كلمة السيد حسن نصر الله بمناسبة ذكرى ولادة الرسول الأكرم محمد(ص)
2022
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله خلال الإحتفال الذي أقامه حزب الله بمناسبة ذكرى ولادة الرسول الأكرم محمد(ص)
عدد الزوار: 331كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله خلال الإحتفال الذي أقامه حزب الله بمناسبة ذكرى ولادة الرسول الأكرم محمد(ص) وحفيده الإمام الصادق(ع) وأسبوع الوحدة الإسلامية في باحة عاشوراء في الضاحية الجنوبية لبيروت في 11-10-2022
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبدالله وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
أولا أُرحب بكم جميعاً في هذا الحفل المبارك إن شاء الله الذي نُعبّر فيه عن حبنا وولاءنا وعشقنا وانتماءنا لسيد الرسل وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وأُبارك لكم جميعاً هذه المناسبة وهذه الذكرى العطرة والعزيزة.
نحن الليلة نُحيي المناسبات التالية:
مناسبة ذكرى ولادة رسول الله الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وذكرى ولادة حفيده الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام، ومناسبة أسبوع الوحدة الاسلامية.
أنا أَود أن أَتحدث حول المناسبة بطبيعة الحال ثم انتقل إلى المستجدات لوضعنا الحالي في لبنان والمنطقة بالإختصار الممكن خصوصاً أمام التطور المهم الذي نَشهده هذه الأيام وخلال الساعات القليلة المقبلة فيما يتعلق بموضوع النفط والغاز وترسيم الحدود البحرية وما يتداول عن تفاهم او اتفاق على هذا الصعيد.
أولاً: في البداية اسمحوا لي في احياء هذه المناسبة أن نُوجه التحية ونُعبّر عن تقديرنا واجلالنا وتعظيمنا للشعب اليمني المؤمن المُحب لأن الاحياء الذي شهدناه قبل أيام في مختلف المحافظات اليمنية الحرة، التي هي خارج دائرة سيطرة قوى التحالف وفي عشرات الساحات، الملايين الذين حضروا وجلسوا لساعات، نحن اخترنا الليل من أجل "الشُوب" وجلسوا لساعات في النهار وعلى الأرض واستمعوا لخطاب القائد العزيز والشجاع السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ونصره الله وعبروا بكل الوسائل عن حُبهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
واقعاً نحن الآن نَستحي منهم وهذا حال أعتقد العالم العربي والعالم الاسلامي، الشعب الذي فُرضت عليه حرب منذ ثماني سنوات، الشعب المُحاصر الذي يُعاني من كثير من الأزمات المعيشية والحياتية والصحية والأمنية، يَحتشد بملايينه في مشهد ليس له مثيل على امتداد العالم، هذا جدير في بداية الكلمة أن نَنحني أمام هذا الشعب أمام حُبه وعشقه للرسول الله، أمام حضوره الكبير بكل احترام وتقدير.
طبعا احياءات هذه السنة في العديد من الدول العربية والاسلامية تتطور وتتحسن وهذا ما يجب أن يعمل له، قصة احياء عيد المولد بدعة هذه انتهت، اليوم يحتفل باليوم الوطني وتقام الحفلات التي لها أول وليس لها آخر، هذه قصة انتهت.
اليوم العالم العربي العالم الاسلامي المسلمون يجب أن يحتفلوا وأن يفرحوا وأن يعتزوا بولادة نبيهم الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ويفرحوا بذلك.
نحن سنسعى لأن نفرح لأننا لسنا معتادين نحن شاطرين أكثر بالحزن "مش هيك" بعاشوراء وكربلاء ومجالس العزاء بدنا نحاول أن نفرح، لأنه في الحقيقة خصوصاً في هذا القرن الماضي وهذه السنوات ما يعانيه عالمنا الإسلامي وشعوبنا في العالم العربي والإسلامي، وما عاناه على مدى عقود من الزمن شعبنا الفلسطيني وشعوبنا في المنطقة بسبب وجود الكيان الغاصب، لم يَترك مكاناً للفرح ولكن مع ذلك يجب أن نفرح.
النقطة الأولى التي أود أن أشير إليها في المناسبة وأبدأ فيها من فكرة أسبوع الوحدة الاسلامية.
تعرفون كان هناك رأيين حول يوم ولادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قول يقول 12 ربيع الأول وهناك قول يقول 17 ربيع الأول، طبعاً عند إخواننا أهل السنة والجماعة أحباءنا هم يتبنون 12 ربيع الأول.
الشيعة هناك قولين: قول ب17 ربيع الأول وهو المشهور بينهم وهناك قول ب12 نقطة خلاف.
كيف يمكن أن نقوم بجسر بين 12 و17؟ من هنا أُقارب فكرة أسبوع الوحدة بعد انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران بقيادة الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه، والتي اعتبرت من أولوياتها العمل على مشروع الوحدة ومفهوم الوحدة، وفكرة الوحدة، من جملة المصاديق كان هذا الموقف، طيب بدلاً من أن يحتفل الناس ب12 وناس يحتفلون ب17 نعمل أسبوع، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يستحق أكثر من أسبوع لنحتفل بولادته، فَحُول نقطة الخلاف إلى نقطة اجتماع، وعمل جسر بين 12 و17 وصار أسمه أسبوع الوحدة الإسلامية، هذا مثل بسيط لنقاط الخلاف، هذه من أبسط نقاط الخلاف في العالم الاسلامي ولد النبي ب12 أو ب17.
وهذا أمر طبيعي لأنه بذك الزمن لم يكونوا يُدونوا، كانوا يعتمدون على الحافظة كانوا يحفظوا من جيل لجيل وضعف ولم يكن هناك وسائل تواصل مثل الآن في إيصال الخبر. أحيانا تصل الأخبار أيضا متأخرة ولذلك ليس فقط في ولادة النبي صلى الله عليه وسلم هناك أكثر من قول ورأي.
بموضوع ولادة ووفيات الخلفاء، الأئمة، الشخصيات المعروفة، قادة، سلاطين، علماء كبار، موجود من يعرف ويراجع كتب التاريخ يجد أنه لطالما هناك خلاف حول ولادة فلان ووفاة فلان والحدث الفلاني هذا أمر طبيعي، لكن مع الوقت اعتبر ان هذه واحدة من نقاط الخلاف.
الفكرة الأساسية هي كيف إذا توفرت لدينا ثقافة الوحدة، والتقارب، والتعاون، والتضامن، والتعاضد، يمكن أن نُحاول أولاً أن نُركز على نقاط الاشتراك والاتفاق والتفاهم وهذا يمتد أيضاً إلى الموضوع الوطني كما سأتحدث عنه بعد قليل، ليس على مستوى العالم الاسلامي والمسلمين أيضاً على المستوى الوطني في كل بلد، في لبنان، في سوريا، في العراق، في فلسطين، في كل دولنا وبلادنا.
عندما تكون هناك إرادة ايجابية وارادة مخلصة وارادة جادة في الجمع في لَم الصفوف، في توحيد الكلمة، في التضامن والتعاون، هذه الروحية تجعلك تُركز على نقاط الاشتراك والاتفاق، وعندما تذهب لنقاط الاختلاف أو الخلاف حول أي موضوع من الموضوعات يُمكنك التعاطي معه بطريقة إيجابية.
