قال تعالى: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾([1]).
إشارات:
- إنّنا نؤمن، طبقاً لما ورد في صريح القرآن، بأنّ الشهداء أحياء عند ربّهم، لذلک، فإنّنا نبعث سلامنا إليهم ولا سيّما شهداء کربلاء الأبرار، حيث نتحدّث معهم ونتوسّل بهم إلی الله.
- يذکر التاريخ أنّ أبا سفيان صاح بعد معرکة أحد: يوم بيوم (سبعون قتيلاً من المسلمين في أحد في مقابل سبعين قتيلاً من قريش في بدر) إلَّا أنّ الرسول الکريم صلّی الله عليه وآله وسلّم قال: "شهداؤنا في الجنة وقتلاکم في النار"([2]).
لمحات عن الشهيد والشهادة:
١. جاء في الروايات في فضل الشهيد: "أنّ الله تعالی وهب الشهيد سبع خصال هي: أول قطرة من دمه مغفور له كل ذنب، يقع رأسه في حجر زوجته من الحور العين، وتمسح الغبار عن وجهه وتقول: مرحباً بك، ويقول هو مثل ذلك لها، ويُكسی من كسوة الجنة، تبتدره خزنة الجنة بكل ريح طيبة، أيهم يأخذه معه، أن يریمنزلته (في الجنة)، يقال لروحه: اسرح في الجنة حيث شئت، أن ينظر في وجه الله تعالی، وأنها لراحة لكل نبيّ وشهيد"([3]).
٢. سمع رسول الله صلّی الله عليه وآله وسلّم أحدهم يقول في دعائه: "أسألك خير ما تُسأل"، فقال له: "إذاً يُعقر جوادك، ويُهرق دمك"([4]).
٣. جاء في إحدی الروايات: فوق کلّ برٍّ برٌّ حتی يُقتل الرجل في سبيل الله، فإذا قُتل في سبيل الله عزّ وجلّ فليس فوقه برٌّ([5]).
٤. وفي الحديث الشريف: "ثلاثة يشفعون إلی الله يوم القيامة فيُشَفِّعُهُم: الأنبياء ثمّ العلماء ثمّ الشهداء"([6]).
٥. وروی الإمام الصادق عليه السلام([7]):
٦. إنّ شهداء الصفوف الأمامية للقتال أرفع منزلة([8]).
٧. للجنّة باب يقال له: باب المجاهدين يمضون إليه فإذا هو مفتوح، وأوّل من يدخل الجنّة شهيد، ولهم فيها مکانة خاصة([9])([10])([11]).
٨. وحده الشهيد الذي يتمنّی أن يعود إلی الدنيا فيستشهد مرّات ومرّات([12]).
٩. أفضل ميتة الشهادة([13]).
١٠. ما من قطرة أحبّ إلی الله عزّ وجلّ من قطرتين: قطرة دم في سبيل الله....([14]).
١١. إذا کان يوم القيامة، يخرج الشهيد من قبره شاهراً سيفه والرائحة رائحة المسک يخطو في عرصة القيامة والملائکة تحيّيه([15]).
١٢. لقد شرب أئمتنا کلّهم من کأس الشهادة، وکذا الکثير من الأنبياء وحواريّيهم وأتباعهم، «وكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ»([16])، «يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ»([17]).
١٣. إنّ الإمام عليّاً عليه السلام وعلی الرغم من مناقبه وفضائلـه العديدة، قد اعتبر الشهادة فوزاً له وذلک حينما هوت ضربة ذلک الشقي علی رأسه الشريف وهو يسجد لله في المحراب حيث هتف قائلاً: "فزت وربّ الكعبة"، کان أوّل من آمن بدعوة النبي الکريم صلّی الله عليه وآله وسلّم، ونام في فراشه، تآخی مع النبي، کان بيته الوحيد الذي له باب يؤدّي إلی المسجد، إنّه أبو الأئمة، وزوج الزهراء عليها السلام، محطّم الأصنام، ضربته في يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين... وغير ذلک الکثير من الخصال والمناقب العظيمة، لکنّه لم يقل في أيّ منها "فُزتُ".
١٤. والإمام علي عليه السلام هو القائل: "والذي نفس ابن أبي طالب بيده، لألف ضربة بالسيف أحبّ إليّ من ميتة علی فراش"([18]).
١٥. لقد تألّم الإمام علي عليه السلام کثيراً لأنّه لم يدرک الشهادة في معرکة أحد، حتی جاءته بشری الشهادة من النبي الکريم صلّی الله عليه واله وسلّم.
١٦. وبالنسبة للحيوانات أيضاً فإنّ الشاة النافقة لا قيمة لها إلَّا ما ذُکر اسم الله عليها وذُبحت علی القبلة.
١٧. کما أنّ الأعمی لا يدرک مفهوم الإبصار، کذلک الناس في هذه الدنيا لا يدرکون حياة الشهداء.
١٨. إذا کان الإنفاق في سبيل الله يربو إلی سبعمئة ضعف، فأيّ منزلة للشهادة والتضحية بالدم والروح؟
التعاليم:
١ـ الشهادة ليست خاتمة الحياة، بل بدايتها.کثير من الأحياء أموات، بينما الذين قتلوا في سبيل الله هم أحياء، «بَلْ أَحْيَاءٌ«.
٢ـ ليست الشهادة خسارة وفقداناً؛ بل ربحاً ومغنماً، «بَلْ أَحْيَاءٌ... يُرْزَقُونَ«.
٣ـ تصبح للموت قيمة حينما يکون في سبيل الله تعالی، «قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ«.
٤ـ أن نتصوّر الشهيد هالکاً أو خاسراً هو تصوّر منحرف وضالّ لا بدّ من إصلاحه، «لَا تَحْسَبَنَّ«.
تفسير النور، سماحة الشيخ محسن قراءتي
([1]) آل عمران: 169
([2]) تفسير مجمع البيان.
([3]) وسائل الشيعة، ج ١١، ص ١٠.
([4]) مستدرك الوسائل، ج٢، ص٢٤٣.
([5]) بحار الأنوار، ج ٧٤، ص ٦١.
([6]) المصدر نفسه، ج ٢، ص ١٥
([7]) وسائل الشيعة، ج١١، ص٩.
([8]) ميزان الحكمة.
([9]) بحار الأنوار، ج ٩٧، ص ٨.
([10]) المصدر نفسه، ص ١١.
([11]) تفسير نور الثقلين، ج٢، ص ٢٤١.
([12]) كنز العمّال، ج٤، ص٢٩٠.
([13]) بحار الأنوار، ج ١٠٠، ص ٨.
([14]) وسائل الشيعة، ج ١١، ص٦.
([15]) بحار الأنوار، ج ٩٧، ص١٣.
([16]) سورة آل عمران، الآية ١٤٦.
([17]) سورة البقرة، الآية ٦١.
([18]) نهج البلاغة.