الخطاب الثقافي التبليغي رقم (9): السكينة ثبات وطمأنينة
قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ سورة الفتح/ الآية4.
السكينة هي الطُّمَأنِينة والسُّكون، الذي ينزِّله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدَّة المخاوف، ويوجب له زيادة الإيمان، وقوَّة اليقين والثَّبات، والسكينة تعني الاطمئنان والدعة وما يزيل كلّ أنواع الشك والتردّد والوحشة من الإنسان ويجعله ثابت القدم في طوفان الحوادث في مقابل الحزن والألم والتوتّر والشماتة والخذلان والخوف...، وهذه السكينة يمكن أن يكون لها جانب عقائدي فيزيل ضعف تزلزل العقيدة، أو يكون لها جانب عملي بحيث يهب الإنسان ثبات القدم والمقاومة والاستقامة والصبر.وينبغي الالتفات إلى أنّ القرآن قد عبّر عنها بالإنزال "هو الذي أنزل السكينة" علماً بأنّ هذا التعبير في القرآن قد يعني الخلق والإيجاد وإيلاء النعمة أحيانا...، وحيث إنّها من عال إلى دان فقد ورد في شأنها التعبير بالإنزال.
وعندما نتأمّل في القرآن الكريم نجد بأنّ السَّكِينَة مُفَارَقة الاضطراب عند الغضب والخوف، وأكثر ما جاء في الخوف؛ قال تعالى: ﴿فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ﴾ ~[التَّوبة: 40] وقال: ﴿فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ ~[الفتح: 26]، ويُضَاف إلى القلب، كما قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، وفي الآية الأخيرة تكون السَّكِينَة هيئةً نفسانيَّةً.
وقد ذَكَر الله إنزال السكينة إلى جانب ألطاف إلهية: عديدة في الآية الكريمة، وهي: زيادة الإيمان، الفتح القريب، التزام كلمة التقوى، إنزال جنود لا نراها، تعذيب الكافرين.
وأكثر موارد الحاجة إلى السكينة في:
1- عند الوساوس المعترضة في أصل الإيمان؛ ليثبت قلبه ولا يزيغ.
2- حالات الخوف والشدة؛ ليوجب سكينة القلب واستقرار النفس وربط الجأش، ولئلَّا تقوى وتصير همومًا، وغمومًا.
ومن آثار السكينة أنّ المؤمنين يعيشون في اطمئنان خاطر عديم النظير، وفي ظلّ هذا الاطمئنان، فإنّهم لا يخشون أحداً إلا الله تعالى، ويثبتون على مبادئهم مهما اشتدّت الأحوال وكثرت الفتن والابتلاءات، ويحافظون على نهجهم ولا يؤثّر فيهم التهديد أبداً ولا يخافون لومة لائم.ولا يضعفوا أبداً أمام الشدائد، ولا يركعوا مقابل الأعداء ويتحلّون بشعار "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين".