يتم التحميل...

كيف نحقق النظم في حياتنا الشخصية والاجتماعية؟

المجتمع الإسلامي

أوصى الإسلام بنظم الأمور في مختلف جوانب الحياة الإنسانيّة، بأبعادها الفرديّة والاجتماعيّة. ويتجلّى الالتزام بالنظام والانضباط، من خلال التربية والالتزام بتعاليم الإسلام التي جاءت لتنظيم الحياة الإنسانيّة وتأمين السعادة للمجتمع البشري كلّه...

عدد الزوار: 36

أوصى الإسلام بنظم الأمور في مختلف جوانب الحياة الإنسانيّة، بأبعادها الفرديّة والاجتماعيّة. ويتجلّى الالتزام بالنظام والانضباط، من خلال التربية والالتزام بتعاليم الإسلام التي جاءت لتنظيم الحياة الإنسانيّة وتأمين السعادة للمجتمع البشري كلّه، وهو ما أشار إليه أمير المؤمنين عليه السلام في وصيّته، حيث قرن التقوى، الّتي تعبّر عن أعلى مراتب الإيمان، بنظم الأمر, فلا يمكن أن يكون الإنسان مؤمناً تقيّاً دون أن يربّي نفسه على الالتزام بالحقوق والواجبات تجاه الله والناس، وإلّا لابتلي بالنفاق والكذب.
 
أوّلاً: النظم في الحياة الشخصيّة
وتشتمل الحياة الشخصيّة للإنسان على النظافة والصحّة وترتيب اللباس...
 
أ- التجمّل للإخوان
كان النبيّ محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، كلّما أراد الخروج إلى المسجد أو إلى لقاء أصحابه ينظر في المرآة ويرتّب شعره ويتعطَّر، وكان يقول: "إنّ الله يحبُّ من عبده إذا خرج إلى إخوانه أن يتهيَّأ لهم ويتجمَّل"[1].
 
ب- النظافة
رعاية الطهارة والنظافة، فعن الإمام علي الرضا (عليه السلام) أنّه قال: "من أخلاق الأنبياء التنظّف والتطيّب"[2].
 
ج. تسريح الشعر والسواك
اهتمّ الإسلام بالمظهر الخارجيّ للإنسان، فأمر بترتيب اللباس وعدم إطالة الشعر وقصّ الأظافر والاستياك...
 
فعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): "استأصل شعرك يقلّ درنه ودوابّه ووسخه وتغلظ رقبتك ويجلو بصرك"[3]،
 
وعن الإمام علي الرضا (عليه السلام) في تفسير ﴿خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾: "من ذلك التمشيط عند كلّ صلاة"[4].
 
وعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "من أخلاق الأنبياء، السواك"[5].
 
د. الزينة و اللباس الحسن
"كان أبو عبد الله عليه السلام متّكئاً عليَّ، فلقيه عبّاد بن كثير - وكان من الزهّاد المرائين -، وعليه ثياب مرويّة حِسَان، فقال: يا أبا عبد الله، إنّك من أهل بيت النبوّة... فما لهذه الثياب المزيَّنة عليك؟! فلو لبست دون هذه الثياب، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): "ويلك يا عبّاد! مَنْ حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيّبات من الرزق؟! إنّ الله عزّ وجلّ إذ أنعم على عبد نعمة، أحبَّ أن يراها عليه"[6].
 
وكان النبيّ محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، كلّما أراد الخروج إلى المسجد أو إلى لقاء أصحابه ينظر في المرآة ويرتِّب شعره ويتعطَّر، وكان يقول: "إنّ الله يحبُّ من عبده إذا خرج إلى إخوانه أن يتهيَّأ لهم ويتجمَّل"[7].
 
ثانياً: النظم في العلاقات الاجتماعيّة
أ. المسؤوليّة الاجتماعيّة
المسلم مسؤول عن إصلاح نفسه وأفراد مجتمعه وتحصينهما، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ..﴾[8]
 
ومن الإصلاح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحفظ النظام العامّ، والمساهمة والحضور الاجتماعيّ.
 
ب- المسؤوليّة العائليّة
- الآباء تجاه الأبناء
من نواحٍ مختلفة، جسديّة، نفسيّة، إيمانيّة...
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾[9].
 
وعن رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "كلّكم راعٍ، وكلّكم مسؤول عن رعيّته"[10].
 
وعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "ما من مولود يولد إلّا على الفطرة، فأبواه اللذان يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه"[11].
 
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: "علّموا صبيانكمما ينفعهم الله به، لا تغلب عليهم المرجئة برأيها"[12].
 
- الأبناء تجاه آبائهم
قال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾[13]، وقال سبحانه: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ ِحْسَانًا﴾.[14]
 
- الزوجان، تجاه بعضهما
عن رسول الله  (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "أوصاني جبرئيل عليه السلام بالمرأة، حتّى ظننت أنّه لا ينبغي طلاقها، إلّا من فاحشة مبيّنة"[15].
 
وفي جوابه  (صلى الله عليه وآله وسلم) عن سؤال خولة بنت الأسود حول حقّ المرأة، قال: "حقّك عليه أن يطعمك ممّا يأكل، ويكسوك ممّا يلبس، ولا يلطم، ولا يصيح في وجهك"[16].
 
وفي مسؤوليّة الزوجة، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): "خير نسائكم الخَمْس[17]"، قيل: يا أمير المؤمنين، وما الخمس؟ قال: "الهيّنة، الليّنة، المؤاتية، الّتي إذا غضب زوجها لم تكتحل بغمض حتّى يرضى، وإذا غاب عنها زوجها حفظته في غيبته، فتلك عامل من عمّال الله، وعامل الله لا يخيب"(163).
 
- تجاه الأرحام والأصدقاء والجيران
قال تعالى: ﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى﴾[18].
 
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "ما زال جبرائيل يوصيني بالجار، حتّى ظننت أنّه سيورِّثه"[19].
 
ج. تنظيم الوقت
إنّ الاستفادة الصحيحة من الوقت هي من أهمِّ الأمور التي توجب نجاح الإنسان في أموره الاجتماعيّة، فالانضباط والعمل موجب للاستفادة من طاقة الإنسان واستثمار النتائج.
عن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) أنّه قال: "اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة لمناجاة الله، ساعة لأمر المعاش، ساعة لمعاشرة الإخوان والثقات الذين يعرِّفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن، ساعة تختلون فيها للذَّاتكم في غير محرَّم"[20].
 
* الإنسان والمجتمع - دار المعارف الإسلاميّة الثقافيّة


[1] نهج البلاغة، مصدر سابق، ص421.
[2] الشيخ الطبرسيّ، مكارم الأخلاق، مصدر سابق، ص35.
[3] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج5، ص567.
[4] المصدر نفسه، ج6، ص484.
[5] القرآن الكريم، سورة الأعراف، الآية 31.
[6] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج6، ص489.
[7] المصدر نفسه، ج6، ص462.
[8] القرآن الكريم، سورة الحجرات، الآية 10.
[9] المصدر نفسه، ج3، ص348
[10] الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج5، ص11.
[11] القرآن الكريم، سورة الحجرات، الآية 10.
[12] القرآن الكريم، سورة التحريم، الآية 6.
[13] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج72، ص38.
[14] القرآن الكريم، سورة الإسراء، الآية 23.
[15] الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، مصدر سابق، ج2، ص49.
[16] الشيخ الصدوق، الخصال، مصدر سابق، ص614.
[17] القرآن الكريم، سورة العنكبوت، الآية 8.
[18] القرآن الكريم، سورة الإسراء، الآية 23.
[19] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج5، ص512.
[20] الشيخ الطبرسيّ، مكارم الأخلاق، مصدر سابق، ص218.
 

2025-04-29