عَنْ الإمام الصادق (عليه السلام) فِي قَوْلِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ: ﴿ولِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّه جَنَّتانِ﴾، قَالَ: «مَنْ عَلِمَ أَنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ يَرَاهُ ويَسْمَعُ مَا يَقُولُهُ ويَفْعَلُهُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، فَيَحْجُزُهُ ذَلِكَ عَنِ الْقَبِيحِ مِنَ الأَعْمَالِ، فَذَلِكَ الَّذِي ﴿خافَ مَقامَ رَبِّه ونَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى﴾».
أعظمُ أبوابِ القُربِ إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ، والفوزِ برضاه، اجتنابُ ما حَرَّمَهُ على الناس، فقد رُوي عن الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «فِيمَا نَاجَى اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ بِه مُوسَى (عليه السلام): يَا مُوسَى، مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ الْمُتَقَرِّبُونَ بِمِثْلِ الْوَرَعِ عَنْ مَحَارِمِي، فَإِنِّي أُبِيحُهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ، لَا أُشْرِكُ مَعَهُمْ أَحَداً».
ويتحقّقُ ذلكَ مِن خلالِ مخالَفةِ أيِّ حرامٍ قد تهواهُ النفسُ أو تميلُ إليه، بأن يكونَ الإنسانُ قادراً على التحكُّمِ بهذا الهوى، فعن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «فاملكْ هواكَ، وشُحَّ بنفسِكَ عَمّا لا يحلُّ لك؛ فإنّ الشُّحَّ بالنّفسِ الإنصافُ منها فيما أَحَبَّتْ أو كَرِهتْ».
ومتى كان اللهُ عَزَّ وجَلَّ حاضراً في حياةِ الإنسان، كان مالكاً لهواهُ أن يَذهَبَ به الشيطانُ إلى المعاصي، فقد رُويَ عن الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «مِنْ أَشَدِّ مَا فَرَضَ اللَّه عَلَى خَلْقِه، ذِكْرُ اللَّه كَثِيراً، ثُمَّ قَالَ: لَا أَعْنِي «سُبْحَانَ اللَّه، والْحَمْدُ لِلَّه، ولَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه، واللَّهُ أَكْبَرُ»، وإِنْ كَانَ مِنْهُ، ولَكِنْ ذِكْرَ اللَّهِ عِنْدَ مَا أَحَلَّ وحَرَّمَ؛ فَإِنْ كَانَ طَاعَةً عَمِلَ بِهَا، وإِنْ كَانَ مَعْصِيَةً تَرَكَهَا».
وطريقُ حفظِ المؤمنِ لدِينِهِ هو في هذا الاجتنابِ، فعن الإمامِ الصادقِ (عليه السلام): «اتَّقُوا اللَّهَ، وصُونُوا دِينَكُمْ بِالْوَرَعِ»، فهو بابُ قَبولِ العباداتِ والصالحاتِ مِن الأعمالِ عندَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، فقد رُوي عن رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله): «لو صلّيتم حتى تكونوا كالأوتار، وصمتم حتى تكونوا كالحنايا، لم يقبلِ اللهُ منكم إلّا بوَرَع». وفي روايةٍ أخرى عنهُ (صلى الله عليه وآله): «مَن لم يكن له وَرَعٌ يردُّهُ عن معصيةِ اللهِ تعالى إذا خلا بها، لم يَعبَأِ اللهُ بسائرِ عملِه، فذلكَ مخافةُ اللهِ في السِّرِّ والعلانية، والاقتصادُ في الفقرِ والغنى، والعدلُ عندَ الرضا والسخط»، وهو بابُ دوامِ النعمِ وحفظِها من الزوالِ والضياع، هو بهذا الطريق، فعن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «واستتمّوا نِعَمَ اللهِ عليكم بالصّبرِ على طاعتِه، والمجانَبةِ لمعصيتِه».
كما أنّ العِلمَ بمخاطرِ عدمِ الاجتنابِ عنِ المحارمِ، يَردَعُ الإنسانَ عنِ الوقوعِ فيها، فقد روي عنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام) في قَوْلِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ: ﴿وقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناه هَباءً مَنْثُور﴾، قَالَ: «كَانُوا إِذَا عَرَضَ لَهُمُ الْحَرَامُ لَمْ يَدَعُوه».
وكذلكَ النظرُ إلى الثوابِ الأخرويِّ الذي جعله اللهُ عَزَّ وجَلَّ لِمَن يُوفَّقُ إلى ذلك، وأهمُّ ما فيه أنه سوف يكونُ مِن أهلِ الرضا في الآخرة، فعنِ الإمامِ الصادقِ (عليه السلام)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّه (صلى الله عليه وآله): «مَنْ تَرَكَ مَعْصِيَةً لِلَّه مَخَافَةَ اللَّهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى، أَرْضَاه اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين