يتم التحميل...

سر اختلاف دية المرأة والرجل في الإسلام

المرأة في القرآن والسنة

إن مسألة الدية هي أمر اقتصادي صرف، وليست هي معيار تقييم الإنسان، فكما ان في الشريعة تعينت للكلب دية ـ إذا لم يكن من الكلاب العقورة، كذلك جعل لجسم الإنسان دية أيضاً، الدية هي حساب فقهي وليس لها ارتباط بقواعد الدين، فأهم الشخصيات الإسلامية يتساوى مع أبسط الأشخاص من حيث ...

عدد الزوار: 111
معيار قيمة الإنسان ومسألة الدية
... لماذا كانت دية المرأة أقل من دية الرجل؟ يجب القول في الجواب: هل أن قيمة الإنسان هي بقيمة بدنه حتى نقيم الامتياز في الديات؟

هل يجب الذهاب وراء الدية لتقييم الإنسان في الإسلام، حتى نبحث عن الفارق بين المرأة والرجل في الدية؟ أم أنه يجب معرفة القيمة الحقيقة للإنسان هناك حيث الكلام في الارتباط مع الملك والوحي وأمثال ذلك؟ حتى يرى في النهاية هل أن المرأة لها سهم هناك أم لا؟

إن مسألة الدية هي أمر اقتصادي صرف، وليست هي معيار تقييم الإنسان، فكما ان في الشريعة تعينت للكلب دية ـ إذا لم يكن من الكلاب العقورة، كذلك جعل لجسم الإنسان دية أيضاً، الدية هي حساب فقهي وليس لها ارتباط بقواعد الدين، فأهم الشخصيات الإسلامية يتساوى مع أبسط الأشخاص من حيث الدية، دية مرجع تقليد، دية إنسان متخصص، دية إنسان مبتكر، مع دية عامل بسيط هي واحدة في الإسلام، بسبب أن الدية ليست عاملاً في تعيين القيمة وهي أداة فقط. إن معيار القيمة هو الذي جاء في القرآن ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ1.

خلاصة الكلام
أولاً: أن البدن ليس أكثر من أداة، ولهذا البدن دية مشتركة سواء كان هيكل مرجع تقليد، أو فقيه، أو طبيب أو مهندس، أو مبتكر أو هيكل عامل بسيط.

ثانياً: أن التقييم يتعلق بروح الإنسان، وروح الإنسان لا تتلاشى ولا تصبح مقتولاً حقيقياً حتى يدفع عنها دية. بل إن الذي يتضرر هو البدن، والبدن يقيم بأداة مادية كما تبين، بناء على هذا فالمرأة والرجل بنفس المستوى من حيث الوحي، ورغم أن الوحي التشريعي ينزل على الرجال لأنه يتبعة عمل تنفيذي، ولكن الوحي التكويني والتأييدي وأمثال ذلك والذي لا ترافقه أعمال تنفيذية فالمرأة بمستوى الرجل في هذه الناحية.

ثالثاً: إذا حصل اعتراض وانتقاد من قبل المسيحية وهاجموا الإسلام. يتضح أن ذلك المهاجم ليس نصرانياً صادقاً، حيث انه ليس هناك في النصرانية فرق بين المرأة والرجل أيضاً، وإذا ورد نقد من اليهود، يتضح أن الناقد ليس يهودياً أصيلاً، لأن المرأة لها مقام في قاموس الوحي بحيث تستطيع أن تصبح بمستوى أم النبي إسحاق وتتكلم مع الملائكة مباشرة.

لو أن هذه المسائل تستنبط جيداً من القرآن الكريم ويبين ويوضح بشكل كامل أن عظمة ومقام وقيمة الإنسان الحقيقية تتعلق بروحه بحيث تستقبله الملائكة وتتكلم معه وتعرض دعوة الله وتتلقى روح الإنسان بشارة الملائكة وفي هذا التلقي ليس هناك أي فرق بين المرأة والرجل، عند ذلك لا يحصل نقد ونقص في المسائل التنفيذية أبداً.

سر اختلاف دية المرأة والرجل في الإسلام
...هناك مجموعة من التقييمات في القرآن الكريم ترجع إلى البدن، ولكل بدن يكون منشأ اقتصادياً أكثر وأقوى، تنظم مسألة الدية بذلك التناسب في ما يتعلق به، كما أن مسائل الإرث هي هكذا.

