يتم التحميل...

نَافِسُوا فِي اَلْمَكَارِم

رجب

عنِ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام): «أَيُّهَا اَلنَّاسُ، نَافِسُوا فِي اَلْمَكَارِمِ... وَمَنْ أَرَادَ اَللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالصَّنِيعَةِ إِلَى أَخِيهِ، كَافَأَهُ بِهَا فِي وَقْتِ حَاجَتِهِ، وَصَرَفَ عَنْهُ مِنْ بَلاَءِ اَلدُّنْيَا مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ، وَمَنْ نَفَّسَ كُرْبَةَ مُؤْمِنٍ، فَرَّجَ اَللَّهُ عَنْهُ كُرَبَ اَلدُّنْيَا وَاَلْآخِرَةِ، وَمَنْ أَحْسَنَ، أَحْسَنَ اَللَّهُ إِلَيْهِ، ﴿وَاَللّٰهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ».

عدد الزوار: 39



عنِ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام): «أَيُّهَا اَلنَّاسُ، نَافِسُوا فِي اَلْمَكَارِمِ... وَمَنْ أَرَادَ اَللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالصَّنِيعَةِ إِلَى أَخِيهِ، كَافَأَهُ بِهَا فِي وَقْتِ حَاجَتِهِ، وَصَرَفَ عَنْهُ مِنْ بَلاَءِ اَلدُّنْيَا مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ، وَمَنْ نَفَّسَ كُرْبَةَ مُؤْمِنٍ، فَرَّجَ اَللَّهُ عَنْهُ كُرَبَ اَلدُّنْيَا وَاَلْآخِرَةِ، وَمَنْ أَحْسَنَ، أَحْسَنَ اَللَّهُ إِلَيْهِ، ﴿وَاَللّٰهُ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ﴾[1]»[2].

منَ التعاليمِ التربويّةِ والإيمانيّةِ التي زرعَها أهلُ بيتِ العصمةِ والطهارةِ (صلواتُ اللهِ عليهِم) في الناسِ، العنايةُ والاهتمامُ ببعضِهِم بعضاً، وأنْ يكونَ الغرضُ منْ ذلكَ إلهيّاً وربّانيّاً. وخُلوصُ النيّةِ في ذلكَ، بأنْ يكونَ السعيُ لأجلِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وليسَ لأهدافٍ دنيويّةٍ.

وفي هذهِ الروايةِ عن الإمامِ الحسينِ (عليه السلام)، حثٌّ على أمرَينِ:

1. المبادرةُ إلى عملِ الخيرِ وفعلِ الإحسانِ للأخِ المؤمنِ،
ولا بدَّ منْ أنْ تكونَ صفةً لازمةً لهُ؛ لأنَّها صفةُ الكرامِ، فعنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «عَادَةُ اَلْكِرَامِ حُسْنُ اَلصَّنِيعَةِ»[3]. والحثُّ على ذلكَ يشملُ التبسّمَ في وجهِهِ أيضاً، وهوَ خيرٌ لا مؤونةَ فيهِ، فقدْ وردَ عنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «اَلْبِشْرُ اِبْتِدَاءُ اَلصَّنِيعَةِ بِغَيْرِ مَؤُنَةٍ»[4].

ومنْ أهمِّ الآدابِ في ذلكَ، أنْ يكتمَ الإنسانُ عملَ الخيرِ هذا، فلا يُعقِّبُ بالحديثِ عنهُ بنحوٍ يُوجِبُ الامتنانَ على غيرِهِ، ففي الروايةِ عنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «أَحْيُوا اَلْمَعْرُوفَ بِإِمَاتَتِهِ، فَإِنَّ اَلْمِنَّةَ تَهْدِمُ اَلصَّنِيعَةَ»[5].

وفي حديثِ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام) ذِكرُ ثمرتَينِ لهذهِ الخصلةِ:

الأولى أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُجزيهِ عنْ عملِ الخيرِ هذا بقضاءِ حاجةٍ يريدُها؛ ولذا كانَ منَ الأسبابِ التي تصلُ بالإنسانِ إلى قضاءِ حوائجِهِ، أنْ يبادرَ إلى قضاءِ حوائجِ الناسِ.

والثانيةُ أنَّ اللهَ يجعلُ لهُ وقايةً منَ البلاءِ، فيصرفُ عنهُ بلاءً كانَ سيصِلُ إليهِ، ولوْ وُزِنَ إلى عملِ الخيرِ الذي قامَ بهِ، لكانَ أشدَّ منهُ وأكبرَ.

2. أنْ يُعينَ المؤمنَ المُبتلى بالمصائبِ أوِ المغمومَ المهمومَ، فيُخرجَهُ منَ الحزنِ والهمِّ إلى الراحةِ والسرورِ، ففي الحديثِ عنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «إِذَا بَعَثَ اَللَّهُ اَلْمُؤْمِنَ مِنْ قَبْرِهِ، خَرَجَ مَعَهُ مِثَالٌ يَقْدُمُ أَمَامَهُ، كُلَّمَا رَأَى اَلْمُؤْمِنُ هَوْلاً مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ، قَالَ لَهُ اَلْمِثَالُ: لاَ تَفْزَعْ، وَلاَ تَحْزَنْ، وَأَبْشِرْ بِالسُّرُورِ وَاَلْكَرَامَةِ مِنَ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، حَتَّى يَقِفَ بَيْنَ يَدَيِ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيُحَاسِبُهُ ﴿حِسٰاباً يَسِيراً﴾[6]، وَيَأْمُرُ بِهِ إِلَى اَلْجَنَّةِ، وَاَلْمِثَالُ أَمَامَهُ، فَيَقُولُ لَهُ اَلْمُؤْمِنُ: يَرْحَمُكَ اَللَّهُ! نِعْمَ اَلْخَارِجُ، خَرَجْتَ مَعِي مِنْ قَبْرِي، وَمَا زِلْتَ تُبَشِّرُنِي بِالسُّرُورِ وَاَلْكَرَامَةِ مِنَ اَللَّهِ حَتَّى رَأَيْتُ ذَلِكَ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا اَلسُّرُورُ اَلَّذِي كُنْتَ أَدْخَلْتَ عَلَى أَخِيكَ اَلْمُؤْمِنِ فِي اَلدُّنْيَا، خَلَقَنِي اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ لِأُبَشِّرَكَ»[7].

ختاماً، نباركُ لصاحبِ العصرِ والزمانِ (عجَّلَ اللهُ تعالى فرجَهُ الشريفَ)، ولوليِّ أمرِ المسلمينَ، وللمجاهدينَ جميعاً، ذكرى الولادةِ العَطِرةِ للإمامِ الحسينِ بنِ عليٍّ (عليه السلام)، والإمامِ عليٍّ بنِ الحسينِ زينِ العابدينَ (عليه السلام)، وأبي الفضلِ العبّاسِ (عليه السلام).

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين


[1] سورة آل عمران، الآية 134.
[2] ابن أبي الفتح الإربليّ، كشف الغمّة في معرفة الأئمّة، ج2، ص240.
[3] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص341.
[4] الآمديّ، غرر الحكم ودرر الكلم، ص80.
[5] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص90.
[6] سورة الانشقاق، الآية 8.
[7] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص190.

2025-01-30