وصايا أمير المؤمنين (عليه السلام) للنجاة من عواصف الفتن
وصايا أمير المؤمنين (ع)
يستفاد من كلام الإمام علي (عليه السلام) أن البصيرة هي سبيل للنجاة من الفتنة. وتفسيرها على ضوء كلامه عليه السلام: "وَقَدْ فُتِحَ بَابُ الْحَرْبِ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ..."([1])، لقد كانوا يُصلّون ويصومون، وهذا معنى الفتنة، بل هذا مصداق بارزٌ من مصاديقها.
عدد الزوار: 136يستفاد من كلام الإمام علي (عليه السلام) أن البصيرة هي سبيل للنجاة من الفتنة. وتفسيرها على ضوء كلامه عليه السلام: "وَقَدْ فُتِحَ بَابُ الْحَرْبِ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ..."([1])، لقد كانوا يُصلّون ويصومون، وهذا معنى الفتنة، بل هذا مصداق بارزٌ من مصاديقها.
ولو أنّا وضعنا أنفسنا في موضع أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وفي تلك الشروط والظروف... حيث كانوا عظماء وكبار... ونحن نعدّهم كباراً كما نعدّ أهل البيت عليهم السلام كذلك كباراً.. سلمان، المقداد، أبو ذر، عمّار، ولكن بعض الصحابة رغم قداسته تلك جاء ليحارب الإمام عليّاً عليه السلام، هذه هي الفتنة.
"وَلَا يَحْمِلُ هَذَا الْعَلَمَ إِلَّا أَهْلُ الْبَصَرِ وَالصَّبْرِ وَالْعِلْمِ بِمَوَاضِعِ الْحَقِّ"([2]).
فما هي هذه البصيرة؟!
ينبغي على حملة راية الدِّين أن يلتزموا بتلك البصيرة الّتي تحدّث عنها الإمام عليه السلام.
وقد فسَّر الإمام عليه السلام ذلك في جملة موارد من نهج البلاغة، حيث كان يتحدّث عن بصيرته هو عليه السلام، قال: "وَإِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي مَا لَبَّسْتُ عَلَى نَفْسِي وَلَا لُبِّسَ عَلَيَّ"([3]).
وهو الّذي يقول حول مواجهته لأصحاب الجمل والناكثين: "أَلَا وَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ جَمَعَ حِزْبَهُ وَاسْتَجْلَبَ خَيْلَهُ وَرَجِلَهُ"([4]).
وأوضح من هذا ما ورد في الكتاب وفيه يتحدّث أمير المؤمنين عليه السلام عن الطرفين: ومن كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر مع مالك الأشتر لمّا ولّاه إمارتها.. وقد جاء في البند الثامن منها: "وَإِنِّي مِنْ ضَلَالِهِمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ وَالْهُدَى الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ لَعَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ نَفْسِي وَيَقِينٍ مِنْ رَبِّي"([5])، هذه هي البصيرة، وفي هذا البيان نلاحظ إثبات البصيرة لنفسه وإثبات الضلال لجبهة الخصوم.
هذه البصيرة الّتي يتحدّث عنها أمير المؤمنين عليه السلام ينبغي أن تتوفّر لدى حملة راية الدِّين، وإنّ السبيل للنجاة من الفتنة والخروج منها هو هذه البصيرة، وفي الخطّ الأوّل ينبغي أن يكون حملة الراية من أهل هذه البصيرة، فإذا لم يتزيّنوا بها فإنّ ذلك هو الفاجعة العظمى.
إنّ مسؤوليّة الحروب الثلاثة بوجه أمير المؤمنين عليه السلام تقع على عاتق الخواصّ، سواء الّذين شاركوا في الحرب أم الّذين سكنوا..
"إِنَّ مَعِي لَبَصِيرَتِي"([6]): هو أن يعلم الناس موضع الحقّ وموقعه وسيّما حملة راية الدِّين فينبغي أن يتحلّوا بالصبر ويعرفوا موقع الحقّ.
والصبر له صور عديدة، فقد يتمثّل في الصبر على الحرب والآلام والسجن والتعذيب والنفي، وقد يتمثّل في تحمُّل الشتائم والسباب والاتهامات والاحتقار والافتراء. وجميع ذلك يكون لأجل إخراج الصالحين من ساحة المواجهة مع الكفر والنفاق والفساد.
ولكن بفضل الله إنّ الصالحين المجاهدين يعرفون أنّ طريق الجهاد والرسالة ليس مفروشاً بالورود بل هو طريق ذات الشوكة، فيه الكثير من الابتلاءات والفتن، فالذهب لا يلمع إلا في لهيب النار.
البصيرة سبيل النجاة الوحيد من الفتنة
يقول الإمام الخامنئي دام ظله: "إذا لم تتوفّر البصيرة لديكم، فلا تعرفون الصديق، ولا تعرفون العدوّ فسترون أنّ العدوّ فجأة سيصوّب مدفع إعلامكم وكلامكم وتصرّفاتكم وأعمالكم نحو مكان يجتمع فيه أصدقاء لكم، لا أعداء"([7]).
فإذا أردنا أن نعرف العدوّ ولا نُخطئ في تشخيص العدوّ فلا بُدّ من البصيرة، ولا بُدّ من البيان.
بعض الأخطاء الّتي يقوم بها بعض الناس - تلاحظون أنّ البعض في مجتمعنا سواء من العوامّ أم الخواصّ يخطؤون، والمتوقّع أن تكون أخطار النخبة أقلّ بينما نرى أنّ أخطاءهم وإن كانت قليلة إلّا أنّها من ناحية الكيفيّة كثيرة وكبيرة بل أكبر من أخطاء عامّة الناس - ولا نقول كلّ تلك الأخطاء - ولكن جلّها - ناتجة عن قلّة البصيرة أو عدمها، فاعملوا على رفع مستوى البصيرة لديكم، ومستوى المعرفة كذلك([8]).
قد يكون السكوت أحياناً وعدم التدخّل في الأمور عاملاً مساعداً على الفتنة، ففي الفتنة يجب على الجميع أن يكونوا يقظين، وعلى الجميع أن تكون لديهم البصيرة"([9]).
* من كتاب: من هم أهل الفتن؟ - جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) نهج البلاغة، الخطبة: 173.
([2]) م. ن، الخطبة: 173.
([3]) نهج البلاغة، الخطبة: 10.
([4]) م. ن.
([5]) م. ن، الكتاب: 62.
([6]) نهج البلاغة، الخطبة: 10.
([7]) لقاء أعضاء مكتب السيّد القائد وحرس المكافحة (وليّ الأمر)، 21/5/1388ش.
([8]) لقاء أعضاء مكتب السيد القائد وحرس المكافحة (وليّ الأمر)، 21/5/1388ش.
([9]) من كلام للسيّد القائد المعظّم في لقاء مجلس خبراء القيادة، 2/7/1388ش.