كيف تنال العفو الإلهي؟
إضاءات إسلامية
"سيّدي.. فإن عفوت يا ربّ فطال ما عفوت عن المذنبين قبلي، لأنّ كرمك أي ربّ يجلُّ عن مكافأة المقصِّرين وأنا عائذ بفضلك، هارب منك إليك، متنجِّز ما وعدت من الصفح عمّن أحسن بك ظناً".
عدد الزوار: 749"سيّدي.. فإن عفوت يا ربّ فطال ما عفوت عن المذنبين قبلي، لأنّ كرمك أي ربّ يجلُّ عن مكافأة المقصِّرين وأنا عائذ بفضلك، هارب منك إليك، متنجِّز ما وعدت من الصفح عمّن أحسن بك ظناً".
إنّ اعترافنا بذنوبنا والإقرار بها في حضرة الباري عزّ وجلّ، يخطو بنا خطوة نحو نيل عفو الله تعالى والفوز برضوانه، فعن الباقر عليه السلام: "والله ما ينجو من الذنب إلاّ من أقرّ به"([1]).
وكان من دعاء الإمام أمير المؤمنين عليه السلام المرويّ عن كميل بن زياد: "وقد أتيتك يا إلهي بعد تقصيري وإسرافي على نفسي، مُعتذِراً نادماً، مُنكسِراً مُستقيلاً، مُستغفِراً مُنيباً، مُقرّاً مُذعِناً مُعترِفاً.."([2]).
هذا ولا بدّ أن يقترن الإقرار والاعتراف بالذنوب بشروط أخرى أيضاً، كالندم على ما مضى، فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: "كفى بالندم توبة"([3]).
والإمام زين العابدين عليه السلام أعطانا نموذجاً في مناجاة التائبين: "إلهي إن كان الندم على الذنب توبة فإنّي وعزّتك من النادمين.."([4]).
كما إنّه يجب علينا أن لا نكتفي بذلك، بل يجب أن نجبر الأعمال السيّئة التي ارتُكبت فيما مضى بالأعمال الصالحة مستقبلاً. والله الغفور الرحيم قد أبقى أبواب المغفرة والرحمة مفتوحة أمام المذنبين العاصين، وهو القائل عزّ وجلّ: ﴿وهُو الّذِي يقْبلُ التّوْبة عنْ عِبادِهِ ويعْفُو عنِ السّيِّئاتِ ويعْلمُ ما تفْعلُون﴾([5])، والقائل: ﴿فمن تاب مِن بعْدِ ظُلْمِهِ وأصْلح فإِنّ الله يتُوبُ عليْهِ إِنّ الله غفُورٌ رّحِيمٌ﴾([6]).
وعن الإمام عليّ عليه السلام: "من تنزّه عن حُرمات الله سارع إليه عفو الله"([7]).
وعنه عليه السلام: "ولكنّ الله يختبر عباده بأنواع الشدائد، ويتعبّدهم بأنواع المجاهد، ويبتليهم بضروب المكاره، إخراجاً للتكبُّر من قلوبهم، وإسكاناً للتذلُّل في نفوسهم، وليجعل ذلك أبواباً فتّحاً إلى فضله، وأسباباً ذلّلاً لعفوه"([8]).
فإنّ من أسماء الله الحسنى (العفوّ) وهو القائل في محكم كتابه العزيز: ﴿إِنّ الله كان عفُوًّا غفُورًا﴾([9]). وهذا أمير المؤمنين عليه السلام يدعو بذلك: "اللّهمّ احملني على عفوك ولا تحملني على عدلك"([10]).
وفي مناجاته عليه السلام: "إلهي أُفكِّر في عفوك فتهون عليّ خطيئتي، ثمّ أذكر العظيم من أخذك فتعظم عليّ بليّتي"([11]).
* مظاهر الرحمة، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 426.
([2]) مفاتيح الجنان، الشيخ عبّاس القمي، ص 151.
([3]) الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 426.
([4]) مفاتيح الجنان، الشيخ عبّاس القمي، ص 254.
([5]) الشورى: 25.
([6]) سورة المائدة: 39.
([7]) سورة المائدة: 39.
([8]) م. ن، ج6، ص 115.
([9]) النساء: 43.
([10]) نهج البلاغة، ج2، ص 222.
([11]) بحار الأنوار، العلّامة المجلسيّ، ج 41، ص 12.