حقوق الإخوان
الأخوة
إن للأخ المؤمن حقوقاً عظيمة في الإسلام، بما له من مكانة وحرمة هي أعظم وأكبر من حرمة الكعبة المشرّفة، توجب علينا أن نتعامل معه على أساسها من خلال معرفتها ومراعاتها مع كل ما تحمله من أبعاد إيمانية لإستقامة مسيرة الحياة الفاضلة، سواء من الناحية الفردية أو الاجتماعية لذلك لم يكن بالإمكان التجاوز عن معرفة العوامل الإيجابية التي هي مصدر التواصل والتعارف، ولا عن معرف العوامل السلبية التي هي مصدر الافتراق والاختلاف،
عدد الزوار: 1464كيف تؤدي حق أخيك؟
عظمة حق الأخ:
عن مولانا الصادق عليه السلام:
"ما عُبد اللَّه بشي أفضل من أداء حق المؤمن، إن المؤمن أفضل حقاً من الكعبة"1.
إن للأخ المؤمن حقوقاً عظيمة في الإسلام، بما له من مكانة وحرمة هي أعظم وأكبر من حرمة الكعبة المشرّفة، توجب علينا أن نتعامل معه على أساسها من خلال معرفتها ومراعاتها مع كل ما تحمله من أبعاد إيمانية لإستقامة مسيرة الحياة الفاضلة، سواء من الناحية الفردية أو الاجتماعية لذلك لم يكن بالإمكان التجاوز عن معرفة العوامل الإيجابية التي هي مصدر التواصل والتعارف، ولا عن معرف العوامل السلبية التي هي مصدر الافتراق والاختلاف، لأن الاقدام على شيء أو الاحجام عنه، إنما يكونان بعد الإطلاع على الموجب لذلك في كليهما، وعلى ضوء ما ذكر يعطينا الإمام زين العابدين عليه السلام درساً من دروس الإسلام شارحاً الوظيفة في كلا الإتجاهين ضمن رسالة الحقوق، فلنفتح اذان قلوبنا لما سيقوله عليه السلام في الفقرة الاتية.
مع رسالة الحقوق:
يقول عليه السلام:
"وحق أخيك، أن تعلم أنه يدك التي تبسطها، وظهرك الذي تلتجىء إليه، وعزك الذي تعتمد عليه، وقوتك التي تصول بها، فلا تتخذه سلاحاً على معصية اللَّه، ولا عدة للظلم لخلق اللَّه، ولا تدع نصرته على نفسه ومعونته على عدوّه، والحؤول بينه وبين شياطينه، وتأدية النصيحة إليه، والإقبال عليه في اللَّه، فإن انقاد لربه وأحسن الإجابة له، وإلا فليكن اللَّه اثر عندك وأكرم عليك منه"2.
ومعنى ذلك أن الأخ يجسّد القوة التي تستطيع أن تقهر بها الأعداء وتذل بها الباطل وهو مورد عزك الذي تستطيع أن تعلي هامتك به وظهرك الذي تستند إليه ويدك التي تبطش بها وإذا كان الأخ بهذه المثابة والمنزلة فلا يجوز استغلاله في معصية اللَّه وقهر عباده بمعنى أن يتحول إلى أداة فساد وعنصر ضلال، كما أنه إذا كان على الحق يجب عليك أن تنصره وتعينه على حل مشاكله وتنصحه في شؤونه فإذا كان مطيعاً للَّه عاملاً بأمره منقاداً لحكمه، فهذه غاية أمنيتك، وإذا انحرف عن ذلك وابتعد عنه فليكن اللَّه تعالى أكرم عليك منه واثر لديك.
أداء الحقوق:
إن أكثر ما تكون المشكلة في مرحلة العمل والأداء، لا في مرحلة العلم فقط. لأن المهم أن أعمل بما علمت لا أن أقرأ الحقوق وأتعرف عليها وأحسن تعدادها ثم لا أراعيها، فإن المطلوب هو أن أتعاطى معها بالأحقية التي هي عليها حيث رتبها الإسلام العزيز وجعل بعضها متقدماً على الاخر، وإلا لو كان السلوك العملي في الحياة لا يبرهن على صدق الموقف فهذا يعني أننا لم نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام في العلاقة مع الاخر، بل من خلال معرفتنا بالحقوق أصبحت الحجة علينا أكبر، والحساب أعظم.
ولذلك لو تفحصنا مليّاً في أساليب التعامل والتعاطي بين كثير من الأخوة ووقفنا في بعض شوارع المسلمين أو مدارسهم أو أسواقهم لوجدنا ما يعاكس الاتجاه الذي تدعو إليه المدرسة القرانية وتحث عليه السيرة المباركة لأهل البيت عليهم السلام وما ذلك إلا لإنتهاك الحقوق والتعدي والقيام بما لا يسوغ القيام به ولأجل عدم الالتزام العملي بأيسر حق من الحقوق التي عدّدها الصادق عليه السلام ألا وهو أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك فهل ترى أن هذا الحق الأيسر مراعى حينما يعمل أحدنا على الإضرار بالاخر أو مضايقته في مسكنه أو متجره أو موقف سيارته أو يتمنى زوال النعمة عنه ويسعى في تشويه سمعته، وكيف إذا كان ذلك على مستوى الجماعة فيما إذا قطع طريقهم وحال بينهم وبين مقاصدهم وهو يكره ذلك لنفسه فهل يكرهه لغيره؟!
من هنا كان الواجب أن نقرأ هذه الحقوق في حياتنا اليومية من خلال الأعمال لأنه ربما تخوننا الذاكرة فننسى ما مرّ بنا وتعود المشكلة كما كانت عليه.
إنتهاك الحقوق:
كثيراً ما تكون المودة قائمة بأجمل معانيها وصورها بين أخوين وبعد ذلك تزول لتنقلب إلى كراهية وفي بعض الحالات إلى عداوة بعد صداقة قديمة وأخوة حميمة، فما هو السبب يا ترى؟
إن السبب هو إنتهاك الإنسان لحق أخيه وقيامه بالأسباب التي توجب زوال المودة والتي من الواجب اجتنابها لا إرتكابها. وهي:
أسباب زوال المودة:
1- السبب الأول: المراء
وهو في اللغة: أن يطعن الرجل في قول الاخر تزييفاً للقول وتصغيراً للقائل على نحو الاعتراض.
فإن أقل ما يمثله هذا التعامل السيء هو التكذيب والاهانة وتقزيم الاخر مع أنه من حقّه أن يُحترم ويوقّر ويصدّق، فكيف تدوم الأخوة والمودة دون احترام وكرامة؟!
ومما جاء في ذلك عن الإمام الهادي عليه السلام:
"المراء يفسد الصداقة القديمة ويحلّل العقدة الوثيقة، وأقل ما فيه أن تكون فيه المغالبة والمغالبة أسُّ3 أسباب القطيعة"4.
2- السبب الثاني: إطاعة الواشي5
عن علي عليه السلام:
"من أطاع الواشي ضيّع الصديق"6.
حيث من الطبيعي جداً أن تؤدي الوشاية التي هي عبارة عن عملية إفساد للمودة بين طرفين، وزرع الاضغان في صدر كل واحد منهما من خلال افتراء كاذب لا واقع له يتصور معه أن أحدهما لا يكنّ للاخر أي تقدير وإنما يتربص به الدوائر، وهذا إنما يحصل فيما إذا استجاب الإنسان واصغى للنمّام الكاذب الذي أراد الوقيعة به أما إذا تابع موازين الشرع المبين وكذّب سمعه، وردّ مقالة هذا المبطل فإن المودة والاخاء يدومان بأمن وسلامة.
