يتم التحميل...

تربية النَّفس على الخوف من الله عز وجل

أخلاقنا الإسلامية

يجب أن يربّي المؤمن نفسه على الخوف من الله تعالى ليكون باعثاً له على الطَّاعة ومنفرِّاً له عن الذَّنب والمعصية. قال الإمام عليّ (عليه السلام) في وصيته لابنه الحسن (عليه السلام): "أوصيك بخشية الله في سرّ أمرك وعلانيتك"

عدد الزوار: 20

يجب أن يربّي المؤمن نفسه على الخوف من الله تعالى ليكون باعثاً له على الطَّاعة ومنفرِّاً له عن الذَّنب والمعصية. قال الإمام عليّ (عليه السلام) في وصيته لابنه الحسن (عليه السلام): "أوصيك بخشية الله في سرّ أمرك وعلانيتك"[1].
 
وقال الإمام جعفر الصَّادق عليه السلام: "ينبغي للمؤمن أن يخاف الله خوفاً كأنّه يشرف على النَّار"[2].
 
ولكن ينبغي أن يتَّسم بالقصد والاعتدال فلا إفراط ولا تفريط في الخوف، لأنَّ الإفراط يؤذي النَّفس ويجعلها في حالة اليأس من رَوْحِ الله تعالى، والتّفريط باعثٌ على الإهمال والتَّقصير والتَّمرُّد على طاعة الله تعالى.
 
الخوف على قدر المعرفة بالله تعالى
فكلَّما ازداد علم المرء بأسرار الحياة، ونواميس الكون وعظمة الخالق، كلَّما زاد خشوعه نتيجة معرفته هذه، قال رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): "من كان بالله أعرف، كان من الله أخوف"[3].
 
ومثله ما ورد عن النبيّ محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): "أعلى الناس منزلة عند الله أخوفهم منه"[4].
 
المؤمن بين مخافتين
المؤمن في الدُّنيا ينبغي أن يوازن بين حدَّين من الخوف، خوف على مضى من حياته فهو لا يعرف إن فاته على خير أو لا، وخوف على ما هو آت، فهو لا يعرف ما خبَّأته له الأيَّام الآتية.
 
قال رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): "ألا إنّ المؤمن يعمل بين مخافتين: بين أجلٍ قد مضى لا يدري ما الله صانعٌ فيه، وبين أجلٍ قد بقي لا يدري ما الله قاضٍ فيه، فليأخذ العبد المؤمن من نفسه لنفسه ومن دنياه لآخرته، وفي الشَّيْبَة قبل الكِبَر، وفي الحياة قبل الممات فوالَّذي نفس محمّد بيده، ما بعد الدُّنيا من مستعتب، وما بعدها من دار إلا الجنّة أو النّار"[5].
 
وعن الإمام جعفر الصَّادق (عليه السلام) أنَّه قال: "المؤمن بين مخافتين: ذنبٌ قد مضى لا يدري ما صنع الله فيه، وعمر قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه من المهالك، فهو لا يصبح إلّا خائفاً ولا يصلحه إلّا الخوف"[6].
 
علامات الخائف
للخوف من الله علامات منها، انكسار القلوب وخشيتها الدَّائمة من الله، واتِّهام النَّفس دائما بالتَّقصير، وقلَّة الكلام، وعدم الخوف من النَّاس، والمسارعة والمسابقة نحو أفضل الأعمال الصَّالحة وعدم الرِّضا بالأعمال العاديَّة.
 
قال الإمام عليّ (عليه السلام): "إنّ لله عباداً كسرت قلوبهم خشية الله، فاستكفوا عن المنطق، وإنّهم لفُصحاء عُقلاء أَلِبَّاء نبلاء، يسبقون إليه بالأعمال الزاكية، لا يستكثرون له الكثير، ولا يرضون له القليل، يرون أنفسهم أنّهم شرارٌ، وإنّهم الأكياس الأبرار"[7].
 
وعن رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "طوبى لمن شغله خوف الله عن خوف النَّاس"[8].
 
آثار الخوف من الله تعالى ونتائجه
للخوف من الله تعالى آثارا كثيرة على سلوك الإنسان منها:
1- أنَّه ينظّم المشاعر والأحاسيس تجاه الخالق عزَّ وجلَّ.
2- أنّه يعوِّد النَّفس على التَّصاغر والتَّواضع أمام الله تعالى.
3- أنّه يُِشعر النَّفس بتقصيرها الدَّائم فلا يرضى بالقليل من العمل.
4- أنّه يعوِّد النَّفس على طلب الأعمال الَّتي تقرِّبه من الله تعالى.
5- أنَّه يحاسب نفسه دائماً.
6- الأمن في الآخرة. عن رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): "قال الله تبارك وتعالى، وعزّتي وجلالي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين، فإذا أمنني في الدُّنيا أخفته يوم القيامة، وإذا خافني في الدُّنيا آمنته يوم القيامة"[9]. وعن الإمام عليّ عليه السلام: "خف تأمن ولا تأمن فتخف"[10]".
 
* من كتاب: منار الهُدى - جمعية المعارف الإسلاميّة الثقافية


[1] بحار الأنوار، ج 42، ص 203.
[2] تفسير نور الثقلين، الحويزيّ، ج 4، تحقيق السيّد المحلاتيّ، ط 4، قم مؤسَّسة إسماعيليان، 1412هـ. ق 1370هـ. ش، ص 545.
[3] بحار الأنوار، ج 67، ص 393. (تحقيق: الميانجيّ البهبوديّ).
[4] م. ن، ج 74، ص 180.
[5] الكافي، ج 2، ص 70.
[6]  م. ن.
[7] بحار الأنوار، ج 66، ص 286 ــ 287 (تحقيق: الميانجيّ البهبوديّ). (*) وفي المصدر: "وأنّهم الأكياس الأبرار" ولعل الأصح "وإنّهم الأكياس الأبرار".
[8] بحار الأنوار، ج 74، ص 126. (تحقيق: الغفّاري).
[9] بحار الأنوار، ج 67، ص 379. (تحقيق: الميانجيّ البهبوديّ).
[10] م. ن، ج 67، ص 379.

2025-11-03