أولاً يمكن أن نرى هل نستطيع أن نقيم جسراً في نقطة الخلاف بين النقطتين مثل أسبوع الوحدة.أو بالحد الأدنى ان نتفهم بعضنا بعضاً عندما نختلف في موضوع، أو فكرة، أو موقف، أو نتفهم ليس فقط نتفهم وإنما نعذر بعضنا بعضاً، إذا اختلفنا يا اخي أنت لديك دليلك وأنا عندي دليلي وأنت لديك حجتك وأنا عندي حجتي لا توجد مشكلة، خير إن شاء الله، أو لا نُعطي لنقطة الخلاف أكبر من حجمها الحقيقي لأنه أحياناً إذا كانت هناك ارادة انقسام، "الواحد يعمل من الحبة قبة" ويعمل من موضوع محدد وصغير يعمل منه قضية استراتيجية وقضية وجودية، بينما التعاطي مع نقاط الاختلاف الفكري أو الثقافي أو الديني أو السياسي أو الوطني أو على مستوى الأمة بحجم نقطة الاختلاف دون تعظيم وتكبير لها، هذا كله إذا كان محكوم بإرادة وروح وثقافة التلاقي والتوحد، يمكن أن نجد له حلولاً ويدفع بوطننا وأمتنا إلى المزيد من الإيجابية.
على المستوى الوطني كذلك هناك الكثير من المشتركات في أي بلد وما في مانع، وأنا أذكر قبل عقود من الزمن كان يحدث جدل في لبنان، أن ما عندنا هو تعدد ثقافي أو تنوع ثقافي، خير ان شاء الله تعد أو تنوع نفس الحقيقة، الآن الواحد يسميها تنوع وآخر يسميها تعدد لا مشاحة في الاصطلاح.
عندما نكون في بلد ما ولدينا تعدد حضاري، تعدد ثقافي، تعدد ديني، تعدد أي شيء تنوع أَسموه، هذا التنوع هذا التعدد انطلاقاً من ارادتنا وثقافتنا وجديتنا يُمكن أن نحوله من تهديد إلى فرصة ويمكن أن نجعله تهديداً.
يُمكن أن نَعتبره أو نتعاطى معه كنقطة ضعف نستسلم أمامها، ويمكن أن نُحوله إلى نقطة قوة إلى ثروة كما كان يقول سماحة الإمام السيد موسى الصدر أعاده الله بخير.
هذه تجربة فكرة اسبوع الوحدة التي حولت إحدى النقاط الخلافية التاريخية إلى نقطة تلاقي.
في المناسبة النقطة الأخرى التي أود أن أتحدث عنها وهي في طبيعة المناسبة، الإخوة اختاروا لهذا الموسم لهذا العام عنوان محمد رحمة صلى الله عليه وآله وسلم.
دعوني أيضاً في بضع دقائق أن أتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل ان أنتقل وهي المناسبة وصاحب المناسبة الأساسي.
في حياة أي انسان في أحداث مهمة أو مناسبات مهمة، أولاً يوم يولد لأنه قبل أن يولد هو ليس موجوداً حتى يكون هناك شيء بالنسبة له مهم أو غير مهم.
يوم يولد هو حدث مهم جداً للانسان، ويوم يموت البداية والنهاية بالنسبة لأي انسان هي مسألة مهمة جداً وحدث مهم جداً بالنسبة لهذا الانسان.
لذلك بالنسبة لنا، بالنسبة لنبينا، ولادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي بداية كل خير وكل رحمة وكل نعمة وكل تحول وكل خير حصل في هذا الوجود بعد اليوم الذي وُلد فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأنها ولادة الانسان الذي كان بوجوده المبارك سبباً لتحولات كبرى في تاريخ البشرية وسبباً للخير والرحمة والبركات اللا متناهية للبشرية في الدنيا والآخرة وليس فقط في الدنيا وسأعود إليها بعد قليل.
بالنسبة لكثير من الناس الذين يُولدون يبدأ حضورهم وذكرهم مع ولادتهم، أحياناً قبل ولادتهم بفترة وجيزة وعندما يموتون، المليارات من الناس بعد أن يموتوا لا ذكر لهم، والقليل من الناس هو الذي يبقى ذكرهم حاضراً على تفاوت في درجة الحضور.
أما محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإن ذكره وحضوره بدأ مع آدم عليه الس،لام منذ بدأ خلق الانسان، فيما هو موجود في رواياتنا الاسلامية عند السنة والشيعة، وفي قضية استغفار آدم عليه السلام ودعاءه وتوسله بهذا الانسان العظيم الذي سيولد من ذريته، ومع الأنبياء والرسل الذين بشروا به واحداً تلو الآخر إلى أن وُلد وبعد وفاته ورحيله عن هذه الدنيا صلى الله عليه وآله وسلم.
بَقي ذكره وسيبقى إلى قيام الساعة حياً قوياً حاضراً ندياً، ببركة انجازاته العظيمة خلال23 عاما وهي فترة وجيزة إذا ما نظرنا من خلالها إلى الانجازات العظيمة، إلى الحفظ الإلهي للقرآن الكريم لكتاب الله الذي فيه ذكر محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
مع كل أذان وإقامة وصلاة وتشهد من أكثر من مليار و500 مليون مسلم في العالم يبقى اسم محمد على مدى الأزمنة والأجيال.
من خلال التضحيات الجسام لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصحابة رسول الله رضوان الله تعالى عليهم طوال التاريخ.
لِكربلاء التي قالت في ختامها زينب في مجلس يزيد " فوالله لا تميت وحينا ولا تمحو ذكرنا وهو ذكر محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ".
إلى أبناءه وحفدته العلماء العظام، كالإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، الذي أيضاً نَحتفل بذكرى ولادته، والذي قُدر له بسبب الظروف السياسية والأمنية التي عاصرها، أن يَفتح كل الأبواب أمام العلم والعلوم الاسلامية والشريعة الاسلامية، ويُبلغ ويُحدث، وبالمناسبة الإمام جعفر الصادق عليه السلام ليس مجتهداً يُقدم رأيه الشخصي، كل ما عند الإمام جعفر الصادق عليه السلام حدثني أبي عن جدي عن أبيه عن جده عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، هذه السلسلة الذهبية.
في كل الأحوال، بعد الوفاة بَقي هذا الحضور قوياً وعظيماً وسيبقى، وسنشهد الحضور الحقيقي والأقوى لهذه الشخصية ولهذا الإسم يوم القيامة، يوم يُبعث الناس ويُحشر الناس كلهم في صحراء واحدة، مليارات البشر التي ستلتقي في ذلك اليوم.
أيها الإخوة والأخوات في حياة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم بين الولادة والوفاة الحدث الأعظم والأهم والأكبر، بل كما يقول الإمام الخميني قدس سره الشريف هو الحدث الأعظم في تاريخ البشرية منذ ان خلق الله آدم إلى قيام الساعة، هو رأيه "هيك" يقول هذا وهو حدث بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
كُلنا يَعرف ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بُعث بالنبوة وله من العمر 40 عاماً، هذه البعثة النبوية عندما بُعث نبياً رسولاً، ليس لقريش فقط ككثير من الأنبياء الذين أُرسلوا إلى أقوامهم.
كثير من أنبياء بني إسرائيل كانوا أنبياء لبني إسرائيل، وكثير من الأنبياء الآخرين كانوا أنبياء لأقوامهم، لم يُبعث لقريش ولا لمكة ولا لشبه الجزيرة العربية ولا للعرب فقط، وإنما للعالمين لكل الناس لمن عاصره ولمن يأتي بعده إلى قيام الساعة.
