آداب تلاوة القرآن_الآداب الظاهرية
الآداب العامة للقرآن
لا غنى للمسلم عن مصاحبة القرآن وتلاوته حيث يعيش الإنسان فيه مع اللَّه تعالى وتنطلق الروح من أسارها لتقتبس من النور. والتلاوة عبادة ويكتب اللَّه لقارىء القرآن أجره على كل حرف ولكن كيف نقرأ القرآن، وكيف نستفيد من اياته هل نقرؤه لمجرد التلاوة وتحصيل الثواب ألم يقرع أسماعنا قول رسول اللَّه كم من تالٍ للقران والقرآن يلعنه لأنه أقام حروفه وضيّع حدوده2.
عدد الزوار: 321
قال اللَّه تعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ 1.
لا غنى للمسلم عن مصاحبة القرآن وتلاوته حيث يعيش الإنسان فيه مع اللَّه تعالى وتنطلق الروح من أسارها لتقتبس من النور. والتلاوة عبادة ويكتب اللَّه لقارىء القرآن أجره على كل حرف ولكن كيف نقرأ القرآن، وكيف نستفيد من اياته هل نقرؤه لمجرد التلاوة وتحصيل الثواب ألم يقرع أسماعنا قول رسول اللَّه كم من تالٍ للقران والقرآن يلعنه لأنه أقام حروفه وضيّع حدوده2.
الأجر يتفاوت على قدر ما في التلاوة من تدبّر، وعلى قدر ما يؤدي التدبر إلى الغاية المطلوبة والهدف المراد الذي يشير إليه تعالى قوله:
﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء﴾3.
فالمطلوب أن يتحول الاستماع إلى القرآن وتلاوته والتأثر والخشوع إلى هدى وسلوك والتزام بما أنزل اللَّه تعالى.
فضل تلاوة القرآن
ورد في الخبر عن رسول اللَّه صلى الله عليه وعلى آله:
"نوّروا بيوتكم بتلاوة القرآن" 4.
وأما مدى سطوع هذا النور والصفاء والبهاء فقد ورد في الخبر عن الصادق عليه السلام:
"إن البيت الذي يتلى فيه القرآن يتراءى لأهل السماء كما يتراءى لأهل الأرض الكوكب الدري في السماء".
عن الإمام الصادق عليه السلام:
"والبيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر اللَّه عزّ وجلّ فيه تكثر بركته وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين ويضيء لأهل السماء كما يضيء الكوكب الدري لأهل الأرض"5
ولهذا فإن الملائكة حين ترى نور القرآن يسطع من بيوت الأرض إلى السماء كالكوكب الدري تغبط أهل الأرض على تلاوته:
"إن اللَّه خلق بعض القرآن قبل أن يخلق ادم وقرأه على الملائكة فقال: طوبى لأمة ينزل عليها هذا وطوبى لأجواف تحمل هذا، وطوبى لألسنة تنطق بهذا"6.
المواظبة على التلاوة
عن النبي صلى الله عليه وعلى آله:
"من قرأ عشر ايات في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ خمسين اية كتب من الذاكرين، ومن قرأ مائة اية كتب من القانتين، ومن قرأ مائتي اية كتب من الخاشعين، ومن قرأ ثلاثمائة اية كتب من الفائزين، ومن قرأ خمسمائة اية كتب من المجتهدين"7.
آداب تلاوة القرآن الظاهرية
إن تلاوة آيات القرآن بتدبّر لها تأثير كبير في القلب، وهو لا يتم بوجهه الأكمل إلا بمراعاة الأدب في تلاوتها.
وقد ذكرت آداب عدة لتلاوة القرآن بعضها يعد ظاهرياً وبعضها باطني.
والآداب الظاهرية كثيرة، ترجع كلها إلى مراعاة الأدب والإحترام تجاه هذه الصحيفة المقدسة، واستشعار الخضوع والتذلل أمام اللَّه وكلماته التي لو ألقيت على جبل لخرّ متصدعاً من خشية اللَّه، ويأتي على رأس هذه الآداب الظاهرية:
الطهارة
والمقصود بالطهارة الوضوء أو الغسل أو التيمم. وقد جعل المولى ثواب قراءة القرآن على وضوء أضعاف ثواب تلاوته بغير وضوء، قال أمير المؤمنين عليه السلام:
"من قرأ القرآن وهو على وضوء كان له بكل حرف خمس وعشرون حسنة.. ومن قرأ على غير وضوء فله بكل حرف عشر حسنات". فلا يجوز مس كتاب القرآن وحروفه إلا مع الطهارة، قال تعالى:
﴿لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ 8.
وقد صرح الفقهاء بكراهة قراءة ما زاد على سبع آيات للجنب، مضافاً إلى حرمة قراءة السور العزائم الأربع. وهي: "اقرأ" و"النجم" و"الم تنزيل" و"حم السجدة".