وعليه ما يفسد العلاقة هنا ليس الواشي لوحده فهو جزء السبب والجزء الاخر هو المطيع لوشايته، إذ لو لم يطعه لن تحل العرى الوثيقة بينه وبين أخيه وسيبقى الأمر على ما يرام، وهنا يكون المورد محلاً للامتحان من جراءه يعرف مدى الوعي لدى الإنسان هل هو متسرع يعير أذنه لأي شخص ويحكم على أساس الكلام الواهن أو أنه متأنٍ غير عجول يسلك سبيل الاحتياط الذي فيه النجاة.
3- السبب الثالث: ذهاب الحشمة
فقد جاء عن الصادق عليه السلام:
"لا تذهب الحشمة بينك وبين أخيك وأبق منها، فإن ذهاب الحشمة ذهاب الحياء، وبقاء الحشمة بقاء المودة"7.
لا شك أن الابتذال والتصرف أمام الاخر كأنه غير موجود، ولجوء الأخ إلى القيام ببعض الأعمال بداعي أنه لا كلفة بين الاخوان مع أنها غير لائقة ولا مناسبة، يؤدي إلى هوان الإنسان على أخيه ويسقطه من عينه، فلا يقيم له وزناً ولا تدوم بينهما مودة لأنها قائمة على تقدير كل منهما للاخر واحترامه، فإذا أهان الواحد نفسه من خلال عدم حيائه كيف يطلب من الاخرين تكريمه بعدما لم يترك ما يساعده على الاحتفاظ بكيانه الجميل من حشمته.
4- السبب الرابع: عدم التناصف والتراحم
في الحديث عن مولانا الصادق عليه السلام:
"تحتاج الاخوة بينهم إلى ثلاثة أشياء، فإن استعملوها وإلا تباينوا وتباغضوا وهي: التناصف والتراحم ونفي الحسد"8.
5- السبب الخامس: الحسد
حيث لا تجتمع الاخوة الصادقة مع الحسد وتمنّي زوال النعمة عن أخيه وهذا ما أشير إليه في الحديث السابق.
6- السبب السادس: المخاصمة
وهي الجدل ابتداءً، وعدم التوافق والاجتماع في الموقف والرأي أو العمل والسيرة.
7- السبب السابع: الملاعبة
وهي عبارة عن التزييف وابهام الأمور وإلباسها غير لباسها الحقيقي والواقعي بغية الوصول إلى مارب لا تتفق مع التعامل في القضايا بحسب ما هي عليه.
8- السبب الثامن: المجاراة
ويراد بها عدم الصدق في الموقف وعدم المصارحة.
9- السبب التاسع: الممازحة
التي هي الهزل في الخطاب وعدم الجدية وربما تعدت إلى جملة من الأعمال مما يؤذي ويسبب حرجاً أو ضرراً للطرف الاخر.
أما الملاطفة والتراحم فهما على العكس تماماً فإن الذي يلاطف أخاه بغية ادخال السرور على قلبه يكون مأجوراً وهو أمر مطلوب ورد الحث عليه في اخبار المعصومين عليهم السلام.
10- السبب العاشر: المواضعة
ويعنى بها وضع شأن الاخر وتصغيره وخفضه وكثيراً ما يقع في هذه الافة القرناء والزملاء إذا كانوا في صف واحد في مدرستهم أو جامعتهم أو مكان عملهم، فأثنى بعض الناس على أحدهم بما فيه من مميزات ومؤهلات، سرعان ما تثور ثائرة قرينه ليسارع إلى تصغيره ووضعه، نتيجة شعوره بنقصٍ في نفسه ودنو في درجته فيسوّل له الشيطان اختيار أحد أمرين إما الاستعلاء الكاذب وادعاء الرفعة لكي يصل إلى درجة صاحبه وإما انزال الاخر إلى مستواه وفي الحالتين سيكون السبيل مذموماً ومنهياً عنه لأن من أقبح الأخلاق أن يدّعي الإنسان صفة ليست فيه ومميزة لا يمتلكها وكذلك أن يسلب الاخر محاسنه ومميزاته بإنكارها أو من خلال إخفاء المناقب واظهار المثالب.
11- السبب الحادي عشر: المرافعة
وهي رفع شأن الاخر بما هو ليس فيه من خلال الاطراء والمديح وإبرازه في صورة لامعة لا مثيل لها مع أنه ليس كذلك وهذا ما يكثر حينما تتقاطع المصالح بين الناس أو مع أصحاب المال وذوي النفوذ من الرؤساء والوزراء والمسؤولين في شتى ميادين الحياة إذا لم يكن الإنسان الذي يعمل معهم حراً وكريماً.
وقد جاء التحذير من هذه الأمور الستة الأخيرة على لسان أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال له الحارث يا أمير المؤمنين أنا واللَّه أحبك فقال له يا حارث:
"أما إذا أحببتني فلا تخاصمني ولا تلاعبني، ولا تجاريني، ولا تمازحني، ولا تواضعني ولا ترافعني"9.
12- السبب الثاني عشر: التكلّف
وهو أن يجعل الحواجز بينه وبين أخيه ويختلق الرسميات والبروتوكولات، والأساليب التي يصعب معها التعامل والسهولة في المواصلة وحينئذ يشعر بثقل العلاقة معه وعدم الراحة في الاستمرار ما دام ذلك بينهما.
يقول الصادق عليه السلام:
"اثقل اخواني من يتكلّف لي واتحفظ منه واخفهم على قلبي من أكون معه كما أكون وحدي"10.
13- السبب الثالث عشر: التأفّف
فقد جاء في الحديث: "إذا قال المؤمن لأخيه أف خرج من ولايته"11.
14- السبب الرابع عشر: الإهانة
فيما روي أنه نزل جبرائيل على النبي صلى الله عليه وآله وقال له: "يا محمد إن ربك يقول: من أهان عبدي المؤمن فقد استقبلني بالمحاربة"12.
15- السبب الخامس عشر: تتبّع العثرات
فيما قاله الصادق عليه السلام:
"أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يكون الرجل مواخياً للرجل على الدين ثم يحفظ زلاته وعثراته ليضعه بها يوماً ما"13.
وفي حديث اخر:
"لا ترموا المؤمنين ولا تتبعوا عثراتهم فإن من يتبع عثرة مؤمن يتبع اللَّه عزّ وجلّ عثرته ومن يتبع اللَّه عزّ وجلّ عثرته فضحه في بيته"14.
ثلاثون حقاً لأخيك عليك:
بعد معرفة أسباب القطيعة وزوال المودة بين الأخوة، نتعرف معاً على الحقوق الأخوية وإن كان بعضها أصبح واضحاً حيث تقدم الحديث عن أضدادها، لكن فلنسمعها مباشرة من فم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله حيث يقول:
"للمسلم على أخيه ثلاثون حقاً، لا براءة له إلا الأداء أو العفو: يغفر زلته، ويرحم عبرته، ويستر عورته، ويقيل عثرته، ويقبل معذرته، ويرد غيبته، ويديم نصيحته، ويحفظ خلته، ويرعى ذمته، ويعود مرضته، ويشهد ميتته، ويجيب دعوته، ويقبل هديته، ويكافىء صلته، ويشكر نعمته، ويحسن نصرته، ويحفظ خليلته، ويقضي حاجته، ويشفع مسألته، ويسمت عطسته، ويرشد ضالته، ويرد سلامه، ويطيب كلامه، ويبر أنعامه، ويصدق أقسامه، ويوالي وليه ويعادي عدوه، وينصره ظالماً أو مظلوماً فأما نصرته ظالماً فيرده عن ظلمه، وأما نصرته مظلوماً فيعينه على أخذ حقه ولا يسلمه، ولا يخذله، ويحب له من الخير ما يحب لنفسه... ويكره له ما الشر ما يكره لنفسه، ولا يبرأ المسلم يوم القيامة من هذه الحقوق إلا إذا أدّاها أو نال من صاحبه العفو"15.
