الموضوع: القضايا المتعلقة بالحركة الإسلامية في إيران، ومواقف الشعب والحكومة الباكستانية
حوار
المخاطب: خورشيد احمد1
عدد الزوار: 139
التاريخ: 23 دي 1357 هـ. ش./ 41 صفر 1399 هـ. ق.
المكان: باريس، نوفل لوشاتو
المخاطب: خورشيد احمد1
سؤال خورشيد أحمد:في الماضي القريب واجهتنا في باكستان أزمات كبيرة من جملتها تقسيم الباكستان، وقضية بوتو، وحركة 77 وقد تحركنا نحن في الباكستان نتيجة للأوضاع الراهنة ولتحقيق اهداف الحركة الإسلامية كما هو الحال في إيران، وعزمنا على الوصول الى السلطة، وشاركنا في النهاية في حكومة ضياء الحق، وكنا نتابع أوضاع ايران باشتياق دائم، وننشر أخبار الحركة الإسلامية في إيران في صحفنا، وواجهنا مرات عديدة اعتراضات السلطات الإيرانية، وضغطت الحكومة الباكستانية علينا وعلى صحفنا مراراً وتكراراً نتيجة لذلك.ومشاركتنا في الحكومة هي للضغط عليها والتأثير فيها، وقد ضغطنا عليها في سفر ضياء الحق الى إيران انطلاقاً من مسؤوليتنا الاساسية، التي تفرض دعم كل حركة وجبهة اسلامية خدمة للاسلام والأمة، ولن نصادق على شيء لا يحظى بتأييد الإسلام والشعب. إن الجماعة الإسلامية الباكستانية تقف الى جانب الشعب الإيراني الذي ينادي بالإسلام، و يذكر أن علاقة الحكومة الباكستانية مع إيران في وضع سيء للغاية. ويشعر المرتبطون بالسلطة الحاكمة بالقلق الشديد من كل تغيير وتطور يشاهدونه، ونحن ندعم الحركة الإسلامية الإيرانية على مستوى الرأي العام بالبيانات والمنشورات والخطب والمظاهرات التي يتولاها الطلاب الإسلاميون. أما المساعدات غير المعلنة، فقد قدمنا ما أمكننا تقديمه من دعم، ومع أخذ أوضاع الباكستان بعين الاعتبار ماذا ينتظر منّا من دعم؟ في بعض الاحيان اظهرنا دعمنا وتأييدنا لإيران علناً وبلا محاباة، ومع أننا لا ندافع عن الحكومة الباكستانية قمنا بقدر استطاعتنا بدعم الثورة الإيرانية. ولكم ملاحظة أحوال الحكومة الباكستانية والادارات ووزارة الخارجية الباكستانية التي تتبع تقاليد خاصة. القضية الثالثة أننا حاولنامحاولات خاصة إحراز تفاهم أكبر بين الحكومة الباكستانية والحركة الإسلامية وأن تتخذ خطوات رسمية وغير رسمية في سبيل فهم أفضل للتيار الإسلامي؟
جواب: إذا طرحت الحكومات جانباً، فإن للشعوب دائماً توجهات و نزعات سليمة إذا لم تقع تحت تأثير الحكومات طبعاً. لولا الحكومات، لكانت الشعوب الإسلامية لا ترى غير الإسلام وما يثنيها عن هذا الاتجاه هو الحكومات. عندما تكون الدولة بيئة غير سليمة تسري علتها في البلاد شيئاً فشيئاً. وعندما لا تكون الحكومات عادلة ومنصفة تضفي هذه الصفة على الشعب شيئاً فشيئاً، ونحن نعلم ان الشعب الباكستاني يؤيد الاهداف الإيرانية التي هي اهداف إنسانية وإسلامية، ولكن ما يبعث على الاسف هو ان رئيس الجمهورية هناك دافع عن المجرم الذي شوه سمعة الشعب الإسلامية والإيرانية، وانا أعلم أن الناس الطيبين بمعنى الكلمة والمسلمين حقاً ليسوا سعداء ولا مرتاحي البال. فمن لديهم نشاطات إسلامية في أحوال صعبة مثل المودودي2، ليسوا راضين عن دعم حكومتكم للشاه البغيض والسيء السمعة في العالم.
أما الذي نريده من الشعب في الأوساط العامة بعد الدعاء لإيران التي ترزح تحت ضغوط هائلة، فهو ان يكشفوا للعالم عن الجرائم التي ارتكبها نظام الشاه ويرتكبها، فالصحافة الاوروبية مليئة بهذه القضايا في الوقت الذي لا تشير فيه الصحف الباكستانية الا القليل منها، بينما تتناول الصحافة الإيرانية بعض الشؤون الباكستانية برغم رقابة الحكومة.
