لماذا يجب علينا معرفة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)؟
إضاءات إسلامية
لماذا يجب علينا معرفة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)؟
عدد الزوار: 124
لو فتّشنا الكتب الروائيّة والكلاميّة لعثرنا على روايات كثيرة في كتب الشيعة والسنّة تدلّ على وجوب معرفة الإمام وحجّة الله على الأرض، ثمّ متابعته والاقتداء به، وإن فسّر كثير من علماء العامّة هذه الروايات الواردة عن النبيّ بالخلفاء والحكّام.
ولكنّ الشيعة تعتقد بأنّ المقصود من الإمام في هذه الروايات هم الأئمّة المعصومون (عليهم السلام)، ولهذا يعتقدون بلزوم معرفته، حيث إنّ معرفته (عليه السلام) هو جزء من معرفة الأئمّة الإثني عشر، كما أشار النبيّ إلى عددهم قائلاً لسلمان الفارسي: «الأئمّة بعدي إثنا عشر»، ثمّ قال: « كلّهم من قريش، ثمّ يخرج قائمنا فيشفي صدور قوم مؤمنين، ألا أنّهم أعلم منكم، فلا تعلّموهم ألا انّهم عترتي، من لحمي ودمي، ما بال أقوام يؤذوني فيهم، لا أنالهم الله شفاعتي»([1]).
وكان الإمام الحسن (عليه السلام) يقول: «الأئمّة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إثنا عشر، تسعة من صلب أخي الحسين، ومنه مهدي هذه الاُمّة»([2]).
إذاً فالمراد من الإمام والأئمّة هم المعصومون (عليهم السلام)، وأمّا علّة وجوب معرفة الإمام في كلّ زمان فكما يلي:
1 ـ الصون من الإنحراف والضلالة
إنّ معرفة الإمام المهدي ـ أرواحنا فداه ـ تأخذ أهمّيتها في الوقت الذي يشعر به النّاس إبتلاءهم بالفساد والضلالة على إثر الإبتعاد عن إمامهم، وأنّ الخلاص من هذا المأزق الخطر سوف لن يكون إلاّ عن طريق الإقتداء بالإمام (عليه السلام).
قال الإمام الكاظم (عليه السلام): «ما ترك عزّ وجلّ الأرض بغير إمام قطّ منذ قبض آدم (عليه السلام)، يُهتدي به إلى الله عزّ وجلّ، وهو الحجّة على العباد، من تركه ضلّ، ومن لزمه نجا، حقّاً على الله عزّ وجلّ »([3]).
وكتب العمري إلى أبي عليّ بن محمّد بن همام ما يبيّن ضرورة هذه المعرفة، قائلاً:
«اللّهُمَّ عَرِّفْني نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْني نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ رَسُولَكَ، اللّهُمَّ عَرِّفْني رَسُولَكَ فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْني رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ، اللّهُمَّ عَرَّفْني حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْني حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِيني»([4]).
وقد أمر الإمام الصادق (عليه السلام) زرارة أن يلتزم بهذا الدعاء في زمان الغيبة([5]).
2ـ المنع من بطلان العمل
لا ريب أنّ قبول الأعمال والمنع من بطلانها يكون في قبول ولاية الأئمّة المعصومين (عليهم السلام). قال الباقر (عليه السلام) لزارة: (بني الإسلام على خمسة أشياء: على الصلاة، والزكاة، والحجّ، والصوم، والولاية.
قال زرارة: فقلت: وأيّ شيء من ذلك أفضل؟
فقال: الولاية أفضل؛ لأنّها مفتاحهنّ، والوالي هو الدليل عليهنّ... أما لو أنّ رجلاً قام ليله، وصام نهاره، وتصدّق بجميع ماله، وحجّ جميع دهره، ولم يعرف ولاية وليّ الله فيواليه، ويكون جميع أعماله بدلالته اليه، ما كان له على الله جلّ وعزّ حقّ في ثوابه، ولا كان من أهل الإيمان»([6]).
3 ـ الوصول إلى السعادة الأبديّة
لا شكّ أنّ حياة النبيّ وموته من الاُمور الهامّة التي لا ينال البشر إلى معرفتها، فكم ترك النبيّ (صلى الله عليه وآله) في أيّام حياته وبعد مماته من الخيرات والبركات للمسلمين، فطلب منّا إن اردنا أن نصل الى هذه الحياة المعنويّة أن نتولّ الإمام أمير المؤمنين والأئمّة من بعده.
فكان (صلى الله عليه وآله) يقول: «معاشر النّاس، من أراد أن يحيى حياتي، ويموت ميتتي، فليتولّ عليّ بن أبي طالب، وليقتد بالأئمّة من بعده»([7]).
4 ـ النجاة من الميتة الجاهليّة
وجاء التصريح في عدد كثير من الروايات والأحاديث الإسلاميّة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّ كلّ من لا يعرف إمام زمانه سوف يموت ميتة جاهليّة، ولا ريب أنّ المقصود من الميتة الجاهليّة أن يكون حاله حال من مات قبل الإسلام من أهل الجاهليّة، حيث كانوا على الشرك والكفر والضلالة.
وقد ورد هذا الحديث في الصحاح والسنن والمسانيد عند السنّة، ورواه أيضاً علماءنا في كتبهم بألفاظ مختلفة عن النبيّ والعترة الطاهرة، فنقل الطيالسي([8])، والبخاري([9])، وابن أبي شيبة([10])، والهيثمي([11])، وابن سعد([12])، والطبراني([13])، والكليني([14])، والبرقي([15])، والعيّاشي([16])، وغيرهم عن النبيّ (صلى الله عليه وآله): «من مات بغير إمام مات ميتة جاهليّة»([17]).
وعن الباقر (عليه السلام)، قال: «من مات وليس له إمام فموته ميتة جاهيّة، ولا يعذر النّاس حتّى يعرفوا إمامهم»([18]).
وعن الصادق (عليه السلام)، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله)، قال: «من مات وليس عليه إمام فميتته جاهليّة.
فقلت: قال ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
فقال: إي والله قد قال.
قلت: فكلّ من مات وليس له إمام فميتته جاهليّة؟!
قال: نعم»([19]).
فاستناداً إلى ماسبق وما روي عنه (صلى الله عليه وآله) بأنّه: «من أنكر القائم من ولدي في زمان غيبته فمات، فقد مات ميتة جاهليّة»([20]).
نقول: لا نجاة من الميتة الجاهليّة إلاّ بمعرفة الإمام المهدي (عليه السلام).
الإمام المهدي المصلح العالمي المنتظر، الشيخ محمد جواد الطبسي
([1]) كفاية الأثر: 44.
([2]) كفاية الأثر: 23.
([3]) معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام): 4 / 148.
([4]) مصباح الزائر: 312.
([5]) بحار الأنوار: 52 / 146.
([6]) الكافي: 2 / 182.
([7]) مناقب آل أبي طالب: 1 / 301.
([8]) مسند الطيالسي: 1259.
([9]) تاريخ البخاري: 6 / 445.
([10]) مسند ابن أبي شيبة: 15 / 38.
([11]) مجمع الزوائد: 5 / 223.
([12]) الطبقات: 5 / 144.
([13]) المعجم الكبير: 7 / 350.
([14]) الكافي: 1 / 376.
([15]) المحاسن: 1 / 153.
([16]) تفسير العيّاشي: 1 / 252.
([17]) مسند الطيالسي: 1259.
([18]) المحاسن: 155.
([19]) الكافي: 1 / 153.
([20]) كمال الدين: 2 / 412.