المَرأة وَالمِلكيّة
المرأة في القرآن والسنة
للمرأة المسلمة الحقُّ الكامل في التملّك الشخصي ، والتصرّف الكلّي فيما تملك من مالٍ وعِقار ، وفي كلّ أدوار حياتها ، سَواء أكانت بنتاً أم زوجاً أم أُمّاً ،
عدد الزوار: 394
للمرأة المسلمة الحقُّ الكامل في التملّك الشخصي ، والتصرّف الكلّي فيما تملك من
مالٍ وعِقار ، وفي كلّ أدوار حياتها ، سَواء أكانت بنتاً أم زوجاً أم أُمّاً ،
وِفقاً للنظام العام ، وليس للزوج المسلم حقٌّ في أنْ يتصرّف بما يخصّ زوجته
المسلمة أو أنْ يمَسّ شيئاً ممّا تملِك بغير إذنٍ منها ورضاء .
ومِن هذا نرى أنّ الإسلام قد أعطى بتشريعه هذا للزوجة المسلمة حقوقاً ، لم تحصل
عليها في تشريعات أيّ حضارةٍ أُخرى منذ أقدم العصور ، وحتى الآن ، ففي الشرائع
الحديثة التي تُعتبَر القمّة في التشريع البشري وُضِعت شروط عامّة للزواج وَرُبِطَ
عقد الزواج بعقدٍ آخر أُطلق عليه اسم عقدِ ترتيب أملاك الزوجين ، وهذا العقد يجعل
ثروة الزوجة إلى حدٍّ كبير تحت سيطرة الزوج ويحرمها من سيطرتها المطلقة بوصفها
مالكةً للمال ، بينما يمنح هذه السيطرة للزوج لا على ماله فحسب ، بل على مال زوجته
أيضاً ، وفقاً لأحد أشكالٍ أربعة ، سمَح القانون بصياغة العقد طِبقاً لأيّ واحدٍ
منها تَبعاً لِما يقَع عليه اختيار الزوجين ، والأشكال الأربعة هي كما يلي :
أوّلاً : شركة الزوجين ، وهو تقسيم أملاك الزوجين إلى ثلاثة : قسمٌ عام
للزوجين غير قابل للقِسمة ، وقسمٌ خاصٌّ بالزوج ، وقسمٌ خاصٌّ بالزوجة ، وللزوج
وحدَه حقّ إدارة الأقسام الثلاثة كرئيس للشركة .
والثاني : بدون شركة أو استبعاد الشركة : وهو أنّه لا يوجد في هذا القسم
أملاك عامّة فكلُّ زوج يحتفظ بأملاكه الخاصّة ، لكن للزوج وحده حقّ إدارة أملاكه
وأملاك زوجته واستثمارها .
الثالث : فصل الأملاك ، وفي هذا القسم منافع الزوجين منفصلة ، فكلّ واحدٍ
منهما يحتفظ بملكيّته لأملاكه واستغلالها وإدارتها ، على شريطة أنْ تترك الزوجة إلى
زوجها جُزءاً من إيرادها اشتراكاً معه في نفقات المعيشة .
الرابع : المهر ، وهو تقسيم أملاك الزوجة إلى مهر
وغير مهر : فالمهر ما جعلته المرأة مهراً عند الزواج من أملاكها ، أو ما
أُعطي إليها في عقدِ ترتيب أملاكها من أقاربها مثلاً ، وللزوج حقّ إدارته واستثماره
فقط .
ولنقِف الآن عند الشكل الأوّل من هذه النُّظُم ، وهو شكل الشركة الزوجية ، ففيه أنّ
للزوج إدارة ماله الخاص ومال الزوجة الخاص ومال الشركة ، وحقّ إدارة أملاك شركة
الزوجية خاصٌّ بالزوج كرئيسٍ لها ، وهو حقٌّ خوّله له القانون ، فلا يجوز انتقاصه
ولا إلغاؤه بشرط في عقد ترتيب أموال الزوجين .
وسلطة الزوج في إدارة الأموال المشتركة تكون في الأعمال الإدارية ومباشرة رفع
الدعاوى أمام القضاء ، وفي الأعمال الإدارية المحضة تكون سلطة الزوج فيها غير
محدودة ، فيؤجِر ويستأجِر العقار من غير تحديد ، وله قَبض الإيراد وله أنْ يتصرّف
فيه كما يُريد ، ويقبض رأس المال من غير مراقبة ولا إذنٍ من أحد ، وكذلك له السلطة
غير المحدودة في التقاضي ، فسلطة الزوج في ذلك غير محدودة وليس للزوجة الرجوع عليه
بأيّ تعويض ، ولو أخطأ خطأ فاحشاً أو أدار إدارة سيّئة أو بذّر تبذيراً يجعله
مسؤولاً قانونيّاً ؛ فهو يعمل كمالك حقيقي ليس عليه أيّ مسؤولية قِبَل أيّ شخصٍ كان
.
وللزوج أيضاً
إدارة أملاك الزوجة الخاصّة ، لكنّ سلطة الزوج في ذلك تختلف عن سلطته في إدارة
أموال شركة الزوجية كالآتي :
أوّلاً : لا يجوز منع الزوج من مباشرة سلطته في إدارة أموال شركة الزوجية ،
حتى ولو بشرطٍ في عقدِ ترتيب أموال الزوجين ، ولكنّ منع الزوج من إدارة أملاك
الزوجة الخاّصة يجوز اشتراطه في عقدِ ترتيب أموال الزوجيّة ، فيُمكن للزوجة بعد
الشرط أنْ تحتفظ بإدارة أملاكها لنفسها خاصّة .
ثانياً : سلطة الزوج على أموال شركة أموال الزوجية سلطةٌ مطلقة كمالكٍ حقيقي
، ولكن سلطته على أملاك الزوجة الخاصّة سلطة إدارة عادية فقط .
ثالثاً : الزوج غير مسؤول في إدارته السيّئة والإسراف والتبذير في شركة
أموال الزوجية ، بخلاف إدارة أملاك الزوجة الخاصّة فهو مسؤولٌ عن كلِّ خطأ أو إسراف
أو تبذير كمدير عادي ، وعلى هذا فنحن نرى أنّ سلطة الزوج على الزوجة في أملاكها
الخاصّة أقلّ منها في أموالها الخاصّة ، إذا صحّ لنا أنْ نعتبر أنّ تلك الأموال
تُعتَبر أموالاً لها بعد الزواج .
ولكنّ عقد الزواج في التشريع الإسلامي لا يتعدّى شخصَ الزوجين إلى مالهما أو
عقارهما إطلاقاً ، فلا علاقة للزوج بمالِ زوجته إطلاقاً لأيّ سببٍ كان ، فالزوجة
حرّة في أنْ تبيع وتشتري وترهَن وتوكِل مَن تشاء لما تشاء ، بلا معارضةٍ من الزوج ،
إلاّ في حدود القانون العام من إسرافٍ أو تبذير أو سفَهٍ مثلاً ، فليس للزوج إذاً
دخْلٌ في ماليّة الزوجة ولا في أهليّتها . فهي كاملة الأهليّة في التصرّف بأموالها
وأملاكها قبل الزواج أو بعده بلا فارق ، ومهما كانت الزوجة غنيّة فليست مُلزمة في
المساهمة بنَفَقَات البيت ، ولا في نَفَقَات الأولاد ، وإذا أنفقت فإنما تنفق نتيجة
لروحِ التعاون لا لحقٍّ شرعيٍّ أو عرفي ، والمهر وما يُدفَع إلى الزوجة قبل الزواج
أو بسببه ، من الزوج أو من غيره مِن الأقارب والأصحاب هو ملكٌ خالصٌ للزوجة لا شأنَ
للزوج به ككلّ أملاكها وأموالها .
هذا هو الزواج في الإسلام وهذه هي المقارنات التشريعيّة بينه وبين باقي القوانين
الوضعية ، وهذه هي أحكام المرأة في الإسلام والتي تدلّ على أنّ الزوجة المسلمة قد
حصلَت على حقٍّ لها في تشريعات الإسلام ، كما لم تحصل عليه أيُّ زوجةٍ في أيِّ
حضارة . ثمّ هذه هي المرأة الغربيّة ، وقد أعطيناك عنها لمحةً موجزة إذ هي زوجة ،
ورأينا استغلال الرجل لها وتلاعبه بأموالها دون حسيبٍ أو رقيب .
وبعد كلِّ هذا يُقال : إنّ المرأة الغربيّة حرّةٌ متحرّرة ، وأنّ المرأة المسلمة
أسيرةٌ مُستَعبدة ، ونحن لو أردنا أنْ نأتي على جميع المقارنات التشريعية للمرأة
المسلمة والمرأة الغربيّة لضاق بنا المجال ، ولعلّنا سوف نبحث هذا الموضوع في
رسالةٍ أُخرى إنشاء الله ، ولكن الآن يكفينا لإثبات حرّية المرأة المسلمة وعبوديّة
المرأة الغربية هذا المثَل الواحد الذي ذكرناه في حقِّ المرأة بالتملّك .
