مكانة المرأة
المرأة في القرآن والسنة
هناك الكثير من الأفكار والنظريّات التي قد تشاع بين الناس، والتي تجعل المرأة دون مستوى الرجل، وربما تنسب مثل هذه الأفكار إلى الشرع المقدس، فلا يتجرّأ المسلم على مواجهتها لتوهّمه أنّه بذلك يُخالف الشرع، والحقيقة غير ذلك، ومن هذه النظريّات...
عدد الزوار: 374
نظرة المجتمعات إلى المرأة
هناك الكثير من الأفكار والنظريّات التي قد تشاع بين الناس، والتي تجعل المرأة دون مستوى الرجل، وربما تنسب مثل هذه الأفكار إلى الشرع المقدس، فلا يتجرّأ المسلم على مواجهتها لتوهّمه أنّه بذلك يُخالف الشرع، والحقيقة غير ذلك، ومن هذه النظريّات:
1- هل المرأة مخلوق ثانويّ؟
اشتهر عند بعض المسلمين أنّ حواء خُلقت من أحد أضلع آدم عليه السلام وذكروا بعض الروايات التي يمكن أن تساعد على ذلك، وهذه الطريقة في الخلق قد تجعل الإنسان يتصوّر أنّ حواء - وبالتالي النساء - مخلوق ثانويّّ خُلق من ضلع الرجل، وذكر بعضهم أنّه الضلع القصير والأيسر، وهذه الفكرة غير سليمة، ونحن في غنى عن مناقشة معنى خلقها من ضلع آدم عليه السلام، فإنّ الوارد عندنا أنّها خُلقت من الطينة التي خلق منها آدم وليس من الضلع، ففي الرواية عن ابن أبي المقدام، عن أبيه قال:
"سألت أبا جعفر عليه السلام: من أيّ شيء خلق الله حواء؟ فقال: أيَّ شيء يقول هذا الخلق؟ قلت: يقولون: إنّ الله خلقها من ضلع من أضلاع آدم، فقال عليه السلام: كذبوا، أكان يُعجزه أن يخلقها من غير ضلعه؟ فقلت: جعلت فداك يا بن رسول الله من أيّ شيء خلقها؟ فقال عليه السلام: أخبرني أبي، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ الله تبارك وتعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه - وكلتا يديه يمين - فخلق منها آدم، وفضلت فضلة من الطين فخلق منها حواء"1.
وتعبير "فضلة من الطين" ليس للاستهانة بهذه الطينة، فالله حكيم لا يزيد عن عمله تعالى فضلات، وإنّما يشير هذا التعبير إلى أمرين:
أوّلاً: الترتيب الزمنيّ حيث خلق آدم أوّلاً من جزء من الطينة وخلقت حواء من الباقي منها.
ثانياً: أنّها خُلقت من نفس طينة آدم عليه السلام لإغلاق باب وجود طينة أخرى للنساء تختلف عن طينة الرجال، وعلى هذا النسق قوله تعالى في القرآن الكريم:﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً..﴾2.
2- أوّل خطأ ومعصية
من المشهور عند الأديان الأخرى وربما سرى ذلك إلى بعض المسلمين أيضاً،أنّ المرأة تتحمّل مسؤوليّة أوّل خطأ قام به الإنسان وأنّها كانت السبب في وقوع آدم عليه السلام في الخطأ أيضاً،فهي التي زيّنت له الأكل من الشجرة التي نهاهما الله تعالى عنها.
روى ابن عباس أنّه: "لمّا أكل آدم من الشّجرة التي نُهي عنها قال الله عزّ وجلّ ما حملك أن عصيتني؟ قال: ربّ زيّنت لي حواء. قال: فإنّي أعقبتها أن لا تحمل إلّا كرهاً ولا تضع إلّا كرهاً ودميتها في الشهر مرّتين. فلمّا سمعت حواء ذلك رنّت، فقال لها: عليك الرنّة وعلى بناتك"3.
وهذه الروايات لم تصح عندنا وهي تخالف ظاهر القرآن الكريم. يقول تعالى: ﴿وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَ عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ * قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾4.
فهذه الآيات لم تميّز بين آدم وحواء عليهما السلام في هذا الموضوع، فالله تعالى خاطبهما معاً ووسوسة إبليس اللعين كانت لهما معاً.
نظرة الإسلام للمرأة
المرأة هي أحد صنفي الإنسان، وحتّى نتعرّف على نظرة الإسلام إلى المرأة فلا بدّ من ملاحظتها ضمن النوع الذي تنتمي إليه في البداية وهو الإنسان، ثمّ ملاحظتها بخصوصيّتها كامرأة.
1- كرامة المرأة كإنسان:
يقول الله تعالى:﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾5.
وهذه الكرامة تنطبق على المرأة كما تنطبق على الرجل وبنفس المستوى، فليست المرأة مخلوقاً آخر على صورة البشر، بل هي بشر وإنسان حقيقة، متساوية من هذه الجهة مع الرجل.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ...﴾6.
فكما إنّ الشـعوب والقبائـل متسـاوية لجهة كونها إنسـاناً فكذلك الذكر والأنثى.
نقاط ضعف مشتركة
هذه الكرامة التي أشارت إليها الآيات الكريمة لا تعني عدم وجود نقاط ضعف في شخصيّة الإنسان بصنفيه، بل هناك الكثير من نقاط الضعف التي أشارت إليها الآيات القرآنيّة لا لتقدح بالإنسان وتحطّ من مقامه، بل لتنبّه هذا الإنسان إلى الثغرات التي ينبغي عليه أن يكون واعياً تجاهها ليسدّها ولا يكون فريسة سهلة أمامها.
فالقرآن الكريم هدفه الهداية:﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِين﴾7.
وهكذا كلّ نصٍّ شرعي يتحدّث عن نقطة ضعف هو في الحقيقة نوع من أنواع الهداية للوصول إلى الكمال وليس سيفاً مسلطاً لتضعيف الإنسان أو الرجل أو المرأة والعياذ بالله، فالإنسان ضعيف،يقول تعالى: ﴿.. وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾8.
والإنسان عجول:﴿... وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً﴾9.
والإنسان يجزع عند الشرّ ويمنع عند الخير: ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾10.
فهذه كلّها لا تُريد أن تحطّ من مقام الإنسان بل تريد أن تأخذ بيده وتحفظه عن الوقوع بمثل هذه الأمور، والأمر نفسه بالنسبة للمرأة وأيّ نصٍّ شرعيٍّ يمكن أن يتحدّث عنها أو يذكر بعض الثغرات التي يكثر وقوعها فيها يكون هدفه الهداية.
2- عدم التفاوت ضمن الجنس البشري
إنّ كون المرأة إنساناً يجعلها ذات الكرامة الكبرى بالنسبة إلى سائر المخلوقات كما
عبّر القرآن الكريم، ولكن يبقى الكلام داخل النوع الإنسانيّ نفسه، فهل المرأة درجة متدنّية من الإنسان ويبقى الرجل الدرجة الأعلى؟
يجيب القرآن الكريم على ذلك قائلاً: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾11.
حيث لم يجعل الله تعالى ميزان الكرامة لكون الإنسان رجلاً أو امرأة بل الميزان الوحيد هو ميزان التقوى، لا يختلف في ذلك الرجل والمرأة، فالفرد الأتقى هو الأكرم عند الله تعالى سواء كان رجلاً أو امرأة.
في الرواية عن الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق عليه السلام:"المرأة الصالحة خيرٌ من ألف رجلٍ غير صالح"12.
ولكن يبقى السؤال عن قوله تعالى: ﴿... وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ..﴾13.
فما معنى هذه الآية الكريمة؟ وما المقصود من الدرجة التي هي للرجال على النساء؟
هذا المقطع من الآية جاء ضمن الآيات الكريمة التالية: وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ الله سَمِيعٌ علِيمٌ * وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَالله عَزِيزٌ حَكُيم﴾14.
