يتم التحميل...

استدلال القرآن على عدم ألوهية المسيح (عليه السلام)

إضاءات إسلامية

استدلال القرآن على عدم ألوهية المسيح (عليه السلام)

عدد الزوار: 136



يقول تعالى: ﴿إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون (59) الحق من ربك فلا تكن من الممترين (60)﴾

حول سبب نزول هاتين الآيتين قلنا في بداية هذه السورة أن الكثير من آياتها كانت ردا على محاورات مسيحيي نجران الذين جاؤوا في وفد مؤلف من 60 شخصا وفيهم عدد من زعمائهم بقصد التحاور مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). من بين المواضيع التي طرحت في ذلك الاجتماع مسألة ألوهية المسيح التي رفضها رسول الله واستدل بأن المسيح ولد وعاش كبقية الناس ولا يمكن أن يكون إلها، لكنهم استدلوا على إلوهيته بولادته من غير أب، فنزلت الآية ردا عليهم، ولما رفضوا ذلك دعاهم إلى المباهلة.

التفسير: نفي ألوهية المسيح: الآية الأولى تورد استدلالا قصيرا وواضحا في الرد على مسيحيي نجران بشأن ألوهية المسيح: إن ولادة المسيح من غير أب لا يمكن أن تكون دليلا على أنه ابن الله أو أنه الله بعينه، لأن هذه الولادة قد جرت لآدم بصورة أعجب فهو قد ولد من غير أب ولا أم. وعليه، فكما أن خلق آدم من تراب لا يستدعي التعجب، لأن الله قادر على كل شئ، ولأن "فعله" و"إرادته" متناسقان فإذا أراد شيئا يقول له: كن فيكون، كذلك ولادة عيسى من أم وبغير أب، ليست مستحيلة. وأساسا، فإن الميسور والمعسور يتحققان بالنسبة لمن كانت قدرته محدودة كما في المخلوقات، أما من كانت قدرته مطلقة فلا مفهوم للصعب والسهل بالنسبة له. فخلق ورقة واحدة تتساوى بالنسبة له مع خلق غابة من آلاف الكيلومترات، وخلق ذرة واحدة كخلق المنظومة الشمسية لديه.

﴿الحق من ربك فلا تكن من الممترين﴾: هذه الآية تؤكد الموضوع وتقول: إن ما أنزلنا عليك بشأن المسيح أمر حقيقي من الله ولا يعتوره الشك، فلا تتردد في قبوله.

وفي تفسير الحق من ربك للمفسرين رأيان: الرأي الأول يقول: إن الجملة مبتدأ وخبر، وبذلك يكون المعنى: الحق دائما من ربك، وذلك لأن الحق هو الحقيقة، والحقيقة هو الوجود، وكل وجود ناشئ من وجوده. لذلك فكل باطل عدم، والعدم غريب على ذاته.

الرأي الثاني يقول: إن الجملة خبر لمبتدأ محذوف تقديره "تلك الأخبار". أي تلك الأخبار التي أنزلناها عليك حقائق من الله. وكل من التفسيرين ينسجم مع الآية.


الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - بتصرّف، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

 
2020-12-16