أدبُ يومِ عاشوراء
محرم
عنِ الإمامِ الرضا (عليه السلام): «مَن كانَ يَومُ عاشوراءَ يَومَ مُصيبَتِهِ وحُزنِهِ وبُكائهِ، يَجعَلِ اللَّهُ عزَّ وجلَّ يَومَ القِيامَةِ يَومَ فَرَحِهِ وسُرورِهِ»
عدد الزوار: 306
عنِ الإمامِ الرضا (عليه السلام): «مَن كانَ يَومُ عاشوراءَ يَومَ مُصيبَتِهِ وحُزنِهِ وبُكائهِ، يَجعَلِ اللَّهُ عزَّ وجلَّ يَومَ القِيامَةِ يَومَ فَرَحِهِ وسُرورِهِ»[1].
مِنْ دلائلِ عَظَمةِ شهادةِ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام) أنَّها ما زالتْ تنبضُ بالحياةِ إلى يومِنا هذا، وما زالتْ -ومِنْ خلالِ إحيائِها في كلِّ عام- تُجدِّدُ صوتَ الحسينِ في آذانِ البشرِ جميعاً.
وليومِ العاشرِ مِنْ محرَّمٍ آدابٌ خاصّةٌ وردتْ في الروايات، فقدْ ذكرَ الشيخُ المفيدُ (رحمه الله): «وفي العاشرِ مِنَ المحرَّمِ قُتِلَ الحسينُ (عليه السلام)، وجاءتِ الروايةُ عَنِ الصادقِ (عليه السلام) باجتنابِ الملاذِّ فيه، وإقامةِ سُنَنِ المصائب، والإمساكِ عَنِ الطعامِ والشرابِ إلى أنْ تزولَ الشمس، والتغذِّي بعدَ ذلكَ بما يتغذَّى به أصحابُ المصائب»[2].
وِمنْ هذهِ الآداب:
1. زيارةُ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام): فعَنِ الإمامِ الباقرِ (عليه السلام) قال: «مَنْ زارَ الحسينَ بنَ عليٍّ (عليهما السلام) في يومِ عاشوراءَ مِنَ المحرَّمِ يظلُّ عنده باكياً، لقِيَ اللهَ عزَّ وجلَّ يومَ يلقاهُ بثوابِ ألفَي حِجَّةٍ وألفَي عُمرةٍ وألفَي غزوة، كثوابِ مَنْ حجَّ واعتمرَ وغزا مَعَ رسُولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلِه) ومَعَ الأئمَّةِ الرّاشدين، قالَ: قلتُ: جُعِلْتُ فِداك! فما لمَنْ كانَ في بعيدِ البلادِ وأقاصيها ولمْ يُمكِنْهُ المسيرُ إليهِ في ذلكَ اليوم؟ قالَ: إذا كانَ كذلكَ بَرَزَ إلى الصّحراءِ أو صَعَدَ سطحاً مرتفعاً في دارِه وأومأَ إليهِ بالسّلام، واجتهدَ في الدُعاءِ على قاتِلِيه، وصلَّى مِنْ بُعدٍ رَكعَتَين، وليكُنْ ذلكَ في صدرِ النّهارِ قبلَ أنْ تزُولَ الشّمس»[3].
2. الندْبُ والبُكاء: ففي الروايةِ عَنِ الإمامِ الباقرِ (عليه السلام): «... ثُمَّ ليندُبِ الحسينَ (عليه السلام) ويَبكِيه، ويأمُرْ مَنْ في داره ممَّنْ لا يتَّقيه بالبكاءِ عليه...» [4].
3. أنْ يعزِّيَ المؤمنُ غيرَه بهذا المصاب: ففي الروايةِ عَنِ الإمامِ الباقرِ (عليه السلام): «... ولِيُعَزِّ بَعضُهُم بَعضاً بِمُصابِهِم بِالحُسَينِ (عليه السلام) ... قُلتُ: فكَيفَ يُعَزّي بَعضُنا بَعضاً؟ قالَ: تَقولونَ: أعظَمَ اللَّهُ أجورَنا بِمُصابِنا بِالحُسَينِ، وجَعَلَنا وإيّاكُم مِنَ الطّالِبينَ بِثارِه مَعَ وَلِيِّهِ الإمامِ المَهدِيِّ مِن آلِ مُحَمَّدٍ (عليهمُ السلام)» [5].
4. أنْ ينصرفَ عَن حوائجِ الدنيا فلا يخرجُ في طلبِها: فعَنِ الإمامِ الباقرِ (عليه السلام): «وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَنْشِرَ يَوْمَكَ بِحَاجَةٍ فَافْعَلْ، فَإِنَّهُ يَوْمُ نَحْسٍ لَا تُقْضَى فِيهِ حَاجَةُ مُؤْمِنٍ، فَإِنْ قُضِيَتْ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهَا، وَلَمْ يَرَ رُشْداً. وَلَا يَدَّخِرَنَّ أَحَدُكُمْ بِمَنْزِلِهِ شَيْئاً، فَمَنِ ادَّخَرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ شَيْئاً لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِي مَا ادَّخَرَ، وَلَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِي أَهْلِهِ»[6].
5. أنْ يستحضرَ أنَّ أهلَ العزاءِ في هذا اليومِ همْ أهلُ بيتِ النبيِّ محمَّدٍ (صلّى اللهُ عليهِ وآلِه) فيشاركُهُم في المصاب، ففي الروايةِ عَنِ ابنِ عبّاسٍ قال: حضرتُ في ذي قارٍ عندَ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام)، فأخرجَ صحيفةً بخطِّه، وإملاءِ النبيِّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلِه)، وقرأَ لي مِنْ تلكَ الصحيفة، وكانَ فيها مقتلُ الحسينِ (صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليه)، وأنَّه كيفَ يُقتل، ومَنِ الذي يَقتُلُه، ومَنْ ينصُرُه، ومَنْ يُستَشْهَدُ مَعَه، ثمَّ بكى بكاءً شديداً، وأبكاني.
السَّلام عَلَى الحُسَيْن، وَعَلَى عَليِّ بْنِ الحُسَيْنِ، وَعَلَى أوْلادِ الحُسَيْنِ، وَعَلَى أصْحابِ الحُسَين.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] الشيخ الصدوق، علل الشرائع، ج1، ص227.
[2] الشيخ الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، ج14، ص505.
[3] الشيخ الطوسيّ، مصباح المتهجّد وسلاح المتعبّد، ج2، ص772.
[4] المصدر نفسه.
[5] ابن قولويه القمّيّ، كامل الزيارات، ص175.
[6] الشيخ الطوسيّ، مصباح المتهجّد وسلاح المتعبّد، ج2، ص773.