هذا الحدث، حدث البعثة النبوية، هو أعظم حدث في حياة النبي بل في حياة البشرية، لأن هذه البعثة ختمت الرسالات السماوية وأكملت الرسالات السماوية، وقدمت الدين الإلهي في صيغته الأكمل والأشمل والأوسع والأكثر سماحة.
كُلنا نَعرف أن دين الأنبياء هو دين واحد حتى لو أخذ أسماء متعددة، الدين في بعده العقائدي لأن العقيدة تتحدث عما نؤمن به من حقائق في الوجود وفي الكون.
هذه الحقائق في الوجود وفي الكون لا تتغير من زمان إلى زمان ولا من عصر نبي الى عصر نبي آخر، القيم الإنسانية والأخلاقية المنطلقة من فطرة الانسان لا تتغير من زمان الى زمان هذه أمور ثابتة وباقية في كل رسالات الأنبياء عليهم السلام، ولكن الذي يتبدل هي الشريعة، كيفية العبادة، حدود العبادة، المعاملات، التجارة، البيع، الحرب، السلم، القضايا المالية لأنها ترتبط بتطور الانسان، بحاجات الانسان، بإمكانيات الإنسان، بالتهديدات التي يواجهها بشريا وطبيعيا والى آخره وتتعدد الشرائع، الدين واحد، العقيدة واحدة، القيم الأخلاقية والانسانية واحدة، ولكن الشرائع تتعدد وعندما تأتي شريعة تُعدّل وتنسخ من الشريعة التي سبقتها وتخفف عموماً عما سبق من الشرائع عموماً الأمر كذلك، هذه الشريعة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وآله وسلم، هذا الدين هو دين كل الأنبياء الذين مضوا من آدم عليه السلام إلى نوح الى إبراهيم الى موسى الى السيد المسيح الى كل أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم، اما الشريعة نعم هي شريعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي تقدّمت بأحكام جديدة وشرائع جديدة وفقه جديد ونسخت الكثير من الأحكام السابقة وخففت الكثير من المسؤوليات السابقة.
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: بسم الله الرحمن الرحيم " الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ" – إذاً هناك أمور تم تخفيفها، هناك أثقال تم إنزالها، هناك أغلال تمّ فكّها – " ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".
ولذلك هذه الرسالة الخاتمة، الرسالة الكاملة، الرسالة الشاملة عنوانها الحقيقي وماهيتها الحقيقية هي الرحمة وهنا أعود الى محمّدٌ رحمة، الشريعة السمحاء لماذا؟ لأنه من أهم القواعد في شريعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم الحاكمة على الأحكام الشرعية وعلى كل ما يتصل بالشريعة نفيُ الحرَج، نفي العُسر، أي كل ما يُؤدّي الى حرجٍ ما وإلى عسرٍ ما على الإنسان بحدودٍ معقولة هذه القواعد تبقى حاكمة، الأصل في هذه الشريعة ألا يُكلّف الإنسان بما لا يطيق وأن لا يُطالب بما لا يقدر عليه، وهذا من الرحمة في هذه الشريعة، وكل ما ورد في شريعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالأعم هو مقدور للإنسان بحسب الواقع وبحسب التجربة، الله سبحانه وتعالى يقول له "وما أرسلناكَ إلا رحمةً للعالمين"، نعم لقد كان رحمة، عندما أخرج الناس في شبه الجزيرة العربية في ذلك الجيل من الظُلمات الى النور كان رحمة، عندما اخرجهم من عبادة الأوثان والأصنام الحجرية والخشبية الى عبادة الإله الواحد الأحد الخالق الجبار، كان رسول الله رحمة، كان رحمة لهم في الدنيا وكان رحمة لهم في الآخرة، تصوّروا لو هؤلاء ماتوا عبدة اوثان وكانوا سيُحاسبون يوم القيامة كعبدة أوثان، كان رحمة في إحيائه للقيم الإنسانية والأخلاقية في مجتمع كان يضيق ذرعاً بالمرأة الإنسان بأمه بزوجته بإبنته بأخته حتى بطفلته الصغيرة فيدُسُّها في التراب، احيا القيم الإنسانية والأخلاقية من جديد، احيا نظرة الإنسان الى الإنسان النظرة الحقيقية الى الإنسان الآخر بمعزل عن اللون، عن اللغة، عن العرق، عن الإنتماء الديني، الإنسان الى الإنسان الى المرأة الى الفقير الى أزمة العبيد الحضارية في تلك الأزمنة، شريعته السمحاء التي حرّمت على أولئك الناس وهذا أضحى دين وقانون وأحكام الذين كانوا يستسهلون القتل – للأسف بين هلالين هلق بلبنان وبالمنطقة خلينا نحكي شوي عن بلدنا بس يعني اهون شي الناس تقتل بعضها ليش فلان قُتل؟ اختلفوا على أفضلية المرور، وأوقات أخوة، إثنان أخوة يقتلون بعضهم لأنهم اختلفوا على ورثة أبيهم – هكذا كان الوضع في زمن الجاهلية على أسوأ من ذلك، كان الناس يقتتلون أفراد وعائلات وعشائر وقبائل لأسباب تافهة جداً فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – يعني ما كان في أمن إجتماعي – ولا سكينة ولا طمأنينة، لم يكن يوجد سلام داخلي، ممكن في اي لحظة من اللحظات للإنسان أن يُقتل في مكّة في المدينة في شبه الجزيرة العربية لأنه لم يكن هناك ضوابط أو قوانين أو روادع حتى رادع نفسي او رادع سلطوي، عندما حكم بحرمة الدماء وبحرمة الأموال وبحرمة الأعراض كان رحمة، توحيده للقبائل والعشائر المتصارعة ليصنع منها قوّة ودولة وأمّة وتنعم في ظل هذه الدولة وهذه القوة وهذه الأمّة بكل نعم الدنيا كان رحمة، إصراره على مؤسسة الزواج - لأنو بهيداك المجتمع كانت الدنيا فلتانة جهاراً نهارا – مثلا بعض الأشخاص عندما يأتوا ويختلفوا هذا إبن من؟ يقول لك هذا دُعيَ او نُسِبَ الى أربعة آباء، فلان وفلان وفلان وفلان وفي حينها لم يكن هناك فحص DNA ليعرفوا من هو آباه وهذه حالة كانت شائعة، اليوم هناك من يدفع البشرية الى جاهلية من هذا النوع، قبل أيام كنت أقرأ إحصاء عن إحدى الدول الغربية بدون أن نذكر الإسم لكن للذين يتابعون الإحصاءات يعلمون، خلال هذه السنة تبيّن لديهم أن هناك 51% من الولادات خارج مؤسسة الزواج، تصوّروا غداً مجتمع نصفه أو ثلاثة أرباعه هم أولاد زنى، سواء تحدثنا عن الاسلام أو عن المسيحية او عن أي دين أو عن أي شريعة في النهاية الزواج زواج، خارج مؤسسة الزواج مهما كان عنوان الزواج شرعي مدني لا.. لا..