الخطاب الثقافي التبليغي رقم (30): أنتم الوارثون للأرض
قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾.
تأتي هذه الآية الكريمة في سياق زرع الأمل في نفوس الشعوب المستضعفة في الأرض، في أنّ لهم يوماً، يقتصّ فيه الله تعالى ممّن ظلمهم وبادر إلى قضم حقوقهم، ويكون فرجهم وخلاصهم النهائيّ والكامل من ذلك كلّه على يد حجّته في أرضه، الإمام المهديّ (عجّل الله فرجه)، الذي أردفه بمقوّمات القيادة الحكيمة كلّها، فيأخذ بيد البشريّة نحو دولة العدل الإلهيّة.
فالإيمان بالإمام المهديّ، يزرع في النفس الأملَ، بأنّ للأنظمة الظالمة والحكّام الظالمين يوماً، ينتهي فيه ظلمهم واستكبارهم.
وفي قِبال الأمل الذي يدفع الإنسان إلى الحركة والعطاء والتهيّؤ والتجهّز، يأتي اليأس ليدمّر حركة الإنسان ونشاطه، وهو ما نهى عنه الله تعالى: ﴿ولَا تَيأسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾؛ فإنّ اليأسَ يقوِّض حركة الإنسان، ويجعله مستسلماً أمام الضغوط والبلاءات، ولا يستطيع عند ذلك المقاومة والمواجهة، لما يعتريه من ضيق.
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال لأبي ذرّ: «واعلم أنّ استعفاءك البلاء من الجزع، واستبطاءك العافية من اليأس، فدعِ اليأس والجزع، وقل: حسبي الله ونعم الوكيل».
وعندما نقول «انتظار الفرج»، فإنّ ذلك يشير إلى أنّ ثمّة ضيقاً سنصاب ونبتلى به في هذه الحياة؛ فالفرج يكون عقب الضيق والعسر. وبذلك ينبغي على المجتمع الموالي للإمام المهديّ (عجّل الله فرجه)، أن يتوقّع حدوث الضيق عليه، وربّما يكون هذا الضيق متجسِّداً بالضغوطات السياسيّة، أو الاقتصاديّة أو العسكريّة... إذ يعمد أعداء الإنسانيّة وأعداء أهل الحقّ دوماً، إلى حياكة المؤامرات، مستخدمين كلّ ما بوسعهم من أساليب لإخضاع الشعوب المستضعفة.
من هنا، تأتي مهمّة انتظار الإمام (عليه السلام)، بأن نتسلّح بسلاح الصبر والتوكّل على الله، وأن نعلم بأنّ كلّ ما يصيبنا من بلاء -أيّاً كان شكله، ومهما كانت شدّته- سيأتي بعده الفرج.
وقد ورد في الحثّ على انتظار الفرج العديد من الأحاديث، منها ما عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «انتظروا الفرج، ولا تيأسوا من روح الله، فإنّ أحبّ الأعمال إلى الله عزّ وجلّ انتظار الفرج، ما دام عليه العبد المؤمن».