أما ما يعود إلى التعليم والتربية، فلأن مثل هذه الأمور لا تتعلق بالبدن، لذا كانت المرأة والرجل في تلك الأمور موضع خطاب مشترك في القرآن.

القرآن الكريم خاطب المرأة والرجل معاً في الفضائل الروحية والأخلاقية وتجنب الرذائل الأخلاقية، وكذلك خاطب المرأة والرجل معاً في مسائل اتباع نظام الحكومة وسائر الأقسام في مسائل الحكومة وقال:

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ2.

في المسائل الأخلاقية جاء في القرآن الكريم أيضاً
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ3.

لأن الخير ليس من المدركات البصرية التي يأتي بالعين، الخير يتعلق بالروح والروح مستورة أيضاً، ولعل الشخص الذين يسخر منه أفضل من الشخص الذي يسخر. بناء على هذا فلا الرجل يحق له السخرية ولا المرأة مسموح لها بهذا العمل. لأنه يقول: ﴿عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ.

ورد في رواية أن هناك عدة أشياء مستورة بين عدة أشياء، إحداها ليلة القدر المستورة بين ليال وأولياء الله المهجولون والمستورون بين الأشخاص العاديين، وقد يكون الشخص الذي يتعرض للسخرية من أولياء الله.

إن الاحتقار محتمل بأربع حالات: أحياناً من الممكن أن يحقر رجل رجلاً، أو يحقر رجل امرأة. كما أن من الممكن أن تحقر امرأة امرأة أخرى.

أو تحقر امرأة رجلاً. هذه هي أربع حالات مفروضة. ولكن القرآن بين حالتين بصراحة وذكر بقاعدة عامة، وهي انه قد يكون الشخص الذي يتعرض للسخرية أفضل من الشخص الذي يسخر.

بناءً على هذا ليس هناك أي امتياز بين المرأة والرجل في المسائل الأخلاقية، وأما في مسألة الدية، فنظراً لأنه ليس فيها جانب خير بل هي تعلق بالجانب البدني. لذا إذا كان البدن في المسائل الاقتصادية أقوى فديته أكثر ولأن الرجال يحققون مردوداً اقتصادياً أكثر من النساء في المسائل الاقتصادية فديتهم أكثر أيضاً وهذا ليس بمعنى أن الرجل يكون أثمن من المرأة في الإسلام. بل يلحظ ذلك البعد الجسماني ـ الجانب البدني ـ فقط لهذين الصنفين. إن أساس الدية لا يتعلق بتقييم الروح ويجب أن لا يتعرض هذا العنوان للنقد والنقض في مسائل معرفة الإنسان وعظمة المرأة والرجل وإلا ـ كما أشير ـ عندما نلاحظ أن دية مرجع تقليد أو طبيب تساوي دية عامل بسيط يجب أن نلتزم بأن العلم والصناعة والابتكار والطب وغيرها ليس لها قيمة في الإسلام والحال أن لها قيمة بشكل كامل.

بناء على هذا فان الدية ليست معياراً لقيمة الإنسان. ونقد النقاد هو بسبب أنهم يعتبرون الإنسان في مستوى نبات، أما ان الإنسان ـ رجل أو امرأة ـ يصل إلى درجة بحيث يتكلم مع الملائكة وتستقبله الملائكة، فلا يفهمون ذلك. وعندما تطرح هذه المجموعة من المسائل يرجعون إلى أنفسهم. ويسألون. هل هناك علم وراء الطبيعة، هل توجد كائنات اسمها الملائكة هل نبقى أحياء إلى الأبد، ونصل إلى درجة بحيث تستقبلنا الملائكة وتهنئنا وتحيينا: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ4.

ولكن لان مثل هذه الحقائق ليس لها معنى ومفهوم بالنسبة لأولئك في الشرق والغرب، لذا يحصرون التقييم في محور الدية أو في الإرث.

*جمال المرأة وجلالها،الشيخ جوادي آملي،دار الهادي،بيروت ـ لبنان ،ط1 1415هـ ـ1994م،ص374ـ379.

1- الحجرات:13.
2- الأحزاب:36.
3- الحجرات:11.
4- الزمر:73.

 


 

2010-01-02