في الإسلام الشريعة الخاتمة
المعرفة
أنّ الدين عند الله الإسلام، وهو الشريعة الإلهية الحقّة التي هي خاتمة الشرائع وأكملها، وأوفقها في سعادة البشر، وأجمعها لمصالحهم في دنياهم وآخرتهم، وصالحة للبقاء مدى الدهور والعصور، لا تتغيّر ولا تتبدّل، وجامعة لجميع ما يحتاجه البشر من النظم الفردية والاجتماعية والسياسية...
عدد الزوار: 1224
عقيدتنا في الإسلام
نعتقد: أنّ الدين عند الله الإسلام، وهو الشريعة الإلهية الحقّة التي هي خاتمة الشرائع وأكملها، وأوفقها في سعادة البشر، وأجمعها لمصالحهم في دنياهم وآخرتهم، وصالحة للبقاء مدى الدهور والعصور، لا تتغيّر ولا تتبدّل، وجامعة لجميع ما يحتاجه البشر من النظم الفردية والاجتماعية والسياسية.
ولمّا كانت خاتمة الشرائع، ولا نترقَّب شريعة أخرى تُصلح هذا البشر المنغمس بالظلم والفساد، فلابدَّ أن يأتي يوم يقوى فيه الدين الإسلامي، فيشمل المعمورة بعدله وقوانينه.
ولو طُبِّقت الشريعة الإسلامية بقوانينها في الأرض تطبيقاً كاملاً صحيحاً، لعمّ السلام بين البشر، وتمَّت السعادة لهم، وبلغوا أقصى ما يحلم به الإنسان من الرفاه والعزّة والسعة والدعة والخلق الفاضل، ولانقشع الظلم من الدنيا، وسادت المحبّة والإخاء بين الناس أجمعين، ولانمحى الفقر والفاقة من صفحة الوجود.
وإذا كنّا نشاهد اليوم الحالة المخجلة والمزرية عند الذين يسمّون أنفسهم بالمسلمين، فلأنّ الدين الإسلامي في الحقيقة لم يطبَّق بنصه وروحه، ابتداء من القرن الأول من عهودهم، واستمرت الحال بنا ـ نحن الذين سمّينا أنفسنا بالمسلمين ـ من سيّء إلى أسوأ إلى يومنا هذا، فلم يكن التمسّك بالدين الإسلامي هو الذي جرّ على المسلمين هذا التأخّر المشين، بل بالعكس: إنّ تمرُّدهم على تعاليمه، واستهانتهم بقوانينه، وانتشار الظلم والعدوان فيهم، من ملوكهم إلى صعاليكهم ومن خاصتهم إلى عامتهم ; هو الذي شلَّ حركة تقدّمهم، وأضعف قوّتهم، وحطَّم معنوياتهم، وجلب عليهم الويل والثبور، فأهلكهم الله تعالى بذنوبهم، ﴿ذَلِكَ بِأنَّ اللهَ لَم يَكُ مُغيِّراً نِعمَةً أنعَمَهَا عَلى قَوم حَتَّى يُغَيِّروا مَا بِأنفُسِهِم﴾1، تلك سنّة الله في خلقه، ﴿إنَّهَ لا يُفلحِ المُجرِمُونَ﴾2، ﴿وَمَا كانَ رَبُّكَ لِيُهلِكَ القُرَى بِظلم وأهلُهَا مُصلِحونَ﴾3، ﴿وَكذَلِكِ أخذُ رَبّكَ إذَا أَخَذَ القُرَى وَهي ظَالِمَةٌ إنَّ أخذَهُ أليِمٌ شَدِيدٌ﴾4.
وكيف ينتظر من الدين أن ينتشل الأمّة من وهدتها وهو عندها حبر على ورق، لا يعمل بأقل القليل من تعاليمه.
إنّ الإيمان والأمانة، والصدق والإخلاص، وحسن المعاملة والإيثار، وأن يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه، وأشباهها، من أوّل أُسس دين الإسلام، والمسلمون قد ودّعوها من قديم أيّامهم إلى حيث نحن الآن، وكلّما تقدم بهم الزمن وجدناهم أشتاتاً وأحزاباً وفرقاً، يتكالبون على الدنيا، ويتطاحنون على الخيال، ويكفِّر بعضهم بعضاً، بالآراء غير المفهومة، أو الاُمور التي لا تعنيهم، فانشغلوا عن جوهر الدين وعن مصالحهم ومصالح مجتمعهم: بأمثال النزاع في خلق القرآن، والقول بالوعيد والرجعة، وأنّ الجنة والنار مخلوقتان أو سيخلقان، ونحو هذه النزاعات التي أخذت منهم بالخناق، وكفّر بها بعضهم بعضاً، وهي إن دلّت على شيء فإنّما تدلّ على انحرافهم عن سنن الجادّة المعبّدة لهم، إلى حيث الهلاك والفناء.
وزاد الانحراف فيهم بتطاول الزمان، حتى شملهم الجهل والضلال، وانشغلوا بالتوافه والقشور، وبالإتعاب والخرافات والأوهام، وبالحروب والمجادلات والمباهاة، فوقعوا بالأخير في هاوية لا قعر لها، يوم تمكّن الغرب المتيقظ ـ العدو اللّدود للإسلام ـ من أن يستعمر هذه البقاع المنتسبة إلى الإسلام، وهي في غفلتها وغفوتها، فيرمي بها في هذه الهوّة السحيقة، ولا يعلم إلاّ الله تعالى مداها ومنتهاها ﴿وَمَا كانَ رَبُّكَ لِيُهلِكَ القُرى بِظُلم وَأهلُهَا مُصلِحُونَ﴾5.
ولا سبيل للمسلمين اليوم وبعد اليوم إلاّ أن يرجعوا إلى أنفسهم فيحاسبوها على تفريطهم، وينهضوا إلى تهذيب أنفسهم والأجيال الآتية بتعاليم دينهم القويمة، ليمحوا الظلم والجور من بينهم، وبذلك يتمكّنون من أن ينجوا بأنفسهم من هذه الطامة العظمى، ولابدّ بعد ذلك أن يملأوا الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، كما وعدهم الله تعالى ورسوله، وكما هو المترقّب من دينهم الذي هو خاتمة الأديان، ولا رجاء في صلاح الدنيا وإصلاحها بدونه.
ولابدّ من إمام ينفي عن الإسلام ما علق فيه من أوهام، وأُلصق فيه من بدع وضلالات، وينقذ البشر وينجّيهم ممّا بلغوا إليه من فساد شامل، وظلم دائم وعدوان مستمر، واستهانة بالقيم الأخلاقية والأرواح البشرية، عجّل الله فرجه وسهّل مخرجه.
عقيدتنا في مشرِّع الإسلام
ونعتقد: أنّ صاحب الرسالة الإسلامية هو محمّد بن عبد الله، وهو خاتم النبيين، وسيّد المرسلين، وأفضلهم على الإطلاق، كما أنّه سيّد البشر جميعاً، لا يوازيه فاضل في فضل، ولا يدانيه أحد في مكرمة، ولا يقاربه عاقل في عقل، ولا يشبهه شخص في خلق، وأنّه لعلى خلق عظيم، ذلك من أول نشأة البشر إلى يوم القيامة.
*عقائد الامامية ،الشيخ محمد رضا المظفر، 58- 62.
1- الانفال: 53.
2- يونس: 17.
3- هود: 117.
4- هود: 102.
5- هود: 117.