نداء الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) إلى حجّاج بيت الله الحرام من أنحاء العالم الإسلاميّ
نداء القائد
الصادر في 25/06/2023م لمناسبة حلول موسم الحجّ 1444هـ.
عدد الزوار: 208نداء الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) الصادر في 25/06/2023م إلى حجّاج بيت الله الحرام من أنحاء العالم الإسلاميّ لمناسبة حلول موسم الحجّ 1444هـ.
كما في كلّ عام، يتوجّه وليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) إلى المسلمين عموماً، وإلى حجّاج بيت الله الحرام خصوصاً، في نداءٍ خاصّ بموسم الحجّ العظيم، يرسم فيه معالم المسار، والخطوط العريضة، التي ينبغي للمسلمين أن يسيروا بهديها، متماسكين متعاضدين متكاتفين، كجسدٍ واحدٍ، لدحض مشاريع الاستكبار والصهيونيّة الرامية إلى السقوط الأخلاقيّ للبشريّة في اليوم والغد.
وفي ما يأتي، نسلّط الضوء على أبرز النقاط التي توجّه بها سماحته، ويمكن عنونة هذا النداء بـ: «الوحدة والروحانيّة ركيزتا خطاب الحجّ».
1. النداء الإبراهيميّ نداء الوحدة وخطاب للجميع
2. الحجّ رافد البشريّة للارتقاء، معنويّاً وروحيّاً وأخلاقيّاً
3. الوحدة والروحانيّة ضمانة ارتقاء العالم الإسلاميّ
4. من معاني الوحدة:
أ. الارتباط الفكريّ والعمليّ
ب. الثقة والتعاون
ج. التواصل والحوار ونبذ الفتنة
د. حُسن الظنّ والمداراة والإنصاف
هـ. التكاتف والتعاضد لمواجهة الهندسات الغربيّة للسياسة والجغرافيا
5. الروحانيّة تعني ارتقاء الأخلاق الدينيّة (الأخلاق من دون الدين أكذوبة الغرب)
6. تعلّم الروحانيّة والأخلاق من مناسك الحجّ:
أ. بساطة في الإحرام
ب. نبذ الامتيازات الواهية
ج. التكافل الاجتماعيّ
د. لا رفث ولا فسوق ولا جدال
هـ. طواف الأمّة حول محور التوحيد
و. رمي الشيطان والبراءة من المشركين
7. الحجّ فرصة للتدبّر والتعمّق في أسرار هذه الفريضة الاستثنائيّة ودلالاتها
8. الاستكبار والصهيونيّة يعاديان الوحدة والروحانيّة
9. مسؤوليّتنا جميعاً الوقوف في وجه المخطّط الأميركيّ الصهيونيّ
10. توصية: استعينوا بالله وعزّزوا البراءة من المشركين
وفي ما يأتي نصّ النداء:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على الرسول الأعظم محمّد المصطفى وآله الطيّبين وصحبه المُنتجبين.
مرّة أخرى ينطلق النداء الإبراهيميّ للحجّ ودعوته العالميّة من عمق التاريخ، مخاطباً أرجاء المعمورة فيلهب القلوب المستعدّة والذاكرة بالشوق والحماسة.
ويخاطب النداء الداعي جميع أفراد البشر: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ﴾[1] والكعبة هي المضيف المبارك والدليل للبشرية جمعاء: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ﴾[2].
يمكن للكعبة بصفتها النقطة المركزيّة والمحور الرئيس لتوجّهات آحاد المسلمين، وكذلك لشعيرة الحجّ بصفتها نموذجاً مصغّراً لنطاق العالم الإسلامي المتنوّع، أن تكونا في خدمة ارتقاء المجتمع البشريّ وسلامة الناس جميعاً وأمنهم. يمكن للحجّ أن يرفد البشريّة كلّها بالاعتلاء المعنويّ والارتقاء الروحيّ والأخلاقي، وهذه هي الحاجة المصيريّة للبشر اليوم.
في استطاعة الحجّ أن يدحض جميع مشاريع الاستكبار والصهيونيّة الرامية إلى السقوط الأخلاقيّ للبشريّة في اليوم والغد، ويبطل مفاعيلها.
الشرط اللازم لهذا التأثير على المستوى العالميّ أن يسمع المسلمون أنفسهم -كخطوة أولى- الخطاب الباعث على الحياة للحجّ على نحو صحيح، ويسخّروا كلّ ما لديهم من همم من أجل تحقّقه عمليّاً.
إنّ الركيزتين الأساسيّتين لهذا الخطاب هما الوحدة والروحانيّة. الوحدة والروحانيّة هما الضامن للارتقاء المادي والمعنويّ للعالم الإسلاميّ وتَشعشع أنواره في أرجاء المعمورة. الوحدة تعني الارتباط الفكريّ والعمليّ، أي بمعنى تقارب القلوب والأفكار والتوجّهات، وكذلك بمعنى التكامل العلمي والتطبيقي، وبمعنى الترابط الاقتصادي بين الدول الإسلاميّة، وكذلك الثقة والتعاون بين الحكومات المسلمة، وأيضاً التعاضد في وجه الأعداء المشتَرَكين والمسلّم بعدائهم. الوحدة تعني ألّا تستطيع خطّة العدوّ المُعدّة جعل مختلف الفرق الإسلاميّة أو الشعوب والأعراق واللغات والثقافات المتنوّعة في العالم الإسلاميّ تقف في وجه بعضها بعضاً.
الوحدة تعني ألّا تتعرّف الشعوب المسلمة إلى بعضها بعضاً عبر التعريف الفتنويّ للعدوّ، بل بالتواصل والحوار وتبادل الزيارات، وأن تطّلع على إمكانات بعضها بعضاً وطاقاتها وتخطّط للانتفاع بها.
والوحدة تعني أن يضع علماء العالم الإسلاميّ وجامعاته أيديهم بأيدي بعضهم بعضاً، وينظر علماء المذاهب الإسلاميّة إلى بعضهم بعضاً بحُسن الظنّ والمداراة والإنصاف، وينصتوا إلى كلام بعضهم بعضاً، وأن يُعرّف النُّخب في كلّ بلد ومن كلّ مذهب آحاد الناس على مشتركات بعضهم بعضاً ويشجّعوهم على التعايش والأخوّة.
كما أنّ الوحدة تعني أن يُعِدّ روّاد السياسة والثقافة في البلدان الإسلاميّة أنفسهم لمواجهة ظروف النظام العالميّ المُقبل بتنسيق كامل، ويُحدّدوا بأيديهم وإراداتهم المكانة الجديرة بالأمّة الإسلاميّة في التجربة العالميّة الجديدة الزاخرة بالفرص والتهديدات، وألّا يسمحوا بتكرار تجربة الهندسة السياسيّة والجغرافيّة لغربيّ آسيا على يد الحكومات الغربيّة عقب الحرب العالميّة الأولى.
أمّا الروحانيّة، فتعني ارتقاء الأخلاق الدينيّة. إنّ أكذوبة الأخلاق دون الدين، التي طالما روّجت المصادر الفكريّة الغربيّة لها مآلها هذا الانهيار الأخلاقي الجامح في الغرب، والذي يتراءى أمام العالم بأسره. لا بدّ من تعلّم الروحانيّة والأخلاق من مناسك الحجّ، ومن البساطة في الإحرام، ومن نبذ الامتيازات الواهية، ومن: ﴿وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِير﴾[3]، ومن: ﴿لَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾[4]، ومن طواف الأمّة كافّة حول محور التوحيد، ومن رمي الشيطان والبراءة من المشركين.
أيّها الإخوة والأخوات الحجّاج، اغتنموا فرصة الحجّ للتدبّر والتعمّق في أسرار هذه الفريضة الاستثنائيّة ودلالاتها واجعلوها زاداً لعمركم بأكمله. إنّ الوحدة والروحانيّة في هذه المرحلة من الزمان تتعرّضان لعداء الاستكبار والصهيونيّة وعرقلتهما أكثر من السابق. فأمريكا وسائر أقطاب الهيمنة الاستكباريّة يعارضون بشدّة وحدة المسلمين وتفاهم الشعوب والدول والحكومات المسلمة، وتديّن الجيل الشاب لهذه الشعوب والتزامه بالشريعة، وهم يواجهونها بأيّ وسيلة ممكنة.
إنّ مسؤوليّتنا جميعاً والشعوب كافّة وحكوماتنا هي الوقوف في وجه هذا المخطط الأمريكي والصهيوني الخبيث.
استعينوا بالله العليم القدير، وعزّزوا روحيّة البراءة من المشركين في أنفسكم، وعُدّوا أنفسكم مكلّفين بنشرها وتعميقها في بيئتكم.
أسأل الله العلي التوفيق للجميع وحجّاً مقبولاً ومشكوراً لكم، أيّها الحجّاج الإيرانيّون وغير الإيرانيّين. وأرجو للجميع أن يشملهم الدعاء المستجاب لبقيّة الله الأعظم، أرواحنا فداه.
والسّلام عليكم ورحمة الله.
السّادس من ذي الحجّة 1444
4 تير 1402
25 حزيران/يونيو 2023
[1] سورة الحج، الآية 27.
[2] سورة آل عمران، الآية 96.
[3] سورة الحج، الآية 28.
[4] سورة البقرة، الآية 197.