، وهكذا اليوم يراد حتى لهذه القيم أن تنهار، قبل أيام أطلعني بعض الأخوة على وثيقة صادرة من إدارة البيت الأبيض أو من وزارة الخارجية الأمريكية موزّعة منذ مدّة على السفارات الأمريكية في العالم مطلوب منهم أن يذهبوا ويعملوا على موضوع ترويج ثقافة المثلية – يعني هول لوين ماخدين المجتمع البشري – على كل، الإصرار على مؤسسة الزواج وتسهيل بناء العائلة والحفاظ على العائلة بالأحكام وبالإجراءات وبالتوجيهات وبالإرشادات على نقائها على طهارتها على تماسكها هذا من أهم مظاهر الرحمة، حتى العقوبات القاسية التي ينظر بعض الناس اليها ويقولون دينكم دين رحمة حسناً القاتل يُقتل، السارق تُقطع يده على اختلاف فقهي بين المذاهب من أين تُقطع يده، أليست هذه أحكام قاسية تتنافى مع الرحمة التي تدّعونها؟ لا! انظروا اليوم مجتمعنا نضرب مثلاً منه، القاتل يدخل ويخرج لاحقا، يخرج ماذا يفعل؟ يعود ويقتل، لا يقتل واحد، يقتل واحد واثنين وثلاثة واربعة وخمسة ويرتكب مجزرة، أليس هذا ما حصل من عدة أسابيع؟ بدون أن نسمي بأي مدينة وبأي قرية، اليوم السارقين واللصوص والمجرمين يدخلوا الى السجون ستة اشهر، سنة، سنتين، ثلاث سنوات بالكثير، بعدها يخرج ماذا؟ لديه خبرة! لأنه يجلس هناك ويتعلم ويكتسب المزيد من الخبرة والمعرفة، حسناً تصوّروا انتم مجتمع يُعدَم فيه القاتل، هل سيتجرّأ أحد أن يَقتل؟ لكن عندما يصبح القتل سهل وأقصى أمر أنه يدخل السّجن شهر شهرين سنة سنتين ثلاثة ويتعالج وضعه، الذي يسرق نفس الأمر، الذي يقطع طريق الناس نفس الأمر، الذي ينزل الى الطرقات – مسكّر راسو من مشكل – ويحمل رشاش ويبدأ بإطلاق النار على المباني وبعدها إذا دخل السجن يدخل اسبوعين ثلاثة مع العلم أن هذا بالموضوع الفقهي والشرعي من عناوين المفسد في الأرض الذي أحكامه وعقوباته قاسية، العقوبات الإسلامية ظاهرها القسوة وباطنها الرحمة، لأنه من خلال العقوبات الحاسمة تمنع القتل وتمنع السرقة وتمنع الإفساد في الأرض وتمنع الإعتداء على كرامات الناس، اليوم كل المنطقة، لكن المجتمع اللبناني اليوم لا تدري اي ساعة – مين جاي على بالو – ينزل يطلق النار على السيارات على الطرقات على المباني، حسنا أقصى شيء ماذا تفعل، تفضلي يا دولة ويا جيش ويا قوى أمن يعتقلوه ويذهب الى السجن شهر شهرين ثلاثة ويخرج، يعود ويرتكب ما هو أفظع وما هو أبشع، على كل حتى ما ظاهره القسوة باطنه الرحمة، ماهيته رحمة، طبيعته رحمة.
أختم في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأقول أن وجوده كان رحمه، رسالته كانت رحمة، سيرته كانت رحمة، اعماله كلها كانت رحمة، توصيته وعلاقته بالأيتام بالفقراء بالمساكين بالمحتاجين بالعاجزين، لكن الرحمة الأعظم هي في الآخرة التي تتجسد في محمد صلى الله عليه وآله وسلّم، ترون هذه الدنيا مهما حصّل المرء فيها هي دنيا زائفة فانية، أقصى شيء ماذا؟ تحكم الكرة الأرضية؟ وبعدها؟ انتهت الدنيا، المهم تلك الحياة الأبدية الخالدة، التي أحب أن أقول أحياناً مليارات مليارات مليارات مليارات مليارات مليارات مليارات السنين حتى ينقطع النفس ولا حدود لها يعني لا متناهية في تلك الدار في تلك الحياة التي هي آخرة، يوم يأتي الناس ليحاسَبوا على ايمانهم على اعمالهم على ذنوبهم على ما اقترفت ايديهم في ذلك الموقف الصعب يوم الجوع الأكبر، يوم الخوف الاكبر، يوم العطش الاكبر، يوم تَذهل كل مرضعة عما ارضعت وتضع كل ذات حملٍ حملها وترى الناس سُكارى وما هم بسُكارى، في ذاك اليوم نحن المقصرون المذنبون الخاطئون لا يوجد عندنا شيء، يفتح الله سبحانه وتعالى بابا لرحمته الواسعة، يفتح أبواب رحمة لهؤلاء الذين هم الأغلبية الساحقة من الناس، لأننا لا يمكننا ان نتكل على اعمالنا ونعتمد على أعمالنا كما ورد في الكثير من الأدعية، الأنبياء يُشفّعون في أقوامهم، الأنبياء والرُّسل، اولياء الله العظام والكبار يشفّعون، الشهداء يشفّعون هذا موجود في ثقافتنا، الشهداء يشفعون لآبائهم لأمهاتهم لأخوانهم لرفاقهم، لكن بحسب إيماننا الاسلامي نعتقد أن الشافع المشفّع الأوسع الأعظم الأكبر يوم القيامة سيكون سيّد الرسل وخاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم، وهو برحمته ولطفه وعطفه ومحبته سيشفع ويشفع ويشفع ويشفع وهنا محمد رحمة للعالمين، طبعا هذا المعنى هذه الرسالة هي مسؤوليتنا أن نشرحها للناس في الزّمن الذي يُساء فيه الى النبي العظيم صلى الله عليه وآله وسلم، الى دينه الى شريعته من قبل أعداء الاسلام وايضا من قبل جماعات تدعي الانتماء إليه وتقدم أبشع صورة عن الاسلام من خلال ممارساتها التي لا تمت الى الاسلام بِصلة، اليوم في ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أقول: إن مسؤوليتنا جميعا كمسلمين، وبالخصوص مسؤولية العلماء والمثقفين والمفكرين والنخب، وكل من يمكن أن يقول كلمة أو يكتب سطرا أو يعبر في موقف أن نُدافع عن هذا النبي نبي الرحمة وعن دين الرحمة وعن سيرته وعن تاريخيه وعن أهدافه، ولِنُزيل من الأذهان كل ما أُرتكب من قبل هذه الجماعات، لأنني أعتقد انه أخطر ما تعرض له نبينا وديننا خلال مئات السنين.
أيها الاخوة والاخوات ندخل قليلا الى المستجدات، وطبعا لن أطيل عليكم، الموضوع الأساسي هو موضوع الترسيم، في موضوع الرئاسة ليس لدي شيئا جديدا، فلنرى في يمكن أن نقوم به في الجلسة القادمة، وفي موضوع الحكومة ما زُلنا نُصر ونَدعو كل المعنيين الى تشكيل حكومة في الوقت المتاح لأنه هبة باردة وهبة سخنة، يعني تشعر أنه مشي الحال، أنه بعد بضع ساعات او في اليوم التالي صباحا او بعد الغد، وإذ تعود الهبة السخنة تطير الموضوع، على كل حال يجب أن لا نيأس في هذا الأمر.
