يتم التحميل...

شعبُ الملاحمِ

ذو الحجة

عنِ الإمامِ الرضا (عليه السلام): «فَعَلَى مِثْلِ الْحُسَيْنِ فَلْيَبْكِ الْبَاكُونَ، فَإِنَّ الْبُكَاءَ يَحُطُّ الذُّنُوبَ الْعِظَامِ‏»

عدد الزوار: 148

عنِ الإمامِ الرضا (عليه السلام): «فَعَلَى مِثْلِ الْحُسَيْنِ فَلْيَبْكِ الْبَاكُونَ، فَإِنَّ الْبُكَاءَ يَحُطُّ الذُّنُوبَ الْعِظَامِ‏»[1].

يقولُ الإمامُ الخمينيُّ (قُدِّس سرُّه)، واصفاً ما يُثار حولَ مسألةِ البكاءِ على الإمامِ الحسينِ (عليه السلام): «ولوْ كانَ هؤلاءِ يعلمونَ حقيقةَ الأمورِ، ويدركونَ أهمّيّةَ هذهِ المجالسِ والمواكبِ، وقيمةَ هذا البكاءِ على الحسينِ (عليه السلام) والأجرِ المُعَدِّ لهُ عندَ اللهِ، لما سمَّونا شعباً بكّاءً، بلْ لقالوا عنّا: شعبُ الملاحمِ»[2].

ويشيرُ الإمامُ الخمينيُّ (قُدِّس سرُّه) في خطبِهِ إلى عناوينَ واضحةٍ لمسألةِ البكاءِ على الإمامِ الحسينِ (عليه السلام)، تتمثّلُ بالآتي:

1. البكاءُ السياسيُّ: إنَّ الإمامَ (قُدِّس سرُّه) أكّدَ هذهِ الجنبةَ منَ الشعائرِ الحسينيّةِ، فيقولُ (قُدِّس سرُّه): «القضيّةُ ليسَتْ قضيّةَ بكاءٍ فحسب، ليسَتْ قضيّةَ تباكٍ فحسب، إنّما هيَ قضيّةٌ سياسيّةٌ؛ فأئمّتُنا (عليهم السلام) يريدونَ -وعبرَ بصيرتِهِم وعمقِ رؤيتِهِم الإلهيّةِ- أنْ يُوحِّدوا صفوفَ الشعبِ ويُعبِّئوهُ بالطرقِ المختلفةِ؛ لكيْ يُصانَ منَ الأذى»[3].

يقولُ أيضاً: «إنَّ المهمَّ في الأمرِ هوَ البعدُ السياسيُّ لهذهِ الأدعيةِ وهذهِ الشعائرِ، المهمُّ هوَ ذلكَ التوجّهُ إلى اللهِ، وتمركزُ أنظارِ الناسِ إلى نقطةٍ واحدةٍ وهدفٍ واحدٍ، وهذا هوَ الّذي يُعبِّئُ الشعبَ باتّجاِه هدفٍ وغايةٍ إسلاميّةٍ؛ فمجلسُ العزاءِ لا يهدفُ إلى البكاءِ على سيّدِ الشهداءِ (عليه السلام) والحصولِ على الأجرِ -وطبعاً، إنَّ هذا حاصلٌ وموجودٌ- الأهمُّ منْ ذلكَ هوَ البعدُ السياسيُّ الّذي خطّطَ لهُ أئمّتُنا (عليهم السلام) في صدرِ الإسلامِ؛ كيْ يدومَ حتّى النهايةِ، وهوَ الاجتماعُ تحتَ لواءٍ واحدٍ وبهدفٍ واحدٍ، ولا يمكنُ لأيِّ شيءٍ آخرَ أنْ يحقِّقَ ذلكَ بالقدرِ الّذي يفعلُهُ عزاءُ سيّدِ الشهداءِ (عليه السلام)»[4].

2. البكاءُ النهضويُّ: يؤكّدُ الإمامُ (قُدِّس سرُّه) بعداً مهمّاً عمليّاً للبكاءِ على الإمامِ الحسينِ (عليه السلام)، وهوَ تأثيرُهُ في نهضةِ الأمّةِ، ويرى الثورةَ الإسلاميّةَ المباركةَ ثمرةً واضحةً لهذا البكاءِ: «... لا يظنّوا أنَّنا مجرّدُ «شعبٍ بكّاءٍ»، فإنَّنا شعبٌ تمكّنَ بواسطةِ هذا البكاءِ والعزاءِ منَ الإطاحةِ بنظامٍ عَمَّرَ ألفينِ وخمسمئةَ عامٍ»[5]. إنَّ هذا البكاءَ إحياءٌ للنهضةِ الحسينيّةِ وإدامةٌ لها، وفي ذلكَ يقولُ (قُدِّس سرُّه): «إنَّ البكاءَ على الشهيدِ يُعَدُّ إحياءً للنهضةِ وإدامةً لها، والروايةُ الواردةُ: «مَنْ بَكَى وَأَبْكَى وَاحِداً فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ تَبَاكَى فَلَهُ الْجَنَّةُ»[6]، إنّما تشيُر إلى أنَّ المتباكيَ أيضاً يعملُ عملاً منْ شأنِهِ إدامةُ النهضةِ وحفظُها، وهذا يصونُ نهضةَ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام) ويديمُها»[7].

3. البكاءُ التعبويُّ: وهذا أثرٌ غيرُ خفيٍّ للبكاءِ على مصابِ سيّدِ الشهداءِ (عليه السلام)، يقولُ الإمامُ الخمينيُّ (قُدِّس سرُّه): «ينبغي لنا أنْ نبكيَ على شهيدِنا ونصرخَ ونعبِّئَ الناسَ بالوعيِ واليقظةِ»[8]، ويقولُ أيضاً: «إنَّ هذهِ المجالسَ الّتي تُذكرُ فيها مصائبُ سيّدِ المظلومينَ (عليه السلام)، وتُظهِرُ مظلوميّةَ ذلكَ المؤمنِ الّذي ضحّى بنفسِهِ وبأولادِهِ وأنصارِهِ في سبيلِ اللهِ، هيَ الّتي خرّجَتْ أولئكَ الشبّانَ الّذينَ يتحرّقونَ شوقاً للذهابِ إلى الجبهاتِ، ويطلبونَ الشهادةَ، ويفخرونَ بها، وتراهُم يحزنونَ إذا لم يحصلوا عليها»[9].

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين


[1] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص128.
[2] الإمام الخمينيّ، صحيفة الإمام، ج16، ص263.
[3] نهضة عاشوراء، ص82.
[4] نهضة عاشوراء، ص16.
[5] نهضة عاشوراء، ص21.
[6] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج44، ص288.
[7] نهضة عاشوراء، ص81.
[8] نهضة عاشوراء، ص86.
[9] نهضة سيّد الشهداء، ص21.

2024-07-04