وقفة خاطفة:
إن إفراد كل حق على حدى أكثر إعانة لمحاسبة النفس على مراعاته أو انتهاكه، لذا لا بد لنا من وقفة تأمل في هذه العجالة نستعرض ضمنها هذه الحقوق عارضين أنفسنا عليها عملياً في مقارنة لو نجحت لساهمت في سعادتنا الأبدية.
1- العفو عن الزلات
إن أخاك ليس ملكاً من الملائكة ولا نبياً من الأنبياء بل هو بشر مثلك يصدر منه الزلل ويخطىء في بعض الأحيان ومن حقه عليك أن تغفر له زلته وتتجاوز عن خطيئته.
يقول أمير المؤمنين عليه السلام:
"شر الناس من لا يعفو عن الهفوة ولا يستر العورة"16.
وقيل لأحدهم أي الأخوان أحب إليك؟ فقال:
"الذي يغفر زللي ويسد خللي"17.
2- المواساة في المصائب
في الحديث عنه صلى الله عليه وآله:
"من أكرم أخاه المسلم بكلمة يلطّفه بها وفرّج عنه كربته لم يزل في ظلّ اللَّه الممدود عليه الرحمة ما كان في ذلك"18.
3- ستر العورة
فإنه من واجب الأخ إذ رأى بادرة سيئة من أخيه أن يسترها لأن اللَّه سبحانه يحذّر من نشر الفواحش يقول تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾(النور:19).
4- إقالة العثرة
حيث من أخلاق المؤمن أن يمتلك قلباً كبيراً وروحاً سامية يستوعب بهما عثرات اخوانه ولا يعطي الأمور أكثر من ما هي عليه بل يتسامح ويقبل عذر الاخر والأفضل أن يتغاضى دون الحاجة إلى الاعتذار.
في الحديث:
"شر اخوانك من أحوجك إلى مدارة وألجأك إلى اعتذار"19.
5- ردّ الغيبة
إن الغيبة انتهاك فاضح لحقوق الاخرين ويحرم استماعها ويجب ردّها وإلا فقد ورد:
"السامع للغيبة كالمغتاب20السامع للغيبة أحد المغتابين"21.
6- قبول المعذرة
ليس من الصواب ألا يعترف إليك أخوك بخطئه إذا كان ولكن الأسوء أن لا تقبل معذرته حينما يأتيك نادماً.
يقول أمير المؤمنين عليه السلام:
"واقبل عذر أخيك فإن لم يكن له عذر فالتمس له عذراً، ولا تكثرن العتاب فإنه يورث الضغينة"22.
7- تقديم النصيحة
عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله:
"لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه"23.
8- حفظ الأخوّة
الأخ الصالح جوهرة ثمينة لا تقدر بشيء، لا بد من الحفاظ عليه.
9- رعاية الذمة
فالمؤمن له كرامة عند اللَّه لا بد من رعايتها وصيانتها ومنها رعاية ذمته في الحرب والسلم وفي السراء والضرّاء.
10- عيادة المريض
عن الباقرعليه السلام:
"كان فيما ناجى به موسى بن عمران ربه عزّ وجلّ أن قال له: يا رب ما بلغ من عيادة المريض من الأجر؟ فقال تعالى: أوكل به ملكاً يعوده في قبره إلى محشره"24.
11- حضور الجنازة
إن من حق الأخ على اخوانه أن يحضروا جنازته ويشيّعوه إذا مات.
في الحديث:
"من حمل أخاه الميت بجوانب السرير الأربع محى اللَّه عنه أربعين كبيرة من الذنوب الكبائر"25.