موضوعنا الاساسي فيما يتعلق بلبنان هو مسألة ترسيم الحدود البحرية وإستخراج النفط والغاز، طيعا قبل أيام قُلت نحن أمام أيام حاسمة، اليوم أقول نحن أمام ساعات حاسمة، الجهة المعنية بالتعبير عن الموقف الرسمي اللبناني هو فخامة الرئيس العماد ميشال عون، بعد التوافق والتشاور مع دولة الرئيس ودولة الرئيس، هم الجهة المسؤولة، ليس أنا وليس غيري تخرج لتقول لبنان وافق على هذا النص النهائي أو لم يوافق على هذا النص النهائي أو ما شاكل..، وبالتالي نحن كلبنانيين وكشعب لبناني بالدرجة الاولى ننتظر إعلان الموقف الرسمي من فخامة الرئيس، وأيضا ننتظر وأنا أعتقد هنا أن الدولة والشعب أيضا ينتظران الموقف الرسمي من قبل حكومة العدو، وإن كان قبل ساعات قيل بان رئيس حكومة العدو اعلن عن موافقته وقبوله بهذا الاتفاق ولكن المهم ماذا سيجري غذا لانه قيل بأنه هناك إجتماع لحكومة مصغرة أو حكومة كاملة، على كل حال هذه التفاصيل تعني العدو، بالنسبة لنا نحن سننتظر، سننتظر المواقف الرسمية، وأكثر من ذلك انا أقول لكم اللحظة التي تذهب فيها الوفود لتوقع في الناقورة كما هو مفترض بالآلية المتفق عليها، بعد ان يحصل هذا التوقيع نستطيع أن نقول هناك إتفاق حصل أو تفاهم حصل، بعد ذلك سنرى الدولة ماذا ستسميه، ستسميه إتفاق ، تفاهم، لا مشاحة في التسمية، المهم المولود، في بعض الاوقات يختلفون على الاسم ولكن المهم المولود ما هو، لذلك بالنسبة إلينا نقول نحن سننتظر، أنا أتكلم هنا من موقع المقاومة، لأنه بالنسبة للعدو يوجد رئيس حكومة العدو يقول أنا موافق، كُلنا تابعنا خلال الاشهر القليلة الماضية وخصوصاً الاسابيع القليلة الماضية تابعنا التصريحات المتناقضة في كيان العدو، الانقاسامات الحادة، بل الاهانات المتبادلة والاتهامات بالتخوين وبالتخلي وما شاكل...، هذا موجود وبالتالي هناك انقسام حاد في الموقف، داخل الحكومة الحالية أيضاً هناك أراء متعددة، نحن لا نعلم ماذا يجري غداً، بعد غد، إلى أن يشاهد اللبنانيين على التلفاز أن الوفود ذهبت إلى الناقورة وانتهى الأمر يجب أن نبقى "محطاطين"، أنا أعرف أنّ كل اللبنانيين يُريدون أن ينجز هذا الموضوع وينتهي، لكن نحن يجب أن "نَحطاط"، لأنه يوجد واحد ممكن أن "يبطل" وأن يُغير رأيه بأي ساعة وبأي لحظة، وما جرى في الأيام القليلة الماضية كما يقول المفاوضون اللبنانيون كانت مفاوضات صعبة وعسيرة، لأنه كان هناك اختلاف على نقاط معينة ومحددة، بعضها قد يكون جوهرياً، بعضها قد يكون شكلياً، لكن لم يكن التوصل إلى اتفاق أو إلى تفاهم أمراً سهلاً وميسراً. لذلك نحن سننتظر.
الآن هناك إعلام اسرائيلي وبعض الإعلام العربي يعمل على فكرة أن حزب الله يُريد أن يخرب الاتفاق وأن حزب الله ليس له مصلحة بالإتفاق وليس له مصلحة بالتفاهم، غريب أن ما زال هناك أناس يتحدثون تلك اللغة، بعد كل السلوك الذي مارسه حزب الله منذ بداية فتح هذا الملف إلى اليوم.
غداً عندما تُنشر النصوص النهائية ممكن أن يكون للناس ملاحظة على بعض الأدبيات، على بعض المصطلحات، بعض النقاش الفني، بعض النقاش القانوني.
بالنسبة لنا كمقاومة ما يعنينا هو الموقف التالي، نحن منذ البداية قُلنا نحن نقف إلى جانب وخلف الدولة اللبنانية في موضوع المطالب اللبنانية، ما يَهمنا عندما يقول المسؤولون اللبنانيون في الدولة اللبنانية أن هذا التفاهم أو هذا الإتفاق يُحقق المطالب الرسمية للدولة اللبنانية بالنسبة لنا تمام ليس عندنا مشكلة، يعني لا أحد يُفكر بطريقة مختلفة على الإطلاق، أنا في هذا الموضوع من اللحظة الأولى وبعد ذلك عندما حصل تصاعد في الخطابات والتهديدات دائماً كنت أقول نحن نريد أن نأكل العنب، وكُنت صريحاً وواضحاً، نحن ما يهمنا هو استخراج النفط والغاز من الحقول اللبنانية، عندما قيل أن هذا مرتبط بالتقسيم قُلنا حسناً اذهبوا إلى الترسيم، وإلا موضوع ترسيم الحدود كلكم تعرفون ما موقفنا الذي لا يحتاج إلى إعادة ذكر وتكرار.
في كل الأحوال، بالنسبة إلينا عندما يقول المسؤولون اللبنانيون وعندما يُعلن فخامة الرئيس الموقف الرسمي اللبناني الموافق والمؤيد لهذا الإتفاق ولهذا التفاهم، بالنسبة للمقاومة تكون الأمور قد أنجزت. لكن إلى ذلك الحين نحن يجب أن نبقى يقظين، وهذه سأعود لها لاحقاً.
بطبيعة الحال، إذا أُنجز التفاهم أو الاتفاق مؤيدو الاتفاق سيتحدثون عن ايجابياته وعن الإنجاز وعن الانتصار وهذا طبيعي، وأيضاً مؤيدو الاتفاق في كيان العدو كما بدأ نفس رئيس حكومة العدو يقول هذا إنجاز تاريخي، طبيعي جداً، وإلا كيف حصل تفاهم، فهذا الطرف سيتحدث عن الإنجازات الكبيرة والمهمة وهذا الطرف سيتحدث عن إنجازات كبيرة ومهمة، لكن نحن جميعاً يجب أن نُقارب هذا الموضوع بموضوعية وبدقة.