فهذه الآية الكريمة تتحدّث عن العلاقة الزوجيّة وعمّا للرجل وللمرأة من حقوق وواجبات في هذه العلاقة، فلا تشير إلى المقام المعنويّ أو إلى تفاضلٍ بين صنف المرأة وصنف الرجل؛ وإنّما تشير إلى مسألةٍ عمليّةٍ متعلّقةٍ بحقوق وواجبات كلٍّ من الزوج والزوجة، ولا شكّ أنّ هناك فروقاً في الكثير من التفاصيل العمليّة بين الرجل والمرأة على المستوى الشرعيّ، وواحدة منها موضوع الطلاق الذي تشير إليه هذه الآية الكريمة، وسنتحدّث عن هذه الفروق المتعلّقة بالجانب العمليّ وخلفيّة هذه الفروق في دروس لاحقة إن شاء الله تعالى.
نظرة القرآن الكريم للمرأة (نظرة متوازنة)
يتميّز القرآن الكريم بنظرته المتوازنة للمرأة، فلم يقدّمها كإله كما فعلت بعض المجتمعات ولم يضعها لتصبح موؤودة كما فعلت مجتمعات أخرى، وإنّما قدّمها كإنسان يمرّ في الدنيا بامتحانات وابتلاءات قد يهتدي وقد يضلّ، شأنها في ذلك شأن الرجل، هكذا قدّم القرآن الكريم المرأة ، فذكر بعض النساء اللاتي سقطن في امتحان الدنيا، فضرب الله تعالى مثلاً بنساءٍ كافرات، يقول تعالى:﴿ضَرَبَ الله مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾15.
وفي المقابل يقدّم نموذجاً آخر لامرأة كانت تمتلك المال والسلطة وعندما وقفت أمام الحقيقة آمنت بالله تعالى واستسلمت لإرادته، يقول تعالى في سورة النمل: ﴿قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ * قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ * فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ الله خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ * قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ * قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ * فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ * وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ الله إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ * قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾16.
التركيز على النموذج المشرق
من الملاحظ أنّ القرآن الكريم كثيراً ما ذكر النموذج المشرق من النساء وأضاء على المرأة الصالحة بشكلٍ كبيرٍ في العديد من آياته الشريفة، وركّز على الكثير من النقاط المشرقة من تاريخها ضمن المسيرة الإنسانيّة، وقدّم العديد منهنّ كقدوة ليس للنساء فحسب بل للبشريّة كلّها بما فيها من رجال ونساء، فذكر منهنّ:
1- امرأة فرعون
حيث يقول تعالى في كتابه العزيز:﴿وَضَرَبَ الله مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾17.
فمن الملاحظ أنّ امرأة فرعون قدّمها القرآن الكريم كقدوة ليس للنساء فقط بل: ﴿... لِّلَّذِينَ آمَنُوا ..﴾.
هذه القدوة المشرقة التي كانت الدنيا مقبلة عليها بكلّ زخارفها فأعرضت عنها متوجّهة إلى الله تعالى: ﴿... رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ..﴾18.
2- مريـم ابنة عمران
هذه المرأة العظيمة التي قدّمتها العديد من الآيات القرآنية وتكرّرت قصّتها في أكثر من سورة من سور القرآن الكريم، لتواكبها في العديد من مراحل حياتها الشريفة والمباركة،ومن هذه الآيات: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ الله إنَّ الله يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾19.
﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ الله اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾20.
*مكانة المرأة ودورها,نشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافية,ط2, 2010م-1431هـ, ص9-19.
1- بحار الأنوار، ج22، ص116.
2- الروم: 21.
3- المستدرك، الحاكم النيسابوري، ج2، ص381.
4- الأعراف، الآيات: 19 ـ 23.
5- الإسراء: 70.
6- الحجرات: 13.
7- البقرة: 2.
8- النساء: 28.
9- الإسراء: 11.
10- المعارج:19-21.
11- الحجرات: 13.
12- وسائل الشيعة، ج14، ص123.
13- البقرة: 228.
14- البقرة: 227-228.
15- التحريم: 10.
16- النمل:32-44.
17- التحريم: 11
18- التحريم: 11.
19- آل عمران: 37.
20- آل عمران، الآيتان: 42 ـ 43.
21- بحار الأنوار، ج35، ص179.
22- م.ن، البحار، ج35، ص179.
23- م.ن، البحار، ج35، ص70.
24- مقاتل الطالبيين، الأصفهاني، ص5.
25- الممتحنة: 12.