يتم التحميل...

رسالته عليه السلام إلى أحمد بن إسحاق

رسائل/سفراء الحجة(ع)

وأحمد بن إسحاق الأشعري القمي وافد القميين إلى الأئمة الطاهرين وأحد رواتهم العظام، وقد التقى به بعض الشيعة فناوله كتابا من جعفر بن الإمام علي الهادي السلام يعرفه فيه بنفسه ويخبره أنه القيم على العالم الإسلامي بعد أخيه الحسن عليه السلام،

عدد الزوار: 116

وأحمد بن إسحاق الأشعري القمي وافد القميين إلى الأئمة الطاهرين وأحد رواتهم العظام، وقد التقى به بعض الشيعة فناوله كتابا من جعفر بن الإمام علي الهادي السلام يعرفه فيه بنفسه ويخبره أنه القيم على العالم الإسلامي بعد أخيه الحسن عليه السلام، ويدعي أن عنده من علم الحلال والحرام ما يحتاج إليه الناس وغير ذلك من العلوم. فكتب أحمد إلى الإمام المنتظر رسالة عرفه بالأمر، وشفع معه كتاب جعفر، فأجابه الإمام عليه السلام بهذه الرسالة، وقد جاء فيها بعد البسملة:

" أتاني كتابك أبقاك الله - والكتاب الذي أنفذته درجه وأحاطت معرفتي بجميع ما تضمنه على اختلاف ألفاظه وتكرر الخطأ فيه ولو تدبرته لوقفت على بعض ما وقفت عليه منه والحمد لله رب العالمين حمدا لا شريك له على إحسانه إلينا وفضله علينا أبى الله للحق إلا إتماما وللباطل إلا زهوقا وهو شاهد علي بما أذكره ولي عليكم بما أقوله إذا اجتمعنا ليوم لا ريب فيه ويسألنا عما نحن فيه مختلفون إنه لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه ولا على أحد من الخلق جميعا إمامة مفترضة ولا طاعة ولا ذمة وسأبين لكم جملة تكتفون بها إن شاء الله تعالى: يا هذا - يرحمك الله - إن الله تعالى لم يخلق الخلق عبثا ولا أهملهم سدى بل خلقهم بقدرته وجعل لهم أسماعا وأبصارا وقلوبا وألبابا ثم بعث إليهم النبيين عليهم السلام مبشرين ومنذرين يأمرونهم بطاعته وينهونهم عن معصيته ويعرفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم وأنزل عليهم كتابا وبعث إليهم ملائكة يأتون من بعثهم إليهم بالفضل الذي جعل لهم عليهم وما آتاهم من الدلائل الظاهرة والبراهين الباهرة والآيات الغالبة فمنهم من جعل عليه النار بردا وسلاما واتخذه خليلا ومنهم من كلمه تكليما وجعل عصاه ثعبانا مبينا ومنهم من أحيى الموتى بإذن الله وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله ومنهم من علمه منطق الطير وأوتي من كل شيء ثم بعث محمدا صلى الله عليه وآله رحمة للعالمين وتمم به نعمته وختم به أنبياءه وأرسله إلى الناس كافة وأظهر من صدقه ما أظهر وبين من آياته وعلاماته ما بين ثم قبضه ص حميدا فقيدا سعيدا وجعل الأمر بعده إلى أخيه وابن عمه ووصيه ووارثه علي بن أبي طالب عليه السلام ثم إلى الأوصياء من ولده واحدا واحدا أحيى بهم دينه وأتم بهم نوره وجعل بينهم وبين إخوانهم وبني عمهم والأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم فرقانا مبينا يعرف به الحجة من المحجوج والإمام من المأموم بأن عصمهم من الذنوب وبرأهم من العيوب وطهرهم من الدنس ونزههم من اللبس وجعلهم خزان علمه ومستودع حكمته وموضع سره وأيدهم بالدلائل ولولا ذلك لكان الناس على سواء ولا وعى أمر الله عزوجل كل أحد ولما عرف الحق من الباطل ولا العالم من الجاهل وقد ادعى هذا المبطل المفتري على الله الكذب بما ادعاه فلا أدري بأية حالة هي له رجاء أن يتم دعواه أبفقهه في دين الله ؟ فوالله ما يعرف حلالا من حرام ولا يفرق بين خطأ وصواب، أم بعلم ؟ فما يعلم حقا من باطل ولا محكما من متشابه ولا يعرف حد الصلاة ووقتها أم بورع ؟ فالله شهيد على تركه الصلاة الفرض أربعين يوما يزعم ذلك لطلب الشعوذة ولعل خبره قد تأدى إليكم وهاتيك ظروف مسكره منصوبة وآثاره عصيانه لله عز وجل مشهورة قائمة أم بآية فليأت بها أم بحجة ؟ فليقيمها أم بدلالة ؟ فليذكرها قال الله عز وجل في كتابه:

﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ *  مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ.

فالتمس تولى الله توفيقك من هذا الظالم ما ذكرت لك وامتحنه وسله عن آية من كتاب الله يفسرها أو صلاة فريضة يبين حدودها وما يجب فيها لنعلم حاله ومقداره ويظهر لك عواره ونقصانه والله حسيبه .

حفظ الله الحق على أهله وأقره في مستفره وقد أبى الله عز وجل أن تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام وإذا أذن الله لنا في القول ظهر الحق واضمحل الباطل وانحسر عنكم وإلى الله أرغب في الكفاية وجميل الصنع والولاية وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على محمد وآل محمد . . . ".

وحكت هذه الرسالة الطعن بشخصية جعفر الذي ادعى الإمامة وتجريده تجريدا كاملا من جميع الصفات الكريمة التي تؤهله لهذا المنصب الرفيع الذي لا يستحقه إلا من كان حاويا لفضائل الدنيا من العلم بما تحتاج إليه الأمة في جميع مجالاتها والإحاطة الكاملة بأحكام الشريعة وشؤون الدين وجعفر جاهل لا يعرف أي طرفيه أطول فكيف يدعي الإمامة.


* حياة الإمام المنتظر المصلح الأعظم-دراسة وتحليل-، الشيخ باقر شريف القرشي، دار جواد الأئمة، ط1، بيروت/لبنان، 1429هـ / 2008 م، ص 76-79.

2010-07-26