بطبيعة الحال، في لبنان أيضاً كما في كيان العدو سيخرج أناس – وهم بدأوا – أن ما هذا وما الذي حصل وتخلي عن الحقوق وتخلي عن الخط 29 وقبلتم... فلينتظروا النص النهائي، لأن هناك أناس خوّنوا واتهموا وهاجموا وأهانوا وشتموا على مواقع التواصل وهم لم يقرأوا أي شيء لا بالعربي ولا بالإنجليزي. في كل الأحوال، أنا دعوتي أنه بعد صدور النص النهائي سينشر لأن هذا ليس من الوثائق السرية وكل شخص يستطيع في لبنان أن يقارب هذا التفاهم ونتائج هذا التفاهم بروح المسؤولية الوطنية المطلوبة ليحكم عليه ايجاباً أو سلباً، لكن أن ينطلق من روح وطنية وليس من تصفية حسابات، إن كان أحد لديه تصفية حسابات مع فخامة الرئيس على سبيل المثال، أو أحد لديه تصفية حسابات مع دولة الرئيس أو الجهة الفلانية أو أحد لديه تصفية حسابات مع المقاومة لأن هناك أناس يحملوننا مسؤولية الخطوط ونحن ليس لدينا علاقة بكل الخطوط لا 23 ولا 29، لأنه إذا سألتني بحرنا أين؟ سَأُجيبك بحرنا يمتد إلى غزة، ونحن والشعب الفلسطيني لن نقسم، وعندما تُحرر فلسطين لن نختلف على الحدود البحرية. أن يقارب الموضوع كما قُلت بروح وطنية وموضوعية وحقيقية. هذا للذين سينتقدون. للذين سيفرحون وهم الأعم الأغلب – على ما أفهم أنا – وهم الأعم الأغلب من الشعب اللبناني الذين سيفرحون بعد الإعلان الرسمي أننا انتهينا والأمور ستذهب إلى التنفيذ وطبعاً لدينا مرحلة جديدة لاحقاً، أيضاً عليهم أن يقاربوا الإنجاز أو الانتصار بروح موضوعية ووطنية، يعني لا أحد منفرداً علة تامة أو سبب وحيد للإنجاز، يعني لا أحد يستطيع أن يقول السبب هو زيد، عمر، بكر، السبب هو كذا، كلا، مثل ما نقول هناك علة مركبة من أجزاء، هناك مجموعة أسباب شكلت لتكون سبباً حقيقياً يُؤدي إلى هذا الإنجاز التاريخي الكبير إن تحقق، وإن شاء الله يتحقق، هنا يجب أن ننظر إلى كل الأسباب وليس هنالك داعٍ من الآن بتوزيع النسب، اليوم نحن أمام تجربة ممتازة جداً في لبنان، تجربة يتعاون فيها الرؤساء رغم كثرة اختلافاتهم، بهذا الملف تعاونوا ووضعوا خلافاتهم جانباً ووضعوا حساسياتهم جانباً وتعاطوا بمسؤولية وطنية والحق يجب أن يقال، نحن أمام تجربة جديدة تعاون فيها الرؤساء، تعاون فيها المسؤولون في الدولة على اختلاف مواقعهم، مؤسسات سياسية وأمنية وعسكرية وإلى آخره، وأيضاً كان هناك احتضان كبير جداً من البيئة الحاضنة للمقاومة بالدرجة الأولى، هذا أمر مهم جداً، أنه عندما تقول المقاومة ممنوع كذا إن لم يحصل كذا ولو أدى إلى الحرب، بالنهاية هذه البيئة الحاضنة هي بالدرجة الأولى كانت ستتحمل مسؤولية تبعات هذا الخيار وهذا القرار الصعب، لكن هذه البيئة دعمت هذا الخيار ودافعت عن هذا القرار، رغم أن هناك أناس كتبوا على بعض مواقع التواصل الاجتماعي وهناك أناس كتبوا مقالات مثبطة للعزائم أنه ماذا يعني إذا حصل حرب؟ يعني كيت، يعني كيت... في الوقت الذي كُلنا نَعلم بأن العدو يخشى هذه الحرب أكثر مما يخشاها اللبنانيون.
إذاً موقف البيئة الحاضنة للمقاومة، موقف أغلبية الشعب اللبناني الذي لم يعترض على هذا الخيار بالحد الأدنى، نحن لم نكن ننتظر من شرائح أو فئات معينة أن تؤيد وتساند وإن كان البعض أيّد وساند وتبنى، لكن كثيرون بالحد الأدنى لم يعترضوا، وهذا بحد ذاته كان أمراً مهماً وملفتاً رغم كل التهديد الإسرائيلي والتهويل الإسرائيلي والتحريض في الداخل على هذا الخيار، الذي هو خيار الوقوف بقوة ومنع العدو من استخراج الغاز والنفط من كاريش قبل الإستجابة لمطالب الدولة اللبنانية، هذا الموقف الشعبي أيضاً يجب أن يُسجل.
ومع الدولة وقبلها وبعدها يجب أن يكون حاضراً وبحقه الطبيعي المقاومة التي جسدها قادتها ومجاهدوها وأبطالها على مدى الأيام والأسابيع والشهور الماضية، هذ كله يجب أن يتم الاقتراب منه بموضوعية. نحن إذاً أمام تجربة تقول: التضامن الرسمي، التضامن الوطني، وقفت الدولة والمقاومة والشعب والجيش – نعود إلى المعادلة – بموقف صعب من هذا النوع، في ظل ظروف إقليمية ودولية لا أحد بالكرة الأرضية يسأل عن لبنان ولا عن حقول النفط والغاز في المياه اللبنانية ولا عن الحدود البحرية اللبنانية ولا عن مصير الشعب اللبناني وكل دولة في العالم مشغولة بنفسها ومشغولة بالتشاء القادم وبالنفط والغاز وبالعودة إلى الفحم الحجري وبانقطاع الكهرباء، كلنا سمعنا منذ يومين الرئيس ماكرون كيف يعترض على أصدقائه الأميركيين ويقول لهم نحن أصدقاء وأحباء وأصحاب ولكن لا يجوز أن تبيعونا النفط والغاز بأسعار أربع مرات عما تبيعوه بأسواقكم. كل العالم اليوم مشغول بنفسه. في مقطع زماني لا أحد متفرغ للبنان، لا جامعة دول عربية وهي لم تكن متفرغة للبنان بيوم من الأيام، ولا عالم عربي ولا مجتمع دولي ولا... ولا... سيتمكن لبنان إن شاء الله من الحصول على هذا الإنجاز الكبير.
أنا دعوتي لكل القوى السياسية ولكل المواقع السياسية ولكل المؤسسات الإعلامية خصوصاً جماعة شبكات التواصل الاجتماعي عندما يقام إن شاء الله عرس وطني بالإنجاز لا تخربوه، يعني بدل أن نشكر بعضنا نُؤذي بعضنا أو نُسيء لبعضنا أو نتهم بعضنا لأنه هكذا يحصل أحياناً، وأحياناً للأسف الشديد شخص غير معروف من أين ويمكن أن يكون جيش إلكتروني إسرائيلي أو لا أعرف بأي مكان في العالم يأخذ كل جماعة التواصل الاجتماعي إلى معركة طاحنة لها أول وليس لها آخر بين اتجاهات سياسية وجماعات سياسية ولا أحد من قيادات هذه الجماعات عنده علم. لذلك يجب أن نتعاطى مع هذا الملف بهذه المسؤولية.
