يتم التحميل...

وصايا النبي (ص) لأبي ذر الغفاري_2

ربيع2

روى أبي ذر الغفاري رضوان الله عليه فقال: دخلت ذات يوم على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في مسجده، فلم أرَ في المسجد أحداً من الناس إلا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وعليّ عليه السلام إلى جانبه جالس، فاغتنمت خُلوة المسجد، فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أوصني بوصية ينفعني الله بها. فقال صلّى الله عليه وآله وسلم: يا أبا ذر: إن الله تعالى جعل قُرَّة عيني في الصلاة، وحبَّبَها إليّ كما حبَّب إلى الجائع الطعام وإلى الظمآن الماء. وإن الجائع إذا أكل الطعام شبع، وإذا شرب رُوي...

عدد الزوار: 370

بسم الله الرحمن الرحيم

 وصايا النبي صلّى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر الغفاري رضوان الله عليه -2-


روى أبي ذر الغفاري رضوان الله عليه فقال: دخلت ذات يوم على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في مسجده، فلم أرَ في المسجد أحداً من الناس إلا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وعليّ عليه السلام إلى جانبه جالس، فاغتنمت خُلوة المسجد، فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أوصني بوصية ينفعني الله بها.

فقال صلّى الله عليه وآله وسلم: يا أبا ذر: إن الله تعالى جعل قُرَّة عيني في الصلاة، وحبَّبَها إليّ كما حبَّب إلى الجائع الطعام وإلى الظمآن الماء. وإن الجائع إذا أكل الطعام شبع، وإذا شرب رُوي، وأنا لا أشبع من الصلاة..

يا أبا ذر: أيما رجل تطوع في كل يوم اثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، كان له حقاً واجباً بيت في الجنة.
يا أبا ذر: ما دمت في الصلاة، فإنك تقرع بابَ الملك، ومن يُكثر قرع باب الملك فإنه يُفتح له.
يا أبا ذر: ما من مؤمن يقوم للصلاة إلا تناثر عليه البرّ ما بينه وبين العرش، ووُكِّل به ملك ينادي، يا ابن آدم: لو تعلم ما لك في صلاتك ومن تناجي، ما سئمت ولا التفت,يا أبا ذر: طوبى لأصحاب الألوية يوم القيامة، يحملونها فيسبقون الناس إلى الجنة، ألا وهم السابقون إلى المساجد، بالأسحار وغيرها.
يا أبا ذر: الصلاة عماد الدين، واللسان أكبر1، والصدقة تمحو الخطيئة، واللسان أكبر .
يا أبا ذر: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، وما أصبح فيها مؤمن إلا وهو حزين! فكيف لا يحزن، وقد أوعد الله أنه وارد جهنم، ولم يعده أنه صادر منها.
يا أبا ذر: من استطاع أن يبكي، فليبكِ، ومن لم يستطع فليشعر قلبه الحزن وليتباك، إن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا يشعرون.
يا أبا ذر: ما من خطيب يخطب إلا عرضت عليه خطبته يوم القيامة، وما أراد به,يا أبا ذر: إنّ فضل الصلاة النافلة في السِّر على العلانية، كفضل الفريضة على النافلة.
يا أبا ذر: ما يتقرّب العبد إلى الله بشيء، أفضل من السجود الخفيِّ, يا أبا ذر: أذكر الله ذكراًَ خاملاً! قلت: يا رسول الله وما الخامل؟ قال: الذكر الخفي.
يا أبا ذر: يقول الله تعالى: لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين فإذا أمنني في الدنيا، أخفته في الآخرة، وإذا خافني في الدنيا، أمنته يوم القيامة.
يا أبا ذر: إن الرجل لتُعرض عليه ذنوبه يوم القيامة، فيقول: أما إني كنت منك مشفقاً، فيغفر له.
يا أبا ذر: إن الرجل ليعمل الحسنة، فيتكل عليها، ويعمل المحقّرات2 فيأتي الله وهو من الأشقياء، وإن الرجل ليعمل السيئة، فيفرق3 منها، فيأتي الله آمناً يوم القيامة.
يا أبا ذر: إن العبد ليذنب فيدخل بذنبه ذلك الجنة! قلت: وكيف ذلك بأبي وأمي يا رسول الله؟ قال: يكون ذلك الذنب نصب عينيه تائباً منه، فارّاً إلى الله عزّ وجل حتى يدخل الجنة.
يا أبا ذر: والذي نفس محمد بيده، لو أن الدنيا كانت تعدل عند الله جناح بعوضة، ما سقى الفاجر منها شربة ماء, يا أبا ذر: إن الدنيا ملعونة. ملعون ما فيها، إلا ما ابتغي به وجه الله...
يا أبا ذر: إن الله جل ثناؤه أوحى إلى أخي عيسى عليه السلام: يا عيسى لا تحب الدنيا، فإن لست أحبُّها، وأحبَّ الآخرة فإنها هي دار المعاد.
يا أبا ذر: إن جبرئيل عليه السلام أتاني بخزائن الدنيا على بغلة شهباء، فقال لي: يا محمد هذه خزائن الدنيا، ولا ينقصك من حظك عند ربّك! قال: فقلت: حبيبي جبرئيل، لا حاجة لي فيها. إذا جعتُ سألت ربي. وإذا شبعت شكرته.
يا أبا ذر: إذا أراد الله بعبد خيراً فقَّهه في الدين. وزهَّده في الدنيا، وبصَّره بعيوب نفسه.
يا أبا ذر: ما زَهِد عبد في الدنيا إلا أثبت الله الحكمة في قلبه، وأنطق بها لسانه وبصَّره عيوب الدنيا، ودائها ودوائها، وأخرجه منها سالماً إلى دار السلام.
يا أبا ذر: إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا، فاستمع منه، فإنه يلقي إليك الحكمة. فقلت: يا رسول الله، من أزهدُ الناس؟ قال: من لم ينسَ المقابر والبلى وتركَ ما يفنى لما يبقى، ومن لم يعدّ غداً من أيامه، وعدَّ نفسه في الموتى.
يا أبا ذر: إن الله لم يوحِ إلي أن إجمع المال. ولكن أوحى إلي: أن سبِّح بحمد ربك، وكن من الساجدين، واعد ربَّك حتى يأتيك اليقين..


وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين


1- ربما يكون المقصود باللسان هنا: الكلام الذي ينفع الناس، كالوعظ والإرشاد والتعليم.
2- صغائر الذنوب.
3- يخاف.

2010-04-01