يتم التحميل...

ما هي الثمرات الدينية للصدق؟

أخلاقنا الإسلامية

صحيح أنّ الإيمان هو الاعتقاد القلبيّ، ولكنّ قيام الإنسان بارتكارب المعاصي والأعمال المنكرة، يعني عدم الحضور العمليّ للإيمان، فهو إيمان صوريّ ليس إلّا، أو هو إيمان فاقد لآثاره العمليّة، ومن هنا ربطت الروايات بين الإيمان والصدق، فالمؤمن الحقيقيّ من يَصدُقُ قوله عمله، ولذا ورد في الآثار أنّ المؤمن لا يكذب.

عدد الزوار: 31

صحيح أنّ الإيمان هو الاعتقاد القلبيّ، ولكنّ قيام الإنسان بارتكارب المعاصي والأعمال المنكرة، يعني عدم الحضور العمليّ للإيمان، فهو إيمان صوريّ ليس إلّا، أو هو إيمان فاقد لآثاره العمليّة، ومن هنا ربطت الروايات بين الإيمان والصدق، فالمؤمن الحقيقيّ من يَصدُقُ قوله عمله، ولذا ورد في الآثار أنّ المؤمن لا يكذب.
 
عن النبيّ محمد (صلى الله عليه وآله)، وقد سأله أبو الدرداء: "هل يسرق المؤمن؟
 
قال: قد يكون ذلك، قال: فهل يزني المؤمن؟ قال: أجل، وإن كره أبو الدرداء، قال: هل يكذب المؤمن؟ قال: إنّما يفتري الكذب من لا يؤمن، إنّ العبد يزلّ الزلّة ثمّ يرجع إلى ربّه، فيتوب، فيتوب الله عليه"[1].
 
عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، وقد سأله الحسن بن محبوب: "يكون المؤمن بخيلاً؟ قال: نعم، قلت: فيكون جباناً؟ قال: نعم، قلت: فيكونُ كذّاباً؟ قال: لا، ولا خائناً، ثمّ قال: يُجبل المؤمن على كلّ طبيعة، إلّا الخيانة والكذب"[2].
 
عن الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): "جَانِبُوا الْكَذِبَ، فَإِنَّه مُجَانِبٌ لِلإِيمَانِ، الصَّادِقُ عَلَى شَفَا مَنْجَاةٍ وكَرَامَةٍ، والْكَاذِبُ عَلَى شَرَفِ مَهْوَاةٍ ومَهَانَةٍ"[3].
 
وعن الإمام محمد الباقر (عليه السلام): "إِنَّ الْكَذِبَ هُوَ خَرَابُ الإيمان"[4].
 
عن الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): "الإيمان أَنْ تُؤْثِرَ الصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ، عَلَى الْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ"[5].
 
عنه عليه السلام: "الصدق أقوى دعائم الإيمان"[6].
 
عنه عليه السلام: "الصدق عماد الإسلام، ودعامة الإيمان"[7].
 
الصدق والعلاقة بالله:
العلاقة بالله تعالى لا يمكن تصوّرها من دون صدق، الصدق وحده يجعل الإنسان صدِّيقاً.
 
عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ الْخَزَّازِ، عَنْ جَدِّه الرَّبِيعِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): "يَا رَبِيعُ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكْتُبَه اللَّه صِدِّيقاً"[8].
 
عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (عليه السلام) يَقُولُ: "إِنَّ الْعَبْدَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّه مِنَ الصَّادِقِينَ، ويَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّه مِنَ الْكَاذِبِينَ، فَإِذَا صَدَقَ، قَالَ اللَّه عزّ وجلّ: صَدَقَ وبَرَّ وإِذَا كَذَبَ، قَالَ اللَّه عزّ وجلّ: كَذَبَ وفَجَرَ"[9].
 
فالصدق يقوم على معنى المطابقة. والمطابقة تعني: توافق ما لدى الإنسان من قول أو فكر أو قصد أو عمل مع الواقع الخارجيّ. إذاً، فالصدق يرتبط بمفهوم الانسجام والعلاقة الصحيحة بالله عزّ وجلّ، وبالنفس، وبالعالم. وهذا المعنى ما نفهمه من خطابٍ للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في قوله: "الصدق مطابقة المنطق للوضع الإلهيّ، الكذب زوال المنطق عن الوضع الإلهيّ"[10].
 
والصدق يجعل المؤمن وفيّاً في علاقته مع الله، قال تعالى: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ ...﴾[11].
 
الصدق والعبادة:
العبادة لا تصدق إلّا إذا كانت صافية من كلّ شوب، لأنّ العبادة من غير صدق ستكون موبوءة بالرياء والعجب والنفاق.
 
فالصدق ركن أساس في العبادة، لأنّ العبادة لها ثلاثة أركان:
1- الإخلاص: وترك الإخلاص يبطل العبادة. والإخلاص - باختصار - هو أن تكون دوافع الإنسان خالية من أيّ نوع من أنواع الشوائب، ويمكن أن نسمّي الإخلاص ب‍ "توحيد النيّة"، يعني التفكير بالله وبرضاه في جميع الأمور والحالات[12].
 
عن الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): "صدق إخلاص المرء: يُعْظِم زُلفتَه، ويُجزِل مثوبته"[13]
 
-2 الصدق: ونريد به الصدق في العزيمة، بأن يبذل العبد جهده في امتثال أمر الله واجتناب نهيه، والاستعداد للقائه، وترك العجز، وترك التكاسل عن طاعة الله.
 
3- متابعة الرسول وأهل البيت (عليهم السلام) والإتيان بالعبادة بما أمر به ونهى عنه النبيّ محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
 
* من كتاب: كُن صادقاً – سلسلة زاد الواعظ- دار المعارف الإسلامية الثقافية


[1] المتقيّ الهنديّ، كنز العمال، ج3، ص 874، ح8994.
[2] الشيخ المفيد، الاختصاص، ص213، تحقيق: علي أكبر الغفاريّ، السيّد محمود الزرندي، بيروت، دار المفيد، 1414 - 199 م، ط2.
[3] نهج البلاغة، ص117، 86 ومن خطبة له عليه السلام وفيها بيان صفات الحقّ جلّ جلاله، ثمّ عظة الناس بالتقوى والمشورة.
[4] الشيخ الكليني، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص339، باب الكذب، ح4.
[5] نهج البلاغة، مصدر سابق، رقم 458، ص 556.
[6] محمّد الريشهري، ميزان الحكمة، ج2، ص1573، الصادق، 2190.
[7] (م.ن)، ص1573.
[8] الشيخ الكليني، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص105، باب الصدق وأداء الأمانة، ح8.
[9] الشيخ الكليني، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص105، باب الصدق وأداء الأمانة، ح9.
[10] الريشهري، ميزان الحكمة، مصدر سابق، ج2، ص1572.
[11] القرآن الكريم، سورة الأحزاب، الآية 23.
[12] الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، الأمثل، مصدر سابق، ج9، ص 394- 395. (بتصرف).
[13] الواسطي، عليّ بن محمّد الليثي: عيون الحكم والمواعظ، ص309، تحقيق: الشيخ حسين الحسينيّ البيرجندي، دار الحديث، ط1.
 

2025-10-21