12- إجابة الدعوة
قد يقول بعضنا: إن كثيرين يدعونني إلى بيوتهم ومادبهم لكنني عادة لا أجيب دعوة أحد، إن ذلك ليس من أخلاق الإسلام طالما أن عدم الاستجابة لم يكن لعذر واضح كمرض ونحوه.
يقول الصادق عليه السلام:
"من الحقوق الواجبات للمؤمن على المؤمن أن يجيب دعوته"26.
13- قبول الهدية
إذا قدم لك أخوك هدية فمن حقه عليك أن تقبلها منه.
في الحديث:
"من تكرمة الرجل لأخيه المسلم أن يقبل تحفته وأن يتحفه بما عنده ولا يتكلف له شيئاً"27.
وعنه صلى الله عليه وآله: "لو أهدي إلى ذراع لقبلت"28.
14- مكافأة الصلة
من الحقوق المتبادلة المكافأة بالمثل فإذا قدم لك أخوك خدمة عليك أن لا تنساها وبادر إلى تقديم خدمة مماثلة لها.
15- الشكر على النعمة
والمراد أن يشكر اللَّه تعالى أنه قد أنعم على أخيه وقضى حاجته فلا ينافسه ولا يحسده بل يفرح كما لو أن النعمة كانت له تماماً وليس من غل في قلبه على الاطلاق كما في الوصف القراني:
﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا﴾(الحجر:47).
16- الانتصار لأخيه
عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله:
"من ردّ عن عرض أخيه بالغيب كان حقاً على اللَّه أن يرد عن عرضه يوم القيامة"29.
وعن الصادق عليه السلام:
"ما من مؤمن يعين مؤمناً مظلوماً إلا كان أفضل من صيام شهر رمضان واعتكافه في المسجد الحرام"30.
17- رعاية عائلته
ويكون ذلك فيما إذا كان أخوك مسافراً فمن حقه أن تتفقد عائلته وترعى أولاده وتسألهم عن احتياجاتهم.
18- قضاء حوائجه
عن الصادق عليه السلام:
"قضاء حاجة المؤمن خير من عتق ألف رقبة وخير من حملان ألف فرس في سبيل اللَّه"31.
19- الشفاعة في مسألته
والمراد بها أن يقوم الأخ بدور الوسيط لأجل أن يبلغ الاخر مسألته التي يطلبها، والوساطة مع القدرة عليها حق له عليك.
20- تسميت العطسة
فإنه ليست الحقوق الكبرى وحدها أولاها النبي صلى الله عليه وآله اهتمامه في تعدادها بل الأمور الصغيرة التي تعبر عن احترام المؤمن لأخيه كما تقدم في الحديث النبوي الحقوقي الجامع.
ومما ورد: كنا جلوساً عند أبي عبد اللَّه عليه السلام إذ عطس رجل فما رد عليه أحد من القوم شيئاً حتى ابتدأ هو فقال:
"سبحان اللَّه ألا سمّتم! إن من حق المسلم على المسلم أن يعوده إذا اشتكا وأن يجيبه إذا دعاه وأن يشهده إذا مات وأن يسمته إذا عطس"32.
21- ارشاد ضالته
والمراد بذلك أن ترشده إلى السبيل وتساعده في العثور على طفله إن ضاع منه أو على ماله إن فقده.
22- ردّ التحية
يقول النبي صلى الله عليه وآله:
"السلام تطوع والردّ فريضة"33.
وعنه صلى الله عليه وآله:
"إذا سلم المسلم على المسلم فرد عليه صلت عليه الملائكة سبعين مرة"34.
23- تحسين كلامه
أي أن يقول له: أحسنت أو طيّب اللَّه أنفاسكم لأن في ذلك تشجيعاً له على قول الحق وكلمة الخير.
24- موالاة صديقه
أي من حق أخيك عليك أن تصادق أصدقاءه يقول أمير المؤمنين عليه السلام:
"أصدقاؤك ثلاثة: صديقك وصديق صديقك وعدو عدوك"35.
