يتم التحميل...

العزّة الحسينيّة

محرم

إنّ الإنسان بفطرته باحث عن العزّة التي تحقق قبال الخوف أمناً، وقبالَ الفقر غنىً، وقبال العجز قدرة، وقبال الضعف قوّة، والتي ترتقي بدرجاتها، إلى أن تصل إلى كمالها وتمامها الذي هو عند الله عزّ وجلّ فقط (العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا)(النساء:139). وبالتالي فإنّ المخلوق لا عزّة حقيقيّة له أمام الله، وعن ذلك يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "كلُّ عزيزٍ داخلٌ تحت القدرةِ فذليل"

عدد الزوار: 195
بسم الله الرحمن الرحيم

العزّة الحسينيّة
المناسبة: عاشوراء




●  معنى العزّة

إنّ الإنسان بفطرته باحث عن العزّة التي تحقق قبال الخوف أمناً، وقبالَ الفقر غنىً، وقبال العجز قدرة، وقبال الضعف قوّة، والتي ترتقي بدرجاتها، إلى أن تصل إلى كمالها وتمامها الذي هو عند الله عزّ وجلّ فقط ﴿العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا(النساء:139). وبالتالي فإنّ المخلوق لا عزّة حقيقيّة له أمام الله، وعن ذلك يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "كلُّ عزيزٍ داخلٌ تحت القدرةِ فذليل" بل تكون أمام غيره لكنّها بالله عزّ وجلّ، يقول عليه السلام: "العزيزُ بغيرِ الله ذليل".

ويعبّر القرآن الكريم عن رجوع كلّ مصاديق العزّة  إليه بقوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(آل عمران:26). وبما أنّ كلّ الخير من عند الله، فإنّ من أراد العزّة طلبها من الله لا من المُلك ولا من المال ولا من كثرة الناس حوله. ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ(فاطر:10). وقد بيّن القرآن الكريم مصير أولئك الذين يعتزون بغير الله تعالى في حديثه عن حال من دخل نار جهنم بقوله عز وجل: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ(الدخان:49).

●  العزّة الحسينيّة

وقد تجلّت العزة الإيمانية في عاشوراء في مواقف الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه مقابل ابن سعد الذي أراد العزّةَ من أميره قائلاً للناس: "اشهدوا لي عند الأمير أنّي أوّل من رمى" ومن معه من القبائل التي احتشدت تحت لوائه، وحملت رؤوس الشهداء كشاهد عمليّ على صدقها في نصرة بني أميّة. أمام كل هؤلاء كانت تعاليم الإمام الحسين عليه السلام حول العزة تتجسد في معسكره الذي كان يظلِّلُهُ دعاءُه الملكوتي: "يا من خصّ نفسَهُ بالسموِّ والرفعة، فأولياؤه بعزّه يعتزّون، يا من جَعَلَتْ له الملوكُ نيرَ المذلّةِ على أعناقهم، فهم من سطواتِهِ خائفون" فلا كثرةُ الجمع ولا وحشيّةُُ الظالم، ولا قلّةُ الناصر، تشكّل طريقاً لذلّ وليّ الله. ولذلك أطلق شعار العزّة مدوياً: "ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلّة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وأنوف حميّة ونفوس أبيّة من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام". وقد وعى أصحاب الإمام الحسين عليه السلام معنى العزة هذه ووجدوها في طاعة إمامهم ولو كانت عن طريق مواجهة جيش من الوحوش وفي أرض غربة إلاّ أنّهم أدركوا معنى قول بقيّة الله في كربلاء الإمامِ السجّاد عليه السلام: "طاعةُ ولاةِ الأمرِ تمامُ العزّ".

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

2009-07-11