خذوا ما يتعلق بالقضايا الإيرانية من إيران ذاتها، لتعرفوا كم من الظلم نزل بنا وينزل، فمنذ خمسين عاماً وشعبنا يصارع الموت تحت ضغوط ذلك الأب وابنه3 وجميع الدول القوية دافعت وما زالت تدافع عنهما.
مورست الضغوط على الشعب من جميع الجهات، فلا صحافة حرة لدينا، ولا مجلس وطني، ولا حكومة تنتصر للشعب في هذه السنوات الخمسين باستثناء حالات نادرة حاول هؤلاء وكذلك الشاه فيها إبقاء الشعوب متخلفة وأن يهدر طاقاتنا الانسانية، وأن يسلط علينا القوى العظمى، ويقدم ثرواتنا للأجانب أعداء الإسلام، مثل إسرائيل التي يقدم لها البترول برغم أنها قامت على العداء للإسلام والمسلمين، وحاول جاهداً أن يُذْهبَ كرامتنا الوطنية ادراج الرياح، وسعى الى ان يدوس بقدميه احكام الدين الإسلامي واحداً بعد الآخر، ولو أتيحت له الفرصة، أو تتاح- لوجه الى الإسلام صفعة يذكرها التاريخ! لقد بدّل التاريخ الإسلامي العظيم (بتاريخ) الزرادشتيين، لكن ضغط الشعب اجبره على التراجع.
مصائب إيران ليست واحدة ولا اثنتان، فعندما يكتب المؤرخون تاريخ هؤلاء وستعرف الاجيال القادمة ما عانيناه من محن ومصائب. لكن الشعب الإيراني أفاق اليوم من غفلته، وتظاهر في كل المدن والقرى والنواحي بقلب واحد وعزيمة واحدة يدين الملكية البهلوية، ويطيح بها، ويطالب بدولة العدالة الإسلامية، ونحن من خلف الشعب سعينا ونسعى لتحقيق هذه الاهداف، ونريد منكم ان تهبوا لمساعدتنا كل مساعدة ممكنة كالبيانات والمظاهرات وذكر مصائب إيران في المساجد هناك وأن فضح جرائم الحكومة الإيرانية في المحافل والاوساط السياسية، فقد قتلوا وذبحوا حتى لم نعد قادرين على إحصاء القتلى، لقد عُمرِّت المقابر وخَرِّبت بيوتنا ندعوا الله أن يرحم هذا الشعب وكل الشعوب الإسلامية، وأن ينجينا جميعاً من الظلم والاستبداد والاستعمار.
سؤال خورشيد احمد: نحن الباكستانيون الى جانبكم، ومستعدون للنضال معكم يداً بيد، أما بالنسبة لتعبئة وصياغة الرأي العام والفعاليات السياسية فإنني أوكد لكم أننا نمارس اقصى الضغوط اللازمة على الحكومة كي لا تكرر دعمها السابق لنظام الشاه. على المستوى الشخصي، هل هناك ما يمكن عمله فتقترحونه علينا لنقوم بتنفيذه توسعة لنطاق العمليات؟ خلال الشهرين الماضيين كان المجلس الحكومي في الغالب يدعم الثورة الإيرانية، وليس لديهم مشاعر تجاه الشاه، ضياء نفسه ليس رجلًا سيئاً، لكنه وقع تحت تأثير الآخرين، وإذا عملنا نحن جيداً، فلن نواجه إشكالًا علينا من الحكومة.
جواب: بعد تقديم الشكر والتقدير واجب المسلمين أن يعينوا بعضهم بعضاً، وهذا واجب الهي مقدس فرسالتنا هي ان نكون صوتاً واحداً معاً. ولو كان المسلمون بعضهم الى جانب البعض، لما تحكم بهم الأجانب، فكل ما أصابنا هو نتيجة لتفرق المسلمين وتشتتهم ادعو الله أن يوقظ المسلمين، ليقوموا بواجباتهم الإسلامية وليحافظوا على وحدتهم، كي يستطيعوا الثبات في وجه الأجانب، ويقطعوا أيديهم عن إمكاناتنا وثرواتنا، والله الموفق.
* صحيفة الإمام، ج5، ص: 298-300
1- خورشيد احمد هو احد اعضاء اللجنة المركزية للجماعة الإسلامية الباكستانية.
2- أبو الأعلى المودودي مؤسس الجماعة الإسلامية في باكستان وأبرز مفكريها( 1903- 1979).
3- البهلويان: رضا خان، وابنه محمد رضا.