يتم التحميل...

عيد الشكر والامتنان لله عز وجل

عيد الفطر

عيد الشكر والامتنان لله عز وجل

عدد الزوار: 509

-   عن جوائز العيد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "إذا كان أول يوم من شوال نادى منادٍ: أيها المؤمنون اغدوا إلى جوائزكم، ثم قال: جوائز الله ليست بجوائز هؤلاء الملوك... هو يوم الجوائز([1]).

-   وعن أصحاب الجوائز ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: إنما هو عيد لمن قبل الله صيامه وشكر قيامه، وكل يوم لا يعصى الله فيه هو عيد([2]).

"من قَبِل الله صيامه" هو من تعلم من مدرسة الصيام أن يحقِّق التقوى والمنعة فيحافظ على مكتسبات شهر رمضان حتى لا يكون كمن يزرع ويزرع ويسقي ويسقي وحينما يكبر زرعه يحرقه بيده.

وهذا ما أرشد إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) حينما قال لأصحابه: من قال سبحان الله زرع الله له شجرة في الجنة، فقال أحدهم إن شجرنا في الجنة لكثير، فإذا بالنبي (صلى الله عليه وآله) يجيب: نعم، ولكن إياكم أن ترسلوا إليها نيراناً فتحرقوها([3]).

"ومن شكر قيامه" هو من تعلَّم في مدرسة شهر رمضان أن يقوم بين يدي الله تعالى شاكراً له نعمه واليوم يشكر الله شكره.

اليوم هو عيد الشكر لله تعالى والذي يتحقق من خلال أمور:

أولاً: معرفة النعم الإلهية الكبرى علينا،
والإذعان بعجزنا عن أداء شكر الله عليها، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): فيما أوحى الله عزّ وجل: يا موسى اشكرني حق شكري، فقال: يا رب وكيف أشكرك حق شكرك، وليس من شكر أشكرك به إلا وأنت أنعمت به عليَّ قال: يا موسى، الآن شكرتني حين علمت أن ذلك مني([4]).
 
ثانياً: اجتناب المحارم، ففي الحديث: شكر النعمة اجتناب المحارم. والله تعالى يحب ترك الحرام أكثر من فعل الطاعة، ففي الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله): ترك لقمة حرام أحب إلى الله من صلاة ألفي ركعة تطوعا([5]).
 
ثالثاً: السلوك العملي، قال الله تعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرً﴾([6]).

ومن العمل المحبوب عند الله في هذا اليوم: صلة الرحم ومساعدة المحتاجين.
 
رابعاً: شكر المنعمين، فعن الإمام زين العابدين (عليه السلام): يقول الله تبارك وتعالى لعبد من عبيده يوم القيامة: أشكرت فلاناً؟ فيقول: بلى شكرتك يا رب، فيقول: لم تشكرني إذ لم تشكره([7]).

من هنا فإننا في هذا العيد:
1- نشكر آباءنا وأمهاتنا على ما قاما به وأنعما علينا من مِنن عظيمة امتثالاً لقوله تعالى: ﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾([8]).

2-  نشكر آباء الأمة الكبار، فإذا كان الأب أباً لعطائه على أولاده، فإن أكبر عطاء للأمة الإسلامية جاء من رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) ومن أكمل تبليغ رسالته بعده، لذا قال خاتم الأنبياء: أنا وعلي أبوا هذه الأمة([9]).
-  فشكراً لك يا رسول الله في هذا العيد على كل عطاياك، وجزاك الله خيراً، وسنبقى لك شاكرين، وكلما ذُكِرَ اسمك سنبقى عليك مصلين.

-  وشكراً لك يا أمير المؤمنين على كل جهادك وصبرك، عسانا ننعم يوم القيامة بظل رايتك، والاغتراف من حوضك، وبصك البراءة بولايتك.

-  وأمام شكر الآباء الكبار نشكر في هذا العيد شريك صلاة العيد الذي أولد الإسلام ولادة ثانية من كربلاء، ولولاه لما بقي للإسلام من أثر، ولما صدح مؤذن العيد بالتكبير والتهليل، من هنا ورد في هذا اليوم استحباب زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) نقدمها باقة شكر بين يديه متوجهين نحو مرقده الشريف مسلِّمين عليه:

"السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله السلام عليك يا وارث نوح أمين الله السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله السلام عليك يا وارث موسى كليم الله السلام عليك يا وارث عيسى روح الله السلام عليك يا وارث محمد صلى الله عليه وآله حبيب الله السلام عليك يا وارث علي حجة الله".

-   وأمام شكر الآباء الكبار نشكر صاحب ليلة القدر وصاحب العيد الحقيقي، من تُعرض عليه أعمالنا، ويواكبنا في مسيرة حياتنا، وننتفع به من غيبته كما ننتفع بالشمس تظللها السحاب ولعل ما ورد من استحباب لقراءة دعاء الندبة في عيد الفطر يعبِّر عن نوع من هذا الشكر وعن التطلع للأمل القادم بإزالة العدوان واتحاد الأمة وفتح باب الكمال الإنساني نحو الله تعالى، فنقول فيه: أين بقية الله... أين المرتجى لإزالة الجور والعدوان أين قاصم شوكة المعتدين، أين جامع الكلمة على التقوى. اللهم إنا نرغب إليك بدولة كريمة تُعز بها الإسلام وأهلها وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك وترزقنا فيها كرامة الدنيا والآخرة، برحمتك يا أرحم الراحمين.
 
سماحة الشيخ د. أكرم بركات


([1]) الكافي، الشيخ الكليني، ج ٤، ص ١٦٨.
([2]) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج ٨٨، ص ١٣٦.
([3]) الأمالي، الشيخ الصدوق، ص ٧٠٥.
([4]) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج ٦٨، ص ٣٦.
([5]) ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج ١، ص ٥٩٧
([6]) سورة سبأ: 13.
([7]) ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج ٢، ص ١٤٩٣.
([8]) سورة لقمان: 14.
([9]) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج ٣٦، ص ١١.

2022-05-02