إلى ذلك الحين، يجب أن أذكر كما ذكرت قبل قليل مجاهدي المقاومة، أيها الإخوة والأخوات لعلمكم، لأن هذا كان بعيداً عن الاستعراض وبعيداً عن العلن، نحن خلال هذه المرحلة كلها بعد موضوع المسيرات لم نكن بحاجة لا لإرسال مسيرات ولا لإرسال قطع بحرية ولا القيام بأي شكل من أشكال المناورات في البحر أو في البر لأن الهدف منذ البداية كان إفهام العدو أن المقاومة جادة فيما قالت، أنا ذكرت وقتها وخرج أحد في لبنان وقال أن هذا كلام فارغ وهذه حرب نفسية ولا يوجد شيء كهذا ولا يستطيعوا أن يفعلوا شيء، وللأسف هؤلاء يُقدمون استشاراتهم العبقرية للسفارات وهؤلاء ينقلون للإسرائيلي والإسرائيلي يتابع الإعلام اللبناني وما يقال في الإعلام اللبناني وتسعده هذه الأصوات، المقاومة اكتفت خلال كل الفترة الماضية على المستوى العلني بموضوع المسيرات لتثبت الجدية واقتنع الاسرائيلي بالجدية، لكن هناك أمور كثيرة قامت بها المقاومة شاهدها الإسرائيلي وأدركها وشعر بها وسمع بها ولم يسمع بها الناس لأن الهدف هو أن يفهم الإسرائيلي جديتنا ولا نريد أن نقلق الناس من خلال بعض الأنشطة التي توصل هذه الرسالة. أضف إلى ذلك، جدياً نحن كنا نضع أنفسنا أمام احتمال أن لا تصل الأمور إلى النتيجة المطلوبة، فإذاً سنذهب إلى تنفيذ إلتزامنا وقرارنا ووعدنا ولذلك عمل الإخوة خلال الأشهر القليلة، القادة والكوادر والمجاهدون في المقاومة الإسلامية، أناس كُثر كانوا يذهبون وينامون في منازلهم ولكن هؤلاء خلال الأشهر الماضية عملوا في الليل وفي النهار لنكون جاهزين لتنفيذ العمل، لنكون جاهزين لردات الفعل المتوقعة من العدو، لنكون جاهزين إلى ما هو أبعد وإلى ما هو أخطر، وبالفعل سهروا وتعبوا وبذلوا جهوداً مضنية، جهود سنوات نفذت خلال أشهر قليلة، وأنا أريد أن أستعجل شكر هؤلاء الإخوة الذين أقول لهم أنتم أيضاً ستبقون على جهوزيتكم، على إجراءاتكم، على تدابيركم، على يقظتكم، لن يتغير شيء إلى أن نرى بأم العين أن التفاهم قد وُقّع وبعد التفاهم يوم آخر.
أيضاً في موضوع النفط والغاز قبل أن أنتقل إلى النقطة الأخيرة. في موضوع النفط والغاز، في الوقت الذي تسير فيه المفاوضات عند المسؤولين، الرؤساء يُديرون المفاوضات والمقاومة تعمل على جهوزيتها وتحضيراتها وترتيباتها حصل كثير من النقاش في لبنان، من الآن لم نستخرج نفط ولا غاز ولم نبع ولم نشتري وبدأ الجدال أن النفط والغاز ومال النفط والغاز أين سيذهبوا؟ طبعاً ليس هناك مشكلة بهذا النقاش، أن يبدأ مبكراً هذا جيد لأن الوقت يمر بسرعة إخواني وأخواتي، الآن هناك أناس تقول يعني كم نحتاج؟ سنة، سنتين، ثلاثة، أربعة، خمسة؟ من عدة أيام بدأت هذه المصائب والآن أصبح لها ثلاث أربع سنوات، بغمضة عين يمر الزمن، ليس هناك مشكلة، إذا حقيقة وهذا الذي يجب أن يحصل وهذه مسؤولية الدولة ومعها المقاومة أنه يجب أن نتابع وليس أنه وقعنا بالناقورة وانتهينا ويا فرحتنا، أين الشركات التي ستبدأ الاستكشاف والحفر والتنقيب؟ نحن في صراع مع الزمن، لأنه كلنا تحدثنا والكل أصبح مسلم به والذي لا يقول هذا مُكابر، أن أمل اللبنانيين الوحيد للخروج من أزمتهم الاقتصادية المالية النقدية المعيشية هو هذا الباب، غير واضح إن كان هناك باب آخر، لا صندوق النقد الدولي سيستطيع أن يخرج لبنان من هذه الحفرة العميقة الذي هو فيها ولا المجتمع الدولي المشغول بنفسه وغداً يمكن أن تضطروا أن تجمعوا مساعدات وتبرعات لبعض الدول التي كنا نتوقع منها أن تقدم لنا قروض ومساعدات للبنان، لا نعرف التطور الذي يحصل بين روسيا وأوكرانيا وأوروبا وأميركا إلى أين سيصل؟
بكل الأحوال، هذا نقاش حقيقي وأمل حقيقي.
لذلك أنا أقول الليلة للبنانيين جميعاً، نعم هذه مسؤولية جدية معكم حق، كل شخص يقلق ويخاف معه حق، لأن الفساد في البلد، الهدر في البلد، مليارات الدولارات التي ضاعت في البلد، هذا حصل في بلدنا وليس في بلد آخر، وبالتالي نحن نحترم كل من يعبر عن خوفه وقلقه ونحن منهم، من الذين يعبرون عن الخوف والقلق، هذا ماذا يرتب؟ يرتب مسؤولية وطنية الآن بالدرجة الأولى على مجلس النواب، وأنا أعرف أنه بدأ نقاش في اللجان المختصة في مجلس النواب حول اقتراحات تقدمت بها عدد من الكتل النيابية حول هذا الموضوع بالخصوص فكرة تشكيل صندوق سيادي، طبعاً كثير من الدول المحترمة في العالم لديها تجربة مهمة جداً في موضوع الصندوق السيادي، في موضوع المال الذي يُكسب من النفط والغاز، يجب أن نستفيد من تجارب هذه الدول لأن هذه علوم إنسانية وتجارب بشرية لا أن نبدأ من الصفر، يجب أن نستفيد من تجارب الدول، يجب أن نناقش من الآن بجدية وواقعية ويجب أن نتصرف أيضاً بروح مسؤولية ووطنية، يعني هذا الموضوع يجب أن يقارب بأن هذه ثروة وطنية لا تملكها طائفة ولا قوى سياسية معينة ولا جهة معينة ولا منطقة جغرافية معينة، كل غاز ونفط يخرج من أي منطقة في لبنان هي ملك لبنان، ملك الشعب اللبناني كله ويجب أن يقارب هذا الموضوع بروح المسؤولية ونحن إن شاء الله في هذه المسألة أيضاً أعدكم وأقول لكم بالتعاون مع كل الأصدقاء ومع كل القوى السياسية والكتل النيابية سواءً في المجلس النيابي أو في الحكومة ومع فخامة الرئيس الجديد المنتخب، يعني مع كل أركان الدولة، يجب أن نتحمل جميعاً مسؤولية تحصين هذا المال الذي سينزل في صندوق لبناني، لِيكون وهو ملك الأجيال وليس ملك لهذا الجيل، لِجيل واحد، هذا المال يُعول عليه وتبنى عليه امال كبيرة، ويجب أن تُناقش الأُمور من موقع الآمال الكبيرة.
