مِدادٌ ودِماءٌ
ربيع الأول
عن رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله): «أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ الْأَجْوَدِ الْأَجْوَدِ؟ اللَّهُ الْأَجْوَدُ الْأَجْوَدُ، وَأَنَا أَجْوَدُ وَلَدِ آدَمَ، وَأَجْوَدُهُمْ مِنْ بَعْدِي رَجُلٌ عَلِمَ عِلْمًا فَنَشَرَ عِلْمَهُ، يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ، وَرَجُلٌ جَادَ بِنَفْسِهِ لِلَّهِ -عزَّ وجلَّ- حَتَّى يُقْتَلَ».
عدد الزوار: 218
عن رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله): «أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ الْأَجْوَدِ الْأَجْوَدِ؟ اللَّهُ الْأَجْوَدُ الْأَجْوَدُ، وَأَنَا أَجْوَدُ وَلَدِ آدَمَ، وَأَجْوَدُهُمْ مِنْ بَعْدِي رَجُلٌ عَلِمَ عِلْمًا فَنَشَرَ عِلْمَهُ، يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ، وَرَجُلٌ جَادَ بِنَفْسِهِ لِلَّهِ -عزَّ وجلَّ- حَتَّى يُقْتَلَ».
لقد أَنزلَ اللهُ -عزَّ وجلَّ- دِينَهُ الخاتِمَ على نبيِّهِ الحبيبِ محمّدٍ (صلى الله عليه وآله) وتعهَّدَ بحِفظِ هذا الدينِ إلى يومِ القيامةِ. وتشيرُ الروايةُ إلى ثنائيّةِ الحِفظِ هذه، المتمثِّلةِ بمِدادِ العلماءِ ودماءِ الشهداء.
1- مدادُ العلماءِ: احتوتِ الرواياتُ الصادرةُ عن أهلِ البيتِ (عليهم السلام) على مضامينَ متعدّدةٍ، يظهرُ منها وبوضوحٍ الحرصُ الشديدُ منهم (عليهم السلام) على هدايةِ الناس، والأخذِ بهم إلى طريقِ الهدى، وسدِّ أبوابِ الضلالِ والردى عنهم. ويتحدّثُ الإمامُ (عليه السلام) عن اليُتمِ في صورتِهِ الأخرى، وهي الانقطاعُ عنِ الوصولِ إلى أئمّةِ الهدى لِتَلَقّي علومِهِم ومعارِفِهِم، وعن كفالةٍ مِن نوعٍ آخرَ تتمثّلُ بهدايةِ المحتاجِ إلى الحقِّ، فالعالِمُ بما يبثُّهُ مِن علومٍ بينَ الناسِ يكونُ بمثابةِ الأبِ الراعي لهم والحافظِ لدِينِهِم.
عنِ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام): «مَنْ كَفَلَ لَنَا يَتِيماً قَطَعَتْهُ عَنَّا مَحَبَّتُنَا بِاسْتِتَارِنَا، فَوَاسَاهُ مِنْ عُلُومِنَا الَّتِي سَقَطَتْ إِلَيْهِ حَتَّى أَرْشَدَهُ وَهَدَاهُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الْكَرِيمُ الْمُوَاسِي لِأَخِيهِ، أَنَا أَوْلَى بِالْكَرَمِ مِنْكَ، اجْعَلُوا لَهُ يَا مَلَائِكَتِي فِي الْجِنَانِ بِعَدَدِ كُلِّ حَرْفٍ عَلَّمَهُ أَلْفَ أَلْفِ قَصْرٍ، وَضُمُّوا إِلَيْهَا مَا يَلِيقُ بِهَا مِنْ سَائِرِ النَّعِيمِ».
2- دماءُ الشهداءِ: وهُمُ الذينَ طوَوا درجاتٍ من البذلِ في سبيلِ اللهِ حتى وصلوا إلى أعلى البِرِّ، وبهذا استحقّوا تلكَ الدرجةَ من الفضلِ على هذه الأُمّةِ، فهم في وُقوفِهِم أمامَ الباطلِ اجتازوا أعظمَ مِحنةٍ، ونجحوا في الوفاءِ ببيعِهِمُ النفوسَ للهِ -عزَّ وجلَّ-، وقد روي أنّ رَجُلاً قال: يا رسولَ اللهِ، ما بالُ المؤمنينَ يُفتَنون في قبورِهم إلّا الشهيدَ؟ قالَ (صلى الله عليه وآله): «كفى ببارِقةِ السيوفِ على رأسِهِ فتنةً».
فالجهادُ يَكشِفُ عن عظمةِ رُوحِ المجاهدِ في العزمِ والإرادةِ الراسخةِ لنَيلِ مقامِ القُربِ، يقولُ الإمامُ الخمينيُّ (قدس سره): «بالحربِ يخرجُ الإنسانُ مِن حالةِ الخمودِ والضَّعفِ، فتَظهرُ حقيقةُ الإنسانِ، وتبرزُ فعّاليّتُهُ وطاقاتُهُ إلى العَلَنِ».
والمجاهدُ في سبيلِ اللهِ يشتركُ في الوظيفةِ مع العالِمِ؛ لأنَّ الهدفَ هو حِفظُ دِينِ اللهِ، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظله): «أيّها الإخوةُ الأعزّاء، عليكم أن تعتبروا حَمْلَ المسؤوليّةِ في القوّاتِ العسكريّةِ هبةً إلهيّةً وتوفيقاً عظيماً؛ وذلك أنْ يوفَّقَ الإنسانُ ليكونَ في خِدمةِ دِينِ اللهِ وأتباعِ دِينِهِ، حيثُ يستفيدُ أيضاً ليوظِّفَ إمكاناتِهِ واستعداداتِهِ في أفضلِ طريقة. عليكم أنْ تعلموا أنّ هذا توفيقٌ إلهيٌّ يتوجّبُ عليكم شُكرُهُ، ويجبُ أن تحافِظوا عليه».
وقد ورد في الذِّكْرِ الحكيمِ ما لهؤلاءِ مِن حياةٍ خاصّةٍ بَعدَ الشهادةِ، فَصَحَّحَ أوّلاً ما في أذهانِ الناسِ مِن عدِّهِم في عِدادِ الأمواتِ، فقال: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾، ثمّ نهى عن أنْ ينادى هؤلاءِ بالأمواتِ تأكيداً على تلك الحياةِ الخاصةِ، فقال: ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ﴾.
نجدِّدُ العهدَ بالوفاءِ للشهداءِ في ذكرى يومِ شهيدِ حزبِ اللهِ.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين