الخطاب الثقافي التبليغي رقم (33): المؤمن يألف ويُؤلف
عن النبي (ص): "خير المؤمنين من كان مألفة للمؤمنين، ولا خير فيمن لا يألف ولا يُؤلف"
من الخصال الممدوحة التي حثنا النبي وأهل البيت صلوات الله عليه وعليهم على العناية بها مسألة التآلف، والألفة من الائتلاف، وهو الالتئام والاجتماع، وتألَّف القوم: اجتمعوا وتحابّوا. والألفة الأنس والمحبّة. ". ومفردة "ألف" في اللغة العربيّة تدلّ على انضمام شيء إلى شيء.
فالتآلف الاجتماعيّ وباب ذلك خدمة أبناء المجتمع من أهمّ الأصول الاجتماعيّة في حياة الإنسان المسلم، ولذلك يأنس فيه الفرد بأبناء المجتمع، ويشعر بأنّه جزء منضمّ إليهم، ويتواءم معهم ويحبّهم، فيتمنّى لهم ما يتمنّى لنفسه، ويكره لهم ما يكره لها. يقول تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ سورة آل عمران، الآية 103..
ولذا ورد عن الإمام الباقر (ع): "واعلم أن الإِلْفَ مِن اللَّه".
فقضية التعامل مع الآخرين وخدمتهم هي قضية بالغة الأهمية، وقد جعل الإسلام الالتزام بالدين في قسمٍ كبيرٍ منه، متوقفٌ على الأدب وحسن المعاملة والخدمة. ومن منطلق هذه الأهمية، جاء القرآن الكريم ليضع لنا المناهج القويمة والأسس السليمة للتعامل مع الآخرين وخدمتهم باعتباره موضوعاً أساسياً من موضوعات هذا الدين.
وهذا الأمر يتحقق من خلال التربية عليه وذلك عبر بث المفاهيم الإسلامية التي حرصت على ان يعيش أهل الايمان حياة الألفة والمودة، فقد ورد عن النبي (ص): "خير المؤمنين من كان مألفة للمؤمنين، ولا خير فيمن لا يألف ولا يُؤلف".
وهي صفة من صفات اهل الايمان، فإذا اردت وصفهم او الإشارة اليهم او مدحهم بخصال الكمال فيهم أثنيت عليهم في ذلك، فعن أمير المؤمنين(ع) قال: "المؤمن مألوف، ولا خير فيمن لَا يَأْلَفُ ولَا يُؤْلَف".
وتتأكد هذه الصفة في حالة انتقال الانسان ليعيش مع غيره ممن يختلف معه في العقيدة او الأفكار، حيث يكون لزاما عليه ان يبحث عن المشتركات وعن العادات المقبولة ويجعلها جسرا للتواصل وبناء عشرة حسنة وجميلة معهم، حتى يذكر الناس صفات أتباع أهل البيت بكل خير.