطلق عليها حكومة المصالحة الوطنية.
 

2011-03-22