يتم التحميل...

دعاء مولانا زين العابدين قبل صلاة العيد

عيد الفطر السعيد

عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: "كنت بالمدينة وقد ولاها مروان بن الحكم من قبل يزيد بن معاوية، وكان شهر رمضان، فلما كان في آخر ليلة منه أمر مناديه أن ينادي بالناس في الخروج إلى البقيع لصلاة العيد،

عدد الزوار: 144

عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: "كنت بالمدينة وقد ولاها مروان بن الحكم من قبل يزيد بن معاوية، وكان شهر رمضان، فلما كان في آخر ليلة منه أمر مناديه أن ينادي بالناس في الخروج إلى البقيع لصلاة العيد، فغدوت من منزلي أريد إلى سيدي علي بن الحسين عليهما السلام غلسا. فما مررت بسكة من سكك المدينة إلا رأيت أهلها خارجين إلى البقيع، فيقولون: إلى أين تريد يا جابر؟ فأقول: إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، حتى أتيت المسجد، فدخلته، فما وجدت فيه إلا سيدي علي بن الحسين عليهما السلام قائم يصلي صلاة الفجر وحده، فوقفت وصليت بصلاته، فلما إن فرغ من صلاته سجد سجدة الشكر. ثم أنه جلس يدعو وجعلت أؤمن على دعائه، فما أتي آخر دعائه حتى بزغت الشمس، فوثب قائما على قدميه تجاه القبلة وتجاه قبر رسول الله صلى الله عليه وآله.

ثم إنه رفع يديه حتى صارتا بإزاء وجهه وقال: "إلهي وسيدي أنت فطرتني وابتدأت خلقي، لا لحاجة منك إلي بل تفضلا منك علي، وقدرت لي أجلا ورزقا لا أتعداهما، ولا ينقصني أحد منهما شيئا، وكنفتني منك بأنواع النعم والكفاية طفلا وناشئا، من غير عمل عملته، فعلمته مني فجازيتني عليه، بل كان ذلك منك تطولا علي وامتنانا. فلما بلغت بي أجل الكتاب من علمك بي ووفقتني لمعرفة وحدانيتك والإقرار بربوبيتك، فوحدتك مخلصا لم أدع لك شريكا في ملكك، ولا معينا على قدرتك، ولم أنسب إليك صاحبة ولا ولدا. فلما بلغت بي تناهي الرحمة منك علي، مننت بمن هديتني به من الضلالة، واستنقذتني به من الهلكة، واستخلصتني به من الحيرة، وفككتني به من الجهالة، وهو حبيبك ونبيك محمد صلى الله عليه وآله، أزلف خلقك عندك، وأكرمهم منزلة لديك، فشهدت معه بالوحدانية، وأقررت لك بالربوبية والرسالة، وأوجبت له على الطاعة فأطعته كما أمرت، وصدقته فيما حتمت، وخصصته بالكتاب المنزل عليه والسبع المثاني الموحات إليه، وأسميته القرآن، وأكنيته الفرقان العظيم.

فقلت جل اسمك: ولقد أتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم وقلت جل قولك له، حين اختصصته بما سميته به من الأسماء: ﴿طه *  مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى، وقلت عز قولك: ﴿يس* وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، وقلت تقدست أسماؤك: ﴿ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ، وقلت عظمت آلاؤك: ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ. فخصصته أن جعلته قسمك حين أسميته، وقرنت القرآن معه، فما في كتابك من شاهد قسم، والقرآن مردف به، ألا وهو اسمه، وذلك شرف شرفته به وفضل بعثته إليه، تعجز الألسن والأفهام عن وصف مرادك به، وتكل عن علم ثنائك عليه. فقلت عز جلالك في تأكيد الكتاب وقبول ما جاء فيه: ﴿هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ، وقلت عززت وجللت: ﴿ما فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ، وقلت تباركت وتعاليت في عامة ابتدائه: ﴿آلر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ، و﴿الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ، و﴿الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ، و﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ، و﴿آلم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ، وفي أمثالها من سور الطواسين والحواميم. في كل ذلك ثنيت بالكتاب مع القسم الذي هو اسم من اختصصته لوحيك، واستودعته سر غيبك، فأوضح لنا منه شروط فرائضك، وأبان لنا عن واضح سنتك، وأفصح لنا عن الحلال والحرام، وأنار لنا مدلهمات الظلام، وجنبنا ركوب الآثام، وألزمنا الطاعة، ووعدنا من بعدها الشفاعة. فكنت ممن أطاع أمره، وأجاب دعوته، واستمسك بحبله، فأقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، والتزمت الصيام الذي جعلته حقا فقلت جل اسمك: كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم. ثم أنك أبنته فقلت عززت وجللت من قائل: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ.

ورغبت في الحج بعد إذ فرضته إلى بيتك الذي حرمته، فقلت جل اسمك: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ، وقلت عززت وجللت: ﴿و وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ. اللهم إني أسألك أن تجعلني من الذين يستطيعون إليه سبيلا، ومن الرجال الذين يأتونه ليشهدوا منافع لهم، وليكبروا الله على ما هدايهم. وأعنِّي اللهم على جهاد عدوك في سبيلك مع وليك، كما قلت جل قولك: ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ، وقلت جلت أسماؤك: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ. اللهم فأرني ذلك السبيل، حتى أقاتل فيه بنفسي ومالي طلب رضاك، فأكون من الفائزين. إلهي أين المفر عنك، فلا يسعني بعد ذلك إلا حلمك، فكن بي رؤوفا رحيما، واقبلني وتقبل مني، وأعظم لي فيه بركة المغفرة ومثوبة الأجر، وأرني صحة التصديق بما سألت، وأن أنت عمرتني إلى عام مثله، ويوم مثله، ولم تجعله آخر العهد مني، فأعني بالتوفيق على بلوغ رضاك. وأشركني يا إلهي في هذا اليوم، في جميع دعاء من أجبته، من المؤمنين والمؤمنات، وأشركهم في دعائي إذا أجبتني في مقامي هذا بين يديك، فإني راغب إليك لي ولهم، وعائد بك لي ولهم، فاستجب لي يا أرحم الراحمين ".

2011-08-30