وقد قنعت المرأة الغربية من الرجل أنّه فتح أمامها أبواب الخلاعة والتكشّف ، وهيّأ
لها سبيل الاستهتار والتبرّج ، وحتى هذا فإنّه لم يكن لحِساب المرأة الغربيّة ، ولا
كان إرضاءً لها ولرغبتها الخاصّة ، بل كان لحساب الرجل وإشباعاً لنزَواته ورغباته ،
فحتّى في عالم الخلاعة والتبرّج ليست المرأة الغربية مختارةً حرّة ، وإنّما هي
خاضعة أيضاً لشركةٍ جسديّة تُقابل الشركة الماليّة ويكون للرجل في هذه الشركة حقّ
التصرّف والاختيار أيضاً ، فقد تُعجِبه التسريحة الفلانيّة أو الزينة الفلانيّة ،
وقد لا يعجبه الزيّ الفلاني أو التصميم الفلاني ، وفعلاً فإنّ أكثر مصمّمي الأزياء
مِن الرجال يخلَعون على المرأة الزيّ الذي يَروقُ لهم والذي يرضي عيونهم وأذواقهم .
وعلى كلِّ حال فإنّ المرأة الغربيّة مسخّرة للرجل ولميوله ونزَوَاته .
وأمّا الإسلام فهو لا يُقيّد المرأة المسلمة بأيّ قيدٍ ، ولا يوجّه إليها أيّ
تكليفٍ خاصٍّ بها دون الرجل ، إلاّ بالحجاب ، والحِجاب كما قدّمنا في الفصول
السابقة ضرورة مِن ضروراتها وحقيقة واقعيّة من حقيقتها الأُنثويّة ، وليس له أيّ
أثرٍ على سلوكها العام أو الخاص ..
فتصوّروا أيّهما شريعة الكرامة والحرّية الحقيقيّة بالنسبة للمرأة ، شريعةٌ تقول :
مَن تزوج امرأة لِمالِها حرَمه الله مِن مالها ؛ لأنّها تريد من الرجل أنْ ينظر إلى
المرأة بالمقاييس الإنسانيّة ، لا بالمقاييس النقديّة ، وأنْ يعتبرها شريكةً له في
حياته لا تجارةً رابحة ، وبين شريعة أُخرى تنزل بالزواج عن مفهومه الإنساني الخيّر
، وتربط بينه وبين إنشاء شركة ماليّة لحساب الرجل ، يخرج فيها الرجل وهو يملِك كلّ
شيء وتخرج منها المرأة وهي لا تملِك شيئاً سِوى جواز المرور الذي حصلَت عليه من
الرجل نفسه .
نعم سِوى جواز المرور في الشارع والدخول إلى المنتديات متكشّفة متهتّكة . بقيَ
علينا الحديث عن مسألة قد تُثار بشأن ملكيّة المرأة وحقّها مِن التملّك في الإسلام
، وهي مسألة الإرث ؛ إذ أنّ الإسلام جعَل للرجل فيه مثل حظِّ الأُنثيَين ، وقد
تُفسَّر هذه التفرقة لحساب الرجل .
ولكنّ الواقع أنّ هذا الفَرق مرتبطٌ بوضع الالتزامات التي وضَعها الشارع بين الرجل
والمرأة ، فالرجل المسلم هو المسؤول الشرعي والعُرفي لأعمال الزوجة والبيت ، وهو
المكلّف بتهيئةِ مؤونة العيش ومستلزمات الحياة لمَن يعول ، ولهذا فإنّ من حقّه
الطبيعي أنْ يختلف عن المرأة في الإرث ، ويكون له من الإرث مثل حظّ الأنثيَين على
العكس تماماً من المرأة المسلمة فهي غير مسؤولة شرعاً ولا عُرفاً عن أيّ نفقةٍ أو
صرف ، كما قدّمنا في هذا الفصل ؛ ولذلك فلَيس في هذا أيّ هضمٍ لحقوق المرأة ولا أيّ
مكسَبٍ للرجل دونها من الميراث ، فهي في الحقيقة تُشاركه في الزيادة التي يأخذها
باعتبار المسؤولية التي تقَع على الرجل تجاهها .
بنت الهدى / المرأة مع النبي (ص).
2016-07-13