الإمامُ الصادقُ (عليه السلام) وتأسيسُ حكومةِ العدلِ
شوَّال
يقولُ الإمامُ الخمينيُّ (قُدَّس سرُّه): «نحنُ نفخرُ بجميعِ الأئمّةِ المعصومينَ (عليهِم صلواتُ اللهِ)، ونلتزمُ باتِّباعِهِم. نحنُ نفخرُ بأنَّ أئمّتَنا المعصومينَ (صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِم) قضَوا أعمارَهُم سجناً وتشريداً في سبيلِ رفعةِ الإسلامِ وتحقيقِ أهدافِ القرآنِ الكريمِ، والّتي أحدُها تأسيسُ حكومةِ العدلِ»
عدد الزوار: 693يقولُ الإمامُ الخمينيُّ (قُدَّس سرُّه): «نحنُ نفخرُ بجميعِ الأئمّةِ المعصومينَ (عليهِم صلواتُ اللهِ)، ونلتزمُ باتِّباعِهِم. نحنُ نفخرُ بأنَّ أئمّتَنا المعصومينَ (صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِم) قضَوا أعمارَهُم سجناً وتشريداً في سبيلِ رفعةِ الإسلامِ وتحقيقِ أهدافِ القرآنِ الكريمِ، والّتي أحدُها تأسيسُ حكومةِ العدلِ»[1].
لقدْ عانى أئمّةُ أهلِ البيتِ (عليهم السلام) مِنَ الصعابِ الكثيرَ، وكانوا في خطِّ المواجهةِ معَ الحكوماتِ الظالمةِ والمستبدّةِ، ينتصرونَ للحقِّ وللمظلومِ، وكانوا يخطِّطونَ بالاستفادةِ منْ كلِّ الوسائلِ الممكنةِ في سبيلِ ذلكَ، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلُّه) في بيانِهِ لمرحلةِ حياةِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «منذُ استلامِ المسؤوليّةِ حتّى الوفاةِ، قضى 33 عاماً في جهادٍ متواصلٍ، وخلالَ هذهِ الأعوامِ كانَتِ الظروفُ في مدٍّ وجزرٍ؛ مرّةً تتّجهُ لصالحِ مدرسةِ أهلِ البيتِ، ومرّةً أخرى تُعاكِسُها، مرّةً تبعثُ على التفاؤلِ وعلى أنَّ النصرَ قريبٌ، ومرّةً أخرى تشتدُّ الضغوطُ وتختنقُ الأنفاسُ، فيُخيَّلُ لأصحابِ الإمامِ أنَّ الآمالَ كلَّها قدْ تبدّدَتْ. والإمامُ الصادقُ (عليه السلام) في هذهِ الأحوالِ كلِّها ماسكٌ بدفّةِ القيادةِ بعزمٍ وتصميمٍ، يجتازُ بالسفينةِ عبرَ هذهِ الأمواجِ المتلاطمةِ الممزوجةِ بالأملِ واليأسِ، لا يفكِّرُ إلّا بما يجبُ قطعُهُ في المستقبلِ منْ أشواطٍ، باعثاً الجِدَّ والنشاطَ والإيمانَ في أتباعِهِ للوصولِ إلى ساحلِ النجاةِ»[2].
فهذا الإسلامُ حُفِظَ بما كانَ منْ تخطيطٍ وعملٍ لأهلِ بيتِ العصمةِ والطهارةِ، ومنهُم الإمامُ الصادقُ (صلواتُ اللهِ عليه)، وكلُّ ما جرى بعدَ ذلكَ هوَ منْ نتاجِ تضحياتِ الأئمّةِ (صلواتُ اللهِ عليهِم)، يقولُ الإمامُ الخمينيُّ (قُدِّسَ سرُّهُ) حولَ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «الإمامُ الصادقُ (عليه السلام) الّذي كانَ يعيشُ في ظروفِ التقيّةِ، وفي ظلِّ ضغوطاتِ الحكّامِ الظلمةِ، ولمْ يكنْ يمتلكُ أيّةَ سلطةٍ تنفيذيّةٍ، وكانَ في معظمِ الأحيانِ يخضعُ للمراقبةِ والمحاصرةِ، ومعَ هذا يقومُ بتعيينِ التكاليفِ للمسلمينَ، ويُنَصِّبُ حكّاماً وقضاة.
فما معنى هذا التصرفِّ منهُ؟ وأساساً ما الفائدةُ المترتِّبةُ على هذا النصبِ والعزلِ؟ إنَّ الرجالَ العظماءَ ذوي الآفاقِ الفكريّةِ الواسعةِ لا يشعرونَ باليأسِ في أيِّ وقتٍ منَ الأوقاتِ، ولا ينظرونَ إلى وضعِهِم الحاليّ، حيثُ يكونونَ في السجنِ، وليسَ منَ المعلومِ أنّهُم سيخرجونَ منهُ أمْ لا، بلْ يخطِّطونَ للتقدُّمِ في أهدافِهِم مهما كانَتِ الظروفُ الّتي يعيشونَها؛ لكيْ يُنفِّذوا تلكَ الخططَ فيما بعدُ بأنفسِهِم إذا تمكَّنوا؛ وإذا لمْ تسنحْ لهمُ الفرصةُ، يقومُ بذلكَ الآخرونَ، ولو بعدَ مئتينِ أوْ ثلاثمئةِ عام، الكثيرُ منَ النهضاتِ الكبرى بدأَتْ بهذا الشكلِ... والإمامُ الصادقُ -عدا عنْ وضعِ الخطّةِ- قامَ بالنصبِ والتعيينِ أيضاً. لوْ كانَ عملُ الإمامِ ناظراً لذلكَ الوقتِ فقطْ، لكانَ عملُهُ هذا ضرباً منَ اللغوِ، لكنَّهُ كانَ يُفكِّرُ بالمستقبلِ. فهوَ لمْ يكنْ مثلَنا مشغولاً بنفسِهِ، ومُهتمّاً بوضعِهِ فقطْ. كانَ يحملُ همَّ الأمّةِ والبشريّةِ، بلْ وجميعَ العالمِ.
كانَ يريدُ إصلاحَ البشرِ، وتطبيقَ قوانينِ العدلِ. كانَ عليهِ أنْ يقومَ بالتخطيطِ والتعيينِ منذُ ألفٍ وعدّةِ مئاتٍ منَ السنينَ، لكيْ يتوصّلَ إلى يقظةِ الشعوبِ هذهِ الأيّام، وإلى وعيِ الأُمّةِ الإسلاميّةِ وثورتِها».
ختاماً، نُعزّي صاحبَ العصرِ والزمانِ (عجّلَ اللهُ تعالى فرجَهُ) ووليَّ أمرِ المسلمينَ والمجاهدينَ جميعاً بذكرى شهادةِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام)، في الخامسِ والعشرينَ منْ شهرِ شوّالٍ، عامَ 148 هجريّة.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] منهجيّة الثورة الإسلاميّة، ص125.
[2] الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، قيادة الإمام الصادق (عليه السلام).