يتم التحميل...

ما لمحبة آل محمد (صلوات الله عليهم) من الأثر

مواعظ إسلامية

قال الله عزّ وجل في محكم كتابه: ﴿وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[1]. وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال:

عدد الزوار: 72

قال الله عزّ وجل في محكم كتابه: ﴿وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[1]. وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها"[2]. إنّ الدخول إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو دخول في الإسلام الأصيل لا يحصل واقعاً بدون الإمام علي بن أبي طالب  عليه السلام، وأهل البيت  عليهم السلام، لأنّ حبّ أهل البيت  عليهم السلام له وجهان في الإسلام:

الوجه الأوّل: يطلّ على العقيدة فيُصحّحها. وهو ما يظهر في مثل هذا الحديث الشريف المرويّ عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "يا عليّ لولاك أنت لم يُعرف المؤمنون من بعدي"[3]، والحديث المعروف بشأن عليّ  عليه السلام: "حبّك إيمان، وبغضك نفاق وكفر"[4].
 
الوجه الثاني: يطلّ على الأعمال، فيأخذها إلى وجهتها المطلوبة وموقعها الصحيح. وإلى هذا المعنى أشار حديث الإمام الصادق  عليه السلام عن محمد بن الفضيل قال: "سألتُه عن أفضل ما يتقرّب به العبد إلى الله (عزّ وجلّ) فقال: طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر، ثمّ قال: حبّنا إيمان، وبغضنا كفر"[5].
 
فالإيمان بالله تعالى أمرٌ قد يدّعيه أيّ إنسان. ولكنّ الإيمان الواقعي هو الذي يتجلّى في الدنيا بصورة حبّ الإنسان الكامل، لأنّه مظهر الارتباط الواقعي بالله تعالى. والعمل الصالح وأداء الفرائض أمر قد يقوم به أيّ إنسان. ولكن الصلاح الحقيقي والعبادة الواقعيّة تتجلّى في الدنيا بصورة ولاية الإنسان الكامل. وأهل البيت  عليهم السلام هم مظهر الإنسان الكامل على الأرض.
 
فعن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "ألا ومن أحبّ عليّاً، فقد أحبّني. ومن أحبّني فقد رضي الله عنه. ومن رضي الله عنه كافاه الجنّة. ألا ومن أحبّ عليّاً لا يخرج من الدنيا حتّى يشرب من الكوثر، ويأكل من طوبى، ويرى مكانه في الجنّة. ألا ومن أحبّ عليّاً فُتِحت له أبواب الجنّة الثمانية، يدخلها من أيّ بابٍ شاء بغير حساب. ألا ومن أحبّ عليّاً أعطاه الله كتابه بيمينه وحاسبه حساب الأنبياء. ألا ومن أحبّ عليّاً هوّن الله عليه سكرات الموت وجعل قبره روضة من رياض الجنّة. ألا ومن أحبّ عليّاً أعطاه الله بكلّ عِرقٍ في بدنه حوراء، وشُفّع في ثمانين من أهله. ألا ومن مات على حبّ آل محمّدٍ فأنا كفيله بالجنّة مع الأنبياء. ألا ومن مات على بغض آل محمدٍ لم يشمّ رائحة الجنّة"[6].
 
ومن الآثار المترتّبة على محبّة أهل البيت  عليهم السلام أيضاً:

1-  استكمال الدين: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: "حبّ أهل بيتي وذرّيتي استكمال الدين"[7].
 
2- التمسّك بالعروة الوثقى: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم مخاطباً أمير المؤمنين علي  عليه السلام: "يا علي، من أحبّكم وتمسّك بكم، فقد تمسّك بالعروة الوثقى"[8].
 
3- اطمئنان القلب وطهارته: قال أمير المؤمنين  عليه السلام: "إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم لمّا نزلت هذه الآية ﴿ألا بِذكرِ الله تَطمَئنُّ القُلوبُ﴾[9] قال: ذاك من أحبّ اللّه ورسوله، وأحبّ أهل بيتي صادقاً غير كاذب، وأحبّ المؤمنين شاهداً وغائباً، ألا بذكر اللّه يتحابون"[10].
 
وعن الإمام الباقر  عليه السلام: "لا يُحبّنا عبد ويتولّانا حتى يُطهّر اللّه قلبه، ولا يُطهّر اللّه قلب عبدٍ حتى يُسلّم لنا ويكون سلماً لنا، فإذا كان سلماً لنا سلّمه اللّه من شديد الحساب، وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر"[11].
 
4- الاغتباط عند الموت: قال أمير المؤمنين  عليه السلام للحارث الأعور: "لينفعنّك حبّنا عند ثلاث: عند نزول ملك الموت، وعند مساءلتك في قبرك، وعند موقفك بين يدي اللّه"[12].
 
5- الشفاعة يوم القيامة: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الزموا مودّتنا أهل البيت، فإنّه من لقي اللّه يوم القيامة وهو يودّنا دخل الجنّة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعمله إلّا بمعرفة حقّنا"[13].
 
6- التوبة والمغفرة وقبول الأعمال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: "من مات على حبّ آل محمد مات شهيداً، ألا ومن مات على حبّ آل محمد مات مغفوراً له، ألا ومن مات على حبّ آل محمد مات تائباً، ألا ومن مات على حبّ آل محمد مات مؤمناً مستكمل الإيمان..."[14]. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "حبّنا أهل البيت يُكفّر الذنوب ويُضاعف الحسنات"[15].
 
7- الحشر مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: "يرد عليَّ الحوض أهل بيتي ومن أحبّهم من أُمّتي كهاتين"[16]، يعني السبّابتين.
 
وعن أمير المؤمنين  عليه السلام قال: "إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بيد الحسن والحسين، فقال: من أحبّني وأحبّ هذين وأباهما وأُمهما، كان معي في درجتي يوم القيامة"[17].
 
وغيرها من الروايات الشريفة التي ذكرت ثمار محبّتهم والتمسّك بهم عليهم أفضل الصلاة والسلام. فإنّ قضيّة حبّ أهل البيت  عليهم السلام ودوره في إيصال الإنسان إلى لقاء الله والجنّة وغفران الذنوب، لم ترد في بضعة أحاديث متناثرة مقطوعة أو مجهولة السند. فإنّ ما روي عن الفريقين يصل إلى حدّ التواتر. وقد يتساءل البعض متعجّبين عن سرّ هذا الأمر، إذ كيف يكون مجرّد حبّ شخصٍ أو مجموعة أشخاص سبباً لهذه الكرامات والكمالات العظيمة؟! ولكن من أدرك دور المحبّة وتأثيرها على حياة الإنسان وعلى توجّهاته في الحياة الدنيا، اطّلع على حقيقة الأمر وانكشف له السر.
 
 طلائع القلوب، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية


[1] سورة البقرة، الآية 189.
[2] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج27، ص34.
[3] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج37، ص272.
[4] م. ن، ج39، ص42.
[5] الشيخ الكليني، الكافي، ج1،ص187.
[6] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج7، ص221.
[7]  الصدوق، الأمالي، ج1، ص 161.
[8] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج36، ص302.
[9] سورة الرعد، الآية 28.
[10] المتقي الهندي، كنز العمال، ج2، ص442.
[11] الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص194.
[12] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج27، ص164.
[13] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج27، ص91.
[14] م. ن، ج23، ص233.
[15] م. ن، ج65، ص100.
[16] م. ن، ج44، ص60.
[17] م. ن، ج23، ص116.

2023-01-28