تنظيف الفم
ورد في الخبر عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال:
"إني لأحب للرجل إذا قام بالليل أن يستاك وأن يشم الطيب فإن الملك يأتي الرجل إذا قام بالليل حتى يضع فاه على فيه، فما خرج من القرآن من شيء دخل جوف ذلك الملك"9.
فالفم هو طريق القرآن، ولا يليق بطريق القرآن إلا أن يكون طيباً نظيفاً، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وعلى آله:
"نظفوا طريق القرآن" قيل: يا رسول اللَّه صلى الله عليه وعلى آله وما طريق القرآن؟ قال: "أفواهكم" قيل: بماذا؟ قال: "بالسواك" 10.
وفي حديث آخر:
"طيبوا أفواهكم فإن أفواهكم طريق القرآن".
استقبال القبلة والإقبال التام على التلاوة
ينبغي لقارىء القرآن أن يستقبل القبلة، ويجلس بتأدب وخشوع، ويقبل بكلّه على التلاوة متفرغاً لها، وقد جاء عن الإمام الصادق عليه السلام:
"فقارىء القرآن يحتاج إلى ثلاثة أشياء: قلب خاشع، وبدن فارغ، وموضع خال. فإذا خشع للَّه قلبه فرّ منه الشيطان الرجيم" 11.
البدء بالاستعاذة
قال تعالى:
﴿فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ 12.
من كمال الأدب أن يشرع القارىء في القراءة بالاستعاذة، ويقصد بها تطهير القلب من لوثات الوسوسة الصارفة عن ذكر اللَّه تعالى. وختم القراءة بقوله: صدق اللَّه العلي العظيم. ويدعو بالمأثور في بدء التلاوة وبعد الفراغ منها كما كان يفعل الأئمة عليه السلام 13.
قراءة القرآن في المصحف
وفي بعض الروايات ما يفيد أفضلية قراءة القرآن نظراً على قراءته حفظاً وتظهر هذه الأفضلية في الاثار المترتبة، فعن أبي عبد اللَّه عليه السلام:
"من قرأ المصحف نظراً مُتّع ببصره، وخفّف بوالديه وإن كانا كافرين" 14.
وفي حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله:
"ليس شيء أشد على الشيطان من القراءة في المصحف نظراً" 15.
وعنه صلى الله عليه وعلى آله:
"أفضل عبادة أمتي تلاوة القرآن نظراً" 16.
الترتيل بصوت حسن
قال تعالى:
﴿وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلًا﴾.
والترتيل هو "حفظ الوقوف وبيان الحروف" كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام.
والمراد بحفظ الوقوف أن لا يقف القارىء كيف كان، بل يقف حيث يكون الوقف حسناً أو لازماً. والمراد ببيان الحروف أن يخرج الحروف كما ينبغي من جهر وهمس واطباق واستعلاء على ما ذكره علماء التجويد.
والترتيل كما في بيان الإمام الصادق عليه السلام هو:
"أن تمكث وتحسن به صوتك".
فتقرأ بإمعان من غير استعجال بحيث لو أراد السامع أن يعدّ الحروف لأوشك أن يعدّها. وتحسّن به الصوت في خشوع وخشية.
وقال صلى الله عليه وعلى آله:
"ما أذن اللَّه لشيء أذنه لحسن الصوت بالقرآن".
وقال أيضاً:
"زينوا القرآن بأصواتكم"17.
والمقصود من حسن الصوت ما قاله رسول اللَّه صلى الله عليه وعلى آله:
"إن من أحسن الناس صوتاً بالقرآن الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى اللَّه".
ويستفاد من الروايات أن الصوت الحسن يترك أثراً في قلب القارىء والمستمع على حد سواء، الأمر الذي يساهم في تليين القلوب القاسية، فإن كلام اللَّه شفاء من كل مرض قلبي.
* دروس قرآنية. سلسلة المعارف الاسلامية، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية. ط: 6، آب 2009م- 1430ه. ص: 29-33.
1- فاطر: 29.
2- البحار، ج89، ص184.
3- الزمر: 20-23.
4- المصدر، الكافي، ج2، ص610.
5- شرح أصول الكافي، ج1، ص281.
6- شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد، ج10، ص23.
7- ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، للصدوق.
8- سورة الواقعة، الاية/79.
9- المحاسن، ص559، والبحار، ج77، ص343.
10- المحاسن، ص558.
11- مستدرك الوسائل، ج4، ص241.
12- النحل: 98.
13- ميزان الحكمة، ج3، ص2526.
14- ثواب الأعمال، ص94.
15- المحاسن،ص563.
16- المحجة البيضاء، ج2، ص231.
17- ميزان الحكمة، ج3، ص2525.