المسألة الأخيرة التي يجب أن نتوقف عندها ولو بإيجاز أيضاً، التطورات في فلسطين، أما تطورات المنطقة والوضع الدولي فإنه سوف نتكلم عنها لاحقاً إن شاء الله، التطورات في فلسطين لأنه ما يجري اليوم في الضفة الغربية وفي القدس على درجة عالية جداً من الأهمية أيها الإخوة والأخوات، لكن كي أختم الموضوع السابق لذلك الليلة لن نهدد ولن نتوعد ولا شيء، الليلة رايقين، الليلة فرح وتصفيق فقط، وأنا كنت حريص في كل كلمة أقولها هذه الليلة أن لا أقول أي شيء يُمكن ان يستفيد منه العدو، لأنه مثل ما بدأنا نريد أن نختم، نُريد أن نأكل العنب، القصة ليست الآن قصة استعراض عضلات ولا أن السيد يُعلي السقف أو يُعلي الدوز ولا شيء، ها نحن "رايقين" ان شاء الله، نربح نحن وإياكم. بالموضوع الفلسطيني ما يجري في الضفة الغربية على درجة عالية جداً من الأهمية وطبعاً هو صادم لكيان العدو، لكل القوى السياسية في كيان العدو، لأنهم اعتبروا خلال العقود الماضية أنه خلص الضفة بالتعبير اللبناني تم تدجينها، وأن الضفة إنتهت ودخلت في مرحلة السكون والخمود والركود، ولن يأتي يوم تستطيع هذه الضفة بسبب الصعوبات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تحيط بها أن تقف على قدميها وتقاتل، اليوم في الضفة الغربية مقاومة شعبية حقيقية وانتفاضة شعبية حقيقية، مقاومة بالسلاح والرصاص وبالعبوات! وهذا تطور مهم حصل في الأيام القليلة الماضية، كان الذي يحصل في الضفة، كل جمعتين أو ثلاثة أو شهر عملية، اليوم كل يوم يوجد عملية وكل يوم توجد عمليتين وثلاثة، جيش العدو الآن عينه وعقله كله أين؟ في الضفة، ما نشهده من مقاتلي ومجاهدي ومقاومي الضفة شجاعة عالية منقطعة النظير واإبداع، وليس فقط شجعان وقبضايات، أيضا مبدعون، بالطريقة التي يقاتلون فيها ويحضرون فيها ويواجهون فيها، وهذا كله يظهر على شاشات التلفزة بالأعم الأغلب، عمليات يومية، شهداء في كل يوم، معتقلون في كل يوم، ومداهمات للبيوت والمدن والقرى والمخيمات ومع ذلك العمليات تتصاعد، والإرادة تتجوهر أكثر، المهم هنا تأثيرات هذه العمليات وهذه الإنتفاضة على كيان العدو وعلى مجتمع العدو وعلى جيش العدو، طبعاً الكثير في لبنان لا يُتابعون ماذا يقول الإسرائيلي في هذا الموضوع، لأننا مشغولين بأنفسنا، لكن لها تأثرات مهمة وعظيمة جداً، المقاومة هنا عمل تراكمي، رسالة الضفة الغربية اليوم والقدس رسالة قوية جداً، بعد رسائل غزة، المقاومة اليوم في الضفة هي تحتاج الى كل تضامن، ولو تضامن اعلامي ولو تضامن سياسي ولو تضامن شعبي ومعنوي، واذا لدى الشخص مالا يجب ان يتضامن ماليا وحتى لو لم يكن لديه المال، التضامن السياسي والاعلامي والشعبي مهم جدا، خصوصا في مناخات التطبيع، المقاومة اليوم في الضفة والقدس تحتاج الى التضامن والرعاية والدعم والحماية، ولديها ان شاء الله القدرة على تغيير المعادلات وتُعلق عليها الكثير من الآمال.
هنا في الموضوع الفلسطيني يجب أن أُبارك للإخوة في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين قيادةً ومجاهدين وجمهور وقواعد، وخصوصاً للأخ الأمين العام العزيز الحاج زياد النخالة في الذكرى السنوية لتأسيس هذه الحركة المجاهدة، التي كان لها مساهمتها الكبيرة في سيف القدس، والتي كانت في مقدمة المواجهة في معركة وحدة الساحات، نُبارك لهم تأسيسهم وإنطلاقتهم، والتي هي جزء أساسي من حركات المقاومة في فلسطين التي تُعلق عليها الآمال.
أيضا يجب أن أعود وأقول نحن نُكبر موقف الإخوة في قيادة حركة حماس، والبيان الأخير الذي صدر عن قيادة الحركة، والذي دعا الى تعزيز العلاقات مع سوريا، نحن نَعتقد أن هذا القرار من قيادة حركة حماس وعلى رأسها رئيس المكتب السياسي الأخ العزيز الأستاذ إسماعيل هنية، وإخوانه في قيادة الحركة، هو قرار شجاع وحكيم وصحيح وسليم، لأننا اليوم في فلسطين وفي الشعب الفلسطيني وفي المقاومة الفلسطينية وفي المنطقة وفي محور المقاومة أحوج ما نكون إلى إعادة جمع الصفوف وإعادة لَم الشمل وإعادة التموضع في المواقع الصحيحة، بطبيعة الحال في المكان الآخر وحتى عند بعض أصدقائنا وحلفائنا وأحبائنا قد يكون للبعض ملاحظات، وقد يكون لديهم أسباب عاطفية أوأسباب سياسية، في كل الأحوال هذا القرار لم يكن سهلا بالنسبة لقيادة حركة حماس، وأيضاً هو ليس قراراً سهلاً بالنسبة للقيادة السورية، لكن أنا أقول لكم، القرار الحقيقي إن شاء الله هو العزم بإتجاه لَم محور المقاومة بحكوماته بدوله بجيوشه بحركاته بفصائله، نحن نسير في هذا الاتجاه حُكماً، وهذا ما يرتبط به مصيرنا جميعاً في هذه المنطقة، اليوم أكثر من أي زمن مضى أمام التداعيات العالمية والدولية للصراع الروسي الأوكراني الأوروبي الغربي الأميركي، الذي لا نَعرف الى أي مدى يمكن ان يصل اليه، لأنه في النهاية لكل واحد لديه تقييمه وتقديره للموقف، في ظل هذا الوضع الدولي والوضع الإقليمي عنصر القوة الأساسي الذي يحمي شعوبنا ودولنا وأوطاننا وحدودنا وقضايانا، هو عندما يتماسك هذا المحور ويتضامن هذا المحور ويتعاضد هذا المحور، ويمكن نعم أن نَكون دائماً حاضرين في زمن الإنتصارات وفي الزمن الذي ولى فيه عصر الهزائم، ولذلك هذه خطوة نُؤيدها ونُساعد فيها ونُدافع عنها ونُباركها، ونَعتقد أنها خطوة مهمة جداً على هذا الطريق.
أيها الإخوة والأخوات، في هذه الذكرى الطيبة والعطرة إن شاء الله ما نَتمناه لشعوبنا ومنطقتنا ودولنا وحكوماتنا نتمنى كل خير، نحن نتمنى أن تُصغي قوى التحالف المُعتدية على اليمن لِنداء وخطاب القائد العزيز السيد عبد الملك الحوثي في الأيام القليلة الماضية وفي ذكرى المولد النبوي الشريف، وأن يعرفوا أن هذا الشعب وهذا الجيش وهذه المقاومة الشعبية قطّعت قصة أننا نَقدر أن ندخل ونأخذ صنعاء في أسبوعين، هذا الموضوع إنتهى، هذه العروض العسكرية كانت رسالتها واضحة، وهذا الحشد العشبي الهائل كانت رسالته واضحة، ما نتمناه كل خير للشعب اليمني والشعب الفلسطيني والشعب السوري والشعب العراقي والشعب الإيراني والشعب البحريني ولكل شعوب منطقتنا وعالمنا العربي والإسلامي، بتعاوننا وطبعاً اللبناني المَدعو إلى التصرف بمسؤولية ووطنية وبروح عالية وبإخلاص وبعيدا عن الحسابات الشخصانية والحزبية والفئوية والطائفية، وأن يستفيد من التجربة التي نَعيشها هذه الأيام، لِيكتشف الجميع أننا نَملك من القوة إذا تضامنا ما نَصنع به نصراً تلو نصرٍ إن شاء الله.
كل عامٍ وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.