حق البصر
ربيع الاول
منَّ الله تعالى على الإنسان بنعمٍ جمَّة لا يمكن له أداءُ شكرها، ومن هذه النعم الحواس الظاهرة والتي أشرفها نعمة البصر،فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "ليس في الحواس الظاهرة شيء أشرف من العين" فهي بمقدار حبّة لوز يرى بها الإنسانُ جمال مخلوقات الله تعالى بأوسع المساحات وأزهى الألوان وأبهى الصور.
عدد الزوار: 427حق البصر
منَّ الله تعالى على الإنسان بنعمٍ جمَّة لا يمكن له أداءُ شكرها، ومن هذه النعم الحواس الظاهرة والتي أشرفها نعمة البصر، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "ليس في الحواس الظاهرة شيء أشرف من العين" فهي بمقدار حبّة لوز يرى بها الإنسانُ جمال مخلوقات الله تعالى بأوسع المساحات وأزهى الألوان وأبهى الصور. فكيف نقابل هذه النعمة؟ إن أدنى ما نقابل به هو أداء حقها وهو ما أشار إليه الإمام زين العابدين عليه السلام في رسالة الحقوق بقوله: "وأما حق البصر فغضُّه عمَّا لا يحل لك، وتعتبر بالنظر به وترك ابتذاله إلا لموضع عبرة تستقبل به بصراً أو تستفيد به علماً؛ فإن البصر باب الاعتبار".
إذن حق البصر يكون بما يلي:
1- غضه عما لا يحل لك. وما لا يحلُّ النظر إليه أمور منها: النظر في ما يخصُّ الآخرين من أسرار، كأن ينظر إلى رسالة خاصة بالآخر لا يرضى مرسِلُها أو المرسلة إليه أن يُنظر إليها. ومنها النظر إلى دار الغير بدون إذنه مما يؤدي إلى كشف عورات ذلك البيت، وهذا مما يبتلى به الكثير من خلال النظر من شرفات المنازل، وهو ما يُلقي بالمسؤولية على أصحاب المنازل المكشوفة للآخرين لسترها عن الناظرين. فقد ورد في الحديث عمَّن نظر إلى بيت جاره فاطلع على ما يحرم إليه من ساكنيه "كان حقاً على الله أن يدخله النار مع المنافقين الذين كانوا يتبعون عورات النساء في الدنيا، ولا يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله ويُبدي للناس عورته في الآخرة"
- ومنها: النظر إلى غير الزوجة والمحارم بالهيئة المنهي عنها. وهذا ما نهى عنه القرآن الكريم بقوله: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ..﴾(النور:30) وقد حذَّر أهل البيت عليهم السلام من الآثار الوخيمة للنظر المحَّرم. فعن الإمام الصادق عليه السلام: "النظر سهم من سهام إبليس وكم من نظرة أورثت حسرة طويلة" وفي الحديث "من ملأ عينيه من امرأة حراماً حشاهما الله يوم القيامة بمسامير من نار وحشاهما ناراً حتى يقضي بين الناس ثم يؤمر به إلى النار".
آثار غضّ البصَر: كما بيَّن أهل البيت عليهم السلام الآثار الحميدة لغضِّ البصر التي منها:
- صرف الشهوة: فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "نعم صارف الشهوات غضّ الأبصار".
- راحة النفس: فعنه عليه السلام: "من غضَّ طرفه أراح قلبه".
- حلاوة الإيمان: فعن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عن الله سبحانه وتعالى: "النظر سهم من سهام إبليس من تركه من مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه".
- ثواب الآخرة: فعن الإمام الصادق عليه السلام: "من نظر إلى امرأة فرفع بصره إلى السماء أو غمَّض بصره لم يرتد إليه بصره حتى يزوجه الله عزّ وجلّ من الحور العين".
2- الاعتبار بالنظر إليه
ما تقدم كان من حق ّالبصر في الجانب السلبي، وإكمال حديث الإمام زين العابدين عليه السلام يتعلق بالجانب الإيجابي من خلال الاستفادة من هذه النعمة ونعرض منه بعض ما حبَّب الله إليه من النظر:
- النظر إلى المصحف: ففي الحديث: "من قرأ القرآن في المصحف متع ببصره، وخفف عن والديه وإن كانا كافرين".
- النظر إلى الأبوين: ففي الحديث: "النظر إلى الوالدين برأفة عبادة".
- النظر إلى العالِم: ففي الحديث: "النظر إلى العالم عبادة".
- النظر إلى الأخ حبّا في الله: ففي الحديث: "النظر إلى الأخ تودّه في الله عبادة".