لم يغفل الدين عن تقديم منظور محدد للأرض التي يعيش عليها الإنسان ولكيفية التعامل معها، وفيما يلي من عناوين يمكن أن نخرج بحصيلة واضحة حول رؤية النصوص الدينية للبيئة، التي هي أحد الأبعاد الجوهرية للأرض، ولكيفية النظر إليها:
1-البيئة خلقت بدقة بالغة ومتوازنة: خلق اللَّه سبحانه وتعالى البيئة وأحكم صنعها بدقة بالغة من حيث الكم والنوع والخصائص والوظيفة.
قال تعالى: "... صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ..."([1]). فكل عنصر من عناصر البيئة بهذا القدر وبهذه الصفات كما حددها تعالى يكفل لهذه العناصر أن تؤدي دورها المحدد والمرسوم لها من قبل الخالق القدير، في المشاركة البنّاءة في الحياة في توافقية وانسجامية غاية في الدقة والتوازن: "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ"([2]).
"... وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا"([3]). هذا التقدير البالغ الدقة الذي هو من صنع حكيم خبير هو الذي يعطي لكل عنصر أو مكوّن من مكوّنات البيئة طبيعته الكمية والنوعية ووظيفته وعلاقته بالمكونات الأخرى.
2- البيئة خلقت مسخّرة لخدمة الإنسان: خلق اللَّه البيئة وذللها سبحانه وتعالى وسخّرها لخدمة الإنسان: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"([4]).
"أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً..."([5]). فالبيئة وفق هذه الايات وغيرها، بأرضها وسمائها ومائها وهوائها وجمادها ونباتها وحيواناتها، كل ذلك قد خلقه الحق تبارك وتعالى مسخّراً مذلّلاً للإنسان.
3- البيئة يحفظها اللَّه تعالى: فالبيئة التي خلقها تعالى لتفي بكل متطلبات الإنسان، قد حفظها اللَّه تعالى وحماها من مخاطر كثيرة كالإشعاعات الكونية الفضائية والشهب والنيازك.
قال تعالى: "وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ"([6]). فاللَّه تعالى أتقن صنع البيئة وأحاطها بدروع واقية من الأخطار القادمة من الفضاء، هذه البيئة هي نعمة مهداة من اللَّه تعالى يجب شكرها ومقتضى شكرها أن نسعى إلى حمايتها والمحافظة عليها، لذا حذّر تعالى كل من يسيئ استخدامها أو يفسدها أو يبدلها بالعقاب الشديد: "... وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ"([7]).
البيئة، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) النمل:88.
([2]) القمر:49.
([3]) الفرقان:2.
([4]) الملك:15
([5]) لقمان:20.
([6]) الانبياء:30.
([7]) البقرة:211.