25- الامتناع عن معاداته
وذلك بأن لا تقف في جبهة من يعادونه ويكيدون له، في الخبر:
"لا تتخذن عدو صديقك صديقاً فتعادي صديقك ولا تعمل بالخديعة فإنها خلق اللئيم"36.
26- نصرته ظالماً ومظلوماً
في الحديث الشريف:
"انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فأما نصرته ظالماً فيردّه عن ظلمه وأما نصرته مظلوماً فيعينه على أخذ حقه"37.
27- الامتناع عن تسليمه للعدو
فمن حقوق المؤمن على أخيه أن لا يتركه فريسة للعدو ولقمة سائغة وحينما يشتد النزال يتجاهله ويتناساه.
في الحديث:
"المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه"38.
28- ترك خذلانه
حيث يجب أن يكون ظهره الذي يستند عليه ويلتجىء إليه وقوّته التي يصول بها ويجول.
فيما جاء عن الصادق عليه السلام:
"ما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته إلا خذله اللَّه في الدنيا والاخرة"39.
29- أن تحب له ما تحبه لنفسك
ورد في الخبر عن محمد بن مسلم أنه قال: أتاني رجل من أهل الجبل فدخلت معه على أبي عبد اللَّه عليه السلام فقال له عند الوداع: أوصني فقال عليه السلام:
"أوصيك بتقوى اللَّه وبرّ أخيك المسلم وأحبّ له ما تحب لنفسك واكره له ما تكره لنفسك"40.
30- أن تكره له ما تكرهه لنفسك
مما جاء في وصية مولانا أمير المؤمنين عليه السلام لولده الحسن عليه السلام:
"أي بني تفهّم وصيتي واجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك واكره له ما تكره لنفسك، ولا تظلم كما لا تحب أن تظلم وأحسن كما تحب أن يحسن إليك، واستقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك"41.
*أخوة الإيمان، سلسلة الاجتماعيات الاسلامية، إعداد ونشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافية، ط2، ت2، 2004م-1425هـ، ص57-75.
1- البحار، ج74، ص243.
2- رسالة الحقوق، حق الأخ.
3- أُسُّ الشيء يعني أصله.
4- ميزان الحكمة، ح10293.
5- الواشي والوشاء: النمّام.
6- البحار ج73-17160
7- ميزان الحكمة، حديث 169.
8- تحف العقول، ص322.
9- الخصال، ص334.
10- المحجة البيضاء، ج3.
11- المؤمن للأهوازي، حديث 198.
12- م.ن. حديث 186.
13- المصدر نفسه. حديث 171.
14- المصدر نفسه. حديث 188.
15- كنز الفوائد، ج1، ص306.
16- تحف العقول، ص63.
17- كنز الفوائد، ج1، ص100.
18- الكافي، ج2، ص260.
19- غرر الحكم ودرر الكلم، 1-403-28.
20- المصدر نفسه.1-56-1215.
21- المصدر نفسه. 1-10-1639.
22- تحف العقول، ص79.
23- الكافي، ج2، ص208.
24- المحجة البيضاء، ج3، ص410.
25- المحجة البيضاء، ج3، ص415.
26- المحاسن، ص411، ح141.
27- جامع السعادات، ج2، ص152.
28- المصدر نفسه.
29- المحجة البيضاء، ج3، ص261.
30- ثواب الأعمال، ص147.
31- مصادقة الاخوان، ص54، ح3.
32- الكافي، ج2، ص653، حديث 3.
33- حلية المتقين، ص540.
34- المحجة البيضاء، ج3، ص382.
35- نهج البلاغة، 4-71.
36- تحف العقول، ص60.
37- دار السلام، ج3، ص451.
38- المحجة البيضاء، ج3، ص332.
39- أمالي الصدوق، ص393.
40- أمالي الطوسي، ص94.
